رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِذَاتِ الرِّقَاعِ)
رَوَاهَا الشَّيْخَانِ أَيْضًا (وَالْأَصَحُّ أَنَّهَا أَفْضَلُ مِنْ) صَلَاةِ (بَطْنِ نَخْلٍ) لِسَلَامَتِهَا عَمَّا فِي تِلْكَ مِنْ اقْتِدَاءِ الْمُفْتَرِضِ بِالْمُتَنَفِّلِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ، وَالثَّانِي عَكْسُهُ لِأَنَّ الِاقْتِدَاءَ فِي كُلِّ الصَّلَاةِ أَفْضَلُ مِنْهُ فِي بَعْضِهَا. وَبَطْنُ نَخْلٍ، وَذَاتُ الرِّقَاعِ مَوْضِعَانِ مِنْ نَجْدٍ. (وَيَقْرَأُ الْإِمَامُ فِي انْتِظَارِهِ) الْفِرْقَةَ (الثَّانِيَةَ) فِي الْقِيَامِ الْفَاتِحَةَ وَالسُّورَةَ. (وَيَتَشَهَّدُ) فِي انْتِظَارِهَا فِي الْجُلُوسِ وَبَعْدَ لُحُوقِهَا فِي الْقِيَامِ يَقْرَأُ مِنْ السُّورَةِ قَدْرَ الْفَاتِحَةِ وَسُورَةٍ قَصِيرَةٍ ثُمَّ يَرْكَعُ. (وَفِي قَوْلٍ يُؤَخِّرُ) الْقِرَاءَةَ وَالتَّشَهُّدَ (لِتَلْحَقَهُ) فَتُدْرِكَهُمَا مَعَهُ وَيَشْتَغِلَ هُوَ بِمَا شَاءَ مِنْ الذِّكْرِ وَالتَّسْبِيحِ إلَى لُحُوقِهَا، وَقَطَعَ بَعْضُهُمْ بِالْأَوَّلِ، وَالْقَطْعُ بِهِ فِي التَّشَهُّدِ هُوَ الرَّاجِحُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا نَظَرًا إلَى أَنَّ الْمَعْنَى الَّذِي أُخِّرَتْ الْقِرَاءَةُ لَهُ فِي قَوْلٍ التَّسْوِيَةُ فِي الْفِرْقَتَيْنِ فِي الْقِرَاءَةِ بِهِمَا، وَهَذَا الْمَعْنَى لَا يَجِيءُ فِي الصَّلَاةِ الثُّنَائِيَّةِ. (فَإِنْ صَلَّى مَغْرِبًا فَبِفِرْقَةٍ رَكْعَتَيْنِ وَبِالثَّانِيَةِ رَكْعَةً، وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ عَكْسِهِ) الْجَائِزِ أَيْضًا (فِي الْأَظْهَرِ) لِسَلَامَتِهِ مِنْ التَّطْوِيلِ فِي عَكْسِهِ بِزِيَادَةِ تَشَهُّدٍ فِي أُولَى الثَّانِيَةِ، وَالثَّانِي عَكْسُهُ أَفْضَلُ لِتَنْجَبِرَ بِهِ الثَّانِيَةُ عَمَّا فَاتَهَا مِنْ فَضِيلَةِ التَّحَرُّمِ.
(وَيَنْتَظِرُ) الْإِمَامُ فِي صَلَاتِهِ بِالْأُولَى رَكْعَتَيْنِ الثَّانِيَةَ (فِي) جُلُوسِ (تَشَهُّدِهِ أَوْ قِيَامِ الثَّانِيَةِ وَهُوَ) أَيْ انْتِظَارُهُ فِي الْقِيَامِ (أَفْضَلُ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ مَحَلٌّ لِلتَّطْوِيلِ بِخِلَافِ جُلُوسِ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي انْتِظَارُهُ فِي الْجُلُوسِ أَفْضَلُ لِيُدْرِكُوا مَعَهُ الرَّكْعَةَ مِنْ أَوَّلِهَا كَالْفِرْقَةِ الْأُولَى، وَتَبِعَ الشَّيْخَ هُنَا الْمُحَرَّرَ فِي حِكَايَةِ الْخِلَافِ وَجْهَيْنِ، وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا فِي حِكَايَتِهِ قَوْلَيْنِ وَهَلْ يَقْرَأُ الْإِمَامُ فِي انْتِظَارِهِ فِي الْقِيَامِ أَوْ يَشْتَغِلُ بِالذِّكْرِ؟ فِيهِ الْخِلَافُ السَّابِقُ. قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: وَكَذَا الْخِلَافُ فِي أَنَّهُ يَتَشَهَّدُ فِي انْتِظَارِهِمْ بَعْدَ قَوْلِهِ إنَّ الْفِرْقَةَ الْأُولَى إنَّمَا تُفَارِقُهُ بَعْدَ التَّشَهُّدِ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ
ــ
[حاشية قليوبي]
الْأَفْعَالُ الْكَثِيرَةُ بِلَا ضَرُورَةٍ لِقِيَامِ الْخَوْفِ. قَوْلُهُ: (قَامُوا) وَلَوْ فَوْرًا وَيُنْدَبُ لَهُمْ كَالْفِرْقَةِ الْأُولَى التَّخْفِيفُ.
قَوْلُهُ: (وَهُوَ مُنْتَظِرٌ لَهُمْ) أَيْ فِي الْقِيَامِ كَمَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (أَفْضَلُ مِنْ بَطْنِ نَخْلٍ) أَيْ وَمِنْ عُسْفَانَ أَيْضًا، وَقَوْلُ الْمَنْهَجِ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى صِحَّتِهَا فِي الْجُمْلَةِ فِيهِ نَظَرٌ، لِأَنَّ الْفِرْقَةَ الْأُولَى فِيهَا نِيَّةُ الْمُفَارَقَةِ وَقَدْ مَنَعَهَا فِي الْأَمْنِ أَبُو حَنِيفَةَ مُطْلَقًا وَأَحْمَدُ لِغَيْرِ عُذْرٍ، وَالْفِرْقَةُ الثَّانِيَةُ مَمْنُوعَةٌ إجْمَاعًا، فَإِنْ أَرَادَ بِالْجُمْلَةِ الرَّكْعَةَ الْأُولَى لِكُلٍّ مِنْ الْفِرْقَتَيْنِ، وَرُدَّ عَلَيْهِ أَنَّ الْإِجْمَاعَ مَوْجُودٌ فِي الْفِرْقَةِ الْأُولَى بِرَكْعَتَيْهَا فِي صَلَاةِ بَطْنِ نَخْلٍ، وَفِيمَنْ سَجَدَ مَعَ الْإِمَامِ فِي صَلَاةِ عُسْفَانَ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (لِسَلَامَتِهَا إلَخْ) قَالَ الْعَلَّامَةُ الْعَلْقَمِيُّ: يُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ الْفَرْقِ تَفْضِيلُ عُسْفَانَ عَلَى بَطْنِ نَخْلٍ، وَهُوَ قِيَاسُ مَا قَالُوهُ. وَخَالَفَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ وَشَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، وَمُحَصَّلُ مَا قَالَاهُ أَنَّ ذَاتَ الرِّقَاعِ أَفْضَلُ الْجَمِيعِ، وَأَنَّ بَطْنَ نَخْلٍ أَفْضَلُ مِنْ عُسْفَانَ لِعَدَمِ اشْتِمَالِهَا عَلَى مُبْطِلٍ فِي الْأَمْنِ، وَهَذَا التَّعْلِيلُ مُصَرِّحٌ بِأَنَّ اقْتِدَاءَ الْمُفْتَرِضِ بِالْمُتَنَفِّلِ فِي الْمُعَادَةِ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا مَرَّ عَنْ، شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ وَقَدْ عَلِمْته. قَوْلُهُ: (وَذَاتُ الرِّقَاعِ) سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهُمْ لَفُّوا أَقْدَامَهُمْ فِيهَا بِالْخِرَقِ لَمَّا تَقَطَّعَتْ جُلُودُهَا، وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ لِوُرُودِ الْحَدِيثِ بِهِ فِي الصَّحِيحِ عِنْدَ السَّفَرِ إلَيْهَا. وَقِيلَ لِتَرَقُّعِ رَايَاتِهِمْ فِيهَا، وَقِيلَ سُمِّيَتْ بِاسْمِ شَجَرَةٍ فِيهَا وَقِيلَ بِاسْمِ جَبَلٍ فِيهِ بَيَاضٌ وَحُمْرَةٌ، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (مَوْضِعَانِ مِنْ نَجْدٍ) أَيْ مِنْ أَرْضِ غَطَفَانَ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ الْمُعْجَمِ وَثَانِيهِ الْمُهْمَلِ.
قَوْلُهُ: (وَالْقَطْعُ بِهِ إلَخْ) أَفَادَ أَنَّ الْمَسْأَلَتَيْنِ ذَاتُ طَرِيقَتَيْنِ قَاطِعَةٌ، وَهِيَ فِي التَّشَهُّدِ أَرْجَحُ وَحَاكِيَةٌ وَهِيَ فِي الْقِرَاءَةِ أَرْجَحُ. قَوْلُهُ: (وَمَا ذُكِرَ فِي الصَّلَاةِ الثُّنَائِيَّةِ) وَمِنْهَا الْجُمُعَةُ فَتَصِحُّ كَصَلَاةِ عُسْفَانَ بِسَمَاعِ أَرْبَعِينَ لِلْخُطْبَةِ، وَكَصَلَاةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ بِشَرْطِ سَمَاعِ ثَمَانِينَ فَأَكْثَرَ، وَإِحْرَامِ أَرْبَعِينَ مِنْهُمْ فِي كُلٍّ مِنْ الْفِرْقَتَيْنِ، وَيَضُرُّ نَقْصُهُمْ فِي الْفِرْقَةِ الْأُولَى فِي رَكْعَتَيْهَا إلَّا فِي الثَّانِيَةِ بَعْدَ الْإِحْرَامِ كَمَا قَالَهُ الْجَوْجَرِيُّ، وَمَالَ إلَيْهِ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ لِيَكُونَ لِاشْتِرَاطِ سَمَاعِ ثَمَانِينَ فَائِدَةٌ. وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ النَّقْصُ حَالَ إحْرَامِهِمْ أَيْضًا وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ. قَوْلُهُ: (الْجَائِزِ) أَيْ لَا الْفَاضِلِ الَّذِي يُفْهِمُهُ أَفْعَلُ التَّفْضِيلِ لِأَنَّهُ قِيلَ بِكَرَاهَتِهِ. قَوْلُهُ: (قَوْلَيْنِ) قَالَ بَعْضُهُمْ وَهُوَ الصَّوَابُ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ قَوْلِهِ إلَخْ) دَفَعَ بِهِ تَوَهُّمَ إرَادَةِ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ
[حاشية عميرة]
سِرًّا لِأَنَّهُمْ مُقْتَدُونَ حُكْمًا. قَوْلُهُ: (بِزِيَادَةِ تَشَهُّدٍ) هَذِهِ الزِّيَادَةُ بِالنِّسْبَةِ إلَى صَلَاةِ الْمَأْمُومِينَ دُونَ الْإِمَامِ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي انْتِظَارُهُ فِي الْجُلُوسِ أَفْضَلُ) أَيْ فَعَلَيْهِ يَسْتَمِرُّ جَالِسًا فَإِذَا أَحْرَمُوا نَهَضَ إلَيْهِمْ مُكَبِّرًا وَيُكَبِّرُونَ مُتَابَعَةً لَهُ قَالَهُ السُّبْكِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَمِنْهُ تَسْتَفِيدُ أَنَّ الشَّخْصَ فِي حَالَةِ الْأَمْنِ إذَا كَبَّرَ وَالْإِمَامُ فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ فَقَامَ عَقِبَ إحْرَامِ الْمَأْمُومِ يُطْلَبُ مِنْ الْمَأْمُومِ أَنْ يُكَبِّرَ أَيْضًا مُتَابَعَةً لَهُ، وَهِيَ مَسْأَلَةٌ حَسَنَةٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّ الْحَاجَةَ قَدْ تَقْتَضِي ذَلِكَ، وَلِأَنَّ الِانْتِظَارَ إنَّمَا هُوَ بِإِطَالَةِ الْقِيَامِ وَالْقُعُودِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute