للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْإِمَامِ (الْقُنُوتَ) فِي مَحَلِّهِ وَفَعَلَهُ مَعَ الْإِمَامِ لِلْمُتَابَعَةِ (وَلَوْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الْمَغْرِبِ تَشَهَّدَ فِي ثَانِيَتِهِ) لِأَنَّهَا مَحَلُّ تَشَهُّدِهِ الْأَوَّلِ وَتَشَهُّدُهُ مَعَ الْإِمَامِ لِلْمُتَابَعَةِ، نَعَمْ لَوْ أَدْرَكَ رَكْعَتَيْنِ مِنْ الرُّبَاعِيَّةِ قَرَأَ السُّورَةَ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ لِئَلَّا تَخْلُوَ صَلَاتُهُ مِنْهَا كَمَا تَقَدَّمَ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ.

(وَإِنْ أَدْرَكَهُ) أَيْ الْإِمَامَ (رَاكِعًا أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ قُلْتُ بِشَرْطِ أَنْ يَطْمَئِنَّ قَبْلَ ارْتِفَاعِ الْإِمَامِ عَنْ أَقَلِّ الرُّكُوعِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) . كَمَا ذَكَرَ الرَّافِعِيُّ أَنَّ صَاحِبَ الْبَيَانِ صَرَّحَ بِهِ وَأَنَّ كَلَامَ كَثِيرٍ مِنْ النَّقَلَةِ أَشْعَرَ بِهِ وَهُوَ الْوَجْهُ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ الْأَكْثَرُونَ انْتَهَى.

وَفِي الْكِفَايَةِ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَئِمَّةِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ وَفِي الْمَسْأَلَةِ حَدِيثُ الْبُخَارِيِّ «عَنْ أَبِي بَكْرَةَ أَنَّهُ انْتَهَى إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ رَاكِعٌ فَرَكَعَ» إلَى آخِرِهِ السَّابِقِ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي. وَسَيَأْتِي فِي الْجُمُعَةِ أَنَّ مَنْ لَحِقَ الْإِمَامَ الْمُحْدِثَ رَاكِعًا لَمْ تُحْسَبْ رَكْعَتُهُ عَلَى الصَّحِيحِ، وَمِثْلُهُ مَنْ لَحِقَ الْإِمَامَ فِي رُكُوعِ رَكْعَةٍ زَائِدَةٍ سَهْوًا، كَمَا ذَكَرَ هُنَاكَ. (وَلَوْ شَكَّ فِي إدْرَاكِ حَدِّ الْإِجْزَاءِ) بِالطُّمَأْنِينَةِ عَلَى مَا سَبَقَ قَبْلَ ارْتِفَاعِ الْإِمَامِ. (لَمْ تُحْسَبْ رَكْعَتُهُ فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِدْرَاكِ. وَالثَّانِي يَقُولُ: الْأَصْلُ بَقَاءُ الْإِمَامِ فِي الرُّكُوعِ. وَتَبِعَ الْمُحَرَّرُ الْغَزَالِيَّ فِي حِكَايَةِ قَوْلَيْنِ وَحَكَاهُ فِي الشَّرْحِ عَنْ الْإِمَامِ وَجْهَيْنِ وَصَحَّحَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ، وَصَوَّبَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ مَعَ تَصْحِيحِهِ طَرِيقَةً قَاطِعَةً بِالْأَوَّلِ، قَالَ: لِأَنَّ الْحُكْمَ بِالِاعْتِدَادِ بِالرَّكْعَةِ بِإِدْرَاكِ الرُّكُوعِ رُخْصَةٌ فَلَا يُصَارُ إلَيْهِ إلَّا بِيَقِينٍ (وَيُكَبِّرُ لِلْإِحْرَامِ ثُمَّ لِلرُّكُوعِ) كَغَيْرِهِ (فَإِنْ نَوَاهُمَا بِتَكْبِيرَةٍ لَمْ تَنْعَقِدْ) صَلَاتُهُ لِلتَّشْرِيكِ بَيْنَ فَرْضٍ وَسُنَّةٍ مَقْصُودَةٍ (وَقِيلَ: تَنْعَقِدُ نَفْلًا) .

قَالَ فِي الْمُهَذَّبِ كَمَا لَوْ أَخْرَجَ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ وَنَوَى بِهَا الزَّكَاةَ وَصَدَقَةَ التَّطَوُّعِ أَيْ فَتَقَعُ صَدَقَةَ تَطَوُّعٍ بِلَا خِلَافٍ، كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِهِ وَدُفِعَ الْقِيَاسُ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ جَامِعٌ مُعْتَبَرٌ (وَإِنْ لَمْ يَنْوِ بِهَا

ــ

[حاشية قليوبي]

لِلْفَاتِحَةِ وَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ قِرَاءَتِهَا كَمَا تَقَدَّمَ. وَخَرَجَ بِالسُّورَةِ الْجَهْرُ فَلَا يَقْضِيه لِأَنَّهُ صِفَةٌ.

قَوْلُهُ: (رَاكِعًا) أَيْ أَحْرَمَ حَالَ رُكُوعِ الْإِمَامِ لَا قَبْلَهُ وَإِنْ لَمْ يَقْرَأْ مِنْ الْفَاتِحَةِ شَيْئًا فَلَا يَأْتِي فِيهِ التَّفْصِيلُ الْمَذْكُورُ، وَيَجِبُ الْإِحْرَامُ عَلَى مَنْ تَسْقُطُ عَنْهُ الْفَاتِحَةُ فِي آخِرِ الْوَقْتِ لِلْخُرُوجِ مِنْ الْحُرْمَةِ، وَلَوْ أَحْرَمَ مُنْفَرِدًا وَسَكَتَ قَدْرًا يَسَعُ الْفَاتِحَةَ ثُمَّ نَوَى الِاقْتِدَاءَ بِإِمَامٍ فِي الرُّكُوعِ رَكَعَ مَعَهُ وَلَا يَتَخَلَّفُ لِقِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ بِخِلَافِ مَنْ سَكَتَ بَعْدَ إحْرَامِهِ مَعَ الْإِمَامِ كَمَا مَرَّ.

قَوْلُهُ: (أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ) وَإِنْ بَطَلَتْ صَلَاةُ الْإِمَامِ عَقِبَ إحْرَامِهِ فَيَرْكَعُ هُوَ وَيُتِمُّ الرَّكْعَةَ بِنَفْسِهِ قَالَهُ شَيْخُنَا فَانْظُرْهُ. قَوْلُهُ: (أَنْ يَطْمَئِنَّ) أَيْ يَقِينًا كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا بَعْدَهُ، وَمِثْلُهُ ظَنٌّ لَا تَرَدُّدَ مَعَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فِي نَحْوِ بَعِيدٍ أَوْ أَعْمَى وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. قَوْلُهُ: (وَسَيَأْتِي فِي الْجُمُعَةِ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الرُّكُوعُ مَحْسُوبًا لِلْإِمَامِ وَإِلَّا فَلَا يُدْرِكُ الْمَأْمُومُ بِهِ الرَّكْعَةَ وَلَا تُدْرَكُ بِالرُّكُوعِ الثَّانِي مِنْ صَلَاةِ الْكُسُوفِ لِمَنْ يُصَلِّيهَا كَذَلِكَ. وَكَذَا لِمَنْ يُصَلِّيهَا كَسُنَّةِ الظُّهْرِ فِي غَيْرِ الرُّكُوعِ الثَّانِي مِنْ الثَّانِيَةِ كَمَا تَقَدَّمَ لِإِدْرَاكِ الرَّكْعَةِ بِهِ فِي هَذِهِ دُونَ غَيْرِهَا بَلْ لَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (سَهْوًا) وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْمَأْمُومُ، وَكَذَا عَمْدًا وَلَمْ يَعْلَمْ بِعَمْدِهِ نَعَمْ إنْ كَانَ إتْيَانُ الرَّكْعَةِ لِمُقْتَضٍ كَأَنْ تَرَكَ رُكْنًا مِمَّا قَبْلَهَا سَهْوًا وَعَلِمَ بِهِ الْمَأْمُومُ جَازَ لَهُ مُتَابَعَتُهُ فِيمَا يَأْتِي بِهِ بَلْ يَظْهَرُ وُجُوبُهَا عَلَيْهِ الْقَرَّةُ لَهُ وَيُدْرِكُ بِهَا الْجُمُعَةَ لَوْ كَانَ مَسْبُوقًا. قَوْلُهُ: (وَلَوْ شَكَّ) أَيْ تَرَدَّدَ وَلَوْ بِرَاجِحِيَّةٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، نَعَمْ إنْ طَرَأَ لَهُ الشَّكُّ بَعْدَ سَلَامِ نَفْسِهِ لَا يُؤَثِّرُ كَمَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ مِنْ أَفْرَادِ الشَّكِّ بَعْدَ السَّلَامِ فِي تَرْكِ فَرْضٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (وَتَبِعَ الْمُحَرَّرَ إلَخْ) فِيهِ اعْتِرَاضٌ عَلَى الرَّافِعِيِّ حَيْثُ تَنَاقَضَ كَلَامُهُ فَعَلَى الْمُصَنِّفِ أَوْلَى وَكَانَ حَقُّهُ التَّعْبِيرَ بِالْأَصَحِّ أَوْ الْمَذْهَبِ.

قَوْلُهُ: (وَيُكَبِّرُ) أَيْ مَنْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي الرُّكُوعِ، وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَقَعَ جَمِيعُ التَّكْبِيرَةِ فِي مَحَلٍّ تُجْزِئُ فِيهِ الْقِرَاءَةُ وَإِلَّا لَمْ يَنْعَقِدْ فَرْضًا قَطْعًا وَلَا نَفْلًا عَلَى الْأَصَحِّ. قَوْلُهُ: (كَغَيْرِهِ) أَيْ كَغَيْرِهِ مِنْ ذِكْرٍ أَوْ كَغَيْرِ الرُّكُوعِ. قَوْلُهُ.

(فَإِنْ نَوَاهُمَا إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ جَاهِلًا بِذَلِكَ وَهُوَ الَّذِي اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ هُنَا وَفِي كَلَامِهِ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ مَا يُخَالِفُهُ. قَوْلُهُ: (لَيْسَ فِيهِ جَامِعٌ مُعْتَبَرٌ) أَيْ لِأَنَّ الْإِتْيَانَ بِالْوَاجِبِ هُنَا شَرْطٌ لِلِاعْتِدَادِ بِالْمَنْدُوبِ وَأَيْضًا

ــ

[حاشية عميرة]

الْمَذْكُورَتَانِ فِي كَلَامِنَا أَوْ لَا وَهُوَ مُشْكِلٌ إذْ كَيْفَ يَحْكُمُ بِالْكَرَاهَةِ فِي الْأُولَى ثُمَّ يَعْتَرِفُ بِحُصُولِ الْفَضِيلَةِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (تَشَهَّدَ فِي ثَانِيَتِهِ) قَدْ وَافَقْنَا الْحَنَفِيَّةَ عَلَى هَذَا.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيُكَبِّرُ لِلْإِحْرَامِ إلَخْ) لَوْ وَقَعَ بَعْضُ التَّكْبِيرِ رَاكِعًا لَمْ تَنْعَقِدْ فَرْضًا قَطْعًا وَلَا نَفْلًا عَلَى الْأَصَحِّ. قَوْلُهُ: (لَيْسَ فِيهِ جَامِعٌ مُعْتَبَرٌ) كَانَ وَجْهُ هَذَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ تَكْبِيرَ التَّحَرُّمِ رُكْنٌ فِي الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ وَيُشْتَرَطُ فِيهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>