للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلْمُشْتَرِي وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ تَأَبَّرَ مِنْهَا شَيْءٌ (فَلِلْبَائِعِ) أَيْ فَهِيَ جَمِيعُهَا لَهُ، وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ مَا رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ بَاعَ نَخْلًا قَدْ أُبِّرَتْ فَثَمَرَتُهَا لِلْبَائِعِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ» . مَفْهُومُهُ أَنَّهَا إذَا لَمْ تُؤَبَّرْ تَكُونُ الثَّمَرَةُ لِلْمُشْتَرِي إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهَا الْبَائِعُ. وَكَوْنُهَا فِي الْأَوَّلِ لِلْبَائِعِ صَادِقٌ بِأَنْ تُشْرَطَ لَهُ أَوْ يَسْكُتُ عَنْ ذَلِكَ وَكَوْنُهَا فِي الثَّانِي لِلْمُشْتَرِي صَادِقٌ بِمِثْلِ ذَلِكَ. وَأُلْحِقَ تَأْبِيرُ بَعْضِهَا بِتَأْبِيرِ كُلِّهَا بِتَبَعِيَّةِ غَيْرِ الْمُؤَبَّرِ لِلْمُؤَبَّرِ لِمَا فِي تَتَبُّعِ ذَلِكَ مِنْ الْعُسْرِ وَالتَّأْبِيرِ تَشْقِيقُ طَلْعُ الْإِنَاثِ وَذَرُّ طَلْعِ الذُّكُورِ فِيهِ لِيَجِيءَ رُطَبُهَا أَجْوَدَ مِمَّا لَمْ تُؤَبَّرْ وَالْعَادَةُ الِاكْتِفَاءُ بِتَأْبِيرِ الْبَعْضِ، وَالْبَاقِي يَتَشَقَّقُ بِنَفْسِهِ وَتَنْبَثُّ رِيحُ الذُّكُورِ إلَيْهِ وَقَدْ لَا يُؤَبَّرُ شَيْءٌ وَيَتَشَقَّقُ الْكُلُّ، وَالْحُكْمُ كَالْمُؤَبَّرِ اعْتِبَارًا بِظُهُورِ الْمَقْصُودِ.

وَلِذَلِكَ عَدَلَ الْمُصَنِّفُ عَنْ قَوْلِ الْمُحَرَّرِ: لَمْ تَكُنْ مُؤَبَّرَةً إلَى مَا قَالَهُ وَشَمَلَ طَلْعَ الْمَذْكُورِ فَإِنَّهُ يَتَشَقَّقُ بِنَفْسِهِ وَلَا يُشَقُّ غَالِبًا، وَفِيمَا لَمْ يَتَشَقَّقْ مِنْهُ وَجْهٌ أَنَّهُ لِلْبَائِعِ أَيْضًا لِأَنَّهُ لَا ثَمَرَةَ لَهُ حَتَّى يُعْتَبَرَ ظُهُورُهَا بِخِلَافِهِ طَلْعِ الْإِنَاثِ

(وَمَا يَخْرُجُ ثَمَرُهُ بِلَا نَوْرٍ) بِفَتْحِ النُّونِ أَيْ زَهْرٌ (كَتِينٍ وَعِنَبٍ إنْ بَرَزَ ثَمَرُهُ) أَيْ ظَهَرَ (فَلِلْبَائِعِ وَإِلَّا فَلِلْمُشْتَرِي) اعْتِبَارًا لِبُرُوزِهِ بِتَشَقُّقِ الطَّلْعِ. وَفِي التَّهْذِيبِ فِيمَا إذَا ظَهَرَ بَعْضُ التِّينِ وَالْعِنَبِ دُونَ بَعْضٍ أَنَّ مَا ظَهَرَ لِلْبَائِعِ وَمَا لَمْ يَظْهَرْ فَلِلْمُشْتَرِي قَالَ الرَّافِعِيُّ وَهُوَ مَحَلُّ التَّوَقُّفِ وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ. وَفِيهِ نَظَرٌ مَا فِي التَّهْذِيبِ فِي الْمُهَذَّبِ وَالتَّتِمَّةِ وَالْبَحْرِ. (وَمَا خَرَجَ فِي نَوْرِهِ ثُمَّ سَقَطَ) أَيْ نَوْرُهُ (كَمِشْمِشٍ) بِكَسْرِ الْمِيمَيْنِ (وَتُفَّاحٍ فَلِلْمُشْتَرِي إنْ لَمْ تَنْعَقِدْ الثَّمَرَةُ. وَكَذَا إنْ انْعَقَدَتْ وَلَمْ يَتَنَاثَرْ النَّوْرُ فِي الْأَصَحِّ) إلْحَاقًا لَهَا بِالطَّلْعِ قَبْلَ تَشَقُّقِهِ، وَالثَّانِي يَلْحَقُهَا بِهِ بَعْدَ تَشَقُّقِهِ لِاسْتِتَارِهِ بِالْقِشْرِ الْأَبْيَضِ فَتَكُونُ لِلْبَائِعِ (وَبَعْدَ التَّنَاثُرِ لِلْبَائِعِ) جَزْمًا

