حَدَثَتْ فِي مِلْكِ الْبَائِعِ، وَإِنْ كَانَتْ يَوْمَ الْقَبْضِ أَقَلَّ فَالنُّقْصَانُ مِنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي. قَالَ: وَيُشْبِهُ أَنْ يَجْرِيَ فِيهِ الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ فِي اعْتِبَارِ الْأَرْشِ. انْتَهَى. وَأُسْقِطَ هَذَا الْأَخِيرُ مِنْ الرَّوْضَةِ مَعَ التَّعْلِيلِ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ أَقَلَّ الْقِيمَةِ هُنَا لَا يُنَافِي أَقَلَّ قِيمَةِ الْيَوْمَيْنِ هُنَاكَ، وَيَكُونُ الْمُرَادُ هُنَاكَ مَا إذَا لَمْ تَنْقُصْ الْقِيمَةُ بَيْنَ الْيَوْمَيْنِ عَنْ قِيمَتِهِمَا بِأَنْ سَاوَتْ قِيمَةَ إحْدَاهُمَا أَوْ زَادَتْ عَلَى قِيمَتِهِمَا فَإِنْ نَقَصَتْ عَنْ الْقِيمَتَيْنِ فَالْعِبْرَةُ بِهَا كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْمُصَنِّفِ
(وَلَوْ عَلِمَ الْعَيْبَ) بِالْمَبِيعِ (بَعْدَ زَوَالِ مِلْكِهِ) عَنْهُ (إلَى غَيْرِهِ) بِعِوَضٍ أَوْ بِلَا عِوَضٍ (فَلَا أَرْشَ) لَهُ (فِي الْأَصَحِّ) الْمَنْصُوصِ لِأَنَّهُ قَدْ يَعُودُ إلَيْهِ فَيَرُدَّهُ كَمَا قَالَ (فَإِنْ عَادَ الْمِلْكُ) إلَيْهِ (فَلَهُ الرَّدُّ) سَوَاءٌ عَادَ إلَيْهِ بِالرَّدِّ بِالْعَيْبِ أَمْ بِغَيْرِهِ كَالْإِقَالَةِ وَالْهِبَةِ وَالشِّرَاءِ (وَقِيلَ) فِيمَا زَالَ مِلْكُهُ بِعِوَضٍ (إنْ عَادَ) إلَيْهِ (بِغَيْرِ الرَّدِّ بِعَيْبٍ فَلَا رَدَّ) لَهُ لِأَنَّهُ بِالِاعْتِيَاضِ عَنْهُ اسْتَدْرَكَ الظِّلَامَةَ وَغَبَنَ غَيْرَهُ كَمَا غُبِنَ هُوَ، وَلَمْ يَبْطُلْ ذَلِكَ الِاسْتِدْرَاكُ بِخِلَافِ مَا لَوْ رُدَّ عَلَيْهِ بِالْعَيْبِ وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْعِلَّةَ فِي أَنَّ الْأَرْشَ لَهُ اسْتَدْرَكَ الظُّلَامَةِ. وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا إمْكَانُ عَوْدِ الْمَبِيعِ كَمَا تَقَدَّمَ وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ. وَهُوَ مِنْ تَخْرِيجِ ابْنِ سُرَيْجٍ لَهُ بِالْأَرْشِ لِتَعَذُّرِ الرَّدِّ فَلَوْ أَخَذَهُ ثُمَّ رَدَّ عَلَيْهِ بِالْعَيْبِ فَهَلْ لَهُ رَدُّهُ مَعَ الْأَرْشِ وَاسْتِرْدَادُ الثَّمَنِ وَجْهَانِ، وَعَلَى الْأَصَحِّ لَوْ تَعَذَّرَ الْعَوْدُ لِتَلَفٍ أَوْ إعْتَاقٍ رَجَعَ بِالْأَرْشِ الْمُشْتَرِي الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ، وَالْأَوَّلُ عَلَى بَائِعِهِ بِلَا خِلَافٍ، وَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ قَبْلَ الْغُرْمِ لِلثَّانِي وَمَعَ إبْرَائِهِ مِنْهُ. وَقِيلَ: لَا فِيهِمَا بِتَاءٍ عَلَى التَّعْلِيلِ بِاسْتِدْرَاكِ الظُّلَامَةِ (وَالرَّدُّ) بِالْعَيْبِ (عَلَى الْفَوْرِ) فَيَبْطُلُ بِالتَّأْخِيرِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ (فَلْيُبَادِرْ) مُرِيدُهُ إلَيْهِ (عَلَى الْعَادَةِ فَلَوْ
ــ
[حاشية قليوبي]
اعْتَاضَ عَنْهُ شَيْئًا كَثَوْبٍ رَجَعَ بِهِ لَا بِالثَّوْبِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَسَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (وَيُشْبِهُ إلَخْ) أَيْ فَعَدَمُ ذِكْرِ الْخِلَافِ فِي لُزُومِ أَقَلِّ الْقِيَمِ هُنَا الْمُوهِمُ لِلْقَطِّ فِيهِ لَيْسَ مُرَادًا، وَأَسْقَطَ هَذَا مِنْ الرَّوْضَةِ الْمُوهِمُ أَنَّهُ غَيْرُ قَائِلٍ بِهِ، مَعَ ذِكْرِهِ التَّعْلِيلَ فِيهَا بِقَوْلِهِ: لِأَنَّهَا إنْ كَانَتْ إلَخْ الشَّامِلِ لِاعْتِبَارِ الْوَسَطِ لِعُمُومِهِ فَاللَّامُ التَّعْرِيفِ، أَوْ بِالْإِضَافَةِ يَرْفَعُ ذَلِكَ التَّوَهُّمَ، بَلْ فِيهِ إشَارَةٌ إلَى اعْتِبَارِهِ، لِأَنَّ ذِكْرَ أَقَلِّ قِيمَةٍ هُنَا الشَّامِلَ لِذَلِكَ، لَا يُنَافِي فِي اعْتِبَارِ أَقَلِّ الْقِيمَتَيْنِ فِي الْأَرْشِ، لِإِمْكَانِ حَمْلِ مَا هُنَاكَ عَلَى مَا إذَا لَمْ تَنْقُصْ بَيْنَهُمَا الْمُؤَدِّي إلَى أَنَّهَا لَوْ نَقَصَتْ عَنْهُمَا اُعْتُبِرَتْ، فَهُوَ يَقُولُ: بِاعْتِبَارِ الْوَسَطِ فِيهِ أَيْضًا، فَلَا مُخَالَفَةَ بَيْنَ الْمَوْضِعَيْنِ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ؛ وَحَرِّرْهُ مَعَ مَا ذَكَرَهُ أَصْحَابُ الْحَوَاشِي هُنَا مِمَّا فِيهِ تَدَافُعٌ لَا يُلَاقِي بَعْضُهُ بَعْضًا.
قَوْلُهُ: (زَوَالُ مِلْكِهِ عَنْهُ) أَيْ كُلًّا أَوْ بَعْضًا. وَمِثْلُ زَوَالِ مِلْكِهِ تَعَلُّقُ حَقٍّ بِهِ، فَلَا رُجُوعَ عَلَيْهِ بِالْأَوْلَى كَرَهْنِهِ الْمَقْبُوضِ وَكِتَابَتِهِ الصَّحِيحَةِ وَغَصْبِهِ، وَإِبَاقِهِ وَإِجَارَتِهِ مَا لَمْ يَرْضَى بِهِ مَسْلُوبُ الْمَنْفَعَةِ، وَلَا أُجْرَةَ لَهُ بَقِيَّةَ الْمُدَّةِ لِرِضَاهُ مَعَ كَوْنِهِ لَهُ مَنْدُوحَةٌ عَنْهُ، فَلَا يُخَالِفُ مَا فِي التَّحَالُفِ وَقَدْ يُرَادُ بِمِلْكِهِ سَلْطَنَتَهُ، فَيَعُمُّ جَمِيعَ مَا ذُكِرَ نَعَمْ. قَالَ شَيْخُنَا: إنْ كَانَ الْعَيْبُ فِي الْآبِقِ الْمَذْكُورِ غَيْرَ الْإِبَاقِ، فَلَهُ الْأَرْشُ لِتَعَذُّرِهِ فَرَاجِعْهُ فَإِنَّهُ خِلَافُ صَرِيحِ كَلَامِهِمْ تَنْبِيهٌ: لَوْ عَلِمَ الْبَائِعُ عَيْبًا بِالثَّمَنِ بَعْدَ زَوَالِ مِلْكِهِ عَنْهُ فَحُكْمُهُ كَعَكْسِهِ. قَوْلُهُ: (فَلَهُ الرَّدُّ) وَحِينَئِذٍ يَرْجِعُ بِمَا وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَيْهِ وَلَوْ فِي الذِّمَّةِ أَوْ اعْتَاضَ عَنْهُ غَيْرُهُ، كَمَا مَرَّ نَعَمْ إنْ اعْتَاضَ عَنْهُ مِنْ جِنْسِهِ، كَصِحَاحٍ عَنْ مُكَسَّرَةٍ رَجَعَ بِالصِّحَاحِ فَقَطْ، لِأَنَّهُ يَجِبُ قَبُولُهَا وَالزِّيَادَةُ صِفَةٌ لَا تَتَمَيَّزُ وَعُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُشْتَرِي الثَّانِي رَدُّهُ عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَمَلَّكْ مِنْهُ وَلَوْ حَدَثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي الثَّانِي عَيْبٌ يَمْنَعُ الرَّدَّ وَأَبْقَى الْعَقْدَ فَإِنْ أَخَذَ أَرْشَ الْقَدِيمِ مِنْ بَائِعِهِ رَجَعَ بِهِ عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ، وَإِلَّا فَلَا لِإِمْكَانِ الْعَوْدِ خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ. قَوْلُهُ: (بِالِاعْتِيَاضِ) أَيْ بِأَخْذِهِ الْعِوَضَ الَّذِي هُوَ الثَّمَنُ مِنْ الْمُشْتَرِي الثَّانِي. قَوْلُهُ: (وَهُوَ مِنْ تَخْرِيجِ إلَخْ) فَمُقَابِلُهُ نَصٌّ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ، أَوْ لَا فَفِيهِ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ. قَوْلُهُ: (فَلَوْ أَخَذَهُ) أَيْ الْأَرْشَ عَلَى الْقَوْلِ الْمُخَرَّجِ الْمَذْكُورِ. قَوْلُهُ: (وَجْهَانِ) أَصَحُّهُمَا أَنَّ لَهُ الرَّدَّ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ الْمَذْكُورِ. قَوْلُهُ: (وَعَلَى الْأَصَحِّ) الَّذِي هُوَ النَّصُّ الْمُتَقَدِّمُ لَا. قَوْلُهُ: (وَالرَّدُّ بِالْعَيْبِ عَلَى الْفَوْرِ) أَيْ إنْ كَانَ فِي مَبِيعٍ مُعَيَّنٍ فِي الْعَقْدِ أَوْ فِي مَجْلِسِهِ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ، وَإِلَّا فَعَلَى التَّرَاخِي لِأَنَّهُ لَا يُمْلَكُ إلَّا بِالرِّضَا
[حاشية عميرة]
وَذَلِكَ طَرِيقَةُ الْخِلَافِ. قَوْلُهُ: (هَذَا الْأَخِيرُ) يَرْجِعُ إلَى قَوْلِهِ وَيُشْبِهُ. قَوْلُهُ: (وَفِيهِ إشَارَةٌ) أَيْ فِي التَّعْلِيلِ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ اقْتَصَرَ فِي التَّعْلِيلِ عَلَى ذِكْرِ الطَّرِيقَيْنِ، وَالْمُعَلِّلُ شَامِلٌ لِلْوَسَطِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ اقْتِصَارَهُ فِيمَا مَضَى عَلَى ذِكْرِ الطَّرِيقَيْنِ لَا يُنَافِي اعْتِبَارَ الْوَسَطِ
قَوْلُ الْمَتْنِ: (بَعْدَ زَوَالِ مِلْكِهِ) مِثْلُهُ لَوْ رَهَنَهُ أَوْ آجَرَهُ أَوْ حَصَلَ غَصْبٌ أَوْ إبَاقٌ وَأَمَّا تَلَفُهُ حِسًّا أَوْ شَرْعًا فَقَدْ سَلَفَ. قَوْلُهُ: (وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ إلَخْ) زَادَ الْإِسْنَوِيُّ وَالثَّالِثُ إنْ زَالَ بِعِوَضٍ لَمْ يَرْجِعْ، لِاسْتِدْرَاكِ الظُّلَامَةِ أَوْ غَبْنِ غَيْرِهِ كَمَا غُبِنَ وَإِنْ زَالَ مَجَّانًا رَجَعَ ثُمَّ تَكَلَّمَ عَلَى قَوْلِ الْمِنْهَاجِ فَإِنْ عَادَ الْمِلْكُ فَلَهُ الرَّدُّ، وَقِيلَ: إنْ عَادَ إلَخْ، فَقَالَ أَمَّا الْأَوَّلُ وَهُوَ الْقَائِلُ بِالرَّدِّ مُطْلَقًا فَهُوَ الَّذِي ذَهَبَ إلَى عَدَمِ الْأَرْشِ عِنْدَ زَوَالِ الْمِلْكِ مُطْلَقًا. وَعَلَّلَ بِعَدَمِ الْيَأْسِ فَيَقُولُ: هُنَا قَدْ أَمْكَنَهُ، وَأَمَّا الْمُفَصَّلُ وَهُوَ الَّذِي ذَهَبَ إلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute