للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَذَا مِنْ) الْحَجِّ (الْفَرْضِ) أَيْ فَرْضِ الْإِسْلَامِ بِلَا إذْنٍ (فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّ تَقْرِيرَهَا عَلَيْهِ يُعَطِّلُ حَقَّهُ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا وَالثَّانِي يَقِيسُهُ عَلَى الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ الْمَفْرُوضَيْنِ وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ مُدَّتَهُمَا لَا تَطُولُ فَلَا يَلْحَقُ الزَّوْجَ كَبِيرُ ضَرَرٍ، وَحُكِيَ الثَّانِي فِي التَّطَوُّعِ لِأَنَّهُ يَصِيرُ فَرْضًا بِالشُّرُوعِ وَلَهُ مَنْعُهَا مِنْ الِابْتِدَاءِ بِالتَّطَوُّعِ جَزْمًا وَبِالْفَرْضِ فِي الْأَظْهَرِ وَخِلَافُ التَّحْلِيلِ مَبْنِيٌّ عَلَيْهِ فَيَكُونُ فِي الْمَنْعِ وَالتَّحْلِيلِ أَقْوَالٌ ثَالِثُهَا لَهُ الْمَنْعُ دُونَ التَّحْلِيلِ وَلَوْ أَذِنَ لَهَا فَلَيْسَ لَهُ تَحْلِيلُهَا وَيُقَاسُ بِالْحَجِّ الْعُمْرَةُ وَالْمُرَادُ بِتَحْلِيلِهِ، إيَّاهَا أَنْ يَأْمُرَهَا بِالتَّحَلُّلِ وَتَحَلُّلُهَا كَتَحَلُّلِ الْمُحْصَرِ وَلَوْ لَمْ تَتَحَلَّلْ فَلَهُ أَنْ يَسْتَمْتِعَ بِهَا، وَالْإِثْمُ عَلَيْهَا حَكَاهُ الْإِمَامُ عَنْ الصَّيْدَلَانِيِّ. ثُمَّ تَوَقَّفَ فِيهِ لِأَنَّ الْمُحْرِمَةَ مُحْرِمَةٌ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى كَالْمُرْتَدَّةِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُمْنَعَ الزَّوْجُ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ إلَى أَنْ تَتَحَلَّلَ. قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: وَالْمَذْهَبُ الْقَطْعُ بِالْجَوَازِ وَضَمُّ الْأَمَةِ إلَى الزَّوْجَةِ فِي ذَلِكَ.

(وَلَا قَضَاءَ عَلَى الْمُحْصَرِ الْمُتَطَوِّعِ) إذَا تَحَلَّلَ لِعَدَمِ وُرُودِهِ. (فَإِنْ كَانَ) نُسُكُهُ (فَرْضًا مُسْتَقِرًّا) عَلَيْهِ كَحِجَّةِ الْإِسْلَامِ بَعْدَ السَّنَةِ الْأُولَى مِنْ سِنِي

ــ

[حاشية قليوبي]

تَنْبِيهٌ: سَكَتَ الشَّارِحُ عَنْ الْمُكَاتَبِ لِأَنَّهُ كَالْقِنِّ فِيمَا ذَكَرَ فِيهِ وَإِنْ كَانَتْ كِتَابَتُهُ صَحِيحَةً. نَعَمْ قَالَ بَعْضُهُمْ فِي الصَّحِيحَةِ إنَّهُ إذَا لَمْ يَحْتَجْ فِي حَجِّهِ إلَى سَفَرٍ وَلَمْ يَحِلَّ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ النُّجُومِ مُدَّتَهُ فَلَيْسَ لَهُ تَحْلِيلُهُ، وَلَمْ يَرْتَضِهِ الشَّمْسُ الْخَطِيبُ، وَيَجُوزُ فِي تَحْلِيلِهِ أَنْ يَذْبَحَ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ وَأَنْ يَذْبَحَ عَنْهُ سَيِّدُهُ.

فَرْعٌ: لَوْ أَسْلَمَ عَبْدٌ حَرْبِيٌّ وَأَحْرَمَ فَغَنِمْنَاهُ لَمْ يَجُزْ تَحْلِيلُهُ. قَوْلُهُ: (وَلِلزَّوْجِ) الْمُمْكِنِ وَطْؤُهُ وَلَوْ بِوَلِيِّهِ فِي نَحْوِ مَجْنُونٍ أَوْ رَقِيقٍ أَوْ سَفِيهٍ تَحْلِيلُ زَوْجَتِهِ وَلَوْ أَمَةً وَأَذِنَ لَهَا سَيِّدُهَا فِيهِ وَمَحَلُّهُ إنْ أَمْكَنَ وَطْؤُهَا وَحَلَّ لَهُ وَلَمْ يَكُنْ لَهَا عُذْرٌ وَكَانَ لَهُ سَلْطَنَةٌ عَلَيْهَا فَلَا يُحْلِلُ صَغِيرَةً أَحْرَمَ عَنْهَا وَلِيُّهَا مَثَلًا وَلَا مُحْرِمَةً حَالَ إحْرَامِهِ أَيْضًا وَلَا مَنْ وَقَعَ حَجُّهَا فِي زَمَنِ خُرُوجِهَا لِلنَّفَقَةِ فِي مُعْسِرٍ، وَلَا مَنْ أَخْبَرَ طَبِيبَانِ أَنَّهَا إذَا لَمْ تُكْمِلْ حَجَّهَا عَضَبَتْ وَلَا مُطَلَّقَةً وَلَوْ رَجْعِيَّةً، وَإِنْ رَاجَعَهَا وَكَانَ قَدْ أَذِنَ لَهَا، نَعَمْ إنْ أَحْرَمَتْ حَالَ الطَّلَاقِ بِلَا إذْنٍ ثُمَّ رَاجَعَهَا فَلَهُ تَحْلِيلُهَا وَلَهُ حَبْسُ مُعْتَدَّةٍ وَلَوْ بَائِنًا فِي الْعِدَّةِ. وَإِنْ أَحْرَمَتْ بِإِذْنِهِ أَوْ خَافَتْ الْفَوَاتَ وَيَلْزَمُهَا بِهِ الْقَضَاءُ وَالْفِدْيَةُ وَإِنْ تَحَلَّلَتْ بِعَمَلِ الْعُمْرَةِ. قَوْلُهُ: (أَيْ فَرْضِ الْإِسْلَامِ) حَمْلُ الْفَرْضِ عَلَى ذَلِكَ لِانْصِرَافِهِ إلَيْهِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، وَلَيْسَ قَيْدًا فَالنَّظَرُ وَلَوْ مُعَيَّنًا وَالْقَضَاءُ كَذَلِكَ إلَّا فِيمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَلَهُ مَنْعُهَا مِنْ الِابْتِدَاءِ بِالتَّطَوُّعِ جَزْمًا) وَمِنْ الْفَرْضِ عَلَى الْأَظْهَرِ قِيَاسًا عَلَى التَّحْلِيلِ بِالْأَوْلَى فَذِكْرُهُ تَتْمِيمٌ لِلْأَقْسَامِ فَعُلِمَ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهَا الْإِحْرَامُ بِغَيْرِ إذْنِهِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ أَذِنَ لَهَا) أَيْ فِي التَّطَوُّعِ أَوْ الْفَرْضِ فَلَيْسَ لَهُ تَحْلِيلُهَا إنْ لَمْ يُرَاجِعْ قَبْلَ إحْرَامِهَا، وَإِنْ لَمْ تَعْلَمْ بِهِ فَإِنْ اخْتَلَفَا فَكَالرَّجْعِيَّةِ. قَوْلُهُ: (وَيُقَاسُ بِالْحَجِّ الْعُمْرَةُ) فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ مِنْ نُسُكٍ إلَخْ لَكَانَ أَعَمَّ. قَوْلُهُ: (أَنْ يَأْمُرَهَا بِالتَّحَلُّلِ) وَيَجِبُ عَلَيْهَا بِأَمْرِهِ وَيَمْتَنِعُ عَلَيْهَا قَبْلَهُ بِخِلَافِ الرَّقِيقِ كَمَا مَرَّ لِكَمَالِ الْحُرِّ فِي الْجُمْلَةِ. قَوْلُهُ: (وَتَحَلُّلُهَا كَتَحَلُّلِ الْمُحْصَرِ) فَهُوَ بِذَبْحٍ ثُمَّ حَلْقٍ وَنِيَّةٍ فِيهِمَا. قَوْلُهُ: (وَالْإِثْمُ عَلَيْهَا) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَيَفْسُدُ نُسُكُهَا بِالْجِمَاعِ وَعَلَيْهَا الْقَضَاءُ فَوْرًا قَالَ شَيْخُ شَيْخِنَا عَمِيرَةُ. وَعَلَيْهَا الْكَفَّارَةُ أَيْضًا، وَفِيهِ نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَضَمُّ الْأَمَةِ إلَخْ) أَيْ ذَكَرَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ أَنَّ الْأَمَةَ كَالزَّوْجَةِ فَإِذَا أَمَرَهَا سَيِّدُهَا بِالتَّحَلُّلِ وَلَمْ تَتَحَلَّلْ فَلِلسَّيِّدِ أَنْ يَسْتَمْتِعَ بِهَا وَالْإِثْمُ عَلَيْهَا وَقَدْ تَقَدَّمَ.

قَوْلُهُ: (وَلَا قَضَاءَ عَلَى الْمُحْصَرِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْحَصْرَ خَاصًّا أَوْ عَامًّا لَا يُوجِبُ قَضَاءَ التَّطَوُّعِ وَلَا الْفَرْضِ وَلَا يُسْقِطُ مَا اسْتَقَرَّ قَبْلَهُ مِنْ فَرْضٍ أَصْلِيٍّ أَوْ قَضَاءٍ أَوْ نَذْرٍ عَلَى مَا مَرَّ لِعَدَمِ وُرُودِهِ أَيْ لِعَدَمِ الْأَمْرِ بِهِ لِمَنْ أُحْصِرَ لِأَنَّهُ قَدْ «أَحْرَمَ مَعَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

ــ

[حاشية عميرة]

فَائِدَةٌ: نَقَلَ النَّوَوِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ أَنَّا حَيْثُ أَبَحْنَا لِلزَّوْجِ تَحْلِيلَ زَوْجَتِهِ لَا يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَتَحَلَّلَ إلَّا بِإِذْنِهِ، وَنَظَرَ فِيهِ السُّبْكِيُّ بِسَبَبِ الْعِصْيَانِ قَالَ: وَيَبْعُدُ ثُبُوتُ الْحُرْمَةِ أَوَّلًا وَزَوَالُهَا دَوَامًا. قَوْلُهُ: (فَلَهُ تَحْلِيلُهُ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ يَنْبَغِي اشْتِرَاطُ ثُبُوتِ الرُّجُوعِ بِالْبَيِّنَةِ.

قَوْلُهُ: (أَيْ فَرْضُ الْإِسْلَامِ) خَرَجَ النَّذْرُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: الْمُتَّجِهُ فِيهِ أَنْ يُقَالَ: إنْ تَعَلَّقَ بِزَمَنٍ مُعَيَّنٍ، وَكَانَ قَبْلَ النِّكَاحِ أَوْ بَعْدَهُ، وَأَذِنَ فِيهِ الزَّوْجُ فَلَا مَنْعَ وَإِلَّا فَلَهُ الْمَنْعُ اهـ.

وَخَرَجَ الْقَضَاءُ أَيْضًا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: الْمُتَّجِهُ فِيهِ عَدَمُ الْمَنْعِ إذَا كَانَ سَبَبُهُ وَطْءَ الزَّوْجِ أَوْ أَجْنَبِيٍّ، وَلَكِنْ قَبْلَ النِّكَاحِ، فَإِنْ وَطِئَهَا أَجْنَبِيٌّ بَعْدَهُ فِي نُسُكٍ لَمْ يَأْذَنْ فِيهِ فَلَهُ الْمَنْعُ، وَإِنْ أَذِنَ فَفِي الْمَنْعِ نَظَرٌ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ تَقْرِيرَهَا عَلَيْهِ يُعَطِّلُ حَقَّهُ إلَخْ) قِيلَ يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا التَّعْلِيلِ امْتِنَاعُ تَحْلِيلِ الصَّغِيرَةِ الَّتِي لَا يُوطَأُ مِثْلُهَا وَكَذَا الْكَبِيرَةُ إذَا سَافَرَتْ مَعَ الزَّوْجِ وَأَحْرَمَتْ وَقْتَ إحْرَامِهِ. قَوْلُهُ: (مَبْنِيٌّ عَلَيْهِ) الضَّمِيرُ فِيهِ رَاجِعٌ لِلْأَظْهَرِ مِنْ قَوْلِهِ وَبِالْفَرْضِ فِي الْأَظْهَرِ. قَوْلُهُ: (فَيَكُونُ فِي الْمَنْعِ إلَخْ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْفَرْضِ ثُمَّ وَجْهُ أَخْذِ الْمُفَصِّلِ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ مُقَابِلَ الْأَظْهَرِ الْقَائِلُ بِعَدَمِ التَّحْلِيلِ، بِأَنَّ لَهُ الْمَنْعَ ابْتِدَاءً، فَإِنَّهُ إذَا كَانَ الْخِلَافُ فِي التَّحْلِيلِ مُفَرَّعًا عَلَى الْمَنْعِ فِي الِابْتِدَاءِ، كَانَ مَعْنَى الْكَلَامِ أَنَّ الْقَائِلَ بِالْمَنْعِ فِي الِابْتِدَاءِ اخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِي الْمَنْعِ فِي الدَّوَامِ. قَوْلُهُ: (وَالْإِثْمُ عَلَيْهَا) أَيْ وَكَذَا الْكَفَّارَةُ فِي الْوَطْءِ.

قَوْلُهُ: (لِعَدَمِ وُرُودِهِ) اسْتَدَلَّ أَيْضًا «بِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُحْصِرَ مَعَهُ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>