للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اُعْتِيدَ نَقْلُهُ لِلْبَيْعِ) لِلْقُدْرَةِ عَلَيْهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُعْتَدْ نَقْلُهُ لِلْبَيْعِ بِأَنْ نَقَلَ لَهُ عَلَى نَدُرْ أَوْ لَمْ يَنْقُلْ أَصْلًا أَوْ اُعْتِيدَ نَقْلُهُ لِغَيْرِ الْبَيْعِ كَالْهَدِيَّةِ (فَلَا) يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ لِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ. وَهَذَا التَّفْصِيلُ ذَكَرَهُ الْإِمَامُ وَقَالَ: لَا تُعْتَبَرُ مَسَافَةُ الْقَصْرِ هُنَا وