للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَلَفِ اللَّبَنُ رَدَّ مَعَهَا صَاعَ تَمْرٍ) لِلْحَدِيثِ (وَقِيلَ: يَكْفِي صَاعُ قُوتٍ) لِمَا فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيِّ لِلْحَدِيثِ الثَّانِي «وَصَاعًا مِنْ طَعَامٍ» وَهَلْ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ الْأَقْوَاتِ أَوْ يَتَعَيَّنُ غَالِبُ قُوتِ الْبَلَدِ؟ وَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا الثَّانِي. وَقِيلَ: يَكْفِي رَدُّ مِثْلِ اللَّبَنِ أَوْ قِيمَتِهِ عِنْدَ إعْوَازِ الْمِثْلِ كَسَائِرِ الْمُتْلِفَاتِ، وَعَلَى تَعَيُّنِ التَّمْرِ لَوْ تَرَاضَيَا عَلَى غَيْرِهِ مِنْ قُوتٍ أَوْ غَيْرِهِ جَازَ. وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ عَلَى الْبُرِّ وَلَوْ فَقَدَ التَّمْرَ رَدَّ قِيمَتَهُ بِالْمَدِينَةِ ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَأَقَرَّهُ الشَّيْخَانِ، أَمَّا رَدُّ الْمُصَرَّاةِ قَبْلَ تَلَفِ اللَّبَنِ فَلَا يَتَعَيَّنُ رَدُّ الصَّاعِ مَعَهُ لِجَوَازِ أَنْ يَرُدَّ الْمُشْتَرِي اللَّبَنَ وَيَأْخُذَهُ الْبَائِعُ فَلَا شَيْءَ لَهُ غَيْرُهُ فَإِنْ لَمْ يَتَّفِقْ ذَلِكَ لِعَدَمِ لُزُومِهِ بِمَا حَدَثَ وَاخْتَلَطَ مِنْ اللَّبَنِ مِنْ جِهَةِ الْمُشْتَرِي وَبِذَهَابِ طَرَاوَةِ اللَّبَنِ أَوْ حُمُوضَتِهِ مِنْ جِهَةِ الْبَائِعِ وَجَبَ رَدُّ الصَّاعِ. وَلَوْ عَلِمَ التَّصْرِيَةَ قَبْلَ الْحَلْبِ رَدَّ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ (وَالْأَصَحُّ أَنَّ الصَّاعَ لَا يَخْتَلِفُ بِكَثْرَةِ اللَّبَنِ) وَقِلَّتِهِ لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ، وَالثَّانِي يَخْتَلِفُ فَيَتَقَدَّرُ التَّمْرُ أَوْ غَيْرُهُ بِقَدْرِ اللَّبَنِ فَقَدْ يَزِيدُ عَلَى الصَّاعِ وَقَدْ يَنْقُصُ عَنْهُ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ خِيَارَهَا) أَيْ الْمُصَرَّاةِ (لَا يَخْتَصُّ بِالنِّعَمِ) وَهِيَ الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ (بَلْ يَعُمُّ كُلَّ مَأْكُولٍ) مِنْ الْحَيَوَانِ (وَالْجَارِيَةُ وَالْأَتَانُ) بِالْمُثَنَّاةِ وَهِيَ الْأُنْثَى مِنْ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ لِرِوَايَةِ مُسْلِمٍ مِنْ اشْتَرَى مُصَرَّاةً. وَلِلْبُخَارِيِّ مَنْ اشْتَرَى مُحَفَّلَةً وَهِيَ بِالتَّشْدِيدِ مِنْ الْحَفْلِ أَيْ الْجَمْعِ (وَلَا يَرُدُّ مَعَهُمَا شَيْئًا) بَدَلَ اللَّبَنِ لِأَنَّ لَبَنَ الْآدَمِيَّاتِ لَا يُعْتَاضُ عَنْهُ غَالِبًا وَلَبَنُ الْأَتَانِ نَجِسٌ لَا عِوَضَ لَهُ (وَفِي الْجَارِيَةِ وَجْهٌ) أَنَّهُ يَرُدُّ مَعَهَا بَدَلَ اللَّبَنِ لِطَهَارَتِهِ وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ أَنَّ الْخِيَارَ يَخْتَصُّ بِالنِّعَمِ فَلَا خِيَارَ فِي غَيْرِهَا مِنْ الْحَيَوَانِ الْمَأْكُولِ لِعَدَمِ وُرُودِهِ. وَالْمُرَادُ فِي الْحَدِيثِ الْمُصَرَّاةُ وَالْمُحَفَّلَةُ مِنْ النِّعَمِ وَلَا فِي الْجَارِيَةِ لِأَنَّ لَبَنَهَا لَا يُقْصَدُ إلَّا نَادِرًا وَلَا فِي الْأَتَانِ إذْ لَا مُبَالَاةَ بِلَبَنِهَا وَدُفِعَ بِأَنَّهُ مَقْصُودٌ لِتَرْبِيَةِ الْجَحْشِ وَلَبَنُ الْجَارِيَةِ الْغَزِيرُ مَطْلُوبٌ فِي الْحَضَانَةِ مُؤَثِّرٌ فِي الْقِيمَةِ وَمَا ذُكِرَ أَنَّهُ الْمُرَادُ فِي الْحَدِيثِ خِلَافَ الظَّاهِرِ مِنْهُ

ــ

[حاشية قليوبي]

تَلَفِ اللَّبَنِ) أَيْ حِسًّا وَسَيَأْتِي مُقَابِلُهُ، وَيُضَمِّنُهُ مُتْلِفَهُ الْأَهْلُ وَلَوْ بَائِعًا. قَوْلُهُ: (صَاعَ تَمْرٍ) وَإِنْ كَانَ اشْتَرَاهَا بِأَقَلَّ مِنْ صَاعٍ أَوْ اشْتَرَاهَا بِعَيْنِهِ إذْ لَا رِبَا هُنَا، وَيَتَعَدَّدُ الصَّاعُ بِتَعَدُّدِ الْعَاقِدُ بَائِعًا أَوْ مُشْتَرِيًا لَا بِتَفْصِيلِ الثَّمَنِ. قَوْلُهُ: (لِلْحَدِيثِ) أَيْ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ ضَرْبٍ مِنْ التَّعَبُّدِ. قَوْلُهُ: (مِنْ طَعَامٍ) يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى التَّمْرِ لِأَنَّهُ مُطْلَقٌ.

قَوْلُهُ: (أَصَحُّهُمَا الثَّانِي) أَيْ عَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي. قَوْلُهُ: (أَوْ غَيْرُهُ) وَلَوْ عَلَى الرَّدِّ بِلَا شَيْءٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ فُقِدَ التَّمْرُ) أَيْ فِي بَلَدِ اللَّبَنِ لِأَنَّهُ الْمُعْتَبَرُ وَحَوَالَيْهِ إلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ بِثَمَنِ مِثْلِهِ. قَوْلُهُ: (قِيمَتِهِ) أَيْ يَوْمَ الرَّدِّ بِالْمَدِينَةِ الشَّرِيفَةِ كَمَا رَجَّحَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقَوْلُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ إنَّ الْمَاوَرْدِيَّ لَمْ يُرَجِّحْ شَيْئًا مَرْدُودٌ. قَوْلُهُ: (مَعَهُ) أَيْ مَعَ وُجُودِهِ. قَوْلُهُ: (ذَلِكَ) أَيْ الرَّدُّ وَالْأَخْذُ. قَوْلُهُ: (بِمَا حَدَثَ) أَيْ بِالْحَادِثِ مِنْ اللَّبَنِ بَعْدَ الْبَيْعِ الَّذِي هُوَ لِلْمُشْتَرِي بِمَا كَانَ قَبْلَهُ الَّذِي هُوَ لِلْبَائِعِ وَهُوَ فِي الضَّرْعِ. قَوْلُهُ: (وَبِذَهَابِ) الْوَاوِ فِيهِ بِمَعْنَى أَوْ. قَوْلُهُ: (طَرَاوَتِهِ) أَيْ بِمُجَرَّدِ حَلْبِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (وَقِلَّتِهِ) أَيْ غَيْرِ مُتَمَوَّلٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ عِنْدَ شَيْخِنَا ز ي، وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا م ر، اعْتِبَارُ التَّمَوُّلِ وَمَا يَخُصُّ كُلَّ عَاقِدٍ عِنْدَ التَّعَدُّدِ فِيهِ هَذَا الْخِلَافُ. قَوْلُهُ (مَأْكُولٍ) وَمِنْهُ بَنَاتُ عُرْسٍ وَأَرْنَبٍ. قَوْلُهُ: (لَا يُعْتَاضُ عَنْهُ) أَيْ لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِذَلِكَ أَيْ شَأْنُهُ ذَلِكَ بِخِلَافِ غَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (خِلَافُ الظَّاهِرِ مِنْهُ) لِأَنَّ النَّكِرَةَ فِي حَيِّزِ الشَّرْطِ تَعُمُّ، وَلَمْ يُسْتَنْبَطْ مِنْ النَّصِّ مَعْنًى يُخَصِّصُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّعَبُّدِ كَمَا مَرَّ.

قَوْلُهُ: (وَحَبْسِ مَاءِ الْقَنَاةِ) وَلَوْ بِنَفْسِهِ وَجَهِلَهُ الْبَائِعُ، وَمِثْلُهُ تَحْمِيرُ الْوَجْهِ، وَتَسْوِيدُ الشَّعْرِ، وَتَوْرِيمُ الْبَدَنِ لِإِيهَامِ السِّمَنِ، كَمَا فِي التَّصْرِيَةِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ وَمِثْلُ ذَلِكَ تَجْعِيدُ الشَّعْرِ عِنْدَ الشَّيْخِ الْخَطِيبِ، وَغَيْرِهِ وَقَالَ شَيْخُنَا:

ــ

[حاشية عميرة]

قَوْلُهُ: (وَعَلَى الْأَوَّلِ لَهُ الْخِيَارُ) يَرْجِعُ إلَى قَوْلِهِ فِي الْمَتْن عَلَى الْفَوْرِ.

قَوْلُهُ: (أَصَحُّهُمَا الثَّانِي) لَكِنَّهُ نَبَّهَ الْإِمَامُ عَلَى أَنَّ الطَّعَامَ هُنَا لَا يَتَعَدَّى إلَى الْأَقِطِ قَوْلُهُ: (أَمَّا رَدُّ الْمُصَرَّاةِ إلَخْ) هَذَا الْكَلَامُ إذَا تَأَمَّلْته تَجِدْهُ يَقْتَضِي أَنَّ تَرَاضِيهِمَا عَلَى الرَّدِّ مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ مُمْتَنِعٌ ثُمَّ رَأَيْت السُّبْكِيَّ تَعَرَّضَ لِلْمَسْأَلَةِ وَقَالَ فِيهَا يَحْتَمِلُ الْجَوَازُ وَيُحْتَمَلُ الْمَنْعُ بِنَاءً عَلَى مَنْعِ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ شَرْعًا اهـ. قَوْلُهُ: (لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ) الْمَعْنَى فِي هَذَا أَنَّ اللَّبَنَ الْمَوْجُودَ عِنْدَ الْبَيْعِ مُخْتَلِطٌ بِالْحَادِثِ يَتَعَذَّرُ تَمْيِيزُهُ، فَعَيَّنَ الشَّارِعُ لَهُ بَدَلًا قَطْعًا لِلْخُصُومَةِ كَالْغُرَّةِ وَأَرْشِ الْمُوضِحَةِ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي إلَخْ) صَحَّحَهُ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد فَإِنْ رَدَّهَا رَدٌّ مَعَهَا مِثْلَ لَبَنِهَا قَمْحًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْأَتَانُ) جَمْعُهَا فِي اللُّغَةِ آتُنٌ عَلَى وَزْنِ أَفْلُسٌ، وَفِي الْكَثْرَةِ أُتُنٌ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَالتَّاءِ وَإِسْكَانِهَا أَيْضًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا يَرُدُّ مَعَهُمَا) اقْتَضَى كَلَامُهُ كَغَيْرِهِ أَنَّهُ يَرُدُّ مَعَ كُلِّ مَأْكُولٍ قَالَ السُّبْكِيُّ: وَهُوَ الْمَشْهُور.

قَوْلُهُ: (وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ) جَعَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَجْهًا شَاذًّا فَفِي التَّعْبِيرِ بِالْأَصَحِّ نَظَرٌ. قَوْلُهُ (لِعَدَمِ وُرُودِهِ) عِبَارَةُ الْإِسْنَوِيِّ لِأَنَّ لَبَنَ غَيْرِ النِّعَمِ لَا يُقْصَدُ إلَّا عَلَى نُدُورٍ بِخِلَافِ النِّعَمِ. قَوْلُهُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>