للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيْهِ» ، (وَيَحِلُّ لِلْمَرْأَةِ لُبْسُهُ) لِحَدِيثِ «أُحِلَّ الذَّهَبُ وَالْحَرِيرُ لِإِنَاثِ أُمَّتِي وَحُرِّمَ عَلَى ذُكُورِهَا» . قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَسَنٌ صَحِيحٌ.

وَالْخُنْثَى كَالرَّجُلِ (وَالْأَصَحُّ تَحْرِيمُ افْتِرَاشِهَا) إيَّاهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْفَرْشِ مَا فِي اللُّبْسِ مِنْ التَّزَيُّنِ لِلزَّوْجِ الْمَطْلُوبِ (وَأَنَّ لِلْوَلِيِّ إلْبَاسُهُ الصَّبِيَّ) إذْ لَيْسَ لَهُ شَهَامَةٌ تُنَافِي خُنُوثَةَ الْحَرِيرِ بِخِلَافِ الرَّجُلِ. (قُلْت: الْأَصَحُّ حِلٌّ افْتِرَاشِهَا) إيَّاهُ وَبِهِ. (قَطَعَ الْعِرَاقِيُّونَ وَغَيْرُهُمْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِإِطْلَاقِ الْحَدِيثِ السَّابِقِ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي فِي الصَّبِيِّ لَيْسَ لِلْوَلِيِّ إلْبَاسُهُ الْحَرِيرَ، بَلْ يَمْنَعُهُ مِنْهُ كَغَيْرِهِ مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ. وَالثَّالِثُ الْأَصَحُّ فِي الشَّرْحِ لَهُ إلْبَاسُهُ قَبْلَ سَبْعِ سِنِينَ دُونَ مَا بَعْدِهَا كَيْ لَا يَعْتَادَهُ، وَتَعَقَّبَهُ فِي الرَّوْضَةِ بِأَنَّ الْأَصَحَّ الْجَوَازُ مُطْلَقًا كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ، قَالَ: وَنَصَّ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَالْأَصْحَابُ عَلَى تَزْيِينِ الصِّبْيَانِ يَوْمَ الْعِيدِ بِحُلِيِّ الذَّهَبِ وَالْمُصَبَّغِ وَيَلْحَقُ بِهِ الْحَرِيرُ.

(وَيَجُوزُ لِلرَّجُلِ لُبْسُهُ لِلضَّرُورَةِ كَحَرٍّ وَبَرْدٍ مُهْلِكَيْنِ أَوْ فُجَاءَةِ حَرْبٍ وَلَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ وَلِلْحَاجَةِ كَجَرَبٍ وَحَكَّةٍ وَدَفْعِ قُمَّلٍ) رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «رَخَّصَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَالزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ فِي لُبْسِ الْحَرِيرِ لِحَكَّةٍ كَانَتْ بِهِمَا» ، وَأَنَّهُ رَخَّصَ لَهُمَا لَمَّا شَكَوَا إلَيْهِ الْقُمَّلَ فِي قُمُصِ الْحَرِيرِ، وَسَوَاءٌ فِيمَا ذُكِرَ السَّفَرُ

ــ

[حاشية قليوبي]

فُرُوعٌ) يَحِلُّ مِنْهُ الْأَزْرَارُ بِالْعَادَةِ، كَالتَّطْرِيفِ الْآتِي وَخَيْطِ خِيَاطَةٍ وَخَيْطِ سُبْحَةٍ لَا شَرَارِيبِهَا، وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ جَوَازُ الشَّرَارِيبِ تَبَعًا لِلْخَيْطِ. وَيَحِلُّ خَيْطُ مُصْحَفٍ وَكِيسِهِ لَا كِيسِ دَرَاهِمَ، وَيَحِلُّ خَيْطُ غِطَاءِ كُوزٍ وَغِطَاؤُهُ لِأَنَّهُ مَنْدُوبٌ، وَخَيْطُ مِيزَانٍ وَخَيْطُ مِنْطَقَةٍ وَقِنْدِيلٍ وَلِيقَةِ دَوَاةٍ وَنَحْوِ تِكَّةِ لِبَاسٍ، وَخَيْطُ مِفْتَاحٍ وَيَحِلُّ اتِّخَاذُ وَرَقِ الْكِتَابَةِ مِنْهُ لِأَنَّهُ اسْتِحَالَةٌ. وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ حِلُّ مِنْدِيلِ فِرَاشِ الزَّوْجَةِ لِلرَّجُلِ. قَالَ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ اسْتِعْمَالًا كَالِاسْتِنْجَاءِ بِالْحَرِيرِ الْمُتَقَدِّمِ حِلُّهُ لَهُ، وَفِيهِ نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (الْحَرِيرِ) وَمِنْهُ الْقَزُّ وَمِثْلُهُ الْمُزَعْفَرُ إنْ صُبِغَ أَكْثَرُهُ وَيُكْرَهُ الْمُعَصْفَرُ. قَوْلُهُ: (وَالتَّدَثُّرِ بِهِ) وَلَوْ مَعَ حَائِلٍ كَمَا مَرَّ إلَّا إنْ كَانَ حَشْوًا وَلَوْ لِمِخَدَّةٍ أَوْ لِحَافٍ، وَمِنْهُ مَا لَوْ خَاطَ ثَوْبًا عَلَى وَجْهِ اللِّحَافِ، أَوْ خَاطَ ثَوْبَ حَرِيرٍ بَيْنَ ثَوْبَيْنِ مِنْ غَيْرِهِ فَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ خِيَاطَةٍ حَرُمَ فِيهِمَا. قَوْلُهُ: (وَاتِّخَاذِهِ سِتْرًا) وَمِنْهُ النَّامُوسِيَّةُ وَنَحْوُهَا كَمَا مَرَّ حَيْثُ عُدَّ مُسْتَعْمِلًا عُرْفًا وَلَوْ مَعَ حَائِلٍ.

(فَائِدَةٌ) اسْتِعْمَالُ الذَّهَبِ كَالْحَرِيرِ يُعْتَبَرُ فِيهِ الْعُرْفُ، فَيَحْرُمُ الْجُلُوسُ تَحْتَ السُّقُوفِ الْمُذَهَّبَةِ إنْ حَصَلَ بِالْعَرْضِ عَلَى النَّارِ شَيْءٌ مِنْهَا، وَإِلَّا فَلَا كَمَا فِي الْأَوَانِي الْمُمَوَّهَةِ، وَأَمَّا النَّعْلُ فَحَرَامٌ مُطْلَقًا كَمَا مَرَّ فِيهَا أَيْضًا. قَوْلُهُ: (وَيَحِلُّ لِلْمَرْأَةِ لُبْسُهُ) وَلَوْ مُزَرْكَشًا بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ، وَلَوْ فِي الْمَدَارِسِ، وَلَا يَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ النَّوْمُ مَعَهَا وَلَا عُلُوُّهَا وَلَا مُعَانَقَتُهَا مَا لَمْ يَدْخُلْ فِي الثَّوْبِ مَعَهَا.

قَوْلُهُ: (وَأَنَّ لِلْوَلِيِّ) وَلَوْ غَيْرَ أَبٍ وَجَدٍّ إلْبَاسُهُ الصَّبِيَّ وَالْمَجْنُونَ وَالنَّعْلُ مِنْ الْمَلْبُوسِ. قَوْلُهُ: (حِلُّ افْتِرَاشِهَا) وَمِثْلُهُ تَدَثُّرُهَا. نَعَمْ يَحْرُمُ فِيهِمَا الْمُزَرْكَشُ بِمَا مَرَّ آنِفًا. قَوْلُهُ: (بِأَنَّ الْأَصَحَّ الْجَوَازُ مُطْلَقًا) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (يَوْمَ الْعِيدِ) أَيْ مَثَلًا. قَوْلُهُ: (وَالْمُصَبَّغِ) بِتَشْدِيدِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ الْمَصْبُوغُ.

قَوْلُهُ: (لُبْسُهُ) وَفَرْشُهُ وَالتَّدَثُّرُ بِهِ. قَوْلُهُ: (مُهْلِكَيْنِ) الْمُرَادُ ضَرَرٌ لَا يُحْتَمَلُ عَادَةً وَإِنْ لَمْ يُبَحْ التَّيَمُّمُ.

قَوْلُهُ: (لِلْحَاجَةِ) وَلَوْ بِتَعَمُّمٍ أَوْ تَقَمُّصٍ حَيْثُ لَا إزَارَ، وَمِنْهَا سَتْرُ الْعَوْرَةِ فِي الْخَلْوَةِ وَلَا يَلْزَمُهُ قَطْعُ مَا زَادَ عَلَى الْحَاجَةِ مِنْهُ. قَوْلُهُ: (وَحَكَّةٍ) مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ لِأَنَّهَا جَرَبٌ يَابِسٌ، وَمَحَلُّ الْجَوَازِ أَنَّ آذَاهُ غَيْرُهُ، وَلَا يَضُرُّ قُدْرَتُهُ عَلَى إزَالَتِهَا بِدَوَاءٍ مَثَلًا. قَوْلُهُ:

ــ

[حاشية عميرة]

وَأَصْلُهُ دِيبَاهْ بِالْهَاءِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (افْتِرَاشِهَا) مِثْلُهُ التَّدَثُّرُ بِالْأَوْلَى، وَقَوْلُ الشَّارِحِ: لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْفُرُشِ إلَخْ أَيْ كَمَا أَنَّهُ يَجُوزُ لَهَا التَّحَلِّي بِالذَّهَبِ، وَيَحْرُمُ عَلَيْهَا الْأَكْلُ فِي الْأَوَانِي مِنْهُ. قَوْلُهُ: (وَالْوَجْهُ الثَّانِي إلَخْ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْأَوْجُهُ فِي الصَّبِيِّ جَارِيَةٌ فِي اسْتِعْمَالِ الْحُلِيِّ أَيْضًا، وَنُقِلَ عَنْ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ فِي الصَّبِيِّ فِي غَيْرِ يَوْمَيْ الْعِيدِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَجُوزُ لِلرَّجُلِ) اسْتَثْنَى ثَلَاثَ صُوَرٍ حَالَةَ الضَّرُورَةِ وَالْحَاجَةِ وَالْقِتَالِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لُبْسُهُ) أَفْهَمَ جَوَازَ غَيْرِ اللُّبْسِ بِالْأَوْلَى. قَوْلُ الْمَتْنِ: (مُهْلِكَيْنِ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ مِثْلُ ذَلِكَ الْخَوْفُ عَلَى الْعُضْوِ وَالْمَنْفَعَةُ قَالَ: بَلْ الْمُتَّجِهُ إلْحَاقُ الْأَلَمِ الشَّدِيدِ بِذَلِكَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ قَيْدًا فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ قَبْلَهُ.

(تَنْبِيهٌ) خَطَرَ بِذِهْنِي أَنْ يُقَالَ هَلَّا جُوِّزَ التَّزَيُّنُ بِالْحَرِيرِ فِي الْحُرُوبِ غَيْظًا لِلْكُفَّارِ وَلَوْ وُجِدَ غَيْرُهُ كَتَحْلِيَةِ الْآلَةِ لِأَنَّ بَابَ الْحَرِيرِ أَوْسَعُ، وَالْجَوَابُ: أَنَّ التَّحْلِيَةَ مُسْتَهْلَكَةٌ غَيْرُ مُسْتَقِلَّةٍ، وَفِي الْآلَةِ الْمُنْفَصِلَةِ عَنْ الْبَدَنِ بِخِلَافِ التَّزَيُّنِ بِالْحَرِيرِ فِيهِمَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، عَلَى أَنَّ ابْنَ كَجٍّ جَوَّزَ اتِّخَاذَ الْقَبَاءِ وَغَيْرِهِ مِمَّا يَصْلُحُ لِلْقِتَالِ مِنْ الْحَرِيرِ وَإِنْ وُجِدَ غَيْرُهُ لِلْمَعْنَى السَّابِقِ، وَقَدْ عَلِمْت جَوَابَهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>