للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيُجْزِئُهُ الْإِخْرَاجُ فِي حَالِ الرِّدَّةِ فِي هَذِهِ وَفِي الْأُولَى عَلَى قَوْلِ اللُّزُومِ فِيهَا نَظَرًا إلَى جِهَةِ الْمَالِ، وَفِيهِ احْتِمَالٌ لِصَاحِبِ التَّقْرِيبِ نَظَرًا إلَى أَنَّ الزَّكَاةَ قُرْبَةٌ مُفْتَقِرَةٌ إلَى النِّيَّةِ (دُونَ الْمُكَاتَبِ) فَلَا تَلْزَمُهُ لِضَعْفِ مِلْكِهِ إذْ لَا يَرِثُ وَلَا يُورَثُ، وَلَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ قَرِيبُهُ وَبِتَعْجِيزِهِ نَفْسَهُ يَصِيرُ مَا فِي يَدِهِ لِسَيِّدِهِ (وَتَجِبُ فِي مَالِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ) وَيُخْرِجُهَا مِنْهُ وَلِيُّهُمَا لِشُمُولِ حَدِيثِ الصَّدَقَةِ السَّابِقِ لِمَا لَهُمَا، وَلَا تَجِبُ فِي الْمَالِ الْمَنْسُوبِ إلَى الْجَنِينِ إذْ لَا وُثُوقَ بِوُجُودِهِ وَحَيَاتِهِ.

وَقِيلَ: تَجِبُ فِيهِ إذَا انْفَصَلَ حَيًّا (وَكَذَا مَنْ مَلَكَ بِبَعْضِهِ الْحُرِّ نِصَابًا) تَجِبُ زَكَاتُهُ عَلَيْهِ (فِي الْأَصْلِ) لِتَمَامِ مِلْكِهِ لَهُ. وَالثَّانِي لَا تَجِبُ عَلَيْهِ لِنَقْصِهِ بِالرِّقِّ (وَ) تَجِبُ (فِي الْمَغْصُوبِ وَالضَّالِّ وَالْمَجْحُودِ) كَأَنْ أَوْدَعَ فَجُحِدَ أَيْ تَجِبُ فِي كُلٍّ مِمَّا ذُكِرَ (فِي الْأَظْهَرِ) مَاشِيَةً كَانَ أَوْ غَيْرَهَا. (وَلَا يَجِبُ دَفْعُهَا حَتَّى يَعُودَ) فَيُخْرِجُهَا عَنْ الْأَحْوَالِ الْمَاضِيَةِ، وَلَوْ تَلِفَ قَبْلَ التَّمَكُّنِ سَقَطَتْ. وَالثَّانِي وَحُكِيَ قَدِيمًا أَنَّهَا لَا تَجِبُ فِي الْمَذْكُورَاتِ لِتَعَطُّلِ نَمَائِهَا وَفَائِدَتِهَا عَلَى مَالِكِهَا بِخُرُوجِهَا مِنْ يَدِهِ وَامْتِنَاعِ

ــ

[حاشية قليوبي]

قَوْلِ اللُّزُومِ) وَكَذَا عَلَى الْأَظْهَرِ وَيُمْكِنُ شُمُولُ كَلَامِهِ لَهُ وَإِذَا مَاتَ مُرْتَدًّا بَعْدَ الْإِخْرَاجِ رَجَعَ الْإِمَامُ عَلَى الْآخِذِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَوْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْفَيْءِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (إلَى النِّيَّةِ) تَقَدَّمَ فِي الْفِطْرَةِ أَنَّهُ يَنْوِي لِلتَّمْيِيزِ. قَوْلُهُ: (دُونَ الْمُكَاتَبِ) سَوَاءٌ الْكِتَابَةُ الْفَاسِدَةُ وَالصَّحِيحَةُ.

قَوْلُهُ: (لِسَيِّدِهِ) وَلَا زَكَاةَ عَلَى سَيِّدِهِ فِيهِ وَلَا فِي دَيْنٍ كَانَ لِسَيِّدِهِ عَلَيْهِ وَإِنْ مَضَتْ أَحْوَالٌ. قَوْلُهُ: (وَتَجِبُ فِي مَالِ الصَّبِيِّ إلَخْ) نَظَمَ الْفَخْرُ الرَّازِيّ فِي ذَلِكَ فَقَالَ:

طَلَبَتْ مِنْ الْمَلِيحِ زَكَاةَ حُسْنٍ ... عَلَى صِغَرٍ مِنْ السِّنِّ الْبَهِيِّ

فَقَالَ وَهَلْ عَلَى مِثْلِي زَكَاةٌ ... عَلَى رَأْيِ الْعِرَاقِيِّ الْكَمِّيِّ

فَقُلْت الشَّافِعِيُّ لَنَا إمَامٌ ... وَقَدْ فَرَضَ الزَّكَاةَ عَلَى الصَّبِيِّ

فَقَالَ اذْهَبْ إذًا وَاقْبِضْ زَكَاتِي ... بِقَوْلِ الشَّافِعِيِّ مِنْ الْوَلِيِّ

وَتَمَّمَهُ التَّقِيُّ السُّبْكِيُّ فَقَالَ:

فَقُلْت لَهُ فَدَيْتُك مِنْ فَقِيهٍ ... أَيُطْلَبُ بِالْوَفَاءِ سِوَى الْمَلِيِّ

نِصَابُ الْحُسْنِ عِنْدَك ذُو امْتِنَاعٍ ... بِخَدِّك وَالْقِوَامُ السَّمْهَرِيِّ

فَإِنْ أَعْطَيْتنَا طَوْعًا وَإِلَّا ... أَخَذْنَاهَا بِقَوْلِ الشَّافِعِيِّ

قَوْلُهُ: (أَيْضًا وَتَجِبُ فِي مَالِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ) وَمِثْلُهُمَا السَّفِيهُ وَكَلَامُهُ يَقْتَضِي أَنَّهَا لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِمَا وَهُوَ أَحَدُ وَجْهَيْنِ فِي الْكِفَايَةِ، وَعَلَّلَ بِأَنَّهُمَا غَيْرُ مُكَلَّفَيْنِ.

وَقَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: إنَّ مِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ تَجِبُ فِي مَالِهِمْ لَا عَلَيْهِمْ. وَلَيْسَ كَمَا قَالَ فَإِنَّ مَعْنَى وُجُوبِهَا عَلَيْهِمْ ثُبُوتُهَا فِي ذِمَّتِهِمْ. كَمَا يُقَالُ عَلَيْهِمْ: ضَمَانُ مَا أَتْلَفُوهُ وَهَذَا مِنْ خِطَابِ الْإِلْزَامِ لَا مِنْ خِطَابِ الْمُوَاجَهَةِ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ.

قَوْلُهُ: (وَيُخْرِجُهَا مِنْهُ وَلِيُّهُمَا) أَيْ الشَّافِعِيُّ وَإِنْ كَانَا حَنَفِيَّيْنِ وَالْأَحْوَطُ لَهُ فِي هَذِهِ الرَّفْعُ إلَى الْحَاكِمِ لِيُلْزِمَهُ بِالْإِخْرَاجِ لِئَلَّا يَرْفَعَاهُ إلَى حَنَفِيٍّ فَيُغَرِّمَهُ فَإِنْ كَانَ حَنَفِيًّا وَهُمَا شَافِعِيَّانِ أَخَّرَهَا وَأَخْبَرَهُمَا بَعْدُ كَمَا لَهُمَا بِهَا، وَلَهُ رَفْعُ الْأَمْرِ إلَى حَاكِمٍ يُلْزِمُهُ بِالْإِخْرَاجِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (وَلَا تَجِبُ إلَخْ) أَيْ لَا عَلَى الْجَنِينِ وَلَا عَلَى وَرَثَتِهِ وَإِنْ انْفَصَلَ مَيِّتًا، وَلَوْ تَبَيَّنَ أَنْ لَا حَمْلَ أَصْلًا فَمُقْتَضَى قَوْلِهِمْ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ مَالِ الْجَنِينِ وَالْبَائِعِ إذَا فُسِخَ الْعَقْدُ بِأَنَّ الْبَائِعَ كَانَ لَهُ مِلْكٌ فَاسْتَصْحَبَ عَدَمَ الْوُجُوبِ هُنَا لِعَدَمِ ذَلِكَ فِي الْوَرَثَةِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَالضَّالِّ) وَكَذَا مَا وَقَعَ فِي بَحْرٍ أَوْ نَسِيَ مَحَلَّهُ. قَوْلُهُ: (مَاشِيَةً) وَيُتَصَوَّرُ فِيهَا بِأَنْ تَضِلَّ أَوْ تُغْصَبَ بَعْدَ حَوْلِهَا سَائِمَةً وَقَبْلَ التَّمَكُّنِ. قَوْلُهُ: (عَنْ الْأَحْوَالِ الْمَاضِيَةِ) أَيْ إنْ لَنْ يَنْقُصْ النِّصَابُ بِالْوَاجِبِ وَإِلَّا فَلَا تَجِبُ فِي الْأَحْوَالِ الَّتِي بَعْدَ

ــ

[حاشية عميرة]

خَرَجَ زَكَاةُ الْفِطْرِ، فَإِنَّهَا تَجِبُ عَلَى الْكَافِرِ فِي قَرِيبِهِ الْمُسْلِمِ وَنَحْوِهِ. قَوْلُهُ: (لِضَعْفِ مِلْكِهِ) أَيْ فَلَا يُحْتَمَلُ الْمُوَاسَاةُ بِدَلِيلِ عَدَمِ وُجُوبِ نَفَقَةِ الْقَرِيبِ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (يَصِيرُ مَا فِي يَدِهِ لِسَيِّدِهِ) أَيْ فَيُبْتَدَأُ حَوْلُهُ مِنْ حِينَئِذٍ. قَوْلُهُ: (إذَا انْفَصَلَ حَيًّا) وَلَوْ انْفَصَلَ مَيِّتًا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: فَالْمُتَّجَهُ عَدَمُ الْوُجُوبِ عَلَى الْوَرَثَةِ لِضَعْفِ مِلْكِهِمْ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا يَجِبُ دَفْعُهَا حَتَّى يَعُودَ) وَذَلِكَ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَمَكِّنٍ مِنْهُ وَالتَّكْلِيفُ مِنْ غَيْرِهِ لَا يُتَّجَهُ لِأَنَّ الْمَالَ قَدْ يَتْلَفُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>