للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِوُجُوبِ الْقَضَاءِ عَلَيْهَا عَلَى الصَّحِيحِ.

(وَلَوْ بَانَ إمَامُهُ) بَعْدَ الصَّلَاةِ عَلَى خِلَافِ ظَنِّهِ (امْرَأَةً أَوْ كَافِرًا مُعْلِنًا) بِكُفْرِهِ كَالْيَهُودِيِّ (قِيلَ أَوْ مُخْفِيًا) كُفْرَهُ كَالزِّنْدِيقِ (وَجَبَتْ الْإِعَادَةُ) لِصَلَاتِهِ فِي الْأَوَّلَيْنِ لِتَقْصِيرِهِ بِتَرْكِ الْبَحْثِ فِيهِمَا إذْ تَمْتَازُ الْمَرْأَةُ بِالصَّوْتِ وَالْهَيْئَةِ وَغَيْرِهِمَا وَمِثْلُهَا الْخُنْثَى لِأَنَّ أَمْرَهُ يَنْتَشِرُ وَيُعْرَفُ مُعْلِنُ الْكُفْرِ بِالْغِيَارِ وَغَيْرِهِ بِخِلَافِ مُخْفِيهِ، فَلَا تَجِبُ الْإِعَادَةُ فِيهِ فِي الْأَصَحِّ (لَا) إنْ بَانَ (جُنُبًا) أَوْ مُحْدِثًا كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ (وَذَا نَجَاسَةٍ خَفِيَّةٍ) فِي ثَوْبِهِ أَوْ بَدَنِهِ، فَلَا تَجِبُ إعَادَةُ صَلَاةِ الْمُؤْتَمِّ بِهِ لِانْتِفَاءِ التَّقْصِيرِ مِنْهُ فِي ذَلِكَ بِخِلَافِ النَّجَاسَةِ الظَّاهِرَةِ، وَفِيهَا كَلَامٌ يَأْتِي. (قُلْت: الْأَصَحُّ الْمَنْصُوصُ هُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ إنَّ مُخْفِيَ الْكُفْرِ هُنَا كَمُعْلِنِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) فَتَجِبُ إعَادَةُ صَلَاةِ الْمُؤْتَمِّ بِهِ لِنَقْصِهِ بِالْكُفْرِ بِخِلَافِ الْجُنُبِ مَثَلًا لَا نَقْصَ فِيهِ بِالْجَنَابَةِ، وَذُكِرَ فِي الرَّوْضَةِ نَحْوُ الْمَزِيدِ هُنَا إنَّ مَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ مِنْ عَدَمِ وُجُوبِ الْقَضَاءِ هُوَ الْأَقْوَى دَلِيلًا وَإِنَّ صَاحِبَيْ التَّتِمَّةِ وَالتَّهْذِيبِ وَغَيْرَهُمَا قَطَعُوا بِأَنَّ النَّجَاسَةَ كَالْحَدَثِ، وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ الْخَفِيَّةِ وَغَيْرِهَا وَأَنَّ الْإِمَامَ أَشَارَ إلَى أَنَّ الظَّاهِرَةَ كَمَسْأَلَةِ الزِّنْدِيقِ لِأَنَّهَا مِنْ جِنْسِ مَا يُخْفَى، أَيْ فَتَكُونُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ فِيهِ.

قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: وَهَذَا أَقْوَى، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ كَلَامُ الشَّيْخِ فِي التَّنْبِيهِ، أَيْ فَإِنَّهُ أَطْلَقَ النَّجَاسَةَ وَحَكَمَ بِالْإِعَادَةِ، وَتَعَقَّبَهُ فِي التَّصْحِيحِ بِالْخَفِيَّةِ مُعَبِّرًا بِالصَّوَابِ، لَكِنَّهُ.

قَالَ فِي التَّحْقِيقِ: وَلَوْ بَانَ عَلَى الْإِمَامِ نَجَاسَةٌ فَكَمُحْدِثٍ، وَقِيلَ: إنْ كَانَتْ ظَاهِرَةً فَوَجْهَانِ، وَفِي الْكِفَايَةِ عَنْ حِكَايَةِ الْقَاضِي الْحُسَيْنِ

ــ

[حاشية قليوبي]

الْقَضَاءُ إذَا تَبَيَّنَ الْحَالُ قَالَ بَعْضُهُمْ: وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ هَذَا مِنْ تَبَيُّنِ الْحَدَثِ بَلْ أَوْلَى بِعَدَمِ الْقَضَاءِ مِنْهُ. قَوْلُهُ: (لِوُجُوبِ الْقَضَاءِ عَلَيْهَا عَلَى الصَّحِيحِ) أَيْ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ، وَتَقَدَّمَ عَنْ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ كَشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ وَوَالِدِهِ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ عَدَمُ وُجُوبِ الْقَضَاءِ عَلَيْهَا، وَمَعَ ذَلِكَ لَا يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ أَيْضًا نَظَرًا لِلْقَوْلِ بِالْوُجُوبِ، وَيُمْكِنُ تَنْزِيلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهِ.

قَوْلُهُ: (امْرَأَةً) هُوَ وَمَا بَعْدَهُ مَنْصُوبٌ عَلَى التَّمْيِيزِ الْمُحَوَّلِ عَنْ الْفَاعِلِ أَوْ مُرَادِفُ الْفَاعِلِ، وَالْأَصْلُ وَلَوْ بَانَتْ أُنُوثَةُ إمَامِهِ أَوْ كُفْرُهُ. وَهَكَذَا سَوَاءٌ كَانَ الْمَأْمُومُ فِي الْمَرْأَةِ رَجُلًا أَوْ خُنْثَى وَإِنْ ظَنَّهَا عِنْدَ الِاقْتِدَاءِ رَجُلًا. قَوْلُهُ: (أَوْ كَافِرًا) أَيْ وَلَوْ بِقَوْلِهِ نَعَمْ لَوْ أَسْلَمَ وَصَلَّى إمَامًا ثُمَّ أَخْبَرَ عَنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ أَسْلَمَ عَنْ حَقِيقَةٍ أَوْ أَنَّهُ ارْتَدَّ لَمْ يُقْبَلْ خَبَرُهُ وَلَا تَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ لِأَنَّهُ كَافِرٌ بِهَذَا الْقَوْلِ.

قَوْلُهُ: (لِتَقْصِيرِهِ بِتَرْكِ الْبَحْثِ) فِي هَذَا التَّعْلِيلِ نَظَرٌ مَعَ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْبَحْثُ عَنْ حَالِ الْإِمَامِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ الْأُمُورَ الَّتِي قَلَّ أَنْ تَخْفَى عَلَى أَحَدٍ يُنْسَبُ تَارِكُهَا إلَى التَّقْصِيرِ فِي الْبَحْثِ عَنْهَا، أَوْ يُقَالَ هَذَا تَعْلِيلُ مَنْ يُوجِبُ الْبَحْثَ جَرَى عَلَى لِسَانِ غَيْرِهِ وَلَيْسَ مَقْصُودًا عَنْهُ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (جُنُبًا أَوْ مُحْدِثًا) وَكَذَا كُلُّ مَا يَخْفَى عَلَى الْمَأْمُومِ كَتَرْكِ النِّيَّةِ وَكَوْنِهِ مَأْمُومًا وَنِيَّةِ إقَامَةٍ مُبْطِلَةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَسَوَاءٌ تَبَيَّنَ ذَلِكَ فِي الْأَثْنَاءِ أَوْ بَعْدَ الْفَرَاغِ وَتَجِبُ نِيَّةُ الْمُفَارَقَةِ فِي الْأَوْلَى إنْ اسْتَمَرَّ الْإِمَامُ فِي صُورَةِ الصَّلَاةِ وَفَضْلُ الْجَمَاعَةِ حَاصِلٌ لِلْمَأْمُومِ فِي ذَلِكَ. نَعَمْ إنْ تَبَيَّنَ ذَلِكَ فِي الْجُمُعَةِ وَكَانَ مِنْ الْأَرْبَعِينَ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ. قَوْلُهُ: (وَذَا نَجَاسَةٍ خَفِيَّةٍ) هِيَ عِنْدَ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ وَالرَّمْلِيِّ الْحُكْمِيَّةُ بِأَنْ لَا تُدْرَكَ بِطَعْمٍ أَوْ لَوْنٍ أَوْ رِيحٍ، وَمُقَابِلُهَا الظَّاهِرَةُ وَسَتَأْتِي وَعِنْدَ الطَّبَلَاوِيِّ وَالسَّنْبَاطِيِّ وَغَيْرِهِمَا هِيَ الَّتِي لَوْ تَأَمَّلَهَا الْمَأْمُومُ بِفَرْضِهَا فَوْقَ مَلْبُوسِ الْإِمَامِ، وَمَعَ الْقُرْبِ مِنْهُ لَمْ يَرَهَا، وَظَاهِرُ شَرْحِ شَيْخِنَا مُوَافَقَةُ هَذَا. قَوْلُهُ: (الْأَصَحُّ) بِمَعْنَى الرَّاجِحِ وَالْمَنْصُوصُ بِمَعْنَى النَّصِّ لِلْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَقَوْلُ الْجُمْهُورِ بِمَعْنَى تَرْجِيحِهِمْ لَهُ. قَوْلُهُ: (هُنَا) قَيَّدَ بِهِ لِأَنَّ مَحَلَّ الْمُخَالَفَةِ بَيْنَ الرَّافِعِيِّ وَالنَّوَوِيِّ لِأَنَّ الْكَافِرَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاةِ لَا ظَاهِرًا وَلَا بَاطِنًا. فَذَلِكَ اعْتَمَدَ النَّوَوِيُّ فِيهِ وُجُوبَ الْإِعَادَةِ هُنَا وَفِي غَيْرِ مَا هُنَا لَا مُخَالَفَةَ.

قَوْلُهُ: (وَإِنَّ صَاحِبَيْ التَّتِمَّةِ وَالتَّهْذِيبِ إلَخْ) حَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي عَدَمِ الْقَضَاءِ فِي الْخَفِيَّةِ وَإِنَّ فِي الظَّاهِرَةِ طُرُقًا ثَلَاثَةً، أَحَدُهَا: قَاطِعَةٌ بِعَدَمِ الْقَضَاءِ فِيهَا كَالْخَفِيَّةِ وَهِيَ مَا فِي التَّتِمَّةِ وَالتَّهْذِيبِ وَغَيْرِهِمَا، ثَانِيهَا: قَاطِعَةٌ بِالْإِعَادَةِ فِيهَا، وَهِيَ مَا فِي التَّنْبِيهِ وَالْكِفَايَةِ وَهِيَ الرَّاجِحَةُ، ثَالِثُهَا: حَاكِيَةٌ لِوَجْهَيْنِ وَهِيَ مَا فِي التَّحْقِيقِ وَكَلَامِ الْإِمَامِ وَالْخِلَافُ جَارٍ فِي الْبَصِيرِ وَالْأَعْمَى.

وَقَالَ شَيْخُنَا إنَّ الْأَعْمَى لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ مُطْلَقًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ. وَفِي ذِكْرِ الشَّارِحِ كَلَامَ التَّحْقِيقِ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِمُخَالَفَةِ كَلَامِهِ فِي كُتُبِهِ. قَوْلُهُ: (مُعَبِّرًا بِالصَّوَابِ) أَيْ قَائِلًا لَا إعَادَةَ فِي الْخَفِيَّةِ عَلَى

ــ

[حاشية عميرة]

لِوُجُوبِ الْقَضَاءِ عَلَيْهَا) أَيْ فَهُوَ مُسْتَفَادٌ مِنْ الْمِنْهَاجِ فِي هَذَا الْمَحَلِّ قَالَهُ ابْنُ النَّقِيبِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ كَافِرًا) وَلَوْ بِإِخْبَارِهِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَجَبَتْ الْإِعَادَةُ) عَلَّلَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَسْأَلَةَ الْكَافِرِ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ إمَامًا بِخِلَافِ الْجُنُبِ كَمَا فِي حَالَةِ تَيَمُّمِهِ. وَعَلَّلَهُ الْأَصْحَابُ بِمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ وَيَنْبَنِي عَلَى الْعِلَّتَيْنِ مَسْأَلَةُ مُخْفِي الْكُفْرِ اهـ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ:

<<  <  ج: ص:  >  >>