للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى طَرِيقِ الْقَطْعِ الْمَقِيسِ عَلَى الْمَالِ الْغَائِبِ الَّذِي يَسْهُلُ إحْضَارُهُ. وَوَجْهُ طَرِيقِ الْخِلَافِ بِأَنَّهُ لَا يُتَوَصَّلُ إلَى التَّصَرُّفِ فِيهِ قَبْلَ الْحُلُولِ. وَقِيلَ: لَا تَجِبُ فِيهِ قَطْعًا لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا قَبْلَ الْحُلُولِ

(وَلَا يَمْنَعُ الدَّيْنُ وُجُوبَهَا فِي أَظْهَرْ الْأَقْوَالِ) لِإِطْلَاقِ النُّصُوصِ الْوَارِدَةِ فِيهَا. وَالثَّانِي يَمْنَعُ كَمَا يَمْنَعُ وُجُوبَ الْحَجِّ. (وَالثَّالِثُ يَمْنَعُ فِي الْمَالِ الْبَاطِنِ وَهُوَ النَّقْدُ وَالْعَرْضُ) وَالرِّكَازُ وَزَكَاةُ الْفِطْرِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْفَصْلِ: وَلَا يَمْنَعُ فِي الظَّاهِرِ وَهُوَ الْمَاشِيَةُ وَالزَّرْعُ وَالثَّمَرُ وَالْمَعْدِنُ وَالْفَرْقُ أَنَّ الظَّاهِرَ يَنْمُو بِنَفْسِهِ وَالْبَاطِنُ إنَّمَا يَنْمُو بِالتَّصَرُّفِ فِيهِ وَالدَّيْنُ يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ وَيُحْوِجُ إلَى صَرْفِهِ فِي قَضَائِهِ، وَسَوَاءٌ كَانَ الدَّيْنُ حَالًّا أَمْ مُؤَجَّلًا مِنْ جِنْسِ الْمَالِ أَمْ لَا (فَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ حُجِرَ عَلَيْهِ لِدَيْنٍ فَحَالَ الْحَوْلُ فِي الْحَجْرِ فَكَمَغْصُوبٍ) لِأَنَّ الْحَجْرَ مَانِعٌ مِنْ التَّصَرُّفِ، وَلَوْ عَيَّنَ الْحَاكِمُ لِكُلٍّ مِنْ غُرَمَائِهِ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ وَمَكَّنَهُمْ مِنْ أَخْذِهِ فَحَالَ الْحَوْلُ قَبْلَ أَخْذِهِ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ قَطْعًا لِضَعْفِ مِلْكِهِ.

وَقِيلَ: فِيهَا خِلَافُ الْمَغْصُوبِ (وَ) الْأَوَّلُ أَيْضًا (لَوْ اجْتَمَعَ زَكَاةٌ وَدَيْنُ آدَمِيٍّ فِي تَرِكَةٍ) بِأَنْ مَاتَ قَبْلَ أَدَاءِ الزَّكَاةِ (قُدِّمَتْ) تَقْدِيمًا لِدَيْنِ اللَّهِ وَفِي حَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ «فَدَيْنُ اللَّهِ أَحَقُّ بِالْقَضَاءِ» (وَفِي قَوْلٍ) يُقَدَّمُ (الدَّيْنُ) لِافْتِقَارِ الْآدَمِيِّ وَاحْتِيَاجِهِ (وَفِي قَوْلٍ يَسْتَوِيَانِ) فَيُوَزَّعُ الْمَالُ عَلَيْهِمَا لِأَنَّ الزَّكَاةَ تَعُودُ فَائِدَتُهَا إلَى الْآدَمِيِّينَ أَيْضًا (وَالْغَنِيمَةُ قَبْلَ الْقِسْمَةِ إنْ اخْتَارَ الْغَانِمُونَ تَمَلُّكَهَا وَمَضَى بَعْدَهُ حَوْلٌ وَالْجَمِيعُ صِنْفٌ زَكَوِيٌّ وَبَلَغَ نَصِيبُ كُلِّ شَخْصٍ نِصَابًا أَوْ بَلَغَهُ الْمَجْمُوعُ فِي مَوْضِعِ ثُبُوتِ الْخُلْطَةِ) مَاشِيَةً كَانَتْ أَوْ غَيْرَهَا (وَجَبَتْ زَكَاتُهَا وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَخْتَارُوا تَمَلُّكَهَا (فَلَا) زَكَاةَ عَلَيْهِمْ فِيهَا لِأَنَّهَا غَيْرُ مَمْلُوكَةٍ لَهُمْ أَوْ مَمْلُوكَةٌ مِلْكًا فِي نِهَايَةٍ مِنْ الضَّعْفِ يَسْقُطُ بِالْأَعْرَاضِ.

ــ

[حاشية قليوبي]

كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا قَوْلُهُ: (أَوْ مُؤَجَّلًا) وَمِثْلُهُ مَا نَذَرَ عَدَمَ الْمُطَالَبَةَ بِهِ أَوْ الْمُوصَى بِهِ، قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. قَوْلُهُ: (فِي الْأَظْهَرِ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ، وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ تَقَدَّمَ أَنَّهُ قَدِيمٌ، وَمَا هُنَا مُفَرَّعٌ عَلَى الْجَدِيدِ فَإِجْرَاءُ الْقَدِيمِ فِيهِ غَيْرُ صَحِيحٍ كَمَا فَعَلَ الرَّافِعِيُّ انْتَهَى. وَقَدْ يُدْفَعُ بِأَنَّ مُقَابِلَ الْأَظْهَرِ مُوَافِقٌ لِلْقَدِيمِ لَا أَنَّهُ هُوَ أَوْ مِنْهُ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (قَبْلَ قَبْضِهِ) الْمُرَادُ قَبْلَ حُلُولِهِ كَمَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ إنَّهُ الصَّوَابُ. لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي دَيْنٍ عَلَى مُوسِرٍ مُقِرٍّ مَلِيءٍ بَاذِلٍ. وَكَلَامُ الشَّارِحِ صَرِيحٌ فِيهِ أَيْضًا وَلَعَلَّ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى طَرِيقِ الْقَطْعِ لِأَنَّ الْأَظْهَرَ الْمُوَافِقَ لَهَا لَا يَقُولُ بِهِ، وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ مَقْطُوعٌ بِهِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ أَيْضًا.

قَوْلُهُ: (وَهُوَ النَّقْدُ وَالْعَرْضُ) اقْتَصَرَ عَلَيْهِمَا لِشُمُولِ النَّقْدِ لِلرِّكَازِ وَالْعَرْضِ لِزَكَاةِ الْفِطْرِ. قَوْلُهُ: (وَسَوَاءٌ كَانَ الدَّيْنُ إلَخْ) وَسَوَاءٌ دَيْنُ الضَّمَانِ وَغَيْرِهِ، وَدَيْنُ اللَّهِ كَزَكَاةٍ وَكَفَّارَةٍ وَغَيْرِهِ وَمَا اسْتَغْرَقَ النِّصَابَ وَغَيْرَهُ. قَوْلُهُ: (فَكَمَغْصُوبٍ) فَيَجِبُ الْإِخْرَاجُ بَعْدَ فَكِّ الْحَجْرِ لَا قَبْلَهُ وَفَارَقَ وُجُوبَ زَكَاةِ الْمَرْهُونِ حَالًا بِأَنَّهُ يُبَاعُ مِنْهُ جُزْءٌ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَا يَخْرُجُ مِنْهُ غَيْرُهُ قَهْرًا عَلَى الْمُرْتَهِنِ وَلَا خِيَارَ لَهُ فِي ذَلِكَ، وَبِأَنَّ الرَّاهِنَ حَجَرَ عَلَى نَفْسِهِ بِلَا حَاكِمٍ.

قَوْلُهُ: (شَيْئًا مِنْ مَالِهِ) أَيْ مِنْ جِنْسِ دَيْنِهِمْ فَقَطْ وَسَوَاءٌ أَخَذَهُ الْغُرَمَاءُ أَمْ لَا فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ لَوْ تَرَكُوهُ لَهُ، وَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِمْ لَوْ أَخَذُوهُ أَيْضًا لِضَعْفِ مِلْكِهِمْ. قَوْلُهُ: (قُدِّمَتْ) أَيْ الزَّكَاةُ وَلَوْ عَنْ الْفِطْرَةِ عَلَى الدَّيْنِ، وَإِنْ تَعَلَّقَ بِالْعَيْنِ وَكَالزَّكَاةِ كُلُّ حَقٍّ لِلَّهِ تَعَالَى كَالنَّذْرِ وَالْكَفَّارَةِ، وَجَزَاءِ الصَّيْدِ وَالْحَجِّ إلَّا الْجِزْيَةُ فَكَدَيْنِ الْآدَمِيِّ تَغْلِيبًا لِجَانِبِ أَنَّهَا أُجْرَةٌ، وَفِي اجْتِمَاعِ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى يُقَدَّمُ مَا تَعَلَّقَ بِالْعَيْنِ، ثُمَّ مَا تَعَلَّقَ بِالذِّمَّةِ وَخَرَجَ بِالتَّرِكَةِ الْحَيُّ فَيُقَدَّمُ فِيهِ دَيْنُ

ــ

[حاشية عميرة]

قَوْلُهُ: (عَلَى الْأَظْهَرِ) هِيَ الطَّرِيقَةُ الْحَاكِيَةُ لِلْخِلَافِ، وَقَوْلُهُ وَقِيلَ قَطْعًا هِيَ الطَّرِيقَةُ الْقَاطِعَةُ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَجِبُ حَتَّى يُقْبَضَ) هُوَ عَلَى الطَّرِيقَيْنِ لَكِنَّهُ مُتَطَوِّعٌ بِهِ عَلَى الْأَوْلَى، وَقَوْلُ الْمَتْنِ وَقِيلَ: تَجِبُ مُفَرَّعٌ عَلَى طَرِيقِ الْقَطْعِ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ، ثُمَّ قَوْلُهُ قِيلَ قَبْضُهُ أَوْلَى مِنْهُ قَبْلَ حُلُولِهِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ، وَقَوْلُهُ وَقِيلَ تَجِبُ إلَخْ، إذَا كَانَ الْمَدْيُونُ مَلِيًّا، وَلَا مَانِعَ سِوَى الْأَجَلِ.

وَقَوْلُهُ الْمَقِيسُ عَلَى الْمَالِ الْغَائِبِ رُدَّ بِأَنَّ الْمُؤَجَّلَ لَوْ كَانَ مِائَتَيْنِ مَثَلًا، فَلَا بُدَّ مِنْ إخْرَاجِ الْخَمْسَةِ وَالتَّكْلِيفُ بِهَا إجْحَافٌ لِأَنَّهَا تُسَاوِي أَكْثَرَ مِنْ خَمْسَةٍ مُؤَجَّلَةٍ. قَوْلُهُ: (بِأَنَّهُ لَا يُتَوَصَّلُ إلَخْ) أَيْ فَأُلْحِقَ بِالْمَغْصُوبِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَوْ اجْتَمَعَ زَكَاةٌ) وَلَوْ زَكَاةُ فِطْرٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَدَيْنٌ) فَائِدَةٌ: ظَاهِرُ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ الدَّيْنَ أَنَّ الْحَادِثَ كَغَيْرِهِ فِي جَرَيَانِ الْخِلَافِ، وَهُوَ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (لِافْتِقَارِ الْآدَمِيِّ إلَخْ) أَيْ

<<  <  ج: ص:  >  >>