(لِلِانْجِلَاءِ فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي يُزَادُ وَيُنْقَصُ مَا ذَكَرَ لِمَا ذُكِرَ وَيَجْرِي الْوَجْهَانِ فِي إعَادَةِ الصَّلَاةِ إذَا بَقِيَ الْكُسُوفُ بَعْدَ السَّلَامِ. وَالْأَصَحُّ الْمَنْعُ. وَمَا فِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّاهَا رَكْعَتَيْنِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ ثَلَاثَةُ رُكُوعَاتٍ» ، وَفِي أُخْرَى لَهُ أَرْبَعَةُ رُكُوعَاتٍ، وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ خَمْسَةُ رُكُوعَاتٍ، أَجَابَ الْأَئِمَّةُ عَنْهَا بِأَنَّ رِوَايَاتِ الرُّكُوعَيْنِ أَشْهَرُ وَأَصَحُّ، فَقُدِّمَتْ. وَمَا فِي حَدِيثَيْ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّاهَا رَكْعَتَيْنِ» ، أَيْ مِنْ غَيْرِ تَكْرِيرِ رُكُوعٍ، كَمَا قَالَ بِهِ أَبُو حَنِيفَةَ، قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: أَجَابَ عَنْهُمَا أَصْحَابُنَا بِجَوَابَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ أَحَادِيثَنَا أَشْهَرُ وَأَصَحُّ وَأَكْثَرُ رُوَاةً، وَالثَّانِي أَنَّا نَحْمِلُ أَحَادِيثَنَا عَلَى الِاسْتِحْبَابِ وَالْحَدِيثَيْنِ عَلَى بَيَانِ الْجَوَازِ، قَالَ: فَفِيهِ تَصْرِيحٌ مِنْهُمْ بِأَنَّهُ لَوْ صَلَّاهَا رَكْعَتَيْنِ كَسُنَّةِ الظُّهْرِ وَنَحْوِهَا صَحَّتْ صَلَاتُهُ لِلْكُسُوفِ وَكَانَ تَارِكًا لِلْأَفْضَلِ اهـ. وَلَا يُنَافِي هَذَا مَا تَقَدَّمَ مِنْ امْتِنَاعِ نَقْصِ رُكُوعٍ مِنْهَا لِأَنَّهُ بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ قَصَدَ فِعْلَهَا بِالرُّكُوعَيْنِ، وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ الْأُمِّ أَنَّ مَنْ صَلَّى الْكُسُوفَ وَحْدَهُ ثُمَّ أَدْرَكَهَا مَعَ الْإِمَامِ صَلَّاهَا مَعَهُ
. (وَالْأَكْمَلُ) فِيهَا مَعَ مَا تَقَدَّمَ (أَنْ يَقْرَأَ فِي الْقِيَامِ الْأَوَّلِ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ) وَمَا يَتَقَدَّمُهَا مِنْ دُعَاءِ الِافْتِتَاحِ وَالتَّعَوُّذِ. (الْبَقَرَةَ) أَوْ قَدْرَهَا إنْ لَمْ يُحْسِنْهَا.
(وَفِي الثَّانِي كَمِائَتَيْ آيَةٍ مِنْهَا، وَفِي الثَّالِثِ مِائَةً وَخَمْسِينَ) مِنْهَا (وَالرَّابِعِ مِائَةً تَقْرِيبًا) وَفِي نَصٍّ آخَرَ لِلثَّانِي آلَ عِمْرَانَ أَوْ قَدْرَهَا، وَفِي الثَّالِثِ النِّسَاءَ أَوْ قَدْرَهَا، وَفِي الرَّابِعِ الْمَائِدَةَ أَوْ قَدْرَهَا وَهُمَا مُتَقَارِبَانِ، وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى الْأَوَّلِ، وَفِي اسْتِحْبَابِ التَّعَوُّذِ لِلْقِرَاءَةِ فِي الْقَوْمَةِ الثَّانِيَةِ وَجْهَانِ فِي الرَّوْضَةِ. قَالَ: وَهُمَا الْوَجْهَانِ فِي التَّعَوُّذِ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ أَيْ فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ أَصَحُّهُمَا كَمَا قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ الِاسْتِحْبَابُ. (وَيُسَبِّحُ فِي الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ قَدْرَ مِائَةٍ مِنْ الْبَقَرَةِ وَفِي الثَّانِي ثَمَانِينَ وَالثَّالِثِ سَبْعِينَ وَالرَّابِعِ خَمْسِينَ تَقْرِيبًا) وَيَقُولُ فِي الرَّفْعِ مِنْ كُلِّ رُكُوعٍ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ. قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ
ــ
[حاشية قليوبي]
لِأَجْلِ مُقَابِلِ الْأَصَحِّ. قَوْلُهُ: (وَالْأَصَحُّ الْمَنْعُ) أَيْ فُرَادَى لِمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (فَقُدِّمَتْ) لِأَنَّهَا الْمُتَيَقَّنَةُ وَغَيْرُهَا مُحْتَمَلٌ إذْ لَمْ يُرِدْ تَكَرُّرَ فِعْلِهَا مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
بِعَدَدِ الرِّوَايَاتِ. وَحِينَئِذٍ فَيَمْتَنِعُ غَيْرُهَا ابْتِدَاءً وَدَوَامًا وَالْجَوَابُ بِحَمْلِ الرِّوَايَاتِ عَلَى بَيَانِ الْجَوَازِ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ، بَلْ هُوَ سَبْقُ قَلَمٍ لِاقْتِضَائِهِ جَوَازَ فِعْلِهَا بِأَكْثَرَ مِنْ رُكُوعَيْنِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (أَشْهُرُ وَأَصَحُّ) فَامْتَنَعَ غَيْرُهَا مِمَّا فِيهِ زِيَادَةٌ لَا كَسُنَّةِ الظُّهْرِ فَيَجُوزُ. وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَعَ مَا بَعْدَهُ. كَمَا مَشَى عَلَيْهِ أَبُو حَنِيفَةَ. قَوْلُهُ: (وَحْدَهُ) وَكَذَا جَمَاعَةً كَمَا مَرَّ فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ مِنْ جَوَازِ إعَادَتِهَا فِي جَمَاعَةٍ
. قَوْلُهُ: (وَالْأَكْمَلُ أَنْ يَقْرَأَ) وَإِنْ عَلِمَ الِانْجِلَاءَ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ أَوْ لَمْ يَرْضَ الْمَأْمُومُونَ أَوْ لَمْ يَنْحَصِرُوا، نَعَمْ يُخَفِّفُ لِنَحْوِ ضِيقِ وَقْتِ جُمُعَةٍ. قَوْلُهُ: (قَدْرَهَا) أَيْ الْبَقَرَةِ وَهِيَ مِائَتَانِ وَثَمَانُونَ وَسِتُّ آيَاتٍ، وَآلُ عِمْرَانَ مِائَتَا آيَةٍ، وَالنِّسَاءُ مِائَةٌ وَسَبْعُونَ وَسِتُّ آيَاتٍ، وَالْمَائِدَةُ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ آيَةً. فَالْمُرَادُ مِنْ الْقَدْرِ فِي الْجَمِيعِ الْآيَاتُ الْمُعْتَدِلَةُ. قَوْلُهُ: (وَهُمَا) أَيْ النَّصَّانِ الْمَذْكُورَانِ مُتَقَارِبَانِ، إذْ السُّورَةُ الثَّالِثَةُ تَزِيدُ عَلَى مُقَابِلِهَا بِنَحْوِ سِتٍّ وَعِشْرِينَ آيَةً، وَالرَّابِعَةُ تَزِيدُ عَلَى مُقَابِلِهَا بِنَحْوِ عِشْرِينَ آيَةً. قَوْلُهُ: (فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ) قَيَّدَ بِهَا لِأَنَّهَا مَحَلُّ طَلَبِ الْقِرَاءَةِ كَمَا هُنَا. قَوْلُهُ: (أَصَحُّهُمَا) هُوَ الْمُعْتَمَدُ قَوْلُهُ: (وَيُسَبِّحُ) وَإِنْ عَلِمَ الِانْجِلَاءَ
ــ
[حاشية عميرة]
وَالثَّانِي يُزَادُ) هُوَ مُمْكِنٌ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ، وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ: لَعَلَّ وَجْهَهُ فِيهَا أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِامْتِدَادِهِ. قَوْلُهُ: (بِأَنَّ رِوَايَاتِ الرُّكُوعَيْنِ إلَخْ) اُنْظُرْ لَوْ قُلْنَا بِالْجَوَازِ وَأَحْرَمَ، وَأَطْلَقَ هَلْ يَنْصَرِفُ إلَى النَّوْعِ الَّذِي فِي الْمَتْنِ. قَوْلُهُ: (وَالْحَدِيثَيْنِ) الْمُرَادُ بِهِمَا حَدِيثُ أَبِي دَاوُد وَغَيْرُهُ الْمَأْخُوذَيْنِ مِنْ قَوْلِهِ، وَمَا فِي حَدِيثِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يُنَافِي إلَخْ) جَوَابٌ عَنْ اعْتِرَاضِ الْإِسْنَوِيِّ، بِأَنَّهُ إذَا امْتَنَعَ النَّقْصُ بِسَبَبِ الِانْجِلَاءِ، لِتَعُودَ إلَى رَكْعَتَيْنِ كَسُنَّةِ الظُّهْرِ، فَلَأَنْ يَمْتَنِعَ ذَلِكَ بِلَا سَبَبٍ أَوْلَى، وَاعْلَمْ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ فِيمَا سَلَفَ هَذَا أَقَلُّهَا، كَمَا فِي الرَّوْضَةِ يَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى أَقَلِّ الْكَمَالِ، لِئَلَّا يُنَافِيَ مَا تَقَرَّرَ عَنْ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ.
(فَرْعٌ) لَوْ نَوَاهَا كَسُنَّةِ الظُّهْرِ، ثُمَّ بَدَا لَهُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ أَنْ يَزِيدَ رُكُوعًا فِي كُلِّ رَكْعَةٍ، فَالظَّاهِرُ الْجَوَازُ وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ، وَهُوَ الَّذِي يُؤْخَذُ مِنْ قُوَّةِ كَلَامِ الشَّارِحِ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْأَكْمَلُ أَنْ يَقْرَأَ إلَخْ) ظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ أَنَّ التَّطْوِيلَ مَطْلُوبٌ وَإِنْ كَانَ الْمَأْمُومُونَ غَيْرَ مَحْصُورِينَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (كَمِائَتَيْ آيَةٍ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: يَنْبَغِي أَنْ يُرِيدَ الْآيَاتِ الْمُتَوَسِّطَةَ فِي الطُّولِ وَالْقِصَرِ. قَوْلُهُ: (وَهُمَا مُتَقَارِبَانِ) قَدْ يُقَالُ كَيْفَ التَّقَارُبُ فِي الْقِيَامِ الثَّالِثِ، إلَّا أَنْ يُعْتَذَرَ بِأَنَّ مِائَةً وَخَمْسِينَ مِنْ الْبَقَرَةِ، قَدْ تَكُونُ آيَاتُهَا مُقَارِبَةً لِلنِّسَاءِ، وَفِيهِ