(وَيُشْتَرَطُ لِبَيْعِهِ) الْجَائِزِ بَعْدَ الِاشْتِدَادِ (وَبَيْعِ الثَّمَرِ بَعْدَ) بُدُوِّ (الصَّلَاحِ ظُهُورُ الْمَقْصُودِ) لِيَكُونَ مَرْئِيًّا (كَتِينٍ وَعِنَبٍ) لِأَنَّهُمَا مِمَّا لَا كِمَامَ لَهُ (وَشَعِيرٍ) لِظُهُورِهِ فِي سُنْبُلِهِ (وَمَا لَا يُرَى حَبُّهُ كَالْحِنْطَةِ وَالْعَدَسِ) بِفَتْحِ الدَّالِ (فِي السُّنْبُلِ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ دُونَ سُنْبُلِهِ) لِاسْتِتَارِهِ (وَلَا مَعَهُ فِي الْجَدِيدِ) لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مُسْتَتِرٌ بِمَا لَيْسَ مِنْ صَلَاحِهِ وَالْقَدِيمُ الْجَوَازُ لِمَا رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «نَهَى عَنْ بَيْعِ السُّنْبُلِ حَتَّى يَنْبِضَ» أَيْ يَشْتَدَّ فَيَجُوزُ بَعْدَ الِاشْتِدَادِ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ فِي سُنْبُلِ الشَّعِيرِ جَمْعًا بَيْنَ الدَّلِيلَيْنِ (وَلَا بَأْسَ بِكِمَامٍ) بِكَسْرِ الْكَافِ وِعَاءُ الطَّلْعِ وَغَيْرِهِ (لَا يُزَالُ إلَّا عِنْدَ الْأَكْلِ) كَمَا فِي الرُّمَّانِ فَيَصِحُّ بَيْعُهُ فِي قِشْرِهِ لِأَنَّ بَقَاءَهُ فِيهِ مِنْ مَصْلَحَتِهِ. وَفِي الرَّوْضَةِ يَصِحُّ بَيْعُ طَلْعِ النَّخْلِ مَعَ قِشْرِهِ فِي الْأَصَحِّ (وَمَالَهُ كِمَامَانِ كَالْجَوْزِ وَاللَّوْزِ وَالْبَاقِلَّا) بِتَشْدِيدِ اللَّامِ مَقْصُورًا أَيْ الْفُولِ (يُبَاعُ فِي قِشْرِهِ الْأَسْفَلِ وَلَا يَصِحُّ فِي الْأَعْلَى) لِاسْتِتَارِهِ بِمَا
ــ
[حاشية قليوبي]
الشَّجَرِ كَمَا مَرَّ قَوْله: (جَازَ بِلَا شَرْطٍ) أَيْ جَازَ عَلَى أَيِّ حَالَةٍ مِنْ شَرْطِ إبْقَائِهِ أَوْ قَطْعِهِ أَوْ قَلْعِهِ أَوْ الْإِطْلَاقِ نَعَمْ يَمْتَنِعُ بَيْعُهُ مَعَهَا بِشَرْطِ الْقَطْعِ أَوْ الْقَلْعِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ التَّشْبِيهِ.
قَوْلُهُ: (بَعْدَ الِاشْتِدَادِ) إنَّمَا قَيَّدَ بِهِ لِمُنَاسَبَةِ مَا بَعْدَهُ وَإِلَّا فَظُهُورُ الْمَقْصُودِ شَرْطٌ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (وَشَعِيرٍ) وَمِثْلُهُ الذُّرَةُ فِي أَحَدِ نَوْعَيْهَا وَالْقُطْنُ فِي أَحَدِ نَوْعَيْهِ، وَسَيَأْتِي صِحَّةُ بَيْعِ شَعِيرِ الْأُرْزِ وَالْعَلَسِ لِأَنَّهُمَا مِمَّا لَهُ كِمَامٌ لِبَقَائِهِ. قَوْلُهُ: (وَمَا لَا يُرَى حَبُّهُ) لَيْسَ الْحَبُّ قَيْدًا بَلْ الْمُرَادُ مَا لَا يُرَى الْمَقْصُودُ مِنْهُ كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ فَيَدْخُلُ الْبَصَلُ وَالْجَوْزُ وَالْقُلْقَاسُ وَالْفُجْلُ وَالْخَسُّ وَالْكُرُنْبُ، نَعَمْ إنْ بَاعَ الظَّاهِرَ مِنْهَا بِشَرْطِ قَطْعِهِ جَازَ وَالْوَجْهُ الَّذِي يَنْبَغِي فِي نَحْوِ الْخَسِّ وَالْكُرُنْبِ الصِّحَّةُ مُطْلَقًا لِأَنَّ الْمَسْتُورَ مِنْهُمَا غَيْرُ مَقْصُودٍ لِأَنَّهُ يُقْطَعُ وَيُرْمَى عِنْدَ إرَادَةِ اسْتِعْمَالِهِ. قَوْلُهُ: (كَالْحِنْطَةِ إلَخْ) وَمِثْلُهَا الْكَتَّانُ وَالْبِرْسِيمُ بَعْدَ انْعِقَادِ بَزْرِهِمَا. قَوْلُهُ: (لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ) أَيْ الْحَبِّ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ فَفِي كَلَامِهِ اسْتِخْدَامٌ أَيْ لَا يَصِحُّ بَيْعُ حَبٍّ فِي سُنْبُلِهِ، وَكَذَا لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ مَعَ سُنْبُلِهِ، وَأَمَّا الْعَوْدُ مِنْ ذَلِكَ فَإِنْ بِيعَ مَعَ السَّنَابِلِ أَوْ الْحَبِّ أَوْ هُمَا فَبَاطِلٌ أَيْضًا، وَلَوْ فِي الْإِطْلَاقِ وَإِنْ بِيعَ قَبْلَ انْعِقَادِ سُنْبُلِهِ بِشَرْطِ الْقَطْعِ، وَلَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ أَوْ بَعْدَ نَقْضِ، سُنْبُلِهِ كَالْكَتَّانِ أَوْ بِيعَ بِدُونِ سُنْبُلِهِ فَصَحِيحٌ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْكَتَّانِ مَرْئِيٌّ وَلَا يَكْفِي عَنْ شَرْطِ الْقَطْعِ فِي نَحْوِ الْبِرْسِيمِ شَرْطُ أَنْ تَرْعَاهُ الْبَهَائِمُ لِمَا مَرَّ فَيَجِبُ شَرْطُ قَطْعِهِ ثُمَّ يُسَامَحُ بَائِعُهُ بِشَرْطِ بَقَائِهِ مُدَّةَ الرَّعْيِ.
تَنْبِيهٌ: مَا زَادَ فِي الشَّجَرِ أَوْ الزَّرْعِ الْمَبِيعِ إنْ لَمْ يَتَمَيَّزْ كَغِلَظِ الْعُودِ فَلِلْمُشْتَرِي مُطْلَقًا وَكَذَا إنْ تَمَيَّزَ وَكَانَ مِنْ شَجَرِ ثَمَرٍ نَحْوَ بِطِّيخٍ وَقِثَّاءٍ وَإِنْ اشْتَرَاهُ قَبْلَ إثْمَارِهِ وَبِشَرْطِ الْقَطْعِ أَوْ كَانَ مِنْ زَرْعٍ كَبِرْسِيمٍ وَسَنَابِلَ حِنْطَةٍ وَكَانَ الشِّرَاءُ بِغَيْرِ شَرْطِ الْقَلْعِ فَإِنْ كَانَ الشِّرَاءُ فِي هَذَا بِشَرْطِ الْقَطْعِ بِالطَّاءِ فَهِيَ لِلْبَائِعِ وَفَارَقَ الثَّمَرَةَ بِأَنَّهَا الْمَقْصُودَةُ هَكَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (الدَّلِيلَيْنِ) أَحَدُهُمَا الْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ وَالثَّانِي التَّعْلِيلُ الْمَذْكُورُ أَوْ دَلِيلُهُ الْآتِي فِي الْمُحَاقَلَةِ. قَوْلُهُ (بِكِمَامٍ) هُوَ جَمْعٌ وَكَذَا أَكْمَلَةٌ وَأَكْمَامٌ وَأَكَامِيمُ وَلِوَاحِدٍ كِمٌّ وَكِمَامَةٌ بِكَسْرِ الْكَافِ فِيهِمَا، فَقَوْلُهُ الْآتِي كِمَامَانِ صَوَابُهُ كِمَّانِ أَوْ كِمَامَتَانِ. قَوْلُهُ: (الْأَكْلُ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ لِأَنَّهُ بِضَمِّهَا الْمَأْكُولُ. قَوْلُهُ: (كَمَا فِي الزَّمَانِ) وَمِثْلُهُ أُرْزُ الشَّعِيرِ وَالْعَلَسُ، وَإِنْ امْتَنَعَ السَّلَمُ فِيهِمَا وَيَصِحُّ بَيْعُ الْقَصَبِ بِالْمُهْلَةِ فِي قِشْرَةِ الَّذِي لَا يُمَصُّ مَعَهُ وَلَوْ مَزْرُوعًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ حَيْثُ بَلَغَ قَدْرًا يُنْتَفَعُ بِهِ، وَلَا يُكَلَّفُ قَطْعُهُ إلَّا عِنْدَ كَمَالِهِ عَلَى الْعَادَةِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (يَصِحُّ بَيْعُ طَلْعِ النَّخْلِ) مَعَ قِشْرَةٍ فِي الْأَصَحِّ فَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ لَمْ يَشْمَلْ لِأَجْلِ الْخِلَافِ وَمِثْلُهُ جَوْزُ الْقُطْنِ قَبْلَ تَكَامُلِ قُطْنِهِ، وَبِيعَ بِشَرْطِ الْقَطْعِ فَإِنْ كَانَ بَعْدَ تَكَامُلِ قُطْنِهِ صَحَّ إنْ تَشَقَّقَ الْجَوْزُ لِظُهُورِهِ، وَيَدْخُلُ الْقُطْنُ فِي الْبَيْعِ عَلَى
[حاشية عميرة]
عَنْ بَيْعِ ثَمَرَةِ النَّخْلِ حَتَّى تُزْهِيَ وَالسُّنْبُلِ وَالزَّرْعِ حَتَّى يَبْيَضَّ» ، وَيَأْمَنَ الْعَاهَةَ ثُمَّ الْمُرَادُ بِالزَّرْعِ مَا لَيْسَ بِشَجَرٍ فَيَدْخُلُ الْبُقُولُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بَعْدَ) جَعَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ ظَرْفًا لِلثَّمَرِ وَالزَّرْعِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (الْمَقْصُودُ) عَبَّرَ لِيَشْمَلَ الثَّمَرَ وَالْحَبَّ. قَوْلُهُ: (وَيُجَابُ بِأَنَّهُ إلَخْ) أَقُولُ قَدْ يُؤَيِّدُ هَذَا أَنَّ الْغَالِبَ عَلَى قُوتِ الْحِجَازِ فِي ذَلِكَ الزَّمَنِ الشَّعِيرُ. قَوْلُ الْمَتْنِ (بِكِمَامٍ) هُوَ جَمْعٌ وَكَذَا أَكِمَّةٌ وَأَكْمَامٌ وَأَكَامِيمُ وَالْوَاحِدُ كِمٌّ بِكَسْرِ الْكَافِ وَكِمَامَةٌ، وَبِهَذَا اُعْتُرِضَ عَلَى الْمِنْهَاجِ فِي قَوْلِهِ الْآتِي: كِمَامَانِ بِأَنَّ الصَّوَابَ كِمَّانِ أَوْ كِمَامَتَانِ.
قَوْلُهُ: (كَمَا فِي الزَّمَانِ) مِنْهُ أَيْضًا الْبَاذِنْجَانُ هَذَا فِي الثِّمَارِ وَمِثَالُهُ فِي الزَّرْعِ الْعَلَسُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا يَصِحُّ فِي الْأَعْلَى) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ عَلَى وَجْهِ الشَّجَرِ أَوْ الْأَرْضِ هَذَا وَلَكِنْ قَدْ حَكَى الرَّبِيعُ أَنَّ الشَّافِعِيَّ أَمَرَهُ بِبَغْدَادَ فَأَعْطَاهُ كِسْرَةً يُعِنِّي قِطْعَةً مِنْ دِرْهَمٍ فَاشْتَرَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute