للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَلْبُوسٍ، فَلَوْ ارْتَدَى بِقَمِيصٍ أَوْ اتَّزَرَ بِسَرَاوِيلَ فَلَا فِدْيَةَ، كَمَا لَوْ اتَّزَرَ بِإِزَارٍ مُلَفَّقٍ مِنْ رِقَاعٍ وَلَوْ لَمْ يَجِدْ رِدَاءً، لَمْ يَجُزْ لَهُ لُبْسُ الْقَمِيصِ بَلْ يَرْتَدِي بِهِ وَلَوْ لَمْ يَجِدْ إزَارًا وَوَجَدَ سَرَاوِيلَ يَتَأَتَّى الِاتِّزَارُ بِهِ عَلَى هَيْئَتِهِ اتَّزَرَ بِهِ وَلَمْ يَجُزْ لَهُ لُبْسُهُ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَالْمُرَادُ بِعَدَمِ وُجْدَانِ الْإِزَارِ أَوْ النَّعْلَيْنِ الْمَذْكُورِ فِي الْحَدِيثِ أَنْ لَا يَكُونَ فِي مِلْكِهِ وَلَا يَقْدِرَ عَلَى تَحْصِيلِهِ بِشِرَاءٍ أَوْ اسْتِئْجَارٍ بِعِوَضِ مِثْلِهِ أَوْ اسْتِعَارَةٍ بِخِلَافِ الْهِبَةِ، فَلَا يَلْزَمُ قَبُولُهَا لِعِظَمِ الْمِنَّةِ فِيهَا وَإِذَا وَجَدَ الْإِزَارَ أَوْ النَّعْلَيْنِ بَعْدَ لُبْسِ السَّرَاوِيلِ أَوْ الْخُفَّيْنِ الْجَائِزِ لَهُ وَجَبَ نَزْعُ ذَلِكَ فَإِنْ أَخَّرَ، وَجَبَتْ الْفِدْيَةُ وَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَعْقِدَ الْإِزَارَ وَيَشُدَّ عَلَيْهِ خَيْطًا لِيَثْبُتَ وَأَنْ يَجْعَلَ لَهُ مِثْلَ الْحُجْزَةِ وَيُدْخِلَ فِيهَا التِّكَّةَ إحْكَامًا، وَأَنْ يَغْرِزَ طَرَفَ رِدَائِهِ فِي طَرَفِ إزَارِهِ وَلَا يَجُوزُ عَقْدُ الرِّدَاءِ وَلَا حَلُّهُ بِخِلَالٍ أَوْ مِسَلَّةٍ وَلَا رَبْطُ طَرَفِهِ إلَى طَرَفِهِ بِخَيْطٍ وَنَحْوِهِ، فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ لَزِمَتْهُ الْفِدْيَةُ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْمَخِيطِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ مُسْتَمْسِكٌ بِنَفْسِهِ، قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ.

وَلَا بُدَّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَسْتُرَ مِنْ الْوَجْهِ الْقَدْرَ الْيَسِيرَ الَّذِي يَلِي الرَّأْسَ إذْ لَا يُمْكِنُ اسْتِيعَابُ سَتْرِ الرَّأْسِ الْوَاجِبِ إلَّا بِهِ وَلَهَا أَنْ تَسْدُلَ عَلَى وَجْهِهَا ثَوْبًا مُتَجَافِيًا عَنْهُ بِخَشَبَةٍ، وَنَحْوِهَا لِحَاجَةٍ مِنْ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ أَوْ فِتْنَةٍ، وَنَحْوِهَا أَوْ لِغَيْرِ حَاجَةٍ فَإِنْ وَقَعَتْ الْخَشَبَةُ فَأَصَابَ الثَّوْبُ وَجْهَهَا بِغَيْرِ اخْتِيَارِهَا وَرَفَعَتْهُ فِي الْحَالِ فَلَا فِدْيَةَ وَإِنْ كَانَ عَمْدًا أَوْ اسْتَدَامَتْهُ لَزِمَهَا الْفِدْيَةُ، قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ مَا ذُكِرَ فِي إحْرَامِ الْمَرْأَةِ وَلُبْسِهَا لَمْ يُفَرِّقُوا فِيهِ بَيْنَ الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ وَشَذَّ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فَحَكَى وَجْهًا أَنَّ الْأَمَةَ كَالرَّجُلِ فِي حُكْمِ الْإِحْرَامِ، وَوَجْهَيْنِ فِيمَنْ نِصْفُهَا حُرٌّ وَنِصْفُهَا رَقِيقٌ هَلْ هِيَ كَالْأَمَةِ أَوْ كَالْحُرَّةِ وَإِذَا سَتَرَ الْخُنْثَى الْمُشْكِلُ رَأْسَهُ فَقَطْ أَوْ وَجْهَهُ فَقَطْ فَلَا فِدْيَةَ وَإِنْ سَتَرَهُمَا وَجَبَتْ، وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ الْقَاضِي أَبِي الْفُتُوحِ وَلَيْسَ لَهُ كَشْفُهُمَا لِأَنَّ فِيهِ تَرْكًا لِلْوَاجِبِ، وَلَهُ كَشْفُ الْوَجْهِ، قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ: وَقِيَاسُهُ وَلُبْسُ الْمَخِيطِ

ــ

[حاشية قليوبي]

وَأَجَازَ الْحَنَفِيَّةُ نَحْوَ الزُّرْمُوزَةِ مُطْلَقًا قَوْلُهُ: (مَثَلًا) فَبَقِيَّةُ أَعْضَائِهِ كَسَاعِدِهِ، نَعَمْ لَا يَضُرُّ لَفُّ خِرْقَةٍ عَلَى يَدِهِ وَيَحْرُمُ رَبْطُهَا عَلَيْهَا.

قَوْلُهُ: (أَوْ لِلِحْيَتِهِ خَرِيطَةً) وَكَذَا لِوَجْهِهِ. قَوْلُهُ: (وَوَجْهُ الْمَرْأَةِ) أَيْ وَإِنْ تَعَدَّدَ كَمَا فِي الْوُضُوءِ. قَوْلُهُ: (يُعْمَلُ لِلْيَدَيْنِ) أَيْ الْكَفَّيْنِ، أَمَّا مَا يُعْمَلُ لِلسَّاعِدَيْنِ فَيَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ لَا لِلرَّجُلِ وَتَلْزَمُهُ الْفِدْيَةُ. قَوْلُهُ: (إنَّهُ كَانَ يَأْمُرُ بَنَاتَه إلَخْ) هَذَا دَلِيلٌ مُقَابِلٌ الْأَظْهَرَ الَّذِي سَكَتَ عَنْهُ الشَّارِحُ. قَوْلُهُ: (فَلَا فِدْيَةَ) أَيْ فِي الِارْتِدَاءِ بِالْقَمِيصِ وَإِنْ أَلْقَى كُمَّيْهِ عَلَى عَاتِقَيْهِ. وَكَذَا الِارْتِدَاءُ بِالْقَبَاءِ بِحَيْثُ لَا يَسْتَمْسِكُ فِي قِيَامٍ أَوْ قُعُودٍ. وَكَذَا لَوْ أَدْخَلَ رِجْلَيْهِ فِي سَاقَيْ الْخُفِّ أَوْ لَبِسَ السَّرَاوِيلَ فِي إحْدَى رِجْلَيْهِ. وَكَذَا لَوْ تَقَلَّدَ بِنَحْوِ سَيْفٍ خِلَافًا لِمَالِكٍ وَأَحْمَدَ وَيَجُوزُ لَفُّ نَحْوِ عِمَامَةٍ عَلَى وَسَطِهِ بِلَا عَقْدٍ وَإِدْخَالُ يَدِهِ فِي كُمِّ غَيْرِهِ، وَالِاحْتِوَاءُ بِحَبْوَةٍ مَثَلًا وَلُبْسُ نَحْوِ خَاتَمٍ لَا دِرْعٍ وَزَرَدِيَّةٍ. قَوْلُهُ: (بَلْ يَرْتَدِي بِهِ) وَلَهُ التَّغْطِيَةُ بِهِ عِنْدَ النَّوْمِ. قَوْلُهُ: (وَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَعْقِدَ الْإِزَارَ) خِلَافًا لِمَالِكٍ وَأَحْمَدَ، وَخَرَجَ بِالْعَقْدِ الْأَزْرَارُ فَتَجُوزُ إنْ تَبَاعَدَتْ وَإِلَّا فَلَا. وَأَمَّا الْأَزْرَارُ فِي الرِّدَاءِ فَتَحْرُمُ وَإِنْ تَبَاعَدَتْ، خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ وَوَافَقَهُمْ ابْنُ حَجَرٍ فِي الْمُتَبَاعِدَةِ. قَوْلُهُ: (مِثْلُ الْحُجْزَةِ) بِحَاءٍ مُهْمَلَةٍ مَضْمُومَةٍ وَجِيمٍ سَاكِنَةٍ وَزَايٍ مُعْجَمَةٍ، وَهِيَ مَا يَدْخُلُ فِيهَا التِّكَّةُ بِكَسْرِ التَّاءِ. قَوْلُهُ: (وَأَنْ يَغْرِزَ إلَخْ) أَيْ مَعَ الْكَرَاهَةِ خِلَافًا لِمَالِكٍ وَأَحْمَدَ. وَخَرَجَ بِغَرْزِهِ فِيهِ جَعْلُ أَزْرَارٍ بَيْنَهُمَا فَتَحْرُمُ خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ. قَوْلُهُ: (وَلَا خَلُّهُ بِخِلَالٍ أَوْ مِسَلَّةٍ) فَيَحْرُمُ خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ أَيْضًا. وَكَذَا رَبْطُ طَرَفِ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ. قَوْلُهُ: (وَلَا بُدَّ لِلْمَرْأَةِ) أَيْ الْحُرَّةِ أَنْ تَسْتُرَ إلَخْ. وَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهَا فِيهِ، وَإِنْ نُدِبَ كَالْخَلْوَةِ بِالْمَحَارِمِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (لَمْ يُفَرِّقُوا فِيهِ بَيْنَ الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ فِي التَّحْرِيمِ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ إلَّا فِي سَتْرِ الْجُزْءِ الْمَذْكُورِ مِنْ الْأَمَةِ. قَوْلُهُ: (فَلَا فِدْيَةَ) لِاحْتِمَالِ أُنُوثَتِهِ فِي الْأَوَّلِ وَذُكُورَتِهِ فِي الثَّانِي. وَلِذَلِكَ لَوْ سَتَرَهُمَا مَعًا وَلَوْ مُرَتَّبًا حُرِّمَ، وَوَجَبَ الْفِدْيَةُ لِتَعَيُّنِ أَحَدِ الِاحْتِمَالَيْنِ. قَوْلُهُ: (وَلَهُ كَشْفُ الْوَجْهِ) أَيْ يَجِبُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ جَوَازٌ بَعْدَ مَنْعٍ وَيَجِبُ

ــ

[حاشية عميرة]

فِيهِ الْإِسْنَوِيُّ بِأَنَّ الْحَلْقَ إتْلَافٌ، وَهُوَ أَغْلَظُ مِنْ الِاسْتِمْتَاعَاتِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَقْدِرُ عَلَى تَحْصِيلِهِ إلَخْ) لَوْ تَوَقَّفَ الْإِزَار عَلَى فَتْقِ السَّرَاوِيلِ وَخِيَاطَةِ إزَارٍ مِنْهُ لَمْ يُكَلَّفْ ذَلِكَ، وَاسْتَشْكَلَ بِوُجُوبِ قَطْعِ الْخُفَّيْنِ، وَلَا يُكَلَّفُ بَيْعَ السَّرَاوِيلِ وَشِرَاءَ إزَارٍ، إلَّا إذَا أَمِنَ كَشْفَ عَوْرَتِهِ زَمَنَ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ، وَلَا يُكَلَّفُ رَبْطَ السَّرَاوِيلِ عَلَى حَدِّ السُّرَّةِ خِلَافًا لِلْإِمَامِ. قَوْلُهُ: (وَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَعْقِدَ الْإِزَارَ) لَوْ زَرَّهُ بِأَزْرَارٍ أَوْ شَاكَهُ أَوْ خَاطَهُ لَمْ يَجُزْ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْإِمْلَاءِ، وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ نَظِيرُ ذَلِكَ فِي الرِّدَاءِ. قَوْلُهُ: (وَلَهُ أَنْ يَغْرِزَ طَرَفَ رِدَائِهِ) كَذَا لَهُ أَنْ يَرْبِطَهُ فِي الْإِزَارِ. قَوْلُهُ: (وَنَحْوِهِ) مِنْهُ أَنْ يَجْعَلَ لَهُ أَزْرَارًا وَعُرًى يَمْسِكُهُ بِهَا. قَوْلُهُ: (وَإِنْ سَتَرَهُمَا) أَيْ وَلَوْ عَلَى التَّعَاقُبِ. قَوْلُهُ: (قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْإِسْنَوِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَفِي الْبَيَانِ عَنْ الْقَاضِي أَبِي الْفُتُوحِ أَنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ سَتْرِ الْوَجْهِ وَالرَّأْسِ مَعًا، لِأَنَّ فِيهِ تَرْكًا لِلْوَاجِبِ، وَأَنَّهُ لَوْ قِيلَ يُؤْمَرُ بِكَشْفِ الْوَجْهِ لَكَانَ صَحِيحًا، لِأَنَّهُ إنْ كَانَ رَجُلًا فَكَشْفُ وَجْهِهِ لَا يُؤَثِّرُ وَلَا

<<  <  ج: ص:  >  >>