للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَيْ النَّابِتُ مِنْ شَجَرٍ وَزَرْعٍ (تُخْتَصَرُ بِالْقُوتِ وَهُوَ مِنْ الثِّمَارِ الرُّطَبُ وَالْعِنَبُ وَمِنْ الْحَبِّ الْحِنْطَةُ وَالشَّعِيرُ وَالْأَرُزُّ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَضَمِّ الرَّاءِ وَتَشْدِيدِ الزَّايِ فِي أَشْهَرِ اللُّغَاتِ. (وَالْعَدَسُ وَسَائِرُ الْمُقْتَات اخْتِيَارًا) كَالذُّرَةِ وَالْحِمَّصِ وَالْبَاقِلَاءِ وَالدُّخْنِ وَالْجُلْبَانِ فَتَجِبُ الزَّكَاةُ فِي ذَلِكَ لِوُرُودِهَا فِي بَعْضِهِ فِي الْأَحَادِيثِ الْآتِيَةِ. وَأُلْحِقَ بِهِ الْبَاقِي وَلَا تَجِبُ فِي السِّمْسِمِ وَالتِّبْنِ وَالْجَوْزِ وَاللَّوْزِ وَالرُّمَّانِ وَالتُّفَّاحِ وَنَحْوِهَا قَوْلًا وَاحِدًا. (وَفِي الْقَدِيمِ تَجِبُ فِي الزَّيْتُونِ وَالزَّعْفَرَانِ وَالْوَرْسِ) بِسُكُونِ الرَّاءِ وَهُوَ شَبِيهٌ بِالزَّعْفَرَانِ. (وَالْقُرْطُمِ) بِكَسْرِ الْقَافِ وَالطَّاءِ وَضَمِّهِمَا (وَالْعَسَلِ) مِنْ النَّحْلِ، رُوِيَ الْأَوَّلُ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَمَا بَعْدَهُ خَلَا الزَّعْفَرَانَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَقَوْلُ الصَّحَابِيِّ حُجَّةٌ فِي الْقَدِيمِ، وَقِيسَ فِيهِ الزَّعْفَرَانُ عَلَى الْوَرْسِ وَاحْتَرَزُوا بِقَيْدِ الِاخْتِيَارِ عَمَّا يُقْتَاتُ فِي حَالِ الضَّرُورَةِ كَحَبَّيْ الْحَنْظَلِ وَالْغَاسُولِ. وَمِنْ الْأَحَادِيثِ مَا رَوَى أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ عَنْ عَتَّابِ بْنِ أَسِيدٍ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ قَالَ: «أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُخْرَصَ الْعِنَبُ كَمَا يُخْرَصُ النَّخْلُ، وَتُؤْخَذُ زَكَاتُهُ زَبِيبًا كَمَا تُؤْخَذُ زَكَاةُ النَّخْلِ تَمْرًا» . وَمَا رَوَى الْحَاكِمُ وَقَالَ: إسْنَادُهُ صَحِيحٌ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَهُ وَلِمُعَاذٍ حِينَ بَعَثَهُمَا إلَى الْيَمَنِ: «لَا تَأْخُذَا الصَّدَقَةَ إلَّا مِنْ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ: الشَّعِيرِ وَالْحِنْطَةِ وَالتَّمْرِ وَالزَّبِيبِ» . وَهَذَا الْحَصْرُ إضَافِيٌّ لِمَا رَوَى الْحَاكِمُ وَقَالَ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ عَنْ مُعَاذٍ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «فِيمَا سَقَتْ السَّمَاءُ وَالسَّيْلُ وَالْبَعْلُ الْعُشْرُ، وَفِيمَا سُقِيَ بِالنَّضْحِ

ــ

[حاشية قليوبي]

وَشَجَرِهِ قَوْلُهُ: (أَيْ النَّابِتُ) دَفَعَ بِهِ تَوَهُّمَ إرَادَةِ الْمَصْدَرِ.

قَوْلُهُ: (مِنْ شَجَرٍ وَزَرْعٍ) دَفَعَ بِهِ إرَادَةَ اسْمِ الْمَصْدَرِ وَشَمِلَ كَلَامُهُ النَّابِتَ فِي الْأَرْضِ الْخَرَاجِيَّةِ وَهِيَ الَّتِي فُتِحَتْ عَنْوَةً، ثُمَّ تَعَوَّضَهَا الْإِمَامُ مِنْ الْغَانِمِينَ وَوَقَفَهَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَضَرَبَ لَهَا خَرَاجًا مَعْلُومًا كَأَرْضِ مِصْرَ أَوْ فُتِحَتْ صُلْحًا بِشَرْطِ كَوْنِهَا لَنَا، وَأَسْكَنَهَا الْكُفَّارَ بِخَرَاجٍ وَهُوَ أُجْرَةٌ لَا تَسْقُطُ بِإِسْلَامِهِمْ، وَكُلُّ مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِأَخْذِ خَرَاجِهِ فَهُوَ جَائِزٌ سَوَاءٌ عَلِمَ صِحَّةَ أَخْذِهِ أَوْ لَا، إذْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ بِحَقٍّ، كَمَا أَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ وَضْعِ الْأَيْدِي جَوَازُ الْبَيْعِ وَالرَّهْنِ وَغَيْرِهِمَا، وَلَوْ أَخَذَ الْإِمَامُ الْخَرَاجَ بَدَلًا عَنْ الْعُشْرِ كَانَ كَأَخْذِ الْقِيمَةِ فِي الزَّكَاةِ فَلَا يُجْزِئُ إلَّا إنْ كَانَ بِاجْتِهَادٍ مِنْهُ فَيَسْقُطُ بِهِ الْفَرْضُ حِينَئِذٍ، وَإِنْ نَقَصَ عَنْ قَدْرِ الْوَاجِبِ نَعَمْ لَا زَكَاةَ فِي الْمَوْقُوفِ عَلَى الْمَسَاجِدِ وَالْفُقَرَاءِ وَالْجِهَاتِ الْعَامَّةِ، وَلَا فِي النَّخِيلِ الْمُبَاحَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ لِعَدَمِ صَلَاحِيَّةِ الْمِلْكِ بِخِلَافِ الْوَقْفِ عَلَى مُعَيَّنٍ. قَوْلُهُ: (وَالشَّعِيرُ) هُوَ: بِفَتْحِ الشِّينِ، وَيُقَالُ: بِكَسْرِهَا. قَوْلُهُ: (أَشْهَرِ اللُّغَاتِ) لِأَنَّهَا سَبْعُ لُغَاتٍ. قَوْلُهُ: (كَالذُّرَةِ) بِضَمِّ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ الْمُخَفَّفَةِ، وَالدُّخْنُ الْمَذْكُورُ نَوْعٌ مِنْهَا.

قَوْلُهُ: (وَالْحِمَّصِ) بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ مَكْسُورَةً أَوْ مَفْتُوحَةً، وَآخِرُهُ صَادٌ مُهْمَلَةٌ. قَوْلُهُ: (وَالْبَاقِلَاءِ) وَهُوَ الْفُولُ وَيُرْسَمُ آخِرُهُ بِالْأَلِفِ، فَتُخَفَّفُ اللَّامُ وَيُمَدُّ وَقَدْ يُقْصَرُ، وَبِالْيَاءِ فَتُشَدَّدُ اللَّامُ وَيُقْصَرُ. قَوْلُهُ: (وَالْجُلْبَانِ) بِضَمِّ الْجِيمِ وَمِنْهُ الْمَاشُّ بِالْمُعْجَمَةِ آخِرُهُ. قَوْلُهُ: (فَتَجِبُ الزَّكَاةُ فِي ذَلِكَ) أَيْ سَوَاءٌ زُرِعَ قَصْدًا أَمْ نَبَتَ اتِّفَاقًا وَفَارَقَ السَّائِمَةَ لِأَنَّ لَهَا اخْتِيَارًا، نَعَمْ لَوْ حَمَلَ السَّيْلُ مَثَلًا بَذْرًا مِنْ دَارِ الْحَرْبِ وَنَبَتَ فِي دَارِنَا لَمْ تَجِبْ زَكَاتُهُ. قَوْلُهُ: (السِّمْسِمِ) هُوَ بِكَسْرِ السِّينَيْنِ. قَوْلُهُ: (وَالزَّعْفَرَانِ) وَهُوَ يَخْرُجُ مِنْ ثَمَرٍ كَالْبَاذِنْجَانِ عَنْ أَصْلٍ كَالْبَصَلِ. قَوْلُهُ: (وَالْوَرْسِ) وَهُوَ شَبِيهٌ بِالزَّعْفَرَانِ مِنْ حَيْثُ اللَّوْنِ وَالصَّبْغِ بِهِ نَعَمْ فِيهِ نَوْعٌ أَسْوَدُ، وَهُوَ يُخْرَجُ مِنْ ثَمَرٍ كَالسِّمْسِمِ عَنْ أَصْلٍ كَالْقُطْنِ، وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْوَرْسِ الْكُرْكُمَ كَمَا قِيلَ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (مِنْ النَّحْلِ) بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ مَمْلُوكًا أَوْ مُبَاحًا. وَكَذَا مِنْ غَيْرِهِ بِالْأَوْلَى كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ. قَوْلُهُ: (وَالْغَاسُولِ) وَكَذَا التُّرْمُسُ وَالْحُلْبَةُ. قَوْلُهُ: (كَمَا يُخْرَصُ النَّخْلُ) جَعَلَهُ أَصْلًا لِلْعِنَبِ لِأَنَّ خَرْصَهُ كَانَ عِنْدَ فَتْحِ خَيْبَرَ سَنَةَ سَبْعٍ، وَالْعِنَبُ كَانَ بَعْدَهُ عِنْدَ فَتْحِ الطَّائِفِ سَنَةَ ثَمَانٍ بَعْدَ فَتْحِ مَكَّةَ قَوْلُهُ: (إضَافِيٌّ) أَيْ بِالنَّظَرِ لِأَهْلِ الْيَمَنِ خَاصَّةً.

قَوْلُهُ: (وَالْبَعْلِ) هُوَ بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى مَا لِأَنَّهُ مِمَّا يَشْرَبُ بِعُرُوقِهِ. قَوْلُهُ:

ــ

[حاشية عميرة]

كَالزَّرْعِ. قَالَ تَعَالَى: {وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ} [الرحمن: ٦] قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِالْقُوتِ) هُوَ مَا بِهِ يَعِيشُ الْبَدَنُ غَالِبًا فَيُخْرِجُ مَا يُؤْكَلُ تَنَعُّمًا أَوْ تَدَاوِيًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالشَّعِيرُ) يَجُوزُ فِيهِ الْكَسْرُ. قَوْلُهُ: (وَالدُّخْنِ) قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: الدُّخْنُ نَوْعٌ مِنْ الذُّرَةِ قَوْلُهُ: (وَهُوَ شَبِيهٌ إلَخْ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: هُوَ ثَمَرُ شَجَرٍ يُخْرِجُ شَيْئًا كَالزَّعْفَرَانِ يُصْبَغُ بِهِ فِي الْيَمَنِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْعَسَلِ) أَيْ سَوَاءٌ أُخِذَ مِنْ نَحْلٍ مَمْلُوكٍ، أَمْ مِنْ الْمَوَاضِعِ الْمُبَاحَةِ، وَاعْلَمْ أَنَّهُ نُقِلَ عَنْ الْقَدِيمِ أَيْضًا الْوُجُوبُ فِي التُّرْمُسِ، وَحَبِّ الْفُجْلِ وَالْعُصْفُرِ. قَوْلُهُ: (كَمَا يُخْرَصُ النَّخْلُ) قِيلَ: جَعَلَهُ أَصْلًا لِلْعِنَبِ، لِأَنَّ الْخَرْصَ فِيهِ كَانَ سَابِقًا لَمَّا افْتَتَحَ خَيْبَرَ بِخِلَافِ الْعِنَبِ، فَإِنَّهُ إنَّمَا حَصَلَ فِي فَتْحِ الطَّائِفِ سِتَّةَ ثَمَانٍ.

قَوْلُهُ: (إضَافِيٌّ) أَيْ بِالنَّظَرِ لِأَهْلِ الْيَمَنِ خَاصَّةً، وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ، يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ مُخَصِّصًا لِلْحَدِيثِ الَّذِي بَعْدَهُ، وَلِهَذَا قَالَ السُّبْكِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: إنْ صَحَّ هَذَا الْحَدِيثُ فَيَحْتَاجُ فِي إثْبَاتِ الزَّكَاةِ فِي الْأَرُزِّ، وَسَائِرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>