ــ

[حاشية قليوبي]

خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ. قَوْلُهُ: (يَتَأَبَّرُ) هُوَ مِنْ بَابِ كَلَّمَ يَتَكَلَّمُ وَيَصِحُّ مِنْ أَكَلَ. قَوْلُهُ: (فَلِلْبَائِعِ) وَمِثْلُهَا الشَّمَارِيخُ بِخِلَافِ الْعُرْجُونِ وَالْكِمَامِ فَلِلْمُشْتَرِي كَمَا مَرَّ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ أَيْ جَمِيعُهَا إلَى دَفْعِ تَوَهُّمِ أَنَّ الَّذِي لِلْبَائِعِ هُوَ مَا تَأَبَّرَ فَقَطْ. قَوْلُهُ: (صَادَقَ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُ اسْتَثْنَى مِنْ جَعْلِهَا لِلْبَائِعِ مَا إذَا شُرِطَتْ لِلْمُشْتَرِي فَكَأَنَّهُ قَالَ فَهِيَ لِلْبَائِعِ سَوَاءٌ شُرِطَتْ لَهُ أَوْ لَا، وَهَذَا وَاضِحٌ نَعَمْ يَلْزَمُ عَلَى الصِّدْقِ فِي الْجَانِبَيْنِ اسْتِثْنَاءُ شَرْطِهَا لِلْبَائِعِ مِنْ شَرْطِهَا لِلْمُشْتَرِي، وَعَكْسُهُ وَهُوَ لَا يَسْتَقِيمُ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَأَلْحَقَ تَأْبِيرَ بَعْضِهَا) وَلَوْ بِفِعْلِ فَاعِلٍ فِي غَيْرِ أَوَانِهِ. قَوْلُهُ: (وَيَتَشَقَّقُ الْكُلُّ) لَوْ سَكَتَ عَنْ لَفْظِ الْكُلِّ كَانَ أَوْلَى. قَوْلُهُ: (إلَى مَا قَالَهُ) لِشُمُولِهِ مَا لَوْ تَأَبَّرَتْ بِنَفْسِهَا. قَوْلُهُ: (وَشَمَلَ) أَيْ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ.

فَرْعٌ: لَوْ اخْتَلَفَ فِي وَقْتِ الْبَيْعِ وَالتَّأْبِيرِ فَكَمَا فِي الرَّجْعَةِ.

قَوْلُهُ: (وَفِي التَّهْذِيبِ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَقَالَ فِي شَرْحِهِ: إنَّ التِّينَ وَالْعِنَبَ وَالْجُمَّيْزَ وَالْقِثَّاءَ وَالْخِيَارَ وَالْبِطِّيخَ وَنَحْوَهَا، لَا تَبَعِيَّةَ فِيهَا بَلْ مَا ظَهَرَ مِنْهَا لِلْبَائِعِ وَمَا لَا فَلِلْمُشْتَرِي وَقَالَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ: إنْ كَانَ مَا لَمْ يَظْهَرْ مِنْ بَقِيَّةِ الْحَمْلِ الَّذِي ظَهَرَ فَهُوَ لِلْبَائِعِ وَإِلَّا فَهُوَ لِلْمُشْتَرِي. قَوْلُهُ: (وَمَا خَرَجَ فِي نَوْرِهِ إلَخْ) أَيْ مَا شَأْنُهُ ذَلِكَ وَجَوَابُ الشَّارِحِ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ سَقَطَ) أَيْ بَلَغَ أَوَانَ سُقُوطِهِ وَإِنْ لَمْ يَسْقُطْ بِالْفِعْلِ وَلَا نَظَرَ إلَى سُقُوطِهِ قَبْلَ أَوَانِهِ وَفَارَقَ تَأْبِيرَ الطَّلْعِ كَمَا مَرَّ. بِأَنَّ تَشْقِيقَهُ قَبْلَ أَوَانِهِ لَا يُفْسِدُهُ بِخِلَافِ هَذَا. قَوْلُهُ: (بِكَسْرِ الْمِيمَيْنِ) وَحُكِيَ فَتْحُهُمَا. قَوْلُهُ: (وَلَمْ يَتَنَاثَرْ النُّورُ) أَيْ شَيْءٌ مِنْهُ. قَوْلُهُ: (إلْحَاقًا لَهَا بِالطَّلْعِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْوَجْهَ الْأَصَحَّ يَجْعَلُ الثَّمَرَةَ الْمُنْعَقِدَةَ

ــ

[حاشية عميرة]

عِنْدَ عَدَمِ التَّأْبِيرِ تَكُونُ مُسْتَتِرَةً كَالْحَمْلِ، وَعِنْدَ وُجُودِهِ، تَكُونُ كَالْوَلَدِ الْمُنْفَصِلِ لِظُهُورِهَا قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَحَيْثُ حَكَمْنَا بِأَنَّ الثَّمَرَةَ لِلْبَائِعِ فَالْكِمَامُ نَفْسُهُ لِلْمُشْتَرِي. قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ. وَكَذَا الْعُرْجُونُ فِيمَا يَظْهَرُ. قَوْلُهُ: (فِي ذَلِكَ) يَرْجِعُ إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ لِلْبَائِعِ وَمَا بَعْدَهُ مِنْ الْمَتْنِ.

قَوْلُهُ: (تَشْقِيقُ) أَيْ فِي وَقْتِهِ. قَوْلُهُ: (وَلِذَلِكَ عَدَلَ الْمُصَنِّفُ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ مُؤَبَّرَةَ تَسْتَدْعِي فِعْلَ فَاعِلٍ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (ثَمَرُهُ) الْمُرَادُ بِهِ مَا يُقْصَدُ مِنْ تِلْكَ الْأُصُولِ مَطْعُومًا كَانَ أَوْ مَشْمُومًا ثُمَّ مِنْ هَذَا الَّذِي يَخْرُجُ بِلَا نَوْرٍ الْجَوْزُ وَالْفُسْتُقُ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَوْلُهُ: (أَيْ زَهْرُ) عَلَى أَيِّ لَوْنٍ كَانَ. قَوْلُهُ: (وَفِي التَّهْذِيبِ) أَيْ فَحِينَئِذٍ لَا يَكُونُ حُكْمُ الْبُرُوزِ فِيهِمَا كَالتَّأْبِيرِ فِي تَبَعِيَّةِ مَا لَمْ يَبْرُزْ لِمَا بَرَزَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَمَا خَرَجَ فِي نُورِهِ إلَخْ) مِنْ هَذَا الْقِسْمِ الرُّمَّانُ وَاللَّوْزُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَكَذَا الْوَرْدُ لِأَنَّهُ يَخْرُجُ فِي كِمَامٍ يَنْفَتِحُ عَنْهُ، أَقُولُ هُوَ كَذَلِكَ وَلَكِنْ هَلْ يَلْحَقُ غَيْرُ الْمُنْفَتِحِ مِنْهُ بِالْمُنْفَتِحِ، أَمْ لِكُلٍّ حُكْمُهُ الَّذِي فِي التَّهْذِيبِ الثَّانِي كَالتِّينِ وَاَلَّذِي فِي التَّنْبِيهِ الْأَوَّلِ كَالتَّأْبِيرِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (إنْ لَمْ تَنْعَقِدْ الثَّمَرَةُ) لِأَنَّهَا كَالْمَعْدُومَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَمْ يَتَنَاثَرْ) اعْتِبَارُ

<<  <  ج: ص:  >  >>