للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُحْسِنُ الْآخَرُ، وَمِنْ هَذَا التَّعْلِيلِ أَخَذَ التَّقْيِيدَ بِالْكَلِمَةِ فِيمَا سَبَقَ.

(وَتُكْرَهُ) الْقُدْوَةُ (بِالتِّمْتَامِ) وَمَنْ يُكَرِّرُ التَّاءَ (وَالْفَأْفَاءِ) وَبِهَمْزَتَيْنِ مَمْدُودًا وَهُوَ مَنْ يُكَرِّرُ الْفَاءَ، وَذَلِكَ فِي غَيْرِ الْفَاتِحَةِ إذْ لَا فَاءَ فِيهَا، وَجَوَازُ الْقُدْوَةِ بِهِمَا مَعَ زِيَادَتِهِمَا لِعُذْرِهِمَا فِيهَا. (وَاللَّاحِنِ) بِمَا لَا يُغَيِّرُ الْمَعْنَى كَضَمِّ هَاءِ لِلَّهِ. (فَإِنْ غَيَّرَ مَعْنَى كَأَنْعَمْتَ بِضَمٍّ أَوْ كَسْرٍ أَبْطَلَ صَلَاةَ مَنْ أَمْكَنَهُ التَّعَلُّمُ) وَلَمْ يَتَعَلَّمْ (فَإِنْ عَجَزَ لِسَانُهُ أَوْ لَمْ يَمْضِ زَمَنُ إمْكَانِ تَعَلُّمِهِ، فَإِنْ كَانَ فِي الْفَاتِحَةِ فَكَأُمِّيٍّ) فَقُدْوَةُ مِثْلِهِ بِهِ صَحِيحَةٌ، وَقُدْوَةُ صَحِيحِ اللِّسَانِ بِهِ كَقُدْوَةِ قَارِئٍ بِأُمِّيٍّ (وَإِلَّا) إنْ كَانَ فِي غَيْرِ الْفَاتِحَةِ. (فَتَصِحُّ صَلَاتُهُ وَالْقُدْوَةُ بِهِ) .

قَالَ الْإِمَامُ: وَلَوْ قِيلَ: لَيْسَ لِهَذَا اللَّاحِنِ

ــ

[حاشية قليوبي]

أَحَدُهُمَا الرَّاءَ مِنْ الصِّرَاطِ وَالْآخَرُ الرَّاءَ مِنْ صِرَاطِ. قَوْلُهُ: (وَبِخِلَافِ الْأَرَتِّ بِالْأَلْثَغِ وَعَكْسُهُ) فَلَا تَصِحُّ سَوَاءٌ كَانَ فِي كَلِمَةٍ أَوْ كَلِمَتَيْنِ، نَعَمْ إنْ اتَّحَدَتْ الْكَلِمَةُ وَالْحَرْفُ الْمَعْجُوزُ عَنْهُ وَمَحَلُّهُ صَحَّ الِاقْتِدَاءُ كَأَنْ أَبْدَلَ أَحَدُهُمَا سِينَ الْمُسْتَقِيمِ مُثَلَّثَةً وَأَبْدَلَهَا الْآخَرُ مُثَنَّاةً وَأَدْغَمَهَا فِيمَا بَعْدَهَا، وَقَوْلُ شَيْخِ شَيْخِنَا عَمِيرَةَ بِالصِّحَّةِ فِيمَا لَوْ أَسْقَطَ أَحَدُهُمَا حَرْفًا وَأَبْدَلَهُ الْآخَرُ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ صَلَاةَ مَنْ لَمْ يَأْتِ بِبَدَلٍ بَاطِلَةٌ مِنْ أَصْلِهَا. قَوْلُهُ: (وَمِنْ هَذَا التَّعْلِيلِ) وَهُوَ الْمَذْكُورُ بِقَوْلِهِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُحْسِنُ مَا لَا يُحْسِنُهُ الْآخَرُ، وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَيْضًا عَدَمُ صِحَّةِ اقْتِدَاءِ أَخْرَسَ بِأَخْرَسَ. وَقَيَّدَهُ شَيْخُنَا بِالْخَرَسِ الطَّارِئِ فِيهِمَا لِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَى طَارِئِ الْخَرَسِ تَحْرِيكُ لِسَانِهِ وَشَفَتَيْهِ وَلَهَاتِهِ بِقَدْرِ إمْكَانِهِ، فَقَدْ يُحْسِنُ أَحَدُهُمَا مَا لَا يُحْسِنُهُ الْآخَرُ مِنْ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ أَصْلِيًّا فِيهِمَا صَحَّ اقْتِدَاءُ كُلٍّ مِنْهُمَا بِالْآخَرِ، وَإِنْ اخْتَلَفَا صَحَّ اقْتِدَاءُ الْأَصْلِيِّ بِالطَّارِئِ دُونَ عَكْسِهِ.

قَالَ ذَلِكَ شَيْخُنَا تَبَعًا لِشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ: وَفِي شَرْحِهِ إطْلَاقُ عَدَمِ الصِّحَّةِ لِلْأَخْرَسَيْنِ مُطْلَقًا وَقَالَا أَيْضًا: إنَّهُ يَصِحُّ اقْتِدَاءُ الْأَدْنَى بِالْأَعْلَى فِي ذَلِكَ مَنْ يُحْسِنُ غَيْرَ الْفَاتِحَةِ بِمَنْ يُحْسِنُهَا دُونَ عَكْسِهِ، وَالْوَجْهُ الصِّحَّةُ فِيهِمَا مَعَ الْعَجْزِ كَمَا فِي اقْتِدَاءِ الْقَائِمِ بِالْقَاعِدِ وَلَا وَجْهَ لِمَنْعِهِ مَعَ أَنَّ قَضِيَّةَ التَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ عَدَمُ الصِّحَّةِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ.

(تَنْبِيهٌ) يُجْرَى فِي الْأُمِّيِّ الَّذِي أَمْكَنَهُ التَّعَلُّمُ مَا فِي اللَّاحِنِ الْآتِي.

قَوْلُهُ: (وَتُكْرَهُ بِالتِّمْتَامِ) وَكَذَا مَجْهُولُ الْإِسْلَامِ وَالْحُرِّيَّةِ وَالْأُمِّيَّةِ وَالْأُنُوثَةِ وَغَيْرِهَا فَالرَّبْطُ بِهِمْ صَحِيحٌ وَلَا يَضُرُّ الشَّكُّ فِي ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ الْبَحْثُ عَنْ حَالِ الْإِمَامِ كَمَا مَرَّ، وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ وُجُوبَ الْإِعَادَةِ عِنْدَ الْعِلْمِ بِنَقْصِهِ كَمَا يَأْتِي. نَعَمْ يَجِبُ الْبَحْثُ بَعْدَ الْفَرَاغِ عَنْ حَالِ مَنْ أَسَرَّ فِي جَهْرِيَّةٍ وَلَا تَجِبُ مُفَارَقَتُهُ فِي الْأَثْنَاءِ وَإِنْ تَرَدَّدَ فِيهِ عِنْدَ الِاقْتِدَاءِ أَوْ بَعْدَهُ، وَلَا تَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ إلَّا إذَا عَلِمَ الْخَلَلَ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ بَعْدَ السَّلَامِ أَسْرَرْت لِعِلْمِي بِجَوَازِهِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ مَنْ يُكَرِّرُ التَّاءَ) أَشَارَ إلَى أَنَّ الْمِيمَ زَائِدَةٌ، وَأَشَارَ بِالْفَاءِ إلَى أَنَّ غَيْرَ الْفَاتِحَةِ مِثْلُهَا فِي ذَلِكَ.

وَكَذَا سَائِرُ الْحُرُوفِ. قَوْلُهُ: (لِعُذْرِهِمَا) لَيْسَ قَيْدًا فَغَيْرُ الْمَعْذُورِ مِثْلُهُ لِأَنَّ الْمُكَرَّرَ حَرْفٌ قُرْآنِيٌّ عَلَى الصَّحِيحِ. قَوْلُهُ: (وَاللَّاحِنِ) مِنْ اللَّحْنِ بِالسُّكُونِ عَلَى الْأَفْصَحِ الْخَطَأُ فِي الْإِعْرَابِ وَبِالتَّحْرِيكِ الْفِطْنَةُ. كَذَا فِي الصِّحَاحِ وَفِي الْقَامُوسِ أَنَّهُ بِالتَّحْرِيكِ وَالسُّكُونِ يُطْلَقُ عَلَى الْفِطْنَةِ وَعَلَى الْخَطَأِ فِي الْإِعْرَابِ. اهـ.

وَالْمُرَادُ هُنَا الْأَعَمُّ مِنْهُمَا. قَوْلُهُ: (بِمَا لَا يُغَيِّرُ الْمَعْنَى) وَإِنْ كَانَ عَالِمًا عَامِدًا وَإِنْ حَرُمَ عَلَيْهِ فِي الْفَاتِحَةِ وَغَيْرِهَا، وَمِنْهُ ضَمُّ هَاءِ (لِلَّهِ) أَوْ لَامِهِ وَكَسْرُ دَالِ الْحَمْدِ وَكَسْرُ نُونِ نَسْتَعِينُ أَوْ كَسْرُ تَائِهِ أَوْ نُونِ نَعْبُدُ أَوْ فَتْحُ بَائِهِ أَوْ كَسْرُهَا أَوْ ضَمُّ صَادِ الصِّرَاطِ أَوْ هَاءِ عَلَيْهِمْ أَوْ رَاءِ الرَّحْمَنِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (كَأَنْعَمْتَ بِضَمٍّ أَوْ كَسْرٍ) أَوْ تَخْفِيفِ إيَّاكَ وَإِبْدَالِ الْحَاءِ هَاءً أَوْ ذَالِ الَّذِينَ زَايًا أَوْ دَالًا مُهْمَلَةً وَسَيَأْتِي. قَوْلُهُ (أَبْطَلَ صَلَاةَ مَنْ إلَخْ) يَلْزَمُهُ بُطْلَانُ إمَامَتِهِ. وَهَذَا فِي الْفَاتِحَةِ مُطْلَقًا. وَكَذَا فِي غَيْرِهَا إنْ عَلِمَ وَتَعَمَّدَ وَإِلَّا صَحَّتْ صَلَاتُهُ وَإِمَامَتُهُ وَوَقَّتَ إمْكَانَ التَّعَلُّمِ مِنْ الْبُلُوغِ وَلَوْ بِالِاحْتِلَامِ لِلْمُسْلِمِ الْعَاقِلِ، وَإِلَّا فَمِنْ الْإِسْلَامِ أَوْ الْإِفَاقَةِ، وَالْمُرَادُ بِإِمْكَانِ التَّعَلُّمِ الْقُدْرَةُ عَلَى الْوُصُولِ إلَى الْمُعَلِّمِ بِمَا جِيبَ بَذْلُهُ فِي الْحَجِّ وَإِنْ بَعُدَتْ الْمَسَافَةُ.

قَوْلُهُ: (فَتَصِحُّ صَلَاتُهُ إلَخْ) نَعَمْ إنْ كَانَ عَالِمًا عَامِدًا قَادِرًا لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ وَلَا إمَامَتُهُ، وَيَجِبُ عَلَى الْمَأْمُومِ بِهِ مُفَارَقَتُهُ إنْ عَلِمَ بِذَلِكَ وَإِلَّا فَلَهُ انْتِظَارُهُ إلَى الرُّكُوعِ، فَإِنْ لَمْ يُعِدْ الْقِرَاءَةَ عَلَى الصَّوَابِ فَارَقَهُ. قَوْلُهُ: (لَيْسَ لِهَذَا اللَّاحِنِ إلَخْ) فَتَحْرُمُ عَلَيْهِ الْقِرَاءَةُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. وَفِي الْبُطْلَانِ مَا مَرَّ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ اللَّحْنَ حَرَامٌ عَلَى الْعَالِمِ الْعَامِدِ الْقَادِرِ مُطْلَقًا وَإِنَّ مَا لَا يُغَيِّرُ الْمَعْنَى لَا يَضُرُّ فِي

ــ

[حاشية عميرة]

يَظْهَرُ لَوْ كَانَ يُسْقِطُ الْحَرْفَ الْأَخِيرَ وَالْآخَرُ يُبْدِلُهُ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (مَنْ أَمْكَنَهُ التَّعَلُّمُ) هَذَا إذَا كَانَ عَالِمًا عَامِدًا سَوَاءٌ الْفَاتِحَةُ وَغَيْرُهَا، فَإِنْ كَانَ مَعَ الْجَهْلِ أَوْ النِّسْيَانِ لَمْ يَضُرَّ فِي غَيْرِ الْفَاتِحَةِ وَضَرَّ فِي مُوَالَاتِهَا فَإِنْ تَفَطَّنَ لِلصَّوَابِ وَاسْتَأْنَفَ صَحَّ ثُمَّ إمْكَانُ التَّعَلُّمِ فِي الْكَافِرِ مِنْ وَقْتِ الْإِسْلَامِ، وَفِي الْمُسْلِمِ مِنْ التَّمْيِيزِ فِيمَا يَظْهَرُ وَحِينَئِذٍ فَلَا تَصِحُّ صَلَاةُ الْمُمَيِّزِ وَلَا الِاقْتِدَاءُ بِهِ إذْ أَمْكَنَهُ التَّعَلُّمُ هَذَا حَاصِلُ مَا فِي الْإِسْنَوِيِّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَإِلَّا فَتَصِحُّ إلَخْ) اقْتَضَى هَذَا جَوَازَ قِرَاءَةِ غَيْرِ الْفَاتِحَةِ لَهُ خِلَافًا لِمَا حَاوَلَهُ الْإِمَامُ، لَكِنْ هَلْ

<<  <  ج: ص:  >  >>