للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَوَّلِ إنْ عَيَّنَ الْعَارِضَ فَقَالَ: لَا أَخْرُجُ إلَّا لِعِيَادَةِ الْمَرْضَى أَوْ لِعِيَادَةِ زَيْدٍ، خَرَجَ لِمَا عَيَّنَهُ دُونَ غَيْرِهِ، وَإِنْ كَانَ أَهَمَّ مِنْهُ. وَإِنْ أَطْلَقَ فَقَالَ: لَا أَخْرُجُ إلَّا لِعَارِضٍ أَوْ شُغْلٍ خَرَجَ لِكُلِّ شُغْلٍ دِينِي كَالْعِيَادَةِ وَالْجَمَاعَةِ أَوْ دُنْيَوِيٍّ مُبَاحٍ كَلِقَاءِ السُّلْطَانِ، وَاقْتِضَاءِ الْغَرِيمِ وَلَيْسَتْ النُّزْهَةُ مِنْ الشَّغْلِ، وَيَلْزَمُهُ الْعَوْدُ بَعْدَ قَضَاءِ الشُّغْلِ. (وَالزَّمَانُ الْمَصْرُوفُ إلَيْهِ) أَيْ الْعَارِضُ (لَا يَجِبُ تَدَارُكُهُ إنْ عَيَّنَ الْمُدَّةَ كَهَذَا الشَّهْرِ) لِأَنَّ النَّذْرَ فِي الْحَقِيقَةِ لِمَا عَدَاهُ. (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ الْمُدَّةَ كَشَهْرٍ، (فَيَجِبُ) تَدَارُكُهُ لِتَتِمَّ الْمُدَّةُ وَتَكُونُ فَائِدَةُ الشَّرْطِ تَنْزِيلَ ذَلِكَ الْعَارِضِ مَنْزِلَةَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ فِي أَنَّ التَّتَابُعَ لَا يَنْقَطِعُ بِهِ.

(وَيَنْقَطِعُ التَّتَابُعُ بِالْخُرُوجِ) مِنْ الْمَسْجِدِ (بِلَا عُذْرٍ) وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي صُوَرٍ. (وَلَا يَضُرُّ إخْرَاجُ بَعْضِ الْأَعْضَاءِ) كَرَأْسِهِ أَوْ يَدِهِ أَوْ إحْدَى رِجْلَيْهِ أَوْ كِلْتَيْهِمَا وَهُوَ قَاعِدٌ مَادٌّ لَهُمَا، فَإِنْ اعْتَمَدَ عَلَيْهِمَا فَهُوَ خَارِجٌ وَإِنْ كَانَ رَأْسُهُ دَاخِلًا. (وَلَا) يَضُرُّ (الْخُرُوجُ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ) وَغُسْلِ الْجَنَابَةِ كَمَا تَقَدَّمَ (وَلَا يَجِبُ فِعْلُهَا فِي غَيْرِ دَارِهِ) كَسِقَايَةِ الْمَسْجِدِ وَدَارِ صَدِيقِهِ الْمُجَاوِرَةِ لَهُ لِلْمَشَقَّةِ فِي الْأَوَّلِ، وَالْمِنَّةِ فِي الثَّانِي. (وَلَا يَضُرُّ بُعْدُهَا) عَنْ الْمَسْجِدِ (إلَّا أَنْ يُفْحِشَ فَيَضُرَّ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ قَدْ يَأْتِيهِ الْبَوْلُ إلَى أَنْ يَرْجِعَ فَيَبْقَى طُولَ يَوْمِهِ فِي الذَّهَابِ وَالرُّجُوعِ، وَاسْتَثْنَى فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا عَلَى هَذَا أَنْ لَا يَجِدَ فِي طَرِيقِهِ مَوْضِعًا لِقَضَاءِ

ــ

[حاشية قليوبي]

أَرْبَعَةٍ كَوْنُهُ مُعَيَّنًا مُبَاحًا مَقْصُودًا غَيْرَ مُنَافٍ لِلِاعْتِكَافِ، فَإِنْ فُقِدَ شَرْطٌ مِنْهَا بَطَلَ النَّذْرُ كَمَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا وَدَخَلَ فِي الْمُعَيَّنِ مَا يَنْصَرِفُ إلَيْهِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ وَخَرَجَ بِهِ مَا لَوْ قَالَ إلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِي عَارِضٌ أَوْ أُرِيدَ الْخُرُوجَ مَثَلًا وَسَتَأْتِي الْبَقِيَّةُ فِي كَلَامِهِ. قَوْلُهُ: (كَالْعِيَادَةِ) الْمَنْدُوبَةِ لِمَرِيضٍ. قَوْلُهُ: (مُبَاحٌ) لَا نَحْوَ سَرِقَةٍ أَوْ زِنًى. قَوْلُهُ: (كَلِقَاءِ سُلْطَانٍ) لَا لِنَحْوِ تَفَرُّجٍ بَلْ لِنَحْوِ سَلَامٍ أَوْ مَنْصِبٍ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُنَافٍ لِلِاعْتِكَافِ وَخَرَجَ بِهِ نَحْوُ جِمَاعٍ نَعَمْ لَا يَضُرُّ نَحْوُ حَيْضٍ غَيْرِ مُبْطِلٍ لِلتَّتَابُعِ. قَوْلُهُ: (وَلَيْسَتْ النُّزْهَةُ إلَخْ) وَكُلٌّ غَيْرُ مَقْصُودٍ كَذَلِكَ.

تَنْبِيهٌ: يَصِحُّ شَرْطُ هَذَا الْعَارِضِ فِي الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَالصَّدَقَةِ وَغَيْرِهَا نَحْوُ لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ كَذَا إلَّا إنْ حَصَلَ شُغْلُ كَذَا أَوْ عَطَشٌ أَوْ جُوعٌ وَمِنْهُ نَذَرَ التَّصَدُّقِ بِمَالِهِ إلَّا إنْ احْتَاجَ إلَيْهِ فِي عُمُرِهِ، وَإِذَا مَاتَ لَزِمَ الْوَارِثَ التَّصَدُّقُ بِجَمِيعِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ.

قَوْلُهُ: (وَيَلْزَمُهُ الْعَوْدُ) إنْ لَمْ يَكُنْ شَرَطَ فِي نَذْرِهِ قَطْعَ الِاعْتِكَافُ بِالْعَارِضِ كَقَوْلِهِ لِلَّهِ عَلَيَّ اعْتِكَافُ كَذَا إلَّا إنْ حَصَلَ لِي كَذَا كَمَرَضٍ أَوْ سَفَرٍ عَلَى نَظِيرِ مَا فِي تَحَلُّلِ الْمُحْصَرِ الْآتِي كَذَا صَوَّرَهُ شَيْخُنَا فَانْظُرْهُ مَعَ التَّصْوِيرِ قَبْلَهُ. قَوْلُهُ: (وَيَكُونُ إلَخْ) وَفَارَقَ نَظِيرَ ذَلِكَ فِي الْمُعَيَّنَةِ بِأَنَّ ضَرُورَةَ التَّعْيِينِ صَرَفَتْ الِاسْتِثْنَاءَ إلَى جُزْءٍ مِنْ الزَّمَانِ الْمُلْتَزَمِ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُلْتَزَمُ نَحْوَ حَيْضٍ لَمْ يَلْزَمْ تَدَارُكُهُ.

قَوْلُهُ: (أَوْ إحْدَى رِجْلَيْهِ) أَيْ وَلَمْ يَعْتَمِدْ عَلَيْهِمَا فَقَطْ وَإِلَّا فَيَضُرُّ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ اعْتَمَدَ عَلَيْهِمَا) أَيْ وَهُمَا خَارِجَتَانِ مَعًا وَإِلَّا فَلَا يَضُرُّ وَهَذَا التَّفْصِيلُ يَجْرِي فِي كُلِّ جُزْءٍ أَخْرَجَهُ مِنْ بَدَنِهِ. قَوْلُهُ: (لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ) أَيْ الْمَعْهُودَةِ هُنَا وَهِيَ الْبَوْلُ وَالْغَائِطُ قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: وَكَذَا الرِّيحُ. قَوْلُهُ: (لِلْمَشَقَّةِ فِي الْأَوَّلِ) بِعُسْرِهِ أَوْ الِاحْتِشَامِ مِنْهُ. وَكَذَا كُلُّ مَا فِيهِ مِنَّةٌ عَلَيْهِ كَدَارِ صَدِيقِهِ، وَلَوْ لَمْ يَحْتَشِمْ مِنْ سِقَايَةِ الْمَسْجِدِ لَمْ يَكُنْ مَعْذُورًا. قَوْلُهُ: (يَفْحُشَ) ضَبَطَهُ الْبَغَوِيّ بِمَا يَذْهَبُ فِيهِ أَكْثَرُ الْوَقْتِ الْمَنْذُورِ انْتَهَى، وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ

ــ

[حاشية عميرة]

الْخُرُوجُ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ شُرِطَ قَطْعُ الِاعْتِكَافِ لِلْعَارِضِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ، وَلَكِنْ لَا يَجِبُ الْعَوْدُ. وَقَوْلُهُ لِعَارِضٍ خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ قَالَ: إلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِي، فَإِنَّهُ شَرْطٌ بَاطِلٌ لِمُنَافَاتِهِ الِالْتِزَامَ كَذَا فِي الْإِسْنَوِيِّ، وَقَضِيَّةُ تَعْلِيلِهِ بُطْلَانُ الِالْتِزَامِ فِي الْأَخِيرَةِ. قَوْلُهُ: (إلَّا بِحَسَبِهِ) الضَّمِيرُ فِيهِ يَرْجِعُ لِلشَّرْطِ مِنْ قَوْلِ الْمَتْنِ صَحَّ الشَّرْطُ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَيَجِبُ) أَيْ تَدَارُكُهُ وَيَكُونُ مُتَتَابِعًا. قَوْلُهُ: (وَتَكُونُ فَائِدَةُ الشَّرْطِ إلَخْ) قَضِيَّةُ هَذَا أَنَّ الْمُسْتَثْنَى لَوْ كَانَ لَا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ كَالْحَيْضِ لَا يَجِبُ تَدَارُكُهُ، وَقَدْ يُلْتَزَمُ ذَلِكَ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَنْقَطِعُ التَّتَابُعُ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُعْتَكِفٍ إذَا خَرَجَ وَلَا عُذْرَ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا يَضُرُّ إلَخْ) كَثِيرًا مَا يُسْتَدَلُّ لِهَذَا بِأَنَّ «النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُدْنِي رَأْسَهُ إلَى عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - تُرَجِّلُهُ، وَهُوَ مُعْتَكِفٌ» وَاعْتُرِضَ الِاسْتِدْلَال مِنْ وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ: احْتِمَالُ أَنَّ عَائِشَةَ هِيَ الَّتِي تُدْخِلُ يَدَهَا الْمَسْجِدَ. الثَّانِي أَنَّ اعْتِكَافَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَكُنْ عَنْ نَذْرٍ. وَأُجِيبَ عَنْ الْأَخِيرِ بِأَنَّهُ كَانَ إذَا عَمِلَ شَيْئًا دَاوَمَ عَلَيْهِ فَهُوَ فِي مَعْنَى الْمَنْذُورِ. قَوْلُهُ: (أَوْ إحْدَى رِجْلَيْهِ) لَوْ أَخْرَجَ إحْدَى رِجْلَيْهِ وَاعْتَمَدَ عَلَيْهِمَا، قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: فَفِيهِ نَظَرٌ وَلَوْ اضْطَجَعَ وَأَخْرَجَ بَعْضَ بَدَنِهِ، فَهَلْ يُعْتَبَرُ بِالْمَسَّاحَةِ أَوْ بِالثِّقَلِ؟ الظَّاهِرُ الثَّانِي. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا الْخُرُوجُ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ) أَيْ وَإِنْ كَثُرَ لِعَارِضٍ كَمَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (وَدَارِ صَدِيقِهِ) يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِثْلُهُ دَارَ أُصُولِهِ وَفُرُوعِهِ وَزَوْجَتِهِ وَعُتَقَائِهِ، وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ وَيُحْتَمَلُ التَّفْصِيلُ. قَوْلُهُ: (أَوْ عَدَلَ) عَلَّلَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>