وَغَيْرُهُمْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى جِنَازَةٍ فَقَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِحَيِّنَا وَمَيِّتِنَا» إلَخْ، زَادَ التِّرْمِذِيُّ: " اللَّهُمَّ لَا تَحْرِمْنَا أَجْرَهُ، وَلَا تُضِلَّنَا بَعْدَهُ " وَالْجَمْعُ بَيْنَ الدُّعَاءَيْنِ ذَكَرَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ، وَأَشَارَ إلَيْهِ فِي الْكَبِيرِ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ فِي الرَّوْضَةِ وَلَا شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَتَقْدِيمُ الثَّانِي مِنْهُمَا لِأَنَّهُ بَعْضُ الْأَوَّلِ بِالْمَعْنَى. (وَيَقُولُ فِي الطِّفْلِ مَعَ هَذَا الثَّانِي اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ فَرَطًا لِأَبَوَيْهِ) أَيْ سَابِقًا مُهَيِّئًا مَصَالِحَهُمَا فِي الْآخِرَةِ. (وَسَلَفًا وَذُخْرًا) بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ (وَعِظَةً) أَيْ مَوْعِظَةً (وَاعْتِبَارًا وَشَفِيعًا وَثَقِّلْ بِهِ مَوَازِينَهُمَا وَأَفْرِغْ الصَّبْرَ عَلَى قُلُوبِهِمَا) وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا: وَلَا تَفْتِنْهُمَا بَعْدَهُ وَلَا تَحْرِمْهُمَا أَجْرَهُ، وَيَشْهَدُ لِلدُّعَاءِ لَهُمَا مَا فِي حَدِيثِ الْمُغِيرَةِ السَّابِقِ " وَالسِّقْطُ يُصَلَّى عَلَيْهِ وَيُدْعَى لِوَالِدَيْهِ بِالْعَافِيَةِ وَالرَّحْمَةِ " (وَفِي الرَّابِعَةِ: اللَّهُمَّ لَا تَحْرِمْنَا أَجْرَهُ) بِفَتْحِ التَّاءِ وَضَمِّهَا (وَلَا تَفْتِنَّا بَعْدَهُ) أَيْ بِالِابْتِلَاءِ بِالْمَعَاصِي وَفِي التَّنْبِيهِ وَغَيْرِهِ: وَاغْفِرْ لَنَا وَلَهُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْأَوَّلَانِ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ
(وَلَوْ تَخَلَّفَ الْمُقْتَدِي بِلَا عُذْرٍ فَلَمْ يُكَبِّرْ حَتَّى كَبَّرَ إمَامُهُ أُخْرَى بَطَلَتْ صَلَاتُهُ) لِأَنَّ التَّخَلُّفَ بِالتَّكْبِيرِ هُنَا مُتَفَاحِشٌ شُبِّهَ بِالتَّخَلُّفِ بِرَكْعَةٍ، وَفِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ احْتِمَالُ أَنَّهُ كَالتَّخَلُّفِ بِرُكْنٍ (وَيُكَبِّرُ الْمَسْبُوقُ وَيَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ
ــ
[حاشية قليوبي]
لَهُ وَارْحَمْهُ، وَعَافِهِ وَاعْفُ عَنْهُ، وَأَكْرِمْ نُزُلَهُ وَوَسِّعْ مُدْخَلَهُ، وَاغْسِلْهُ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ، وَنَقِّهِ مِنْ الْخَطَايَا كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الْأَبْيَضُ مِنْ الدَّنَسِ، وَأَبْدِلْهُ دَارًا خَيْرًا مِنْ دَارِهِ، وَأَهْلًا خَيْرًا مِنْ أَهْلِهِ، وَزَوْجًا خَيْرًا مِنْ زَوْجِهِ، وَأَعِذْهُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَفِتْنَتِهِ، وَمِنْ عَذَابِ النَّارِ» ، انْتَهَى. وَهَذَا أَصَحُّ مَا فِي الْبَابِ، وَالْمُرَادُ بِإِبْدَالِ الزَّوْجِ وَلَوْ تَقْدِيرًا أَوْ صِفَةً فَيَدْخُلُ مَنْ لَمْ يَتَزَوَّجْ وَمِنْ الْحَوَرِ الْعَيْنِ، لِأَنَّ بَنَاتَ آدَمَ أَفْضَلُ مِنْهُنَّ، وَلِكُلِّ إنْسَانٍ مِنْ بَنَاتِ آدَمَ ثِنْتَانِ فَقَطْ. قَوْلُهُ: (وَمَيِّتَنَا) وَلَا يَكْتَفِي بِهَذَا عَنْ الدُّعَاءِ لِلْمَيِّتِ إلَّا إنْ قَصَدَهُ فِيهِ بِخُصُوصِهِ وَلَوْ فِي عُمُومِهِ، وَحِينَئِذٍ يَكْفِي وَلَوْ فِي الصَّغِيرِ لِأَنَّ الْمَغْفِرَةَ لَا تَسْتَدْعِي سَبْقَ ذَنْبٍ كَمَا قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ. قَوْلُهُ: (فِي الطِّفْلِ) أَيْ مِنْ أَوْلَادِ الْمُسْلِمِينَ يَقِينًا، وَفِي الْمَشْكُوكِ فِيهِ يُعَلِّقُ كَمَا يَأْتِي فِي الِاخْتِلَاطِ، وَفِي الطِّفْلَةِ يُؤَنِّثُ ضَمَائِرَهَا كَمَا مَرَّ، وَيُرَاعِي فِي الدُّعَاءِ مَا يُنَاسِبُ فَلَا يَقُولُ: فَرْطًا وَنَحْوَهُ إلَّا فِيمَنْ لَهُ أَصْلٌ مُسْلِمٌ، وَلَا عِظَةً وَنَحْوَهُ إلَّا فِيمَنْ لَهُ أَصْلٌ حَيٌّ وَهَكَذَا، وَفِي كَلَامِ ابْنِ حَجَرٍ حُرْمَةُ الدُّعَاءِ لِلْكَافِرِ بِأُخْرَوِيٍّ وَفِيهِ نَظَرٌ، وَالرَّاجِحُ خِلَافُهُ كَمَا هُوَ مُقَرَّرٌ فِي مَحَلِّهِ، وَمِنْهُ جَوَازُ الدُّعَاءِ لَهُ بِالْمَغْفِرَةِ خِلَافًا لِمَا فِي الْأَذْكَارِ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (وَفِي الرَّابِعَةِ) هُوَ عَطْفٌ عَلَى الْمَنْدُوبِ لِأَنَّ ذِكْرَهَا مَنْدُوبٌ، وَيُنْدَبُ تَطْوِيلُهَا بِقَدْرِ مَا يَأْتِي بِهِ فِي الثَّلَاثَةِ قَبْلَهَا، وَأَنْ يَقْرَأَ فِيهَا آيَاتِ الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ إلَى الْعَظِيمِ. قَوْلُهُ: (وَقَدْ تَقَدَّمَ الْأَوَّلَانِ) لَكِنْ بِلَفْظِ وَلَا تُضِلَّنَا
قَوْلُهُ: (وَلَوْ تَخَلَّفَ الْمُقْتَدِي) وَكَذَا لَوْ تَقَدَّمَ، ثُمَّ إنْ أَحْرَمَ الْمُقْتَدِي عَقِبَ إحْرَامِ الْإِمَامِ وَلَمْ يُكَبِّرْ حَتَّى كَبَّرَ إمَامُهُ، أَيْ شَرَعَ فِي التَّكْبِيرَةِ الثَّالِثَةِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ. وَمِثْلُهَا الرَّابِعَةُ لِمَنْ أَحْرَمَ عَقِبَ الثَّانِيَةِ لِلْإِمَامِ، وَخَرَجَ بِالتَّكْبِيرِ الشُّرُوعُ فِي السَّلَامِ، فَلَا يَضُرُّ.
وَخَرَجَ بِالثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ مَا زَادَهُ الْإِمَامُ فَلَا يَضُرُّ التَّخَلُّفُ بِهِ، لِأَنَّهُ لَا يُنْدَبُ مُتَابَعَتُهُ فِيهِ. وَقَالُوا: لَهُ انْتِظَارُهُ فِيهِ أَيْضًا كَمَا مَرَّ، وَقِيلَ: إنَّهُ كَغَيْرِهِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (بِلَا عُذْرٍ) أَمَّا لَوْ كَانَ لِعُذْرٍ كَنِسْيَانٍ وَجَهْلٍ وَعَدَمِ سَمَاعِ إمَامٍ وَبُطْءِ قِرَاءَةٍ، فَلَا تَبْطُلُ بِتَخَلُّفِهِ بِتَكْبِيرَةٍ وَلَا بِتَكْبِيرَتَيْنِ كَمَا فِي الْمَنْهَجِ، وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. وَاَلَّذِي مَشَى عَلَيْهِ ابْنُ حَجَرٍ وَمَالَ إلَيْهِ شَيْخُنَا عَدَمُ الْبُطْلَانِ وَلَوْ بِجَمِيعِ الصَّلَاةِ، وَهُوَ الْوَجْهُ فِي غَيْرِ عَدَمِ السَّمَاعِ بَلْ مَعَهُ أَوْلَى مِنْ الصَّلَاةِ الْأَصْلِيَّةِ. قَوْلُهُ: (الْمَسْبُوقُ) قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَشَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ: الْمُرَادُ بِهِ مَنْ تَأَخَّرَ إحْرَامُهُ عَنْ إحْرَامِ الْإِمَامِ فِي الْأُولَى، أَوْ عَنْ تَكْبِيرِهِ فِيمَا بَعْدَهَا، وَإِنْ أَدْرَكَ مِنْ الْقِيَامِ قَدْرَ الْفَاتِحَةِ أَوْ أَكْثَرَ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِمْ: وَيَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ وَقَوْلِهِمْ: فَلَوْ كَبَّرَ إلَخْ. قَوْلُهُ: (وَيَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ إلَخْ) قَالَ ابْنُ حَجَرٍ، جَوَازًا لِأَنَّهُ يَجُوزُ تَأْخِيرُهَا لِمَا بَعْدَ الْأُولَى، وَذَكَرَهُ شَيْخُنَا فِي حَاشِيَتِهِ، ثُمَّ اعْتَمَدَ كَشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ الْوُجُوبَ قَالَ: وَهَذَا مُسْتَثْنَى مِمَّا تَقَدَّمَ آنِفًا نَظَرًا لِسُقُوطِهَا هُنَا، فَلَا
[حاشية عميرة]
نَسِيمِ رِيحِهَا) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَيُرَادُ بِهِ الْفَضَاءُ أَيْضًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَأَفْرِغْ الصَّبْرَ إلَخْ) اُنْظُرْ هَلْ يَسْقُطُ هَذَا إذَا كَانَ أَبَوَاهُ مَيِّتَيْنِ؟ وَكَذَا قَوْلُهُ: وَعِظَةً وَاعْتِبَارًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَفِي الرَّابِعَةِ) قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: اتَّفَقَ الْأَصْحَابُ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ ذِكْرٍ فِيهَا.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَلَمْ يُكَبِّرْ إلَخْ) لَوْ كَبَّرَ الْمَأْمُومُ مَعَ تَكْبِيرَةِ الْإِمَامِ الْأُخْرَى اُتُّجِهَ الصِّحَّةُ، وَلَوْ شَرَعَ مَعَ شُرُوعِهِ فِيهَا، وَلَكِنْ تَأَخَّرَ فَرَاغُ الْمَأْمُومِ هَلْ نَقُولُ بِالصِّحَّةِ أَمْ بِالْبُطْلَانِ؟ هُوَ مَحَلُّ نَظَرٍ. قَوْلُهُ: (مُتَفَاحِشٌ) وَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْمُتَابَعَةَ هُنَا لَا تَظْهَرُ إلَّا بِالْمُوَافَقَةِ فِيهَا لِخُلُوِّهَا عَنْ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، ثُمَّ قَضِيَّةُ عِبَارَةِ الْكِتَابِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَوْ تَخَلَّفَ بِالرَّابِعَةِ حَتَّى سَلَّمَ الْإِمَامُ لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ. قَوْلُهُ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute