وَفِيهِ الْمُحَاطَةُ إذَا (اشْتَرَى) شَخْصٌ (شَيْئًا) بِمِثْلِيٍّ (ثُمَّ قَالَ) بِإِعْلَامِ الْمُشْتَرِي أَوْ غَيْرِهِ (وَلَّيْتُك هَذَا الْعَقْدَ فَقَبِلَ) كَقَوْلِهِ قَبِلْتُهُ أَوْ تَوَلَّيْتُهُ (لَزِمَهُ مِثْلُ الثَّمَنِ) جِنْسًا وَقَدْرًا وَصِفَةً (وَهُوَ) أَيْ عَقْدُ التَّوْلِيَةِ (بَيْعٌ فِي شَرْطِهِ) كَالْقُدْرَةِ عَلَى التَّسْلِيمِ وَالتَّقَابُضِ فِي الرِّبَوِيِّ (وَتَرْتِيبِ أَحْكَامِهِ) مِنْهَا تَجَدُّدُ الشُّفْعَةِ إذَا كَانَ الْمَبِيعُ شِقْصًا مَشْفُوعًا وَعَفَا الشَّفِيعُ فِي الْعَقْدِ الْأَوَّلِ (لَكِنْ لَا يَحْتَاجُ) عَقْدُ التَّوْلِيَةِ (إلَى ذِكْرِ الثَّمَنِ وَلَوْ حَطَّ عَنْ الْمُوَلِّي) بِكَسْرِ اللَّامِ (بَعْضَ الثَّمَنِ) بَعْدَ التَّوْلِيَةِ (انْحَطَّ عَنْ الْمُوَلَّى) بِفَتْحِهَا لِأَنَّ خَاصَّةَ التَّوْلِيَةِ التَّنْزِيلُ عَلَى الثَّمَنِ الْأَوَّلِ، وَلَوْ حَطَّ جَمِيعَهُ انْحَطَّ عَنْ الْمُوَلَّى أَيْضًا، وَلَوْ كَانَ الْحَطُّ قَبْلَ التَّوْلِيَةِ لِلْبَعْضِ لَمْ تَصِحَّ التَّوْلِيَةُ إلَّا بِالْبَاقِي أَوْ لِلْكُلِّ لَمْ تَصِحَّ التَّوْلِيَةُ أَصْلًا وَلَوْ كَانَ الثَّمَنُ عَرْضًا لَمْ تَصِحَّ
ــ
[حاشية قليوبي]
مُخْتَلِفَةٌ لُغَةً مُتَّحِدَةٌ شَرْعًا كَمَا قَالُوهُ، وَفِيهِ بَحْثٌ فَالتَّوْلِيَةُ لُغَةً تَقْلِيدُ الْعَمَلِ لِلْغَيْرِ. قَوْلُهُ: (وَالْإِشْرَاكُ) جَعْلُ الْغَيْرِ شَرِيكًا وَالْمُرَابَحَةُ الزِّيَادَةُ، وَالْمُحَاطَّةُ النَّقْصُ، وَمَعَانِيهَا شَرْعًا نَقْلُ كُلِّ الْمَبِيعِ أَوْ بَعْضِهِ إلَى الْغَيْرِ بِمِثْلِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ أَوْ بِزِيَادَةٍ عَلَيْهِ أَوْ نَقْصٍ عَنْهُ كَمَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (وَفِيهِ الْمُحَاطَةُ) وَسُكُوتُهُ عَنْهَا إمَّا اكْتِفَاءً بِالْمُرَابَحَةِ لِأَنَّهَا مُرَابَحَةٌ فِي الْمَعْنَى لِلْمُشْتَرِي أَوْ اخْتِصَارًا أَوْ لِعَدَمِ ذِكْرِ أَصْلِهِ لَهَا، وَالزِّيَادَةُ عَلَى التَّرْجَمَةِ غَيْرُ مَعِيبَةٍ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (اشْتَرَى) مَثَلًا إذْ مِثْلُهُ السَّلَمُ بَعْدَ قَبْضِ الْمُسْلَمِ فِيهِ، وَعِوَضُ الْخُلْعِ وَالصَّدَاقُ وَالشُّفْعَةُ وَصُلْحُ دَمِ الْعَمْدِ وَالْإِجَارَةُ وَيَلْزَمُهُ فِيهَا جَمِيعُ الْأُجْرَةِ، إنْ وَلَّاهُ قَبْلَ مُضِيِّ زَمَنٍ لِمِثْلِهِ أُجْرَةٌ وَإِلَّا فَيُقَسِّطُ مَا بَقِيَ وَإِنْ قَالَ مِنْ أَوَّلِهَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، وَظَاهِرُهُ عَدَمُ بُطْلَانِ الْعَقْدِ بِذَلِكَ الشَّرْطِ وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ فِيهِ بُطْلَانُهُ بِهِ، وَيَلْزَمُهُ أُجْرَةُ مِثْلِ مُدَّةِ انْتِفَاعِهِ وَيَلْزَمُهُ فِي الْخُلْعِ وَالصَّدَاقِ مَهْرُ الْمِثْلِ وَفِي الشُّفْعَةِ مَا دَفَعَهُ لِلْمُشْتَرِي. وَفِي الصُّلْحِ الدِّيَةُ وَالتَّوْلِيَةُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ بِمَا قَامَ عَلَى قَوْلِهِ: (بِمِثْلِيٍّ) قَيَّدَ بِهِ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ لَزِمَهُ مِثْلُ الثَّمَنِ. وَيُقَابِلُهُ الْعَرْضُ الْآتِي فَهُوَ الْمُتَقَوِّمُ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ قَبْضِهِ) أَيْ الْمُفِيدِ لِلتَّصَرُّفِ، قَوْلُهُ: (لِلْعِلْمِ بِالثَّمَنِ) وَلَوْ قَبْلَ الْقَبُولِ وَيَدْخُلُ فِيهِ الْعِلْمُ بِكَيْلِهِ وَوَزْنِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَلَا بُدَّ مِنْ الْعِلْمِ بِهَا، وَقَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: يَكْفِي فِي الْمَرْئِيِّ رُؤْيَتُهُ، وَلَوْ تَخْمِينًا فِي التَّوْلِيَةِ وَفِي الْإِشْرَاكِ، لَا فِي الْمُرَابَحَةِ وَالْمُحَاطَةِ وَفِيهِ بَحْثٌ فَتَأَمَّلْهُ وَمِثْلُ الثَّمَنِ مَا قَامَ بِهِ فِيمَا مَرَّ وَسَيَأْتِي وَقَدْ يَشْمَلُهُ الثَّمَنُ تَجَوُّزًا. قَالَهُ شَيْخُنَا، وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّهُ يُشْتَرَطُ الْعِلْمُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ فِي نَحْوِ الْخُلْعِ وَقِيمَةُ الدِّيَةِ فِي صُلْحِ الدَّمِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (هَذَا الْعَقْدُ) هَذَا صَرِيحٌ بِنَفْسِهِ وَنَحْوُ بِعْت بِمَا اشْتَرَيْت صَرِيحٌ بِغَيْرِهِ، وَلَوْ سَكَتَ عَنْ ذِكْرِ الْعَقْدِ فَهُوَ كِنَايَةٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَمِنْ الْكِنَايَةِ جَعَلْته لَك بِمَا اشْتَرَيْت مَثَلًا. قَوْلُهُ: (لَزِمَهُ مِثْلُ الثَّمَنِ) أَيْ إنْ لَمْ يَنْتَقِلْ لِلْمُتَوَلِّي وَإِلَّا وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَى عَيْنِهِ سَوَاءٌ عَلِمَ بِانْتِقَالِهِ أَوْ لَا. بَلْ لَوْ عَلِمَ بِانْتِقَالِهِ وَقَالَ بِمِثْلِهِ أَوْ بِعَيْنِهِ بَطَلَ الْعَقْدُ فِيهِمَا، وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي عِوَضِ الْخُلْعِ وَنَحْوِهِ مِمَّا مَرَّ وَسَيَأْتِي أَنَّهُ لَوْ انْتَقَلَ الثَّمَنُ وَنَحْوُهُ بَعْدَ الْعَقْدِ لِلْمُتَوَلِّي تَعَيَّنَتْ عَيْنُهُ أَيْضًا وَلَا يَضُرُّ لَفْظُ الْمِثْلِيَّةِ فِي الْعَقْدِ وَيَلْغُو. قَوْلُهُ: (وَصِفَةً) وَمِنْهَا الْأَجَلُ فَيُعْتَبَرُ جَمِيعُهُ فِي حَقِّ الْمُتَوَلِّي وَإِنْ وَقَعَتْ التَّوْلِيَةُ فِي آخِرِهِ وَلَا يَلْزَمُ رَهْنٌ وَكَفِيلٌ، كَانَا فِي الْأَوَّلِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (مِنْهَا تَجَدُّدُ الشُّفْعَةِ) وَمِنْهَا أَنَّهُ لَوْ اطَّلَعَ الْمُتَوَلِّي عَلَى عَيْبٍ قَدِيمٍ مُقَدَّمٍ عَلَى التَّوْلِيَةِ رَدَّهُ عَلَى الْمُوَلِّي، لَا عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ خِلَافًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ، وَمِنْهَا أَنَّ لِلْمَوْلَى مُطَالَبَةَ الْمُتَوَلِّي، وَإِنْ لَمْ يُطَالِبْهُ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ أَيْضًا خِلَافًا لِلْإِمَامِ. قَوْلُهُ: (لَكِنْ إلَخْ) هَذَا مَحَلُّ مُخَالَفَةِ التَّوْلِيَةِ لِغَيْرِهَا. قَوْلُهُ: (وَلَوْ حَطَّ) أَيْ بَعْضَ الثَّمَنِ عَنْ الْمُولِي لَا بِلَفْظِ نَحْوِ هِبَةٍ سَوَاءٌ كَانَ بِلَفْظِ حَطٍّ أَوْ إسْقَاطٍ أَوْ عَفْوٍ أَوْ بِإِرْثٍ أَوْ إبْرَاءٍ مِنْ الْبَائِعِ أَوْ وَكِيلِهِ أَوْ مُوَكِّلِهِ أَوْ سَيِّدِ مُكَاتَبٍ بَعْدَ عَجْزِهِ، لَا مِنْ مُوصَى لَهُ بِالثَّمَنِ وَمُحْتَالٍ بِهِ لِأَنَّهُمَا أَجْنَبِيَّانِ وَيُوجَدُ الْحَطُّ فِي غَيْرِ التَّوْلِيَةِ مِمَّا يَأْتِي إلَّا فِي الْمُرَابَحَةِ إنْ كَانَ بَعْدَ لُزُومِهَا، أَوْ وَقَعَتْ بِغَيْرِ لَفْظِ تَوْلِيَةٍ أَوْ إشْرَاكٍ كَمَا سَيَأْتِي قَوْلُهُ: (بَعْدَ التَّوْلِيَةِ) ذَكَرَهُ مُرَاعَاةً لِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَسَنَذْكُرُ مَفْهُومَهُ وَكَلَامُهُ شَامِلٌ لَنَا قَبْلَ لُزُومِهَا وَقَيَّدَ بَعْضُهُمْ هَذَا
[حاشية عميرة]
بِلَفْظِ أَشْتَرِكُكَ وَالْمُرَابَحَةُ بَيْعٌ بِمِثْلِ الثَّمَنِ، أَوْ مَا قَامَ عَلَيْهِ بِهِ مَعَ رِبْحٍ مُوَزَّعٍ عَلَى الْأَجْزَاءِ وَالْمُحَاطَّةُ بَيْعٌ كَذَلِكَ مَعَ حَطٍّ مِنْهُ مُوَزَّعٌ عَلَى الْأَجْزَاءِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لِعَالِمٍ) اشْتِرَاطُ الْعِلْمِ بِالثَّمَنِ فِيهِ خِلَافُ الْمُرَابَحَةِ الْآتِي، وَإِنْ اقْتَضَى صَنِيعُهُ خِلَافَهُ ثُمَّ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْمُوَلِّي وَالْمُوَلَّى.
فَرْعٌ: لَوْ حَطَّ عَنْهُ الْبَعْضَ ثُمَّ وَلَّاهُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ هَلْ يَصِحُّ وَيَلْحَقُهُ الْحَطُّ أَمْ يَبْطُلُ وَلَا يَصِحُّ إلَّا بِالْبَاقِي بَعْدَ أَنْ يَعْلَمَهُ الْمُوَلَّى الظَّاهِرُ الثَّانِي. قَوْلُ الْمَتْنِ (وَهُوَ بَيْعٌ إلَخْ) وَقِيلَ لَيْسَ بَيْعًا جَدِيدًا بَلْ يَكُونُ الْمُوَلَّى نَائِبًا عَنْ الْمُوَلِّي فَتَنْتَقِلُ الزَّوَائِدُ إلَيْهِ وَلَا تَتَجَدَّدُ الشُّفْعَةُ. قَوْلُ الْمَتْنِ، (لَكِنْ لَا يَحْتَاجُ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ لَفْظَ التَّوْلِيَةِ مُشْعِرٌ بِهِ. قَوْلُهُ: (إلَّا بِالْبَاقِي) هَلْ يُشْتَرَطُ مَحَلُّ نَظَرٍ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ كَانَ الثَّمَنُ عَرْضًا إلَخْ) لَوْ أَرَادَ فِي هَذَا أَنْ يُوَلِّيَ بِلَفْظِ الْقِيَامِ فَوَجْهَانِ، أَحَدُهُمَا: يَجُوزُ كَالْمُرَابَحَةِ، وَالثَّانِي: لَا لِأَنَّ الْعَقْدَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute