لَهُ قَبْلَ سَهْوِهِ وَيَلْحَقُ الْآخِرِينَ.
(وَيُسَنُّ حَمْلُ السِّلَاحِ) كَالسَّيْفِ وَالرُّمْحِ وَالْقَوْسِ وَالنُّشَّابِ بِخِلَافِ التُّرْسِ وَالدِّرْعِ. (فِي هَذِهِ الْأَنْوَاعِ) الثَّلَاثَةِ مِنْ الصَّلَاةِ احْتِيَاطًا (وَفِي قَوْلٍ يَجِبُ) قَالَ تَعَالَى: {وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ} [النساء: ١٠٢] وَقَطَعَ بَعْضُهُمْ بِالْأَوَّلِ وَبَعْضُهُمْ بِالثَّانِي، وَهُمَا فِي الطَّاهِرِ فَالنَّجَسُ كَسَيْفٍ عَلَيْهِ دَمٌ أَوْ سُقِيَ سُمًّا نَجِسًا وَنَبْلٍ بِرِيشِ مَيْتَةٍ لَا يَجُوزُ حَمْلُهُ، وَكَذَا الْبَيْضَةُ الْمَانِعَةُ مِنْ مُبَاشَرَةِ الْجَبْهَةِ، وَيُكْرَهُ حَمْلُ مَا يَتَأَذَّى بِهِ أَحَدٌ كَالرُّمْحِ فِي وَسَطِ الْقَوْمِ، وَلَوْ كَانَ فِي تَرْكِ الْحَمْلِ تَعَرُّضٌ لِلْهَلَاكِ ظَاهِرًا وَجَبَ عَلَى الْأَوَّلِ أَيْضًا، وَيَجُوزُ تَرْكُ الْحَمْلِ لِلْعُذْرِ كَمَرَضٍ أَوْ مَطَرٍ. قَالَ الْإِمَامُ: وَوَضْعُ السَّيْفِ مَثَلًا بَيْنَ يَدَيْهِ كَحَمْلِهِ إذَا كَانَ مَدُّ الْيَدِ إلَيْهِ فِي السُّهُولَةِ كَمَدِّهَا إلَيْهِ، وَهُوَ مَحْمُولٌ.
(الرَّابِعُ:) مِنْ الْأَنْوَاعِ بِمَحَلِّهِ (أَنْ يَلْتَحِمَ الْقِتَالُ) فَلَمْ يَتَمَكَّنُوا مِنْ تَرْكِهِ بِحَالٍ (أَوْ يَشْتَدَّ الْخَوْفُ) وَإِنْ لَمْ يَلْتَحِمْ الْقِتَالُ فَلَمْ يَأْمَنُوا الْعَدُوَّ لَوْ وَلَّوْا عَنْهُ أَوْ انْقَسَمُوا (فَيُصَلِّي) كُلٌّ مِنْهُمْ (كَيْفَ أَمْكَنَ رَاكِبًا وَمَاشِيًا) وَلَا يُؤَخِّرُ الصَّلَاةَ عَنْ الْوَقْتِ، قَالَ تَعَالَى: {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالا أَوْ رُكْبَانًا} [البقرة: ٢٣٩] (وَيُعْذَرُ فِي تَرْكِ) اسْتِقْبَالِ (الْقِبْلَةِ) بِسَبَبِ الْعَدُوِّ لِلضَّرُورَةِ، فَلَوْ انْحَرَفَ عَنْهَا بِجِمَاحِ الدَّابَّةِ وَطَالَ الزَّمَانُ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَيَجُوزُ اقْتِدَاءُ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ مَعَ اخْتِلَافِ الْجِهَةِ كَالْمُصَلِّينَ حَوْلَ الْكَعْبَةِ، قَالَ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْأَصْحَابِ وَصَلَاةُ الْجَمَاعَةِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَفْضَلُ مِنْ الِانْفِرَادِ كَحَالَةِ الْأَمْنِ (وَكَذَا الْأَعْمَالُ الْكَثِيرَةُ) كَالطَّعَنَاتِ وَالضَّرَبَاتِ الْمُتَوَالِيَةِ يُعْذَرُ فِيهَا (لِحَاجَةٍ) إلَيْهَا (فِي الْأَصَحِّ) قِيَاسًا عَلَى مَا فِي الْآيَةِ مِنْ الْمَشْيِ وَالرُّكُوبِ وَالثَّانِي لَا لِعَدَمِ وُرُودِ الْعُذْرِ بِهَا، وَالثَّالِثُ يُعْذَرُ فِيهَا بِدَفْعِ أَشْخَاصٍ دُونَ شَخْصٍ وَاحِدٍ لِنُدْرَةِ الْحَاجَةِ إلَيْهَا فِي دَفْعِهِ. (لَا صِيَاحٍ) أَيْ لَا يُعْذَرُ فِيهِ لِعَدَمِ
ــ
[حاشية قليوبي]
لَا بَعْدَ مُفَارَقَتِهِمْ. قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ التُّرْسِ وَالدِّرْعِ) فَيُكْرَهُ حَمْلُهُ كَالْجَعْبَةِ، وَكَلَامُهُ مُحْتَمِلٌ لَأَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْ السِّلَاحِ، وَهُوَ مُسْتَثْنًى أَوْ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ، وَيُرَادُ بِالسِّلَاحِ مَا يَقْتُلُ الْغَيْرَ لَا مَا يَدْفَعُ مُطْلَقًا. وَالْأَوَّلُ مَا فِي غَيْرِ الْمَجْمُوعِ، وَالثَّانِي مَا فِيهِ كَمَا قَالَهُ الْخَطِيبُ. قَوْلُهُ: (وَيُكْرَهُ حَمْلُ مَا يَتَأَذَّى بِهِ إلَخْ) بَلْ يَحْرُمُ، إنْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ يُؤْذِي كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (وَجَبَ إلَخْ) أَيْ وَلَوْ مُؤْذِيًا أَوْ نَجِسًا وَإِنْ وَجَبَ الْقَضَاءُ كَمَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (كَحَمْلِهِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ الِاكْتِفَاءُ بِهِ عَنْهُ لَا فِي حُكْمِهِ إذْ قَدْ يَجِبُ الْوَضْعُ حَيْثُ يَحْرُمُ الْحَمْلُ كَالنَّجِسِ.
قَوْلُهُ: (الرَّابِعُ) أَيْ النَّوْعُ الرَّابِعُ مِنْ الْأَنْوَاعِ السَّابِقَةِ. قَوْلُهُ: (بِمَحَلِّهِ) أَيْ مَعَ مَحَلِّهِ بِدَلِيلِ عَدَمِ التَّأْوِيلِ بِمَا يُذْكَرُ كَالْأَنْوَاعِ قَبْلَهُ أَوْ الْبَاءُ ظَرْفِيَّةٌ، أَيْ فِي مَحَلِّهِ رَدًّا عَلَى الْإِسْنَوِيِّ الْقَائِلِ: " بِأَنَّهُ لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ "، وَالصَّوَابُ التَّعْبِيرُ بِالثَّالِثِ. قَالَ بَعْضُهُمْ: وَلَا مَانِعَ مِنْ إرَادَتِهِمَا مَعًا. قَوْلُهُ (لَوْ وَلَّوْا إلَخْ) عِلَّةٌ لِعَدَمِ تَمَكُّنِهِمْ مِنْ أَحَدِ الْأَنْوَاعِ السَّابِقَةِ.
قَوْلُهُ: (فَيُصَلِّي) أَيْ وَلَوْ أَوَّلَ الْوَقْتِ، حَيْثُ وُجِدَ أَيْ بَعْدَ الشُّرُوعِ وَكَذَا قَبْلَهُ، حَيْثُ لَمْ يَرْجُ إلَّا مَنْ فِيهِ كَمَا مَرَّ فَإِنْ رَجَاهُ وَلَوْ بِقَدْرِ رَكْعَةٍ فِي الْوَقْتِ وَجَبَ التَّأْخِيرُ. قَوْلُهُ: (وَلَا يُؤَخِّرُ الصَّلَاةَ) أَيْ الَّتِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا أَوَّلَ الْبَابِ. قَوْلُهُ: (فَلَوْ انْحَرَفَ) هُوَ مُحْتَرَزٌ سَبَبَ الْعَدُوِّ. قَوْلُهُ: (وَطَالَ الزَّمَنُ) أَيْ عُرْفًا فَإِنْ لَمْ يَطُلْ لَمْ يَبْطُلْ، وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (كَالْمُصَلِّينَ حَوْلَ الْكَعْبَةِ) . نَعَمْ يُغْتَفَرُ هُنَا التَّقَدُّمُ عَلَى الْإِمَامِ فِي جِهَتِهِ، وَزِيَادَةُ الْمَسَافَةِ عَلَى ثَلَاثِمِائَةِ ذِرَاعٍ. قَوْلُهُ: (وَصَلَاةُ الْجَمَاعَةِ إلَخْ) وَتَقَعُ لَهُمْ سُنَّةً لَا فَرْضًا، كِفَايَةً لِلْعُذْرِ. كَذَا قَالُوهُ وَفِيهِ نَظَرٌ، فَرَاجِعْهُ. نَعَمْ إنْ كَانُوا فِي مَحَلٍّ غَيْرِ مُحْتَاجٍ لِشِعَارٍ فَظَاهِرٌ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا الْأَعْمَالُ) وَمِنْهَا النُّزُولُ وَالرُّكُوبُ. قَوْلُهُ: (لِحَاجَةٍ إلَيْهَا) بِخِلَافِ مَا لَا حَاجَةَ إلَيْهِ فَلَا يُغْتَفَرُ إنْ كَانَ يَضُرُّ فِي الْأَمْنِ، وَلَوْ انْضَمَّ الْمُحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ غَيْرِهِ، فَكَذَلِكَ كَمَا لَوْ احْتَاجَ إلَى ضَرْبَةٍ فَقَصَدَ الْأَرْبَعَةَ فَيَضُرُّ شُرُوعُهُ فِي الثَّانِيَةِ، أَوْ إلَى اثْنَيْنِ لَمْ تَضُرَّ الْأَرْبَعَةُ، وَلَوْ احْتَاجَ إلَى ثَلَاثَةٍ فَقَصَدَ سِتَّةً ضَرَّ شُرُوعُهُ فِي الرَّابِعَةِ، فَإِنْ احْتَاجَ إلَى أَرْبَعَةٍ مِنْهَا لَمْ تَضُرَّ كُلُّهَا، لِعَدَمِ قَصْدِ الْمُبْطِلِ. كَذَا قَالُوا هُنَا وَقِيَاسُ الْأَمْنِ فِيمَا لَوْ قَصَدَ ثَلَاثَ خُطُوَاتٍ حَيْثُ، قَالُوا يَضُرُّ شُرُوعُهُ فِي الْأُولَى أَنَّهُ يَضُرُّ هُنَا كَذَلِكَ، لِأَنَّ غَيْرَ الْمُبْطِلِ مَعَ الْمُبْطِلِ مُبْطِلٌ، فَإِنْ قَالُوا اُغْتُفِرَ هُنَا لِلضَّرُورَةِ، قُلْنَا فَالْوَاجِبُ بِقَدْرِهَا فَتَأَمَّلْهُ.
قَوْلُهُ: (لَا صِيَاحٌ) أَيْ نُطْقٌ بِمُبْطِلِ وَلَوْ بِلَا رَفْعِ
[حاشية عميرة]
الْأَفْضَلَ تَأْخِيرُ الْمُفَارَقَةِ إلَى الْقِيَامِ. قَوْلُهُ: (وَيَجُوزُ تَرْكُ الْحَمْلِ لِلْعُذْرِ إلَخْ) أَيْ عَلَى قَوْلِ الْوُجُوبِ، وَكَذَا يَصِحُّ تَخْرِيجُهُ عَلَى قَوْلِ السُّنَّةِ أَيْضًا، لِأَنَّ الْمُرَادَ الْجَوَازُ الْمُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ.
قَوْلُهُ: (بِمَحَلِّهِ) يَعْنِي أَنَّهُ ذَكَرَ النَّوْعَ وَمَحَلَّهُ، وَقَالَ هُنَا بِمَحَلِّهِ، وَقَالَ فِيمَا سَلَفَ مَا يُذْكَرُ كَأَنَّهُ مُجَرَّدُ تَفَنُّنٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَنْ يَلْتَحِمَ الْقِتَالُ) مَأْخُوذٌ مِنْ الْتِصَاقِ اللَّحْمِ بِاللَّحْمِ. قَوْلُهُ: (وَلَا تُؤَخَّرُ الصَّلَاةُ عَنْ الْوَقْتِ) فِيهِ إشْعَارٌ بِأَنَّ هَذَا النَّوْعَ إنَّمَا يُرْتَكَبُ عِنْدَ ضِيقِ الْوَقْتِ وَهُوَ حَاصِلُ مَا يُفْهَمُ مِنْ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ، وَأَمَّا بَاقِي الْأَنْوَاعِ فَالظَّاهِرُ فِيهَا عَدَمُ اشْتِرَاطِ ذَلِكَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَكَذَا الْأَعْمَالُ الْكَثِيرَةُ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ الثَّلَاثُ الْمُتَوَالِيَةُ وَيُحْتَمَلُ الْكَثْرَةُ عُرْفًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute