وَرَجَا أَنْ يَتَقَدَّمُوا إلَيْهَا إذَا أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ اُسْتُحِبَّ أَنْ يَقْعُدَ مَوْضِعَهُ، وَلَا يَتَخَطَّى وَإِلَّا فَلْيَتَخَطَّ.
(وَأَنْ يَتَزَيَّنَ بِأَحْسَنِ ثِيَابِهِ وَطِيبٍ) لِذِكْرِهِمَا فِي الْحَدِيثِ السَّابِقِ فِي التَّخَطِّي، وَأَوْلَى الثِّيَابِ الْبِيضُ فَإِنْ لَبِسَ مَصْبُوغًا فَمَا صُبِغَ غَزْلُهُ. ثُمَّ نُسِجَ كَالْبُرُودِ لَا مَا صُبِغَ مَنْسُوجًا (وَإِزَالَةِ الظُّفْرِ) وَالشَّعْرِ لِلِاتِّبَاعِ. وَرَوَى الْبَزَّارُ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُقَلِّمُ أَظْفَارَهُ وَيَقُصُّ شَارِبَهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ إلَى الصَّلَاةِ» (وَالرِّيحِ) الْكَرِيهَةِ كَالصُّنَانِ لِأَنَّهُ يَتَأَذَّى بِهِ غَيْرُهُ فَيُزَالُ بِالْمَاءِ أَوْ غَيْرِهِ.
(قُلْت:) كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ (وَأَنْ يَقْرَأَ الْكَهْفَ يَوْمَهَا وَلَيْلَتَهَا) أَيْ لِحَدِيثِ: «مَنْ قَرَأَ سُورَةَ الْكَهْفِ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ أَضَاءَ لَهُ مِنْ النُّورِ مَا بَيْنَ الْجُمُعَتَيْنِ» . رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَقَالَ: صَحِيحُ الْإِسْنَادِ. وَحَدِيثِ: «مَنْ قَرَأَ سُورَةَ الْكَهْفِ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ أَضَاءَ
ــ
[حاشية قليوبي]
وَلِغَيْرِهِ تَنْحِيَتُهَا وَالْأَوْلَى أَنْ تَكُونَ بِغَيْرِ حَمْلٍ لِئَلَّا يَضْمَنَهَا.
قَوْلُهُ: (وَأَنْ يَتَزَيَّنَ) أَيْ مَنْ حَضَرَ غَيْرَ الْعَجُوزِ وَنَحْوِهَا. قَوْلُهُ: (وَطِيبٍ) أَيْ لِغَيْرِ مُحْرِمٍ وَصَائِمٍ وَامْرَأَةٍ تُرِيدُ الْحُضُورَ وَلَوْ عَجُوزًا كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (الْبِيضُ) وَأَوْلَاهَا الْجَدِيدُ إنْ لَمْ يَخْشَ تَلْوِيثَهُ.
قَوْلُهُ: (كَالْبُرُودِ) مِنْهَا الْمَعْرُوفُ بِالطُّرَحِ وَالْقَلِيعَةِ عِنْدَ الْعَوَامّ. قَوْلُهُ: (لَا مَا صُبِغَ مَنْسُوجًا) فَهُوَ بَعْدَ الْبُرُودِ وَهِيَ أَوْلَى مِنْ السَّاذَجِ وَغَيْرُ الْأَسْوَدِ أَوْلَى مِنْهُ، وَلَا يُكْرَهُ لَهُ لُبْسُ غَيْرِ الْأَبْيَضِ. نَعَمْ إدَامَةُ لُبْسِ الْأَسْوَدِ وَلَوْ فِي النِّعَالِ خِلَافُ الْأَوْلَى. قَوْلُهُ: (وَإِزَالَةُ الظُّفْرِ) عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ وَتَقْيِيدُ بَعْضِهِمْ لَهُ بِعَشْرَةِ أَيَّامٍ لِلْغَالِبِ، وَتَحْصُلُ السُّنَّةُ بِأَيِّ كَيْفِيَّةٍ وُجِدَتْ، لَكِنَّ الْأَوْلَى فِي كَيْفِيَّتِهِ فِي الرِّجْلَيْنِ بِمَا فِي التَّخْلِيلِ فِي الْوُضُوءِ، وَفِي الْيَدَيْنِ بِمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ. وَقِيلَ: إنَّهُ وَرَدَ فِي رِوَايَةٍ ضَعِيفَةٍ وَهُوَ أَنْ يَبْدَأَ بِسَبَّابَةِ الْيُمْنَى عَلَى التَّوَالِي وَيَخْتِمُهَا بِإِبْهَامِهَا، ثُمَّ يَبْدَأَ بِإِبْهَامِ الْيُسْرَى وَيَخْتِمَهَا بِسَبَّابَتِهَا. وَنَقَلَ فِي التَّجَارِبِ عَنْ السُّبْكِيّ وَالْبِرْمَاوِيِّ سَوَاءٌ فِي الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ أَنَّ إزَالَتَهَا عَلَى خِلَافِ التَّوَالِي أَمَانٌ مِنْ الرَّمَدِ بِأَنْ يَبْدَأَ بِخِنْصَرِ الْيُمْنَى ثُمَّ الْوُسْطَى ثُمَّ الْإِبْهَامِ ثُمَّ الْبِنْصِرِ ثُمَّ السَّبَّابَةِ، عَلَى تَوَالِي حُرُوفِ خوابس يُجْعَلُ كُلُّ حَرْفٍ مِنْ أَوَّلِ اسْمِ أُصْبُعٍ ثُمَّ يَبْدَأُ بِإِبْهَامِ الْيُسْرَى ثُمَّ الْوُسْطَى ثُمَّ الْخِنْصَرِ ثُمَّ السَّبَّابَةِ ثُمَّ الْبِنْصِرِ عَلَى تَوَالِي حُرُوفِ أَوْ حُسِبَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ. وَيُكْرَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى إزَالَةِ ظُفْرِ يَدٍ أَوْ بَعْضِهَا كَالِانْتِعَالِ فِي رِجْلٍ وَاحِدَةٍ.
وَيَنْبَغِي غَسْلُ مَوْضِعِ قَلْمِ الظُّفْرِ لِمَا قِيلَ إنَّ الْحَكَّ بِهِ قَبْلَ الْغَسْلِ يُورِثُ الْبَرَصَ. وَلَا يُكْرَهُ الْقَصُّ فِي غَيْرِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَمَا نُسِبَ لِسَيِّدِنَا عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ كَرَاهَتِهِ لَمْ يَثْبُتْ وَإِنْ كَانَ مَنْظُومًا. قَوْلُهُ: (وَالشَّعْرِ) مِنْ الْإِبْطِ وَالْعَانَةِ وَالشَّارِبِ وَغَيْرِهَا عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ وَتَقْيِيدُ بَعْضِهِمْ الْعَانَةَ بِأَرْبَعِينَ يَوْمًا لِلْغَالِبِ.
(تَنْبِيهٌ) حَلْقُ الرَّأْسِ فِي غَيْرِ الْمَوْلُودِ وَإِسْلَامِ الْكَافِرِ وَالنُّسُكِ لِلْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ بِدْعَةٌ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَحْلِقْ رَأْسَهُ إلَّا فِي نُسُكٍ مَرَّتَيْنِ وَقِيلَ ثَلَاثًا.
(فَرْعٌ) يُكْرَهُ الْقَزَعُ بِقَافٍ فَزَايٍ مُعْجَمَةٍ مَفْتُوحَتَيْنِ فَمُهْمَلَةٍ وَهُوَ حَلْقُ، بَعْضِ الرَّأْسِ وَلَوْ مُتَعَدِّدًا. قَوْلُهُ: (كَالصُّنَانِ) أَشَارَ إلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ رِيحِ الْفَمِ وَغَيْرِهِ وَلَوْ مِنْ الْفَرْجِ أَوْ الثِّيَابِ. قَوْلُهُ: (فَيُزَالُ) أَيْ نَدْبًا بَلْ وُجُوبًا فِيمَا أَكَلَهُ بِقَصْدِ إسْقَاطِ الْجُمُعَةِ وَنَحْوِهَا.
وَتَقَدَّمَ فِي أَعْذَارِ الْجَمَاعَةِ مَا لَهُ تَعَلُّقٌ بِهَذَا وَنَحْوِهِ فَلْيُرَاجَعْ مِنْهُ.
(تَنْبِيهٌ) هَذِهِ الْمَنْدُوبَاتُ الْمَذْكُورَةُ لَا تَخْتَصُّ بِالْجُمُعَةِ بَلْ فِيهَا مَا لَا يَخْتَصُّ بِالصَّلَاةِ كَمَا تَقَدَّمَتْ الْإِشَارَةُ إلَى بَعْضِهِ. قَوْلُهُ: (سُورَةَ الْكَهْفِ) لِمَا فِيهَا مِنْ ذِكْرِ أَهْوَالِ الْقِيَامَةِ الْوَارِدِ أَنَّ قِيَامَهَا فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ، وَهِيَ أَفْضَلُ مِنْ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهِ.
وَقَدْ وَرَدَ أَنَّ مَنْ دَاوَمَ عَلَى الْعَشْرِ آيَاتِ أَوَّلِهَا أَمِنَ مِنْ الدَّجَّالِ. قَوْلُهُ: (يَوْمَهَا) وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ اللَّيْلِ وَبَعْدَ الصُّبْحِ آكَدُ وَالْإِكْثَارُ مِنْ قِرَاءَتِهَا وَأَقَلُّهُ ثَلَاثُ مَرَّاتٍ أَفْضَلُ. قَوْلُهُ: (أَضَاءَ لَهُ) أَيْ غُفِرَ لَهُ كَمَا فِي رِوَايَةٍ أَوْ أَكْثَرَ لَهُ الثَّوَابَ فِي يَوْمِ الْقِيَامَةِ.
قَالَهُ الْعَلَّامَةُ السَّنْبَاطِيُّ، لَكِنْ يَرُدُّهُ حَدِيثُ «وَغُفِرَ لَهُ إلَى الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى» . وَفَضَلَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ. وَحَدِيثُ «غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَ الْجُمُعَتَيْنِ» . وَغَيْرُ ذَلِكَ وَفِي رِوَايَةٍ: «لِمَنْ قَرَأَهَا لَيْلًا زِيَادَةٌ وَصَلَّى عَلَيْهِ أَلْفُ مَلَكٍ حَتَّى يُصْبِحَ وَعُوفِيَ مِنْ الْبَلِيَّةِ وَذَاتِ الْجَنْبِ وَالْبَرَصِ وَالْجُذَامِ وَفِتْنَةِ الدَّجَّالِ» . لَكِنَّ هَذَا رُبَّمَا يُفِيدُ أَنَّ قِرَاءَتَهَا لَيْلًا أَفْضَلُ مِنْ قِرَاءَتِهَا نَهَارًا إلَّا أَنْ يُرَادَ مُجَرَّدُ التَّرْغِيبِ. وَالْمُرَادُ بِالْجُمُعَتَيْنِ الْمَاضِيَةُ وَالْمُسْتَقْبِلَةِ وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ قَرَأَهَا فِي إحْدَى الْجُمُعَتَيْنِ أَوْ فِيهِمَا ثُمَّ إنْ كَانَ الْمُرَادُ بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ الْكَعْبَةَ فَلَا إشْكَالَ فِيهِ عَلَى أَنَّ
ــ
[حاشية عميرة]
وَابْتَكَرَ، وَمَشَى وَلَمْ يَرْكَبْ» إلَخْ.
قَوْلُهُ: (لَا مَا صُبِغَ) .
قَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَغَيْرُهُ يُكْرَهُ لُبْسُهُ ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (يَوْمَهَا وَلَيْلَتَهَا) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَقِرَاءَتُهَا نَهَارًا آكَدُ.
(فَائِدَةٌ) ثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ «أَنَّ السَّاعَةَ تَقُومُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ» . قَوْلُهُ: (أَضَاءَ لَهُ مِنْ النُّورِ) ذَكَرَ ابْنُ الرِّفْعَةِ بَدَلَهُ غُفِرَ قَالَ: