للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَعَلُّمِهِ مِنْهُمَا وَمَشَقَّةِ اسْتِمْرَارِهِ عَلَى الطَّهَارَةِ. وَالثَّانِي عَلَى الْوَلِيِّ وَالْمُعَلِّمِ مَنْعُهُ مِنْ ذَلِكَ (قُلْت: الْأَصَحُّ حِلُّ قَلْبِ وَرَقِهِ بِعُودٍ، وَبِهِ قَطَعَ الْعِرَاقِيُّونَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِأَنَّهُ لَيْسَ بِحَمْلٍ وَلَا فِي مَعْنَاهُ. وَلَوْ لَفَّ كُمَّهُ عَلَى يَدِهِ وَقَلَبَ بِهِ حَرُمَ قَطْعًا، وَقِيلَ فِيهِ وَجْهَانِ.

(وَمَنْ تَيَقَّنَ طُهْرًا أَوْ حَدَثًا وَشَكَّ فِي ضِدِّهِ) هَلْ طَرَأَ عَلَيْهِ (عَمِلَ بِيَقِينِهِ) اسْتِصْحَابًا لِلْيَقِينِ. وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ حَدِيثُ مُسْلِمٍ «إذَا وَجَدَ أَحَدُكُمْ فِي بَطْنِهِ شَيْئًا فَأَشْكَلَ عَلَيْهِ أَخَرَجَ مِنْهُ شَيْءٌ أَمْ لَا فَلَا يَخْرُجَنَّ مِنْ الْمَسْجِدِ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا» وَالْمُرَادُ بِالشَّكِّ التَّرَدُّدُ بِاسْتِوَاءٍ أَوْ رُجْحَانٍ كَمَا.

قَالَهُ فِي الدَّقَائِقِ، فَمَنْ ظَنَّ الضِّدَّ لَا يَعْمَلُ بِظَنِّهِ لِأَنَّ ظَنَّ اسْتِصْحَابِ الْيَقِينِ أَقْوَى مِنْهُ.

وَقَالَ الرَّافِعِيُّ يَعْمَلُ بِظَنِّ الطُّهْرِ بَعْدَ تَيَقُّنِ الْحَدَثِ. قَالَ فِي الْكِفَايَةِ وَلَمْ أَرَ ذَلِكَ لِغَيْرِهِ، وَأَسْقَطَهُ مِنْ الرَّوْضَةِ (فَلَوْ تَيَقَّنَهُمَا) أَيْ الطُّهْرَ وَالْحَدَثَ بِأَنْ وُجِدَا مِنْهُ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ مَثَلًا (وَجَهِلَ السَّابِقَ) مِنْهُمَا (فَضِدُّ مَا قَبْلَهُمَا) يَأْخُذُ بِهِ (فِي الْأَصَحِّ) فَإِنْ كَانَ قَبْلَهُمَا مُحْدِثًا فَهُوَ الْآنَ مُتَطَهِّرٌ لِأَنَّهُ تَيَقَّنَ الطَّهَارَةَ وَشَكَّ فِي تَأَخُّرِ الْحَدَثِ عَنْهَا. وَالْأَصْلُ عَدَمُ تَأَخُّرِهِ، وَإِنْ كَانَ قَبْلَهُمَا مُتَطَهِّرًا فَهُوَ الْآنَ مُحْدِثٌ لِأَنَّهُ تَيَقَّنَ الْحَدَثَ، وَشَكَّ فِي تَأَخُّرِ الطَّهَارَةِ عَنْهُ وَالْأَصْلُ عَدَمُ تَأَخُّرِهَا إنْ كَانَ يَعْتَادُ تَجْدِيدَ الطَّهَارَةِ، فَإِنْ لَمْ يَعْتَدَّ تَجْدِيدَهَا فَالظَّاهِرُ تَأَخُّرُهَا عَنْ الْحَدَثِ فَيَكُونُ الْآنَ مُتَطَهِّرًا، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ مَا قَبْلَهُمَا لَزِمَهُ الْوُضُوءُ لِتَعَارُضِ الِاحْتِمَالَيْنِ مِنْ غَيْرِ مُرَجِّحٍ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَنْظُرُ إلَى مَا قَبْلَهُمَا وَيَلْزَمُهُ الْوُضُوءُ بِكُلِّ حَالٍ احْتِيَاطًا قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ جَمَاعَاتٍ مِنْ مُحَقِّقِي أَصْحَابِنَا.

ــ

[حاشية قليوبي]

قَوْلُهُ: (مِنْ مَسِّ إلَخْ) وَلَا مِنْ الْقِرَاءَةِ بِالْأَوْلَى لِجَوَازِهَا لِلْمُحْدِثِ. قَوْلُهُ: (لِحَاجَةِ تَعَلُّمِهِ) وَمِنْهَا حَمْلُهُ مِنْ الْبَيْتِ إلَى الْمَكْتَبِ وَعَكْسُهُ، وَخَرَجَ بِهَا تَعَلُّمُ غَيْرِهِ، وَمِنْهُ حَمْلُ خَادِمِهِ لَهُ مَعَهُ إلَى الْمَكْتَبِ فَيَحْرُمُ عَلَى الْبَالِغِ وَعَلَى وَلِيِّ غَيْرِهِ تَمْكِينُهُ مِنْهُ.

قَوْلُهُ: (وَبِهِ قَطَعَ الْعِرَاقِيُّونَ) فَالْأَنْسَبُ التَّعْبِيرُ بِالْمَذْهَبِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ لَيْسَ بِحَمْلٍ) يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ انْفَصَلَتْ الْوَرَقَةُ عَلَى الْعُودِ حَرُمَ وَهُوَ كَذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ لَفَّ كُمَّهُ عَلَى يَدِهِ) كَوْنُهُ عَلَى الْيَدِ قَيْدٌ لِلْقَطْعِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى يَدِهِ حَلَّ عِنْدَ الشَّيْخِ الْخَطِيبِ، وَخَالَفَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، وَلَوْ ٨٦٥٣ لَفَّ مِنْدِيلًا لَيْسَ مَلْبُوسًا لَهُ، وَقَلَبَ بِهِ لَمْ يَحْرُمْ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ كَالْعُودِ. قَوْلُهُ: (حَرُمَ قَطْعًا) خِلَافًا لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.

قَوْلُهُ: (اسْتِصْحَابًا لِلْيَقِينِ) يُفِيدُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْيَقِينِ الظَّنُّ الْمُسْتَنِدُ إلَى اسْتِصْحَابِهِ لَا هُوَ، لِأَنَّهُ لَا يُجَامِعُ الشَّكَّ. قَوْلُهُ: (شَيْئًا) أَيْ رِيحًا يَجُولُ فِي جَوْفِهِ يَطْلُبُ الْخُرُوجَ. قَوْلُهُ: (فَلَا يَخْرُجَنَّ مِنْ الْمَسْجِدِ) أَيْ لَا يُبْطِلُ صَلَاةَ نَفْسِهِ بِمَا وَجَدَ، وَيَخْرُجُ مِنْ الْمَسْجِدِ لِلْوُضُوءِ، أَوْ الْمُرَادُ لَا يَخْرُجُ مِنْ صَلَاتِهِ، وَسَمَّاهَا مَسْجِدًا مَجَازًا. قَوْلُهُ: (حَتَّى يَسْمَعَ إلَخْ) أَيْ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّهُ أَحْدَثَ بِسَمَاعٍ أَوْ بِغَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ اسْتِصْحَابَ) وَفِي نُسْخَةٍ لِأَنَّ ظَنَّ اسْتِصْحَابِ الْيَقِينِ أَيْ الظَّنَّ الْمُسْتَنِدَ إلَى الْيَقِينِ كَمَا مَرَّ أَقْوَى مِنْ الظَّنِّ الَّذِي لَمْ يَسْتَنِدْ إلَى يَقِينٍ وَإِنْ اسْتَنَدَ إلَى خَبَرِ عَدْلٍ كَمَا مَرَّ عَنْ شَيْخِنَا وَتَقَدَّمَ مَا فِيهِ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ الرَّافِعِيُّ يَعْمَلُ بِظَنِّ الطُّهْرِ بَعْدَ تَيَقُّنِ الْحَدَثِ) ذَكَرَهُ الشَّارِحُ وَلَمْ يُنَبِّهْ عَلَيْهِ، وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي الْجَوَابِ عَنْهُ، فَقِيلَ: هُوَ سَهْوٌ مِنْهُ، وَقِيلَ: إنَّهُ سَقَطَ مِنْهُ لَفْظَةُ لَا، وَالْأَصْلُ لَا يَعْمَلُ، وَقِيلَ: إنَّهُ فِي ظَنِّ طَهَارَةِ أَحَدِ الْمَاءَيْنِ بِالِاجْتِهَادِ كَمَا مَرَّ، وَقِيلَ فِي النَّوْمِ غَيْرُ مُمْكِنٍ، وَقِيلَ: إنَّهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ عَقِبَ هَذِهِ وَهُوَ الْأَقْرَبُ، وَمَا قَبْلَهُ كَلَامٌ صَحِيحٌ فِي ذَاتِهِ، لَكِنَّهُ بَعِيدٌ عَنْ الْمَقَامِ. قَوْلُهُ: (وَأَسْقَطَهُ مِنْ الرَّوْضَةِ إلَخْ) فَإِسْقَاطُهُ دَلِيلٌ عَلَى عَدَمِ صِحَّتِهِ.

(فَائِدَةٌ) قَالَ بَعْضُهُمْ: وَاسْتُقْرِئَ كَلَامُ الشَّارِحِ فَوُجِدَ أَنَّهُ مَتَى أَطْلَقَ لَفْظَ الرَّوْضَةِ فَمُرَادُهُ زَوَائِدُهَا، وَمَتَى قَالَ أَصْلَ الرَّوْضَةِ فَهُوَ مَا تَصَرَّفَ فِيهِ النَّوَوِيُّ مِنْ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ أَوْ زَادَهُ بِغَيْرِ تَمْيِيزٍ، وَمَتَى.

قَالَ الرَّوْضَةَ وَأَصْلَهَا فَهُوَ مَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ مَعْنًى أَوْ كَأَصْلِهَا فَهُوَ مَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ لَفْظًا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (فَهُوَ الْآنَ مُتَطَهِّرٌ) سَوَاءٌ اعْتَادَ التَّجْدِيدَ أَمْ لَا. قَوْلُهُ: (تَيَقَّنَ الطَّهَارَةَ) أَيْ الرَّافِعَةَ لِلْحَدَثِ الَّذِي قَبْلَ الشَّمْسِ الَّذِي ذَكَرَهُ، فَلَا مُعَارَضَةَ بِالْمِثْلِ قَوْلُهُ: (وَشَكَّ فِي تَأَخُّرِ الطَّهَارَةِ) أَيْ الثَّانِيَةِ الَّتِي بَعْدَ الشَّمْسِ. قَوْلُهُ: (إنْ كَانَ يَعْتَادُ تَجْدِيدَ الطَّهَارَةِ) وَتَثْبُتُ الْعَادَةُ وَلَوْ بِمَرَّةٍ فِي عُمْرِهِ الْمَاضِي. قَوْلُهُ: (فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ مَا قَبْلَهُمَا) أَخَذَ بِمِثْلِ مَا قَبْلَ مَا قَبْلَهُمَا فَيَأْخُذُ فِي الْإِفْرَادِ بِالضِّدِّ وَفِي الْإِشْفَاعِ بِالْمِثْلِ. قَوْلُهُ: (لَزِمَهُ الْوُضُوءُ بِكُلِّ حَالٍ) أَيْ إنْ لَمْ يَعْلَمْ شَيْئًا مِمَّا ذُكِرَ، وَكَانَ يَعْتَادُ التَّجْدِيدَ وَإِلَّا فَهُوَ مُتَطَهِّرٌ دَائِمًا.

ــ

[حاشية عميرة]

(فَائِدَةٌ) لَوْ كَانَ الْقُرْآنُ مَنْقُوشًا عَلَى خَشَبَةٍ أَوْ طَعَامٍ امْتَنَعَ حَرْقُ الْخَشَبَةِ وَجَازَ أَكْلُ الطَّعَامِ، كَذَا نَقَلَهُ بَعْضُهُمْ عَنْ الْقَاضِي

<<  <  ج: ص:  >  >>