للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَعْدَ انْفِكَاكِهِ وَمَوْرُوثٍ وَبَاقٍ فِي يَدِ وَلِيِّهِ بَعْدَ رُشْدِهِ. وَكَذَا عَارِيَّةٌ وَمَأْخُوذٌ بِسَوْمٍ) لِتَمَامِ الْمِلْكِ فِي الْمَذْكُورَاتِ. وَفَصْلُ الْأَخِيرَيْنِ بِكَذَا لِأَنَّهُمَا مَضْمُونَانِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ الْمَوْرُوثِ مَا اشْتَرَاهُ الْمَوْرُوثُ وَلَمْ يَقْبِضْهُ فَلَا يَمْلِكُ الْوَارِثُ بَيْعَهُ كَالْمُورِثِ

(وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْمُسْلَمِ فِيهِ) قَبْلَ قَبْضِهِ (وَلَا الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ) لِعُمُومِ النَّهْيِ لِذَلِكَ (وَالْجَدِيدُ جَوَازُ الِاسْتِبْدَالِ عَنْ الثَّمَنِ) الَّذِي فِي الذِّمَّةِ لِحَدِيثِ «ابْنِ عُمَرَ: كُنْت أَبِيعُ الْإِبِلَ بِالدَّنَانِيرِ وَآخُذُ مَكَانَهَا الدَّرَاهِمَ وَأَبِيعُ بِالدَّرَاهِمِ وَآخُذُ مَكَانَهَا الدَّنَانِيرَ، فَأَتَيْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: لَا بَأْسَ إذَا تَفَرَّقْتُمَا وَلَيْسَ بَيْنَكُمَا شَيْءٌ» . رَوَاهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ وَابْنُ حِبَّانَ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ وَالْقَدِيمُ الْمَنْعُ لِعُمُومِ النَّهْيِ السَّابِقِ لِذَلِكَ وَالثَّمَنُ النَّقْدُ وَالْمُثَمَّنُ مُقَابِلُهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ نَقْدٌ

ــ

[حاشية قليوبي]

لِكَمَالِهِ سَوَاءٌ رَبِحَ أَوْ لَا وَقَعَتْ قِسْمَةٌ أَوْ لَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (وَمَرْهُونٍ بَعْدَ انْفِكَاكِهِ) أَمَّا قَبْلَهُ فَلَا يَصِحُّ التَّصَرُّفُ فِيهِ وَمِنْهُ الرَّهْنُ الشَّرْعِيُّ نَحْوُ ثَوْبٍ عِنْدَ خَيَّاطٍ شَرَعَ فِي خِيَاطَتِهِ، أَوْ عِنْدَ قَصَّارٍ شَرَعَ فِي قِصَارَتِهِ، أَوْ عِنْدَ صَبَّاغٍ كَذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يُتِمَّ عَمَلَهُ أَمَّا إذَا وَفَّاهُ أُجْرَتَهُ، إنْ كَانَ قَبْلَ شُرُوعِهِ فَيَصِحُّ تَصَرُّفُهُ وَإِنْ سَلَّمَهُ لَهُ بِنَاءً عَلَى جَوَازِ إبْدَالِ الْمُسْتَوْفِي بِهِ الْآتِي. وَمِنْهُ يُعْلَمُ جَوَازُ بَيْعِ غَنَمٍ اسْتَأْجَرَهُ لِرَعْيِهَا شَهْرًا مَثَلًا وَإِنْ مَضَى بَعْضُ الشَّهْرِ لِمَا ذُكِرَ وَإِذَا أَسْلَمَ الْأَجِيرُ نَفْسَهُ بَقِيَّةَ الشَّهْرِ اسْتَحَقَّ أُجْرَتَهُ وَفَارَقَ نَحْوَ الْقِصَارَةَ بَعْدَ الشُّرُوعِ لِأَنَّهَا عَيْنٌ فَتَأَمَّلْهُ.

قَوْلُهُ: (وَمُعَارٍ) أَيْ يَصِحُّ التَّصَرُّفُ فِيهِ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ رَدُّهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ حَيْثُ قَالَ إنْ أَمْكَنَ رَدُّهُ كَدَارٍ وَدَابَّةٍ صَحَّ وَإِلَّا كَأَرْضٍ بُنِيَتْ أَوْ غُرِسَتْ فَلَا يَصِحُّ لِجَهْلِ الْمُدَّةِ وَلِأَنَّ اسْتِرْجَاعَهَا لَا يُمْكِنُ إلَّا بِغُرْمِ قِيمَةِ الْبِنَاءِ أَوْ الْغِرَاسِ أَوْ أَرْشِ النَّقْصِ وَذَلِكَ لَا يَجِبُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْ الْمُتَعَاقِدَيْنِ اهـ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُمَا مَضْمُونَانِ) وَهَكَذَا حِكْمَةُ فَصْلِ الْمُعَارِ وَالْمُسْتَامِ بِكَذَا، وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّ مَا قَبْلَهُمَا مَعْطُوفٌ عَلَى وَدِيعَةٍ فَهُوَ مِنْ الْأَمَانَةِ وَعَلَى هَذَا فَلَا حَاجَةَ لِاسْتِثْنَاءِ الْمُورِثِ الَّذِي ذَكَرَهُ، لِأَنَّهُ فِي يَدِ الْبَائِعِ مَضْمُونٌ وَلَوْ عَطَفَ الْمُشْتَرَكَ وَمَا بَعْدَهُ عَلَى مَالِهِ لِيَشْمَلَ مَا فِيهِ ضَمَانٌ بِعَقْدٍ وَغَيْرِهِ لَكَانَ أَوْلَى، وَعَلَيْهِ يَكُونُ الِاسْتِثْنَاءُ لَا بُدَّ مِنْهُ كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا فَانْظُرْهُ مَعَ مَا مَرَّ.

تَنْبِيهٌ: مِنْ هَذَا الْقِسْمِ الْمَمْلُوكِ يَفْسَخُ بِعَيْبٍ وَإِقَالَةٍ وَهُوَ كَذَلِكَ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَبْسُهُ عَلَى الْمَرْجُوحِ عِنْدَ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ فِيهِمَا كَمَا تَقَدَّمَ قَرِيبًا، وَعَلَى الرَّاجِحِ فِي غَيْرِهِمَا وَمَا فِيهِ حَقُّ الْحَبْسِ مَبِيعٌ بِثَمَنٍ فِي الذِّمَّةِ لَمْ يَسْلَمْ فِيهِ الثَّمَنُ مَثَلًا فَلَا يَصِحُّ، وَهَذَا مَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ الْمُتَوَلِّي فَمَا فِي الْمَنْهَجِ مِنْ التَّقْيِيدِ مُعْتَمَدٌ.

تَنْبِيهٌ آخَرَ: الْمَأْخُوذُ بِالسَّوْمِ مَضْمُونٌ كُلُّهُ إنْ أَخَذَهُ لِشِرَاءِ كُلِّهِ، وَإِلَّا فَقَدْرُ مَا يُرِيدُ شِرَاءَهُ فَلَوْ أَخَذَ خِرْقَةً عَشَرَةَ أَذْرُعٍ لِشِرَاءِ خَمْسَةٍ مِنْهَا لَمْ يَضْمَنْ الْخَمْسَةَ الثَّانِيَةَ لِأَنَّهَا فِي يَدِهِ أَمَانَةٌ فَلَوْ كَانَا قِطْعَتَيْنِ لِيَشْتَرِيَ خَمْسَةً مِنْ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا ضَمِنَ خَمْسَةً مِنْ كُلٍّ مِنْهَا أَوْ لِيَشْتَرِيَ وَاحِدَةً مِنْهُمَا ضَمِنَ كُلًّا مِنْهُمَا هَذَا مَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا.

قَوْلُهُ: (وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْمُسْلَمِ فِيهِ) وَلَوْ نَقْدًا وَالْمُرَادُ بِهِ كُلُّ مُثَمَّنٍ فِي الذِّمَّةِ، وَلَوْ غَيْرَ مُسَلَّمٍ فِيهِ فَيَشْمَلُ الْمَبِيعَ فِي الذِّمَّةِ بِغَيْرِ لَفْظِ السَّلَمِ وَقَوْلُ الْمَنْهَجِ وَتَعْبِيرِي بِالْمُثَمَّنِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْمُسْلَمِ فِيهِ لَا يُنَاسِبُ طَرِيقَتَهُ مِنْ كَوْنِ الْمَبِيعِ فِي الذِّمَّةِ مِنْ الْمُسْلَمِ فِيهِ، وَخَرَجَ بِالْمُثَمَّنِ غَيْرُهُ مِنْ نَحْوِ أُجْرَةٍ وَصَدَاقٍ وَعِوَضِ خُلْعٍ وَدَيْنِ ضَمَانٍ وَلَوْ لِمُسْلَمٍ فِيهِ وَمِنْ ذَلِكَ الثَّمَنُ وَسَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ. قَوْلُهُ: (وَلَا الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ) هُوَ أَعَمُّ مِمَّا قَبْلَهُ. قَوْلُهُ: (لِعُمُومِ النَّهْيِ) الْمَذْكُورِ فِيمَا مَرَّ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا تَبِيعَنَّ شَيْئَا» إلَخْ. قَوْلُهُ: (وَالْجَدِيدُ جَوَازُ الِاسْتِبْدَالِ عَنْ الثَّمَنِ) أَيْ الَّذِي لَا يُشْتَرَطُ قَبْضُهُ فِي الْمَجْلِسِ وَإِلَّا كَرَأْسِ مَالِ سَلَمٍ وَرِبَوِيٍّ وَأُجْرَةٍ فِي إجَارَةِ ذِمَّةٍ فَلَا يَصِحُّ. قَوْلُهُ: (وَهَذَا بَيْعُ الدَّيْنِ مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ) هَذِهِ الْجُمْلَةُ سَاقِطَةٌ مِنْ بَعْضِ النُّسَخِ. قَوْلُهُ: (وَلَيْسَ بَيْنَكُمَا شَيْءٌ) أَيْ عَلَقَةٌ. قَوْلُهُ: (وَأَصْحَابُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ) هُوَ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ. وَقَوْلُهُ: (وَالْقَدِيمُ الْمَنْعُ) وَحُمِلَ عَلَى مَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (وَالثَّمَنُ النَّقْدُ) سَوَاءٌ كَانَ هُوَ الْعَيْنُ أَوْ مَا فِي الذِّمَّةِ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ إذَا وَجَبَ قَبْضُهُ فِي الْمَجْلِسِ.

قَوْلُهُ: (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ نَقْدٌ) أَيْ لَمْ يُوجَدْ فِي كُلٍّ مِنْ الْعِوَضَيْنِ.

ــ

[حاشية عميرة]

بِالْبَيْعِ) أَيْ لِعَدَمِ تَوَالِي الضَّمَانَيْنِ فِيمَا ذُكِرَ، أَيْ فَلَا يَلْزَمُ الْبَائِعَ أَنْ يُسَلِّمَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ. قَوْلُهُ: (وَيُسْتَثْنَى) لَك أَنْ تَقُولَ هَذِهِ تَخْرُجُ بِقَوْلِ الْمِنْهَاجِ أَمَانَةٌ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْمُسْلَمِ فِيهِ) مِثْلُهُ الْمَبِيعُ الْمَوْصُوفُ فِي الذِّمَّةِ إذَا عَقَدَ عَلَيْهِ بِلَفْظِ الْبَيْعِ، وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الثَّمَنِ بِأَنْ عَيَّنَ الْمَبِيعَ تَقْصِدُ، فَكَانَ كَالسَّلَمِ فِيهِ وَأَمَّا الثَّمَنُ فَالْغَرَضُ مِنْهُ مَالِيَّتُهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْجَدِيدُ) الْخِلَافُ ثَابِتٌ سَوَاءٌ قَبَضَ الْمَبِيعَ أَوْ لَمْ يَقْبِضْ.

تَنْبِيهٌ: الْمَضْمُونَاتُ ضَمَانُ عَقْدٍ كَالْأُجْرَةِ وَالصَّدَاقِ وَعِوَضُ الْخُلْعِ وَالدَّمِ حُكْمُهَا كَالثَّمَنِ، فَيَفْصِلُ فِيهَا بَيْنَ الْمُعَيَّنِ وَمَا فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>