للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(أَوْلَى) بِالْإِمَامَةِ فِيمَا اسْتَحَقَّ مَنْفَعَتَهُ إذَا كَانَ أَهْلًا لَهَا مِنْ غَيْرِهِ الْأَجْنَبِيِّ عَنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ، (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلًا) لَهَا كَامْرَأَةٍ لِرِجَالٍ (فَلَهُ التَّقْدِيمُ) لِمَنْ يَكُونُ أَهْلًا. وَفِي ذَلِكَ حَدِيثُ مُسْلِمٍ: «لَا يَؤُمَّنَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِي سُلْطَانِهِ» . وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُد: «فِي بَيْتِهِ وَلَا فِي سُلْطَانِهِ» . وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَالْمُحَرَّرِ، وَسَاكِنُ الْمَوْضِعِ بِحَقٍّ وَصِدْقُهُ عَلَى الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ الْمَذْكُورَةِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا أَوْضَحُ مِنْ صِدْقِ قَوْلِهِ: مُسْتَحِقُّ الْمَنْفَعَةِ عَلَيْهَا إذْ نُوزِعَ فِي صِدْقِهِ عَلَى الْأَخِيرَتَيْنِ مِنْهَا.

(وَيُقَدَّمُ) السَّيِّدُ (عَلَى عَبْدِهِ السَّاكِنِ) بِإِذْنِهِ سَوَاءٌ أَذِنَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ أَمْ لَا لِرُجُوعِ فَائِدَةِ السُّكُونِ إلَيْهِ دُونَ الْعَبْدِ، فَلَا يَجِيءُ فِيهِ خِلَافُ الْمُسْتَعِيرِ الْآتِي لِرُجُوعِ فَائِدَةِ السُّكُونِ إلَيْهِ (لَا مُكَاتَبِهِ فِي مِلْكِهِ) أَيْ الْمُكَاتَبِ لِأَنَّ سَيِّدَهُ أَجْنَبِيٌّ مِنْهُ.

(وَالْأَصَحُّ تَقْدِيمُ الْمُكْتَرِي عَلَى الْمُكْرِي) الْمَالِكِ نَظَرًا إلَى مِلْكِ الْمَنْفَعَةِ، وَالثَّانِي يُنْظَرُ إلَى مِلْكِ الرَّقَبَةِ.

(وَ) تَقْدِيمُ (الْمُعِيرُ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ) لِمِلْكِهِ الرَّقَبَةَ وَالرُّجُوعَ فِي الْمَنْفَعَةِ، وَالثَّانِي تَقْدِيمُ الْمُسْتَعِيرِ لِأَنَّهُ صَاحِبُ السُّكْنَى إلَى أَنْ يُمْنَعَ

وَالْإِمَامُ الرَّاتِبُ لِلْمَسْجِدِ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ فَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ اُسْتُحِبَّ أَنْ يُبْعَثَ إلَيْهِ لِيَحْضُرَ فَإِنْ خِيفَ فَوَاتُ أَوَّلِ الْوَقْتِ اُسْتُحِبَّ أَنْ يَتَقَدَّمَ غَيْرُهُ.

(وَالْوَالِي فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ أَوْلَى مِنْ الْأَفْقَهِ وَالْمَالِكِ) فَمَا ذَكَرَ مَعَهُمَا أَوْلَى، وَفِي ذَلِكَ الْحَدِيثُ السَّابِقُ. وَيَتَقَدَّمُ أَيْضًا عَلَى

ــ

[حاشية قليوبي]

وَجْهًا.

قَوْلُهُ: (الْأَجْنَبِيِّ) قَيَّدَ بِهِ لِئَلَّا يَرُدَّ مَا يَأْتِي مِنْ تَقْدِيمِ السَّيِّدِ وَالْمُسْتَعِيرِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلًا وَلَوْ بِنَحْوِ أُنُوثَةٍ أَوْ كُفْرٍ فَلَهُ تَقْدِيمُ مَنْ هُوَ أَهْلٌ. وَعُلِمَ بِذَلِكَ أَنَّ لِمَنْ هُوَ أَهْلٌ أَنْ يُقَدَّمَ غَيْرُهُ بِالْأَوْلَى. وَشَمِلَهَا قَوْلُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ وَلِمُقَدَّمٍ بِمَكَانٍ تَقْدِيمٌ. وَخَرَجَ بِهِ الْمُقَدَّمُ بِالصِّفَاتِ كَالْفِقْهِ فَلَا يُعْتَبَرُ تَقْدِيمُهُ. قَوْلُهُ: «لَا يَؤُمَّنَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِي سُلْطَانِهِ» ) أَيْ لَا يَتَقَدَّمُ الرَّجُلُ عَلَى الرَّجُلِ فِي مَحَلِّ اسْتِحْقَاقِهِ.

وَيُقَاسُ بِمَا فِيهِ غَيْرُهُ وَدَفَعَ بِالرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ حَمْلَ السُّلْطَانِ عَلَى الْمَلِكِ وَحْدَهُ. قَوْلُهُ: (وَصِدْقُهُ) الْأَوْلَى وَصِدْقُهَا إلَّا أَنْ يُؤَوَّلَ بِالْمَذْكُورِ وَمَا ذَكَرَهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ وَنَحْوَهُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مَجْرُورٌ عَطْفًا عَلَى مِلْكٍ، كَمَا جَرَى عَلَيْهِ بَعْضُهُمْ فَإِنْ جُعِلَ مَرْفُوعًا عَطْفًا عَلَى مُسْتَحِقٍّ كَانَ صِدْقُهُ عَلَى الْأَخِيرَتَيْنِ أَوْلَى مِنْ عِبَارَةِ الرَّوْضَةِ لَا يُقَالُ هَذَا لَا يُنَافِي الْأَوْضَحِيَّةَ لِلْإِبْهَامِ فِي الرَّفْعِ وَالْجَرِّ لِرَدِّهِ بِأَنَّ كَلَامَهُمْ فِي فَسَادِ الصِّدْقِ لَا فِي إبْهَامِ الْإِعْرَابِ فَتَأَمَّلْ

قَوْلُهُ: (السُّكُونِ) هُوَ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى السُّكْنَى. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ سَيِّدَهُ أَجْنَبِيٌّ مِنْهُ) أَخَذَ بَعْضُهُمْ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ أَنَّ هَذَا فِي الْمُكَاتَبِ كِتَابَةً صَحِيحَةً، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ مُسْتَقِلٌّ بِالْكَسْبِ فِي الْفَاسِدَةِ أَيْضًا فَرَاجِعْهُ.

قَوْلُهُ: (الْمَالِكِ) قَيَّدَ بِهِ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْخِلَافِ كَمَا يُفِيدُهُ تَعْلِيلُ الْمُقَابِلِ، وَأَمَّا تَقْدِيمُ الْمُسْتَأْجِرِ مِنْ الْمُسْتَأْجَرِ عَلَيْهِ فَلَا خِلَافَ فِيهِ. قَوْلُهُ: (لِمِلْكِهِ الرَّقَبَةَ) أَيْ وَالْمَنْفَعَةَ كَمَا عُلِمَ مِمَّا قَبْلَهُ.

قَوْلُهُ: (وَالْإِمَامُ الرَّاتِبُ إلَخْ) أَيْ أَنَّ الْإِمَامَ الرَّاتِبَ يُقَدَّمُ عَلَى غَيْرِ الْوَالِي، وَيُقَدَّمُ الْوَالِي عَلَيْهِ إلَّا إنْ كَانَ قَدْ رَتَّبَهُ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ فَيُقَدَّمُ عَلَى الْوَالِي أَيْضًا. وَهَذَا فِي مَسْجِدٍ غَيْرِ مَطْرُوقٍ بِأَنْ لَا

ــ

[حاشية عميرة]

غَيْرِ الْقُرَشِيِّ عَلَى وَلَدِ الْقُرَشِيِّ هَذَا وَهْمٌ مِنْ شَيْخِنَا بِلَا شَكٍّ. وَأَمَّا عِبَارَةُ الشَّارِحِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَقَابِلَةٌ لِلتَّأْوِيلِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَنَحْوِهِ) مَثَّلَ لَهُ الْإِسْنَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِالْمُوصَى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ مُدَّةَ حَيَاتِهِ فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّهَا وَلَا يَمْلِكُهَا لِأَنَّهَا لَا تُورَثُ عَنْهُ، وَحِينَئِذٍ فَعِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ لَا تَشْمَلُ الْمُسْتَعِيرَ وَالْعَبْدَ. قَوْلُهُ: (مِنْ غَيْرِهِ الْأَجْنَبِيِّ) قَيَّدَ بِهِ لِئَلَّا يَرُدَّ مَا سَيَأْتِي مِنْ تَقْدِيمِ السَّيِّدِ وَالْمُعِيرِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ) اسْمُ يَكُنْ ضَمِيرٌ يَعُودُ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ فَيُفِيدُ أَنَّ الْمُسْتَعِيرَ لَا يَأْذَنُ بِحَضْرَةِ الْمُعِيرِ، نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَوَجْهُ الْإِفَادَةِ أَنَّ الْمُسْتَعِيرَ وَالْعَبْدَ عَلَى مَا شَرَحَ الْإِسْنَوِيُّ لَا يُسْتَفَادَانِ مِنْ الْمِنْهَاجِ. قَوْلُهُ: (عَلَى الْأَخِيرَتَيْنِ مِنْهَا) إذْ الْمُسْتَعِيرُ لَا يَسْتَحِقُّ الْمَنْفَعَةَ.

قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَلَا الِانْتِفَاعُ حَقِيقَةٌ انْتَهَى. وَأَمَّا الْعَبْدُ فَظَاهِرٌ أَقُولُ لَوْ قُرِئَ وَنَحْوُهُ بِالرَّفْعِ اتَّضَحَ شُمُولُ عِبَارَةِ الْمِنْهَاجِ لِذَلِكَ وَاسْتَغْنَى عَنْ الْمِثَالِ الَّذِي تَكَلَّفَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَاعْلَمْ أَنَّ الْإِسْنَوِيَّ جَعَلَ قَوْلَ الْمِنْهَاجِ بِمِلْكٍ عَائِدًا عَلَى مِلْكِ الْمَنْفَعَةِ.

وَالشَّارِحُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَبْقَى الْكَلَامَ عَلَى ظَاهِرِهِ مِنْ مِلْكِ الرَّقَبَةِ كَمَا يَلُوحُ ذَلِكَ مِنْ صَنِيعِ الْمُصَنِّفِ.

(فَائِدَةٌ) السُّكُونُ مَصْدَرُ سَكَنَ الْمَكَانَ.

قَوْلُهُ: (لِرُجُوعِ فَائِدَةِ السُّكُونِ إلَيْهِ) زَادَ الرَّافِعِيُّ فَهُوَ الْمَالِكُ وَالسَّاكِنُ. قَوْلُهُ: (إلَيْهِ) الضَّمِيرُ فِيهِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ الْمُسْتَعِيرُ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (عَلَى الْمُكْرِي) أَيْ الْمَالِكِ لِلرَّقَبَةِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِيمَا يَأْتِي. أَمَّا الْمُكْرِي غَيْرُ الْمَالِكِ فَالْمُكْتَرِي مُقَدَّمٌ عَلَيْهِ بِلَا خِلَافٍ. قَوْلُهُ: (لِمِلْكِهِ الرَّقَبَةَ) الْأَحْسَنُ مَا قَالَهُ غَيْرُهُ لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى مَنْعِ الْمُسْتَعِيرِ وَوَجْهُ الْأَحْسَنِيَّةِ شُمُولُ هَذَا لِلْمُعِيرِ غَيْرِ الْمَالِكِ لِلرَّقَبَةِ فَإِنَّهُ مِثْلُ مَالِكِهَا فِيمَا يَظْهَرُ.

قَوْلُ الْمَتْنِ (وَالْمَالِكِ) أَيْ إذَا رَضِيَ بِإِقَامَةِ الْجَمَاعَةِ فِي مِلْكِهِ.

قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَالْوَلِيُّ يَشْمَلُ الْقُضَاةَ وَغَيْرَهُمْ. قَوْلُهُ: (فَمَا ذَكَرَ مَعَهُمَا أَوْلَى) لَك أَنْ تَقُولَ مِنْ جُمْلَةِ مَا ذَكَرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>