للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالْمُرْضِعِ) فِي لُزُومِ الْفِدْيَةِ فِي الْأَظْهَرِ مَعَ الْقَضَاءِ.

(مَنْ أَفْطَرَ لِإِنْقَاذِ مُشْرِفٍ عَلَى هَلَاكٍ) بِغَرَقٍ أَوْ غَيْرِهِ لِأَنَّهُ فِطْرٌ ارْتَفَقَ بِهِ شَخْصَانِ كَمَا فِي الْمُرْضِعِ، وَالثَّانِي لَا يَلْحَقُ بِهَا فَلَا تَلْزَمُهُ الْفِدْيَةُ جَزْمًا، لِأَنَّ لُزُومَهَا مَعَ الْقَضَاءِ بَعِيدٌ عَنْ الْقِيَاسِ فَيَقْتَصِرُ عَلَى مَحَلِّ وُرُودِهَا، وَقَوْلُ الرَّافِعِيِّ فِي الْمُحْتَاجِ فِي إنْقَاذِ الْمَذْكُورِ إلَى الْفِطْرِ لَهُ ذَلِكَ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ مُرَادُهُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ أَصْحَابُنَا (لَا الْمُتَعَدِّي بِفِطْرِ رَمَضَانَ بِغَيْرِ جِمَاعٍ) فَإِنَّهُ لَا يَلْحَقُ بِالْمُرْضِعِ فِي لُزُومِ الْفِدْيَةِ مَعَ الْقَضَاءِ فِي الْأَصَحِّ فَلَا تَلْزَمُهُ جَزْمًا، لِأَنَّ فِطْرَهَا ارْتَفَقَ بِهِ شَخْصَانِ مِنْ غَيْرِ تَعَدٍّ بِخِلَافِ فِطْرِهِ، وَالثَّانِي يَلْحَقُ بِهَا فِي اللُّزُومِ مِنْ بَابِ أَوْلَى لِتَعَدِّيهِ.

(وَمَنْ أَخَّرَ قَضَاءَ رَمَضَانَ مَعَ إسْكَانِهِ) بِأَنْ كَانَ مُقِيمًا صَحِيحًا. (حَتَّى دَخَلَ رَمَضَانُ آخَرُ لَزِمَهُ مَعَ الْقَضَاءِ لِكُلِّ يَوْمٍ مُدٌّ) وَأَثِمَ كَمَا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَذَكَرَ فِيهِ أَنَّهُ يَلْزَمُ الْمُدُّ بِمُجَرَّدِ دُخُولِ رَمَضَانَ، رَوَى الدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ

ــ

[حاشية قليوبي]

الْوَلَدُ غَيْرَ آدَمِيٍّ وَلَوْ كَلْبًا أَوْ مِنْ زِنًى جَازَ لَهَا الْفِطْرُ مَعَ الْفِدْيَةِ كَمَا تَقَدَّمَ آنِفًا وَهَذَا فِي الْحُرَّةِ أَمَّا الْأَمَةُ فَتَبْقَى الْفِدْيَةُ فِي ذِمَّتِهَا إلَّا أَنْ تَعْتِقَ، وَلَا يَصُومُ عَنْهَا قَالَهُ شَيْخُ شَيْخِنَا عَمِيرَةُ. وَلِلْمُسْتَأْجِرِ لِلْإِرْضَاعِ الْخِيَارُ إذَا امْتَنَعَتْ عَنْ الْفِطْرِ.

قَوْلُهُ: (مُشْرِفٍ) أَيْ مِنْ حَيَوَانٍ مُحْتَرَمٍ بِخِلَافِ الْمَالِ فَيَجُوزُ الْفِطْرُ وَلَا فِدْيَةَ. وَفِي الْمُتَحَيِّرَةِ وَالْمُسَافِرَةِ مَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (عَلَى هَلَاكٍ) أَيْ تَلَفٍ لِشَيْءٍ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ عُضْوِهِ أَوْ مَنْفَعَةِ ذَلِكَ كَمَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا. قَوْلُهُ: (ارْتَفَقَ بِهِ شَخْصَانِ) هُمَا الْغَرِيقُ وَالْمُفْطِرُ وَارْتِفَاقُ الْمُفْطِرِ تَابِعٌ لِارْتِفَاقِ الْغَرِيقِ كَمَا فِي الْمُرْضِعِ وَتَسْتَقِرُّ فِي ذِمَّةِ الْحَامِلِ أَوْ الْمُرْضِعِ أَوْ الْمُنْقَذِ لِإِعْسَارٍ أَوْ رِقٍّ إلَى الْيَسَارِ بَعْدَ الْعِتْقِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (جَزْمًا) فِيهِ مَعَ مَا قَبْلَهُ تَأَمَّلْ فَانْظُرْهُ. قَوْلُهُ: (لِتَعَدِّيهِ) يُرَدُّ بِمَا قَالَهُ الْأَوَّلُ إنَّهُ لَيْسَ اعْتِبَارُ الْكَفَّارَةِ لِأَجْلِ التَّعَدِّي وَإِنَّمَا هُوَ لِحِكْمَةٍ اسْتَأْثَرَ اللَّهُ بِهَا أَلَا تَرَى أَنَّ الرِّدَّةَ فِيهِ أَفْحَشُ مِنْ الْجِمَاعِ وَلَا كَفَّارَةَ فِيهَا.

قَوْلُهُ: (وَمَنْ أَخَّرَ) أَيْ مِنْ الْأَحْرَارِ أَمَّا الرَّقِيقُ فَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ، وَإِنْ عَتَقَ إلَّا إنْ أَخَّرَ بَعْدَ عِتْقِهِ. كَذَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا وَهُوَ مُقْتَضَى اعْتِبَارِ الْيَسَارِ فِي جَمِيعِ السَّنَةِ فَرَاجِعْهُ مَعَ مَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (رَمَضَانَ) أَيْ لَا غَيْرِهِ وَلَوْ وَاجِبًا وَإِنْ أَثِمَ. قَوْلُهُ: (مُقِيمًا صَحِيحًا) أَيْ زَمَنًا يَسَعُ قَضَاءَ مَا عَلَيْهِ فَإِنْ وَسِعَ بَعْضَهُ لَزِمَهُ بِقَدْرِ ذَلِكَ الْبَعْضِ لَا مَا زَادَ

قَوْلُهُ: (لَزِمَهُ إلَخْ) نَعَمْ إنْ كَانَ فِطْرُهُ مُوجِبًا لِلْكَفَّارَةِ الْعُظْمَى كَالْجِمَاعِ لَمْ يَلْزَمْهُ فِدْيَةٌ بِالتَّأْخِيرِ قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ تَبَعًا لِوَالِدِهِ وَاعْتَمَدَهُ، وَخَالَفَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ نَظَرًا إلَى اخْتِلَافِ الْمُوجِبِ مَعَ أَنَّ التَّأْخِيرَ طَارِئٌ بَعْدَ لُزُومِ الْكَفَّارَةِ وَهُوَ الْوَجْهُ فَحَرِّرْهُ. قَوْلُهُ: (وَأَثِمَ) صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ أَخَّرَهُ عَامِدًا عَالِمًا فَلَا فِدْيَةَ عَلَى نَاسٍ أَوْ جَاهِلٍ وَلَوْ لِمَا فَاتَ بِغَيْرِ عُذْرٍ خِلَافًا لِلْخَطِيبِ وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهِ مُوسِرًا أَيْضًا. قَالَ الْخَطِيبُ وَغَيْرُهُ: بِمَا فِي الْفِطْرَةِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الْمُعْتَبَرُ يَسَارُهُ بِذَلِكَ زِيَادَةً عَلَى كِفَايَةِ مَمُونِهِ الْعُمْرَ الْغَالِبَ لِأَنَّهُ كَفَّارَةٌ، وَهَلْ الْمُعْتَبَرُ يَسَارُهُ بِذَلِكَ فِي يَوْمٍ مِنْ السَّنَةِ أَوْ فِي جَمِيعِهَا كَمَا مَرَّ أَوْ فِي قَدْرِ مَا عَلَيْهِ وَهَلْ إذَا أَعْسَرَ تَسْقُطُ عَنْهُ أَوْ تَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ حَرِّرْ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (بِمُجَرَّدِ دُخُولِ رَمَضَانَ) وَإِنْ تَأَخَّرَ الْقَضَاءُ عَنْهُ لِكَوْنِهِ لَا يُقْبَلُ غَيْرُهُ وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ الْآتِي تَأْخِيرُ الْفِدْيَةِ عَنْ الْقَضَاءِ وَلَيْسَ مُعْتَبَرًا وَقَضِيَّةُ مَا ذُكِرَ أَنَّهُ لَا تَجِبُ الْفِدْيَةُ قَبْلَ دُخُولِ رَمَضَانَ فَإِنْ أَيِسَ مِنْ الْقَضَاءِ كَمَنْ عَلَيْهِ عَشَرَةُ أَيَّامٍ فَأَخَّرَ حَتَّى بَقِيَ مِنْ شَعْبَانَ خَمْسَةُ أَيَّامٍ مَثَلًا فَلَا يَلْزَمُهُ الْإِخْرَاجُ عَنْ الْخَمْسَةِ الَّتِي تَحَقَّقَ فَوَاتُهَا سَوَاءٌ مَاتَ أَوْ لَا.

وَفِي الرَّوْضَةِ اللُّزُومُ فِي

ــ

[حاشية عميرة]

امْتَنَعَتْ مِنْ الْفِطْر. قَوْلُهُ: (وَتَفْدِي) الْأَمَةُ الْمُرْضِعَةُ إذَا أَفْطَرَتْ تَبْقَى الْفِدْيَةُ فِي ذِمَّتِهَا إلَى أَنْ تَعْتِقَ وَلَا تَصُومُ عَنْ الْفِدْيَةِ

قَوْلُ الْمَتْنِ: (مَنْ أَفْطَرَ لِإِنْقَاذِ مُشْرِفٍ إلَخْ) إنْذَارُ الْأَعْمَى فِي بُطْلَانِ الصَّلَاةِ فِيهِ خِلَافٌ، وَالْأَكْلُ لِلْإِنْقَاذِ يُفْطِرُ بِهِ قَطْعًا فَمَا الْفَرْقُ قِيلَ مُنَافَاةُ الْأَكْلِ لِلصَّوْمِ اهـ. قَوْلُهُ: (فَلَا تَلْزَمُهُ الْفِدْيَةُ جَزْمًا) أَيْ لِأَنَّ الْخِلَافَ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى وَجْهِ الْإِلْحَاقِ. قَوْلُهُ: (فِي الْأَصَحِّ إلَخْ) يُرِيدُ بِهَذَا أَنَّ تَعْبِيرَ الصِّنْفِ بَعِيدٌ لِجَرَيَانِ الطَّرِيقَيْنِ فِي الْمُتَعَدِّي كَالْمُتَعَدِّي بِغَيْرِهِ، وَلَكِنَّ التَّصْحِيحَ مُتَعَاكِسٌ. قَوْلُهُ: (مِنْ غَيْرِ تَعَدٍّ) يُرِيدُ أَنَّ الْكَفَّارَةَ جَابِرَةٌ فَلَا تَلِيقُ بِالْمُتَعَدِّي، وَفَرَّقَ أَيْضًا بِأَنَّ الْفِدْيَةَ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ بِالْإِثْمِ، وَإِنَّمَا هِيَ حِكْمَةٌ اسْتَأْثَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ بِهَا بِدَلِيلِ أَنَّ الرِّدَّةَ فِي الصَّوْمِ أَفْحَشُ مِنْ الْجِمَاعِ وَلَا كَفَّارَةَ فِيهَا هَذَا، وَلَكِنَّ الْكَلَامَ الْأَوَّلَ يُشْكِلُ عَلَيْهِ أَنَّ مَنْ تَعَدَّى بِالْفِطْرِ، وَمَاتَ قَبْلَ التَّمَكُّنِ تَجِبُ عَلَيْهِ الْفِدْيَةُ بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُتَعَدِّي.

قَوْلُهُ: (مُقِيمًا صَحِيحًا) أَيْ فَالْمَرَضُ وَالسَّفَرُ لَا إمْكَانَ مَعَهُمَا كَمَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ، وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْمُؤَخِّرَ يَأْثَمُ أَيْضًا كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ الْفَائِتَةِ بِعُذْرٍ لِأَنَّ الصَّوْمَ يَلْقَاهُ وَقْتٌ لَا يَقْبَلُهُ، وَهُوَ رَمَضَانُ الْآتِي بِخِلَافِ الصَّلَاةِ.

كَذَا قَالُوا وَلَمْ يَنْظُرُوا إلَى لَقْيِ الْعِيدِ الْكَبِيرِ، وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَذَلِكَ يَرُدُّ الْفَرْقَ الْمَذْكُورَ إلَّا أَنْ يَعْتَذِرَ بِطُولِ زَمَنِ رَمَضَانَ، فَرُبَّمَا مَاتَ أَوْ عَرَضَ عَارِضٌ قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِكُلِّ يَوْمٍ مُدُّ) هَذِهِ الْفِدْيَةُ لِلتَّأْخِيرِ وَفِدْيَةُ الْمُرْضِعِ وَنَحْوِهَا لِفَضِيلَةِ الْوَقْتِ وَفِدْيَةُ الْهَرِمِ لِأَصْلِ الصَّوْمِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>