للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْبَاقِيَ مُحْرِمًا. (وَيَجُوزُ مِنْ آخِرِهِ) لِوُقُوعِ الِاسْمِ عَلَيْهِ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا لَا يَنْتَهِي إلَى مِيقَاتٍ) مِمَّا ذُكِرَ (فَإِنْ حَاذَى) بِإِعْجَامِ الذَّالِ (مِيقَاتًا) مِنْهَا أَيْ سَامَتَهُ يَمْنَةً أَوْ يَسْرَةً، (أَحْرَمَ مِنْ مُحَاذَاتِهِ) سَوَاءٌ كَانَ فِي الْبَرِّ أَمْ فِي الْبَحْرِ (أَوْ) حَاذَى (مِيقَاتَيْنِ) مِنْهَا بِأَنْ كَانَ طَرِيقُهُ بَيْنَهُمَا، (فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُحْرِمُ مِنْ مُحَاذَاةِ أَبْعَدِهِمَا) مِنْ مَكَّةَ.

وَالثَّانِي يَتَخَيَّرُ بَيْنَهُمَا فَإِنْ تَسَاوَيَا فِي الْمَسَافَةِ إلَى مَكَّةَ أَحْرَمَ مِنْ مُحَاذَاتِهِمَا سَوَاءٌ تَسَاوَيَا فِي الْمَسَافَةِ إلَى طَرِيقِهِ أَمْ تَفَاوَتَا، وَمَسْأَلَةُ الْخِلَافِ مَفْرُوضَةٌ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا، فِيمَا إذَا تَسَاوَيَا فِي الْمَسَافَةِ إلَى طَرِيقِهِ، وَفِيهِمَا لَوْ تَفَاوَتَ الْمِيقَاتَانِ فِي الْمَسَافَةِ إلَى مَكَّةَ، وَإِلَى طَرِيقِهِ فَهَلْ الِاعْتِبَارُ بِالْقُرْبِ إلَيْهِ أَوْ إلَى مَكَّةَ فِيهِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا الْأَوَّلُ. (وَإِنْ لَمْ يُحَاذِ) مِيقَاتًا (أَحْرَمَ عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ مِنْ مَكَّةَ) إذْ لَيْسَ شَيْءٌ مِنْ الْمَوَاقِيتِ أَقَلَّ مَسَافَةً مِنْ هَذَا الْقَدْرِ، (وَمَنْ مَسْكَنِهِ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمِيقَاتِ فَمِيقَاتُهُ مَسْكَنُهُ) مِنْ قَرْيَةٍ أَوْ حِلَّةٍ لِمَا فِي الْحَدِيثِ السَّابِقِ بَعْدَ ذِكْرِ الْمَوَاقِيتِ، فَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ فَمِنْ حَيْثُ أَنْشَأَ (وَمَنْ بَلَغَ مِيقَاتًا غَيْرَ مُرِيدٍ نُسُكًا ثُمَّ أَرَادَهُ فَمِيقَاتُهُ مَوْضِعُهُ) لِمَا ذُكِرَ فِي الْحَدِيثِ أَيْضًا. (وَإِنْ بَلَغَهُ مُرِيدًا) نُسُكًا (لَمْ تَجُزْ مُجَاوَزَتُهُ بِغَيْرِ إحْرَامٍ) قَالَ فِي

ــ

[حاشية قليوبي]

فَائِدَةٌ: أَصْلُ نَجْدٍ اسْمٌ لِلْمَكَانِ الْمُرْتَفِعِ وَتِهَامَةٌ. اسْمٌ لِلْمَكَانِ الْمُنْخَفِضِ وَيُقَالُ لَهُ: الْغَوْرُ أَيْضًا وَالْحِجَازُ وَالْيَمَنُ مُشْتَمِلَانِ عَلَى نَجْدٍ وَتِهَامَةَ. وَحَيْثُ أُطْلِقَ نَجْدٌ فَهُوَ نَجْدُ الْحِجَازِ، وَسُمِّيَ بِالْحِجَازِ لِأَنَّهُ حَاجِزٌ بَيْنَ الْيَمَنِ وَالشَّامِ. وَفِيهِ نَظَرٌ لِمَا يَأْتِي أَوْ بَيْنَ تِهَامَةٍ وَنَجْدٍ أَوْ لِاحْتِجَازِهِ بِالْجِبَالِ وَالصُّخُورِ، وَهُوَ اسْمٌ لِمَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَمُخَالِفِيهِمَا، وَهُوَ مِنْ الْيَمَنِ كَمَا فِي الْحَدِيثِ. وَقِيلَ: الْمَدِينَةُ نَجْدٌ وَقِيلَ: تِهَامَةُ وَقِيلَ: نِصْفُهَا نَجْدٌ وَنِصْفُهَا تِهَامَةُ وَهُوَ يُقَابِلُ أَرْضَ الْحَبَشَةِ مِنْ غَرْبِيِّهِ وَبَيْنَهُمَا عَرْضُ الْبَحْرِ فَقَطْ وَمَسِيرَتُهُ نَحْوُ شَهْرٍ وَأَوَّلُهُ مَدِينَةُ أَيْلَةَ الْمَعْرُوفَةُ بِالْعَقَبَةِ مِنْ مَنَازِلِ الْحَجِّ الْمِصْرِيِّ وَمُنْتَهَاهُ مِنْ شَامَةِ مَدِينَةِ سَدُومَ مِنْ قُرَى قَوْمِ لُوطٍ وَمِنْ غَرْبِيِّهِ جَبَلُ السَّرَاةِ وَهُوَ قِطْعَةٌ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ الَّتِي هِيَ طُولًا مِنْ أَقْصَى عَدْنٍ إلَى رِيفِ الْعِرَاقِ وَعَرْضًا مِنْ جُدَّةَ عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ إلَى أَطْرَافِ الشَّامِ. وَسُمِّيَتْ: جَزِيرَةً لِأَنَّهَا أَحَاطَ بِهَا أَرْبَعَةُ أَبْحُرٍ دِجْلَةُ وَالْفُرَاتُ وَبَحْرُ الْحَبَشَةِ وَبَحْرُ فَارِسٍ.

قَوْلُهُ: (مِنْ أَوَّلِ الْمِيقَاتِ) نَعَمْ إنْ كَانَ فِي الْمِيقَاتِ مَسْجِدٌ فَالْأَفْضَلُ الْإِحْرَامُ مِنْهُ. قَوْلُهُ: (أَحْرَمَ مِنْ مُحَاذَاتِهِ) وَلَوْ بِالِاجْتِهَادِ وَيُقَلِّدُ إنْ تَحَيَّرَ. قَوْلُهُ: (مِنْ مُحَاذَاتِهِمَا) الْمُرَادُ مِنْ مُحَاذَاةِ أَوَّلِ مَنْ حَاذَاهُ مِنْهُمَا وَإِنْ كَانَ الْآخَرُ أَقْرَبَ إلَيْهِ سَوَاءٌ حَاذَاهُ أَيْضًا أَمْ لَا خِلَافًا لِمَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ. قَوْلُهُ: (سَوَاءٌ تَسَاوَيَا إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (وَمَسْأَلَةُ الْخِلَافِ إلَخْ) فَيُحْمَلُ عَلَيْهَا مَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ. قَوْلُهُ: (أَصَحُّهُمَا الْأَوَّلُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ فَلَوْ كَانَ الْأَقْرَبُ إلَيْهِ هُوَ الْأَبْعَدُ عَنْ مَكَّةَ أَحْرَمَ مِنْ مُحَاذَاتِهِ بِلَا خِلَافٍ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ لَمْ يُحَاذِ مِيقَاتًا) كَالْجَائِي مِنْ سَوَاكِنَ فِي الْبَحْرِ إلَى جُدَّةَ فَإِنَّهُ لَا يُحَاذِي مِيقَاتَ رَابِغٍ وَلَا يَلَمْلَمُ إلَّا فِي دُونِ مَرْحَلَتَيْنِ. قَوْلُهُ: (فَمِيقَاتُهُ مَسْكَنُهُ) أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ أَمَامَهُ مِيقَاتٌ وَإِلَّا كَأَهْلِ بَدْرٍ وَالصَّفْرَاءِ فَمِيقَاتُهُمْ الْجُحْفَةُ لِأَنَّهَا أَمَامَهُمْ وَذُو الْحُلَيْفَةِ قَبْلَهُمْ.

قَوْلُهُ: (ثُمَّ أَرَادَهُ) وَتَنْصَرِفُ إرَادَتُهُ الْحَجَّ بِإِرَادَةِ زِيَارَةِ أَهْلٍ أَوْ تِجَارَةٍ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ بَلَغَهُ) أَيْ وَهُوَ مُكَلَّفٌ حُرٌّ وَلَوْ كَافِرًا ثُمَّ أَسْلَمَ لَا مَجْنُونٌ وَعَبْدٌ وَصَبِيٌّ وَإِنْ كَمَّلُوا قَبْلَ الْوُقُوفِ. قَوْلُهُ: (مُرِيدًا نُسُكًا) أَيْ فِي عَامِهِ فِي الْحَجِّ وَمُطْلَقًا فِي الْعُمْرَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. وَهُوَ الْمُرَادُ

ــ

[حاشية عميرة]

طَرَفِهَا الْأَبْعَدِ. قَوْلُهُ: (يَمْنَةً أَوْ يَسْرَةً) أَيْ لَا بِجِهَةِ الْوَجْهِ وَلَا بِجِهَةِ الظَّهْرِ، وَكَذَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. قَوْلُهُ: (بِأَنْ كَانَ طَرِيقُهُ بَيْنَهُمَا) خَرَجَ مَا لَوْ كَانَا فِي جِهَةٍ وَاحِدَةٍ، وَهُوَ ظَاهِرٌ لَكِنَّ عِبَارَةَ الْإِسْنَوِيِّ سَوَاءٌ كَانَ أَحَدُهُمَا عَنْ يَمِينِهِ وَالْآخَرُ عَنْ شِمَالِهِ، أَوْ كَانَا مَعًا فِي جِهَةٍ وَاحِدَةٍ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَبْعَدِهِمَا مِنْ مَكَّةَ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَهُوَ الَّذِي يُحَاذِيهِ قَبْلَ مُحَاذَاةِ الْآخَرِ. قَالَ: أَمَّا لَوْ حَاذَاهُمَا مَعًا فَإِنَّهُ يُحْرِمُ مِنْ مَوْضِعِ الْمُحَاذَاةِ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَيُتَصَوَّرُ فِي هَذَا أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا أَبْعَدَ إلَى مَكَّةَ لِانْحِرَافِ الطَّرِيقِ، لَكِنْ هَلْ يُنْسَبُ الْإِحْرَامُ حِينَئِذٍ إلَى الْأَبْعَدِ أَمْ إلَى الْأَقْرَبِ؟ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الْإِمَامُ قَالَ: وَتَظْهَرُ فَائِدَتُهُمَا فِيمَا إذَا جَاوَزَ الْمِيقَاتَ بِغَيْرِ إحْرَامٍ، وَأَرَادَ الْعَوْدَ لِدَفْعِ الْإِسَاءَةِ وَلَمْ يَعْرِفْ مَوْضِعَ الْمُحَاذَاةِ، هَلْ يَرْجِعُ إلَى الْأَطْوَلِ أَوْ الْأَقْصَرِ؟ . قَوْلُهُ: (أَيْ إلَى مَكَّةَ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْوَجْهَ الثَّانِيَ يَعْتَبِرُ الْقُرْبَ إلَى مَكَّةَ وَفِيهِ نَظَرٌ، فَالظَّاهِرُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ الْمُرَادَ الْقُرْبُ وَالْبُعْدُ مِنْ مَكَّةَ أَيْ فَيَكُونُ الْمُعْتَبَرُ الْأَبْعَدُ مِنْ مَكَّةَ لِيُلَائِمَ مَا سَلَفَ نَظِيرَهُ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَحْرَمَ عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ، هَذَا الْحُكْمُ مِنْ تَخْرِيجِ الْإِمَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. قَوْلُهُ: (لِمَا ذُكِرَ فِي الْحَدِيثِ أَيْضًا) مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِهِ وَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ مَعَ قَوْلِهِ قَبْلَ ذَلِكَ مِمَّنْ أَرَادَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ. قَوْلُهُ: (إلَيْهِ) أَوْ إلَى مِثْلِ مَسَافَتِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>