فِي رَدِّ الْمَبِيعِ (بِظُهُورِ عَيْبٍ قَدِيمٍ) بِالنِّسْبَةِ إلَى الْقَبْضِ فَيُصَدَّقُ بِالْحَادِثِ قَبْلَهُ بَعْدَ الْعَقْدِ كَمَا سَيَأْتِي (كَخِصَاءِ رَقِيقٍ) بِالْمَدِّ وَجَبِّ ذِكْرِهِ لِنَقْصِهِ الْمُفَوِّتِ لِلْغَرَضِ مِنْ الْفَحْلِ فَإِنَّهُ يَصْلُحُ لِمَا لَا يَصْلُحُ لَهُ الْخَصِيُّ وَالْمَجْبُوبُ، وَإِنْ زَادَتْ قِيمَتُهُمَا بِاعْتِبَارٍ آخَرَ وَالْخِصَاءُ فِي الْبَهِيمَةِ عَيْبٌ أَيْضًا قَالَهُ الْجُرْجَانِيُّ فِي شَافِيهِ (وَزِنَاهُ وَسَرِقَتِهِ وَإِبَاقِهِ) أَيْ بِكُلٍّ مِنْهَا وَإِنْ لَمْ يَتَكَرَّرْ لِنَقْصِ الْقِيمَةِ بِذَلِكَ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى وَاسْتَثْنَى الْهَرَوِيُّ فِي الْأَشْرَافِ الصَّغِيرَ (وَبَوْلِهِ بِالْفِرَاشِ) فِي غَيْرِ أَوَانِهِ مَعَ
ــ
[حاشية قليوبي]
فِعْلِيٍّ، وَتَقَدَّمَ الْأَوَّلُ وَالْكَلَامُ هُنَا فِي الثَّانِي وَسَيَأْتِي التَّالِفُ، وَكَالْعَيْبِ زَوَالُ وَصْفٍ كَانَ حَالَةَ الْعَقْدِ وَظَنُّ الْعَيْبِ لَا يَسْقُطُ الرَّدُّ بِهِ إلَّا إنْ كَانَ رَاجِحًا.
فَائِدَةٌ: الْعُيُوبُ فِي عُرْفِ الْفُقَهَاءِ ثَمَانِيَةُ أَقْسَامٍ فِي عَشَرَةِ أَبْوَابٍ: الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: عَيْبُ الْمَبِيعِ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا، وَسَيَأْتِي ضَابِطُهُ وَبَعْضُ أَفْرَادِهِ، الْقِسْمُ الثَّانِي: عَيْبُ الْغُرَّةِ وَهُوَ كَالْعَيْبِ الْمَذْكُورِ هُنَا، الْقِسْمُ الثَّالِثُ: عَيْبُ الْأُضْحِيَّةِ وَالْهَدْيِ وَالْعَقِيقَةِ، وَهُوَ مَا نَقَصَ اللَّحْمَ، الْقِسْمُ الرَّابِعُ: عَيْبُ الْإِجَارَةِ وَهُوَ مَا أَثَّرَ فِي الْمَنْفَعَةِ تَأْثِيرًا يَظْهَرُ بِهِ تَفَاوُتٌ فِي الْأُجْرَةِ، الْقِسْمُ الْخَامِسُ: عَيْبُ النِّكَاحِ وَهُوَ مَا يُخِلُّ بِمَقْصُودِهِ الْأَصْلِيِّ كَالتَّنْفِيرِ عَنْ الْوَطْءِ وَكَسْرِ الشَّهْوَةِ، وَالْقِسْمُ السَّادِسُ: عَيْبُ الصَّدَاقِ وَهُوَ قَبْلَ الطَّلَاقِ كَعَيْبِ الْمَبِيعِ هُنَا وَبَعْدَهُ وَقَبْلَ الدُّخُولِ مَا يَفُوتُ بِهِ غَرَضٌ صَحِيحٌ، سَوَاءٌ غَلَبَ فِي جِنْسِهِ عَدَمُهُ أَوْ لَا. الْقِسْمُ السَّابِعُ: عَيْبُ الْكَفَّارَةِ وَهُوَ مَا يَضُرُّ بِالْعَمَلِ إضْرَارًا بَيِّنًا. الْقِسْمُ الثَّامِنُ: عَيْبُ الْمَرْهُونِ وَهُوَ مَا يُنْقِصُ الْقِيمَةَ فَقَطْ. قَوْلُهُ: (إلَى الْقَبْضِ) أَيْ تَمَامِهِ فَيَشْمَلُ الْمُقَارِنَ لَهُ، نَعَمْ إنْ زَالَ قَبْلَ الْفَسْخِ سَقَطَ الرَّدُّ غَالِبًا. قَوْلُهُ: (كَخِصَاءِ رَقِيقٍ) لَوْ أَسْقَطَ لَفْظَ الرَّقِيقِ لَكَانَ أَوْلَى وَأَخْصَرَ وَأَعَمَّ كَمَا سَيُشِيرُ إلَيْهِ الشَّارِحُ وَهُوَ حَرَامٌ إلَّا فِي مَأْكُولٍ صَغِيرٍ لِطِيبِ لَحْمٍ. قَوْلُهُ: (وَالْخِصَاءُ) بِكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَالْمَدِّ إنْ رُسِمَ بِالْأَلِفِ وَبِفَتْحِ الْخَاءِ وَسُكُونِ الصَّادِ وَتَخْفِيفِ الْيَاءِ إنْ رُسِمَ بِهَا، وَيَصِحُّ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي كَلَامِ الشَّارِحِ، وَالْخَصِيُّ بِفَتْحِ الْخَاءِ وَكَسْرِ الصَّادِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ لُغَةً حَيَوَانٌ قُطِعَ خُصْيَتَاهُ وَالْمُرَادُ هُنَا فَقْدُهُمَا خِلْقَةً أَوْ بِقَطْعٍ أَوْ سَلٍّ لَهُمَا أَوْ لِجِلْدَتِهِمَا أَوْ لَهُمَا مَعًا أَوْ مَعَ الذَّكَرِ الْمَعْرُوفِ بِالْمَمْسُوحِ. قَوْلُهُ: (فِي الْبَهِيمَةِ عَيْبٌ) وَإِنْ جَازَ كَمَا مَرَّ مَا لَمْ يَغْلِبْ فِي جِنْسِهَا وُجُودُهُ وَإِلَّا كَالثِّيرَانِ فَلَا خِيَارَ بِهِ وَالْغَلَبَةِ، قَالَ شَيْخُنَا مُعْتَبَرَةٌ بِالْإِقْلِيمِ كُلِّهِ لَا بِبَلَدٍ مِنْهُ. وَقَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: بِجَمِيعِ الْإِقْلِيمِ وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ وَالْغَلَبَةُ مُعْتَبَرَةٌ فِي مَرَارَةِ نَحْوِ الْقِثَّاءِ وَالْخِيَارِ، وَفِي نَحْوِ حُمُوضَةِ الرُّمَّانِ وَنَحْوِ ذَلِكَ بِأَوَّلِ بَاكُورَتِهِ، وَيُعْتَبَرُ الْبَاكُورَةُ فِي كُلِّ بَطْنٍ لَا فِي الْبَطْنِ الْأَوَّلِ وَحْدَهُ، وَهَكَذَا كُلُّ مَبِيعٍ.
قَوْلُهُ: (وَزِنَاهُ) وَأُلْحِقَ بِهِ اللِّوَاطُ وَإِتْيَانُ الْبَهَائِمِ وَتَمَكُّنٌ مِنْ مَنِيِّهِ نَفْسِهِ وَالْمُسَاحَقَةُ. قَوْلُهُ: (وَسَرِقَتُهُ) وَأُلْحِقَ بِهَا جِنَايَةُ الْعَمْدِ نَعَمْ لَا يَضُرُّ سَرِقَتُهُ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ لِأَنَّهُ غَنِيمَةٌ وَلَا سَرِقَةُ مَالِ سَيِّدِهِ الْمَغْصُوبِ لِرَدِّهِ إلَيْهِ. قَوْلُهُ: (وَإِبَاقُهُ) وَأُلْحِقَ بِهِ رِدَّتُهُ وَلَا يُرَدُّ الْآبِقُ حَتَّى يَعُودَ. قَوْلُهُ: (بِكُلٍّ مِنْهَا) أَيْ الثَّلَاثَةِ وَمَا أُلْحِقَ بِهَا فَهِيَ تِسْعَةُ عُيُوبٍ لَهُ الرَّدُّ بِكُلٍّ مِنْهَا، وَإِنْ تَابَ مِنْهُ أَوْ وَجَدَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَمَا عَدَاهَا لَا رَدَّ بِمَا تَابَ عَنْهُ. قَوْلُهُ: (وَاسْتَثْنَى الْهَرَوِيُّ إلَخْ) مَرْجُوحٌ وَالْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ. قَوْلُهُ: (وَبَوْلُهُ إلَخْ) إنْ وُجِدَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي بَعْدَ وُجُودِهِ عِنْدَ الْبَائِعِ وَإِلَّا فَلَا، فَقَوْلُ بَعْضِهِمْ لَهُ الرَّدُّ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ إلَّا بَعْدَ كُبْرِهِ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ لِأَنَّ مَا فِي الصِّغَرِ لَا رَدَّ بِهِ مُطْلَقًا وَمَا فِي الْكِبَرِ لَا يُرَدُّ بِهِ إذَا لَمْ يُوجَدْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي قَبْلُ، فَلَعَلَّهَا عِبَارَةُ مَنْ يَقُولُ بِالرَّدِّ بِمَا فِي الصِّغَرِ
[حاشية عميرة]
تَنْبِيهٌ: قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ يَجِبُ عَلَيْهِ إعْلَامُ الْمُشْتَرِي بِالْعَيْبِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْعَيْبُ مُثْبِتًا لِلْخِيَارِ، وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ التَّعْيِينِ وَلَا يَكْفِي فِيهِ جَمِيعُ الْعُيُوبِ. ثُمَّ رَأَيْت فِي الْقُوتِ قَالَ الْإِمَامُ الضَّابِطُ فِيمَا يَحْرُمُ كِتْمَانُهُ أَنَّ مَنْ عَلِمَ شَيْئًا يُثْبِتُ الْخِيَارَ فَأَخْفَاهُ أَوْ سَعَى فِي تَدْلِيسٍ فِيهِ فَقَدْ فَعَلَ مُحَرَّمًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الشَّيْءُ مُثْبِتًا لِلْخِيَارِ فَتَرْكُ التَّعَرُّضِ لَهُ لَا يَكُونُ مِنْ التَّدْلِيسِ الْمُحَرَّمِ. اهـ ثُمَّ لَوْ بَاعَ وَلَمْ يَعْلَمْهُ ثُمَّ أَعْلَمَهُ هَلْ يَخْرُجُ بِذَلِكَ مِنْ ظِلَامَةِ الْمُشْتَرِي هُوَ مُحْتَمَلٌ.
فَرْعٌ: قَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ لَوْ كَانَ الْغَزْلُ كَتَّانًا وَمُشَاقًّا فَإِنْ بَاعَ مِمَّنْ يَخْفَى عَلَيْهِ ذَلِكَ وَجَبَ إعْلَامُهُ، وَإِلَّا فَلَا قُلْت وَيَدُلُّ لِمَا سَلَفَ عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ قَوْلُهُمْ يَجِبُ الْإِعْلَامُ بِالْغَبْنِ فِي الْمُرَابَحَةِ مَعَ أَنَّ الْغَبْنَ لَا خِيَارَ بِهِ، وَأَيْضًا تَلْطِيخُ ثَوْبِ الْعَبْدِ بِالْمِدَادِ وَالْعَلَفِ، وَإِرْسَالُ الزُّنْبُورِ عَلَى الضَّرْعِ كُلِّهَا لَا خِيَارَ بِهَا، وَجَوَازُ إخْفَائِهَا مُشْكِلٌ فَإِنَّ ضَرَرَ غَيْرِهَا يَرْتَفِعُ بِالْخِيَارِ بِخِلَافِ ضَرَرِهَا.
قَوْلُهُ: (كَمَا سَيَأْتِي) أَيْ فَاَلَّذِي يَأْتِي قَرِينَةٌ عَلَى كَشْفِ مُرَادِهِ هُنَا ثُمَّ دَلِيلُ هَذَا فِي الْعَيْبِ الْمُقَارِنِ الْإِجْمَاعَ، وَمَا رَوَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أَنَّ «رَجُلًا ابْتَاعَ غُلَامًا أَقَامَ عِنْدَهُ ثُمَّ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا فَخَاصَمَ بَائِعَهُ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَرَدَّهُ عَلَيْهِ» . رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَلِأَنَّ الْمُشْتَرِي لَمْ يَبْذُلْ الْمَالَ إلَّا فِي مُقَابَلَةِ الصَّحِيحِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (كَخِصَاءِ رَقِيقٍ) لَوْ قَالَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute