للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيْهِ قَبْضُ الْعِوَضَيْنِ فِي الْمَجْلِسِ فَلَوْ تَفَرَّقَا قَبْلَ قَبْضِ أَحَدِهِمَا بَطَلَ الْبَيْعُ. كَذَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا كَالتَّهْذِيبِ وَفِي الْمَطْلَبِ أَنَّ مُقْتَضَى كَلَامِ الْأَكْثَرِينَ يُخَالِفُهُ (وَلَوْ كَانَ لِزَيْدٍ وَعَمْرٍو دَيْنَانِ عَلَى شَخْصٍ فَبَاعَ زَيْدٌ عَمْرًا دَيْنَهُ بِدَيْنِهِ بَطَلَ قَطْعًا) اتَّفَقَ الْجِنْسُ أَوْ اخْتَلَفَ «لِنَهْيِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: عَنْ بَيْعِ الْكَالِئِ بِالْكَالِئِ» رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَقَالَ: إنَّهُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ. وَفُسِّرَ بِبَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ كَمَا وَرَدَ التَّصْرِيحُ بِهِ فِي رِوَايَةٍ لِلْبَيْهَقِيِّ. وَقَوْلُهُ قَطْعًا كَقَوْلِ الْمُحَرَّرِ بِلَا خِلَافٍ مَزِيدٌ عَلَى الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا

(وَقَبْضُ الْعَقَارِ تَخْلِيَتُهُ لِلْمُشْتَرِي وَتَمْكِينُهُ مِنْ التَّصَرُّفِ) فِيهِ (بِشَرْطِ فَرَاغِهِ مِنْ أَمْتِعَةِ الْبَائِعِ) نَظَرًا لِلْعُرْفِ فِي ذَلِكَ لِعَدَمِ مَا يَضْبِطُهُ شَرْعًا أَوْ لُغَةً، وَلَوْ أَتَى الْمُصَنِّفُ بِالْبَاءِ فِي التَّخْلِيَةِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَالْمُحَرَّرِ كَانَ أَقْوَمَ لِأَنَّ الْقَبْضَ فِعْلُ الْمُشْتَرِي وَالتَّخْلِيَةَ فِعْلُ الْبَائِعِ فَلَوْلَا التَّأْوِيلُ الْمَذْكُورُ لِمَا صَحَّ الْحَمْلُ إلَّا أَنْ يُفَسِّرَ الْقَبْضَ بِالْإِقْبَاضِ، وَالْعَقَارُ يَشْمَلُ الْأَرْضَ وَالْبِنَاءَ وَغَيْرَهُمَا وَلَوْ كَانَ فِي الدَّارِ الْمَبِيعَةِ أَمْتِعَةٌ لِلْبَائِعِ تَوَقَّفَ الْقَبْضُ عَلَى تَفْرِيغِهَا وَلَوْ جُمِعَتْ فِي بَيْتٍ مِنْهَا تَوَقَّفَ الْقَبْضُ لَهُ عَلَى تَفْرِيغِهِ (فَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ الْعَاقِدَانِ الْمَبِيعَ اُعْتُبِرَ) فِي حُصُولِ قَبْضِهِ (مُضِيُّ زَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ الْمُضِيُّ إلَيْهِ فِي الْأَصَحِّ) اعْتِبَارُ الزَّمَنِ

ــ

[حاشية قليوبي]

أَنْ يُقَالَ أَنَّ الثَّمَنَ يُقَالُ لَهُ مَبِيعٌ، أَوْ يُرَادُ بِالْمَبِيعِ مُطْلَقُ الْمُقَابِلِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (قَبْضُ الْعِوَضَيْنِ) وَهُمَا الْعَبْدُ وَالْمِائَةُ فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ، وَعَلَى هَذَا فَلَا حَاجَةَ لِاشْتِرَاطِ كَوْنِ مَنْ عَلَيْهِ مَلِيئًا مُقِرًّا كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا م ر. وَعُلِمَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَا اتَّفَقَا فِي عِلَّةِ الرِّبَا وَعَدَمِهِ، عَلَى الْمُعْتَمَدِ الَّذِي اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ، وَمَا فِي الْمَنْهَجِ مِنْ الْحَمْلِ ضَعِيفٌ. قَوْلُهُ: (شَخْصٍ) إشَارَةٌ إلَى دَفْعِ أَنْ يُرَادَ بِالتَّعْيِينِ نَحْوُ الْجِنْسِ أَوْ الْقَدْرِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ كَانَ) الْمُنَاسِبُ التَّفْرِيعُ بِالْفَاءِ. قَوْلُهُ: (الْكَالِئِ) هُوَ بِالْأَلِفِ قَبْلَ اللَّامِ وَهَمْزَةٍ مَكْسُورَةٍ بَعْدَهَا. قَوْلُهُ: (وَفُسِّرَ) أَيْ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ وَفِي اللُّغَةِ أَنَّهُ بَيْعُ النَّسِيئَةَ بِالنَّسِيئَةِ.

قَوْلُهُ: (وَقَبْضُ الْعَقَارِ إلَخْ) حَاصِلُ أَطْرَافِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْمَبِيعَ إمَّا مَنْقُولٌ أَوْ غَيْرُهُ وَكُلٌّ إمَّا حَاضِرٌ، فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ أَوْ غَائِبٌ عَنْهُ، وَكُلٌّ إمَّا بِيَدِ الْمُشْتَرِي أَوْ غَيْرِهِ، وَكُلٌّ إمَّا غَيْرُ مَشْغُولٍ أَوْ مَشْغُولٌ، وَالْمَشْغُولُ إمَّا بِأَمْتِعَةِ الْمُشْتَرِي أَوْ الْبَائِعِ أَوْ أَجْنَبِيٌّ أَوْ مُشْتَرَكَةٌ وَالْمُشْتَرَكَةُ إمَّا بَيْنَ اثْنَيْنِ مِنْهُمْ أَوْ بَيْن ثَلَاثَةٍ، وَالْمُرَادُ بِأَمْتِعَةِ الْمُشْتَرِي مَا لَهُ يَدٌ عَلَيْهَا وَحْدَهُ وَلَوْ بِوَدِيعَةٍ، وَإِنْ كَانَتْ لِلْبَائِعِ أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ وَكَذَا الْبَقِيَّةُ وَحَاصِلُ الْحُكْمِ فِي قَبْضِهِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْمَنْقُولِ نَقْلُهُ، وَلَوْ حُكْمًا فِي الْغَائِبِ مُطْلَقًا مَضَى زَمَنٌ يُمْكِنُ فِيهِ الْوُصُولُ إلَيْهِ عَادَةً ثُمَّ إنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا غَيْرَ مَشْغُولٍ بِأَمْتِعَةٍ اُشْتُرِطَ تَمَكُّنُ الْمُشْتَرِي مِنْهُ بِتَسْلِيمِ مِفْتَاحِهِ مَثَلًا أَوْ الْإِذْنِ لَهُ فِي فِعْلِهِ وَاشْتُرِطَ إذْنُ الْبَائِعِ لَهُ فِي قَبْضِهِ إنْ كَانَ لَهُ حَقُّ الْحَبْسِ، وَإِنْ كَانَ مَشْغُولًا بِأَمْتِعَةِ الْمُشْتَرِي، وَحْدَهُ اُشْتُرِطَ مُضِيُّ زَمَنِ التَّفْرِيغِ لِأَفْعَالِهِ أَوْ بِأَمْتِعَةِ غَيْرِهِ اُشْتُرِطَ التَّفْرِيغُ بِالْفِعْلِ، هَذَا هُوَ الْوَجْهُ الَّذِي لَا يُتَّجَهُ غَيْرُهُ وَمَا فِي الْمَنْهَجِ وَغَيْرِهِ مِنْ الِاضْطِرَابِ الَّذِي مُنْشَؤُهُ تَفْسِيرُ الْإِقْبَاضِ، تَارَةً بِاللَّفْظِ وَتَارَةً بِالتَّمْكِينِ وَغَيْرِ ذَلِكَ.

وَتَفْسِيرُ التَّخْلِيَةِ كَذَلِكَ يَجِبُ رُجُوعُهُ إلَى مَا يُوَافِقُ مَا ذَكَرْنَاهُ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ وَالْهِدَايَةُ إلَى سَوَاءِ الطَّرِيقِ. قَوْلُهُ: (تَخْلِيَتُهُ لِلْمُشْتَرِي وَتَمْكِينُهُ مِنْهُ) عَطْفُ التَّمْكِينِ عَلَى التَّخْلِيَةِ تَفْسِيرٌ كَمَا فِي الْمَنْهَجِ، فَإِنْ أُرِيدَ بِالتَّخْلِيَةِ اللَّفْظُ بِهَا، وَبِالتَّمْكِينِ تَسْلِيمُ نَحْوِ الْمِفْتَاحِ أَوْ عَدَمِ مَانِعٍ فَمُغَايِرٌ. قَوْلُهُ: (أَمْتِعَةِ الْبَائِعِ) وَمِثْلُهَا أَمْتِعَةُ الْأَجْنَبِيِّ، وَالْمُشْتَرَكَةُ وَلَوْ مَعَ الْمُشْتَرِي وَتَقَدَّمَ الْمُرَادُ بِهَا. قَوْلُهُ: (كَانَ أَقْوَمَ) بَلْ لَكَانَ قَوِيمًا لِأَنَّ الْقَبْضَ غَيْرُهَا، وَإِنَّمَا يَحْصُلُ بِهَا عَلَى مَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَغَيْرُهُمَا) وَمِنْهُ زَرْعٌ فِي الْأَرْضِ أَوْ ثَمَرٌ عَلَى الشَّجَرِ وَإِنْ شُرِطَ قَطْعُهُ أَوْ بَدَاءُ صَلَاحِهِ، أَوْ بَلَغَ أَوَانُ جُذَاذِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، فَيَصِحُّ قَبْضُ ذَلِكَ الزَّرْعِ بِلَا نَقْلٍ، وَقَبْضُ الْأَرْضِ الْمَشْغُولَةِ، وَمِثْلُهَا الْأَرْضُ الْمَشْغُولَةُ بِالْحِجَارَةِ الْمَدْفُونَةِ كَمَا سَيَأْتِي، وَمِنْهُ مَاءُ بِئْرٍ وَصِهْرِيجٍ فَلَا يُشْتَرَطُ فِي قَبْضِهِ أَوْ قَبَضَهُ مَحِلَّهُ نَقَلَهُ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الْبَيْعِ النَّصُّ عَلَى مَاءِ الصِّهْرِيجِ، بِخِلَافِ مَاءِ الْبِئْرِ، وَمِنْهُ السَّفِينَةُ الَّتِي لَا تُنْحَرُ بِجَرِّهِ عَادَةً، وَإِنْ كَانَتْ

ــ

[حاشية عميرة]

يُحْتَمَلُ تَخْرِيجُهُ عَلَى الْخِلَافِ فِي كَوْنِهَا بَيْعًا أَوْ اسْتِيفَاءً، وَيُحْتَمَلُ النَّظَرُ إلَى أَصْلِهِ وَهُوَ الْمُحَالُ بِهِ هَلْ هُوَ ثَمَنٌ؟ أَوْ مُثَمَّنٌ؟ أَوْ غَيْرُهُمَا.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِأَنْ يَشْتَرِي إلَخْ) يُرِيدُ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ صُورَةِ ذَلِكَ نَحْوُ مَسْأَلَةِ زَيْدٍ وَعَمْرٍو الْآتِيَةِ. قَوْلُهُ: (وَفَسَّرَ إلَخْ) هَذَا التَّفْسِيرُ ذَكَرَهُ الْفُقَهَاءُ أَخْذًا مِنْ الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى وَاَلَّذِي فِي الصِّحَاحِ، وَغَيْرِهِ أَنَّ الْكَالِئَ بِالْكَالِئِ هُوَ النَّسِيئَةُ بِالنَّسِيئَةِ، أَيْ الْمُؤَجَّلِ بِالْمُؤَجَّلِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (تَخْلِيَتُهُ) . أَيْ فَلَا يُشْتَرَطُ دُخُولُهُ الْمَكَانَ وَلَا حَقِيقَةُ التَّصَرُّفِ وَقَوْلُهُ وَتَمْكِينُهُ عَطْفُ تَفْسِيرٍ عَلَى التَّخْلِيَةِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِشَرْطِ فَرَاغِهِ إلَخْ) ظَاهِرُ هَذَا كَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الدَّوَابِّ تَفْرِيغُهَا مِنْ أَمْتِعَةِ الْبَائِعِ، وَفِيهِ نَظَرٌ وَأَمَّا السَّفِينَةُ فَصُرِّحَ فِي الْكِفَايَةِ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ التَّفَرُّغِ، وَقَوْلُهُ: وَغَيْرُهُمَا أَيْ كَالشَّجَرِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ الْعَاقِدَانِ إلَخْ) أَيْ وَلَا يُغْنِي عَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>