(وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) . هَذَا الطَّرِيقُ الثَّانِي تَقْرِيرُ النَّصَّيْنِ وَالْفَرْقُ كَمَالُ تَسْلِيمِ الْحُرَّةِ نَفْسَهَا بِخِلَافِ الْأَمَةِ لِاسْتِخْدَامِ السَّيِّدِ لَهَا
(وَلَوْ انْقَطَعَ خَبَرُ الْعَبْدِ) الْغَائِبِ مَعَ تَوَاصُلِ الرِّفَاقِ (فَالْمَذْهَبُ وُجُوبُ إخْرَاجِ فِطْرَتِهِ فِي الْحَالِ. وَقِيلَ: إذَا عَادَ. وَفِي قَوْلٍ لَا شَيْءَ) وَجْهُ وُجُوبِهَا أَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ حَيًّا وَوَجْهُ مُقَابِلِهِ أَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ مِنْهَا. وَعَلَى الْأَوَّلِ الَّذِي قَطَعَ بِهِ بَعْضُهُمْ الْخِلَافَ فِي وُجُوبِ إخْرَاجِهَا فِي الْحَالِ. وَالثَّانِي مِنْهُ قَاسَهَا عَلَى زَكَاةِ الْمَالِ الْغَائِبِ وَالْأَوَّلُ قَالَ الْمُهْلَةُ شُرِعَتْ فِيهِ لِمَعْنَى النَّمَاءِ وَهُوَ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ هُنَا (وَالْأَصَحُّ أَنَّ مَنْ أَيْسَرَ بِبَعْضِ صَاعٍ) وَهُوَ فِطْرَةُ الْوَاحِدِ (يَلْزَمُهُ) أَيْ إخْرَاجُهُ مُحَافَظَةً عَلَى الْوَاجِبِ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ. وَالثَّانِي يَقُولُ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْوَاجِبِ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ لَوْ وَجَدَ بَعْضَ الصِّيعَانِ قَدَّمَ نَفْسَهُ ثُمَّ زَوْجَتَهُ ثُمَّ وَلَدَهُ الصَّغِيرَ ثُمَّ الْأَبَ ثُمَّ الْأُمَّ ثُمَّ) وَلَدَهُ (الْكَبِيرَ) فَإِذَا وَجَدَ صَاعًا أَخْرَجَهُ عَنْ نَفْسِهِ. وَقِيلَ: عَنْ زَوْجَتِهِ وَوُجِّهَ بِأَنَّ
ــ
[حاشية قليوبي]
بَعْدُ. وَكَذَا كُلُّ مَنْ أَدَّى عَنْ غَيْرِهِ بِإِذْنِهِ وَلَمْ يَشْتَرِطْ رُجُوعًا أَوْ أَدَّى عَنْ نَفْسِهِ مَعَ كَوْنِهَا عَلَى غَيْرِهِ وَيَعْمَلُ كُلٌّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ فَاعْتِقَادُهُ لَوْ اخْتَلَفَا فِيهِ، وَالْكَلَامُ فِي حُرَّةٍ مُوسِرَةٍ وَإِلَّا فَلَا فِطْرَةَ عَلَيْهَا قَطْعًا وَفِي غَيْرِ النَّاشِزَةِ وَإِلَّا فَالْفِطْرَةُ عَلَيْهَا إنْ كَانَتْ مُوسِرَةً قَطْعًا. قَوْلُهُ: (لِاسْتِخْدَامِ السَّيِّدِ) أَيْ لِتَمَكُّنِ السَّيِّدِ مِنْ الِاسْتِخْدَامِ إذْ الْخِلَافُ فِي الْمُسْلِمَةِ لِزَوْجِهَا لَيْلًا وَنَهَارًا، نَعَمْ إنْ كَانَ زَوْجُهَا فِي هَذِهِ حُرًّا مُوسِرًا لَزِمَهُ فِطْرَتُهَا. كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ وَشَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَهُوَ مِنْ الْقَاعِدَةِ لَكِنَّ الْعِلَّةَ الْمَذْكُورَةَ تَخَالُفُهُمَا.
أَمَّا غَيْرُ الْمُسْلِمَةِ فَفِطْرَتُهَا عَلَى السَّيِّدِ قَطْعًا وَلَوْ مَعَ حُرٍّ مُوسِرٍ.
قَوْلُهُ: (مَعَ تَوَاصُلِ الرِّفَاقِ) قَيْدٌ لِمَحَلِّ الْخِلَافِ وَإِلَّا فَلَا تَسْقُطُ فِطْرَتُهُ جَزْمًا، وَخَرَجَ فَالْعَبْدُ نَحْوُ قَرِيبٍ غَائِبٍ فَلَا فِطْرَةَ عَنْهُ. قَوْلُهُ: (وُجُوبُ إخْرَاجِ فِطْرَتِهِ) أَيْ الْعَبْدِ الْغَائِبِ مَا لَمْ تَمْضِ مُدَّةٌ بِحُكْمٍ فِيهَا بِمَوْتِهِ وَإِلَّا لَمْ تَجِبْ. كَذَا قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ وَتَبِعَهُ شَيْخُنَا فِي شَرْحِهِ وَالْمَنْقُولُ عَنْهُ فِي غَيْرِهِ وَمَشَى عَلَيْهِ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ وَهُوَ الْمُتَّجَهُ بَقَاءُ الْوُجُوبِ حَتَّى يَقَعَ الْحُكْمُ بِمَوْتِهِ مِنْ قَاضٍ اجْتِهَادًا أَوْ بِبَيِّنَةٍ وَحَيْثُ وَجَبَتْ لَزِمَ السَّيِّدَ قُوتٌ آخَرُ مَحَلَّ عِلْمِ وُصُولِهِ إلَيْهِ وَدَفَعَهَا لِأَهْلِهِ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَلِلسَّيِّدِ دَفْعُهَا بِنَفْسِهِ مِنْ أَيِّ قُوتٍ لِلضَّرُورَةِ قَالَهُ شَيْخُنَا، وَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنْ دَفَعَهَا لِلْحَاكِمِ مِنْ أَعْلَى الْأَقْوَاتِ بَرِئَ قَطْعًا، وَقَيَّدَ ابْنُ حَجَرٍ الْحَاكِمُ بِمَنْ لَهُ وِلَايَةٌ عَلَى مَحَلِّ الْعَبْدِ قَاضِيًا أَوْ إمَامًا. قَوْلُهُ: (لِمَعْنَى النَّمَاءِ) أَيْ إنَّ الزَّكَاةَ شُرِعَتْ فِي الْمَالِ لِأَجْلِ النَّمَاءِ فِيهِ وَأُخِّرَتْ فِي الْغَائِبِ لِاحْتِمَالِ فَوْتِ النَّمَاءِ بِتَلَفِهِ. وَوُجُوبُ زَكَاةِ الْعَبْدِ لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ ذَلِكَ فَلَا مَعْنَى لِتَأْخِيرِهَا فَتَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي مِنْهُ) أَيْ الْخِلَافِ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ فِطْرَةُ الْوَاحِدِ) بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَقَدَّمَهُ لِصِحَّةِ الْحُكْمِ بَعْدَهُ وَقِيلَ بِالْجِيمِ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ زَوْجَتَهُ ثُمَّ وَلَدَهُ الصَّغِيرَ ثُمَّ الْأُمَّ ثُمَّ الْوَلَدَ الْكَبِيرَ) نَعَمْ قَدْ أَعْقَبَ شَيْخُنَا الزَّوْجَةَ بِخَادِمِهَا بِالنَّفَقَةِ وَلَوْ حُرًّا أَوْ مَمْلُوكًا لِلزَّوْجَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ مَعَ مَا مَرَّ أَنَّ الْمُسْتَأْجَرَ بِالنَّفَقَةِ لَا تَجِبُ فِطْرَتُهُ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِوُجُوبِ الْإِخْدَامِ هُنَا وَفِيهِ بَحْثٌ أَوْ هُوَ مُسْتَثْنًى، ثُمَّ بَعْدَ الْخَادِمِ الْمَذْكُورِ الرَّقِيقُ الْمَمْلُوكُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْوَلَدِ الصَّغِيرِ، وَيُقَدَّمُ مِنْهُ أُمُّ الْوَلَدِ ثُمَّ الْمُدَبَّرُ ثُمَّ الْمُعَلَّقُ عِتْقُهُ ثُمَّ غَيْرُهُ، وَأَخَّرَ ابْنُ حَجَرٍ وَغَيْرُهُ كَالْمَنْهَجِ الْمَمْلُوكَ عَنْ الْوَلَدِ الْكَبِيرِ وَفِي بَعْضِ نُسَخِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ مَا يُوَافِقُهُ وَالْمَنْقُولُ عَنْهُ مَا مَرَّ، وَهُوَ الْوَجْهُ لِأَنَّ نَفْسَهُ أَلْزَمُ، نَعَمْ لَوْ كَانَ خَادِمُ الزَّوْجَةِ حُرَّةً مُزَوَّجَةً بِزَوْجٍ مُوسِرٍ فَفِطْرَتُهَا عَلَى زَوْجِهَا. قَوْلُهُ: (ثُمَّ وَلَدَهُ الْكَبِيرَ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ سَفِيهًا أَوْ مَجْنُونًا. قَوْلُهُ: (عَنْ نَفْسِهِ) أَيْ وُجُوبًا. وَكَذَا مَا بَعْدَهُ لِأَنَّ التَّرْتِيبَ فِي غَيْرِ الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ وَاجِبٌ وَفِيهِ مَنْدُوبٌ قَالَهُ
[حاشية عميرة]
فِي مَحَلِّهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا قُلْنَا تَجِبُ عَلَى الْمُؤَدِّي، فَإِنَّهُ لَا حَقَّ عَلَيْهِمَا. قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ الْأَمَةِ) أَيْ فَلَا تَتَحَوَّلُ الْفِطْرَةُ عَنْ السَّيِّدِ، وَإِنَّمَا الزَّوْجُ كَالضَّامِنِ فَإِذَا لَمْ يَقْدِرْ بَقِيَ الْوُجُوبُ عَلَى السَّيِّدِ.
قَوْلُهُ: (مَعَ تَوَاصُلِ الرِّفَاقِ) يَعْنِي انْقَطَعَ خَبَرُهُ مَعَ تَوَاصُلِ مَجِيءِ الرِّفَاقِ مِنْ تِلْكَ النَّاحِيَةِ، وَلَمْ يَتَحَدَّثُوا بِخَبَرِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا انْقَطَعَ خَبَرُهُ مَعَ عَدَمِ تَوَاصُلِ الرِّفَاقِ، فَإِنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ تَجِبَ الزَّكَاةُ قَوْلًا وَاحِدًا إلَّا أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ سَبَبُ انْقِطَاعِ الْخَبَرِ عَدَمَ تَوَاصُلِ الرِّفَاقِ هَذَا مُرَادُهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَلْيُتَأَمَّلْ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَفِي قَوْلٍ لَا شَيْءَ) هُوَ مُخَرَّجٌ مِنْ نَصِّهِ عَلَى عَدَمِ إجْزَائِهِ فِي الْكَفَّارَةِ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَالْأَحْسَنُ أَنْ يَقُولَ وَقِيلَ قَوْلَانِ ثَانِيهِمَا لَا شَيْءَ. قَوْلُهُ: (وَوَجْهُ مُقَابِلِهِ) الضَّمِيرُ فِيهِ يَرْجِعُ لِقَوْلِ الْمَتْنِ وَفِي قَوْلٍ لَا شَيْءَ قَوْلُهُ: (الْخِلَافُ فِي وُجُوبِ إخْرَاجُهَا فِي الْحَالِ) عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ وَإِذَا أَوْجَبْنَا الْفِطْرَةَ، فَالْمَذْهَبُ وُجُوبُ الْإِخْرَاجِ فِي الْحَالِ، وَنَصَّ فِي الْإِمْلَاءِ عَلَى قَوْلَيْنِ وَصَرَّحَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ بِطَرِيقَيْنِ، وَرَجَّحَ الْجَزْمَ فَصَاحِبُ الْمِنْهَاجِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَرَادَ بِالْمَذْهَبِ هُنَا، بِالنَّظَرِ لِوُجُوبِ الْإِخْرَاجِ أَحَدَ الْقَوْلَيْنِ مِنْ الطَّرِيقِ الْحَاكِيَةِ لِلْخِلَافِ فِيهِ، وَبِالنَّظَرِ لِوَقْتِ الْإِخْرَاجِ طَرِيقَ الْقَطْعِ، وَقَوْلُهُ: وَقِيلَ إذَا عَادَ هُوَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ مِنْ الْحَاكِيَةِ، لِقَوْلَيْ الْإِمْلَاءِ فَلَوْ قَالَ: وَقِيلَ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا إذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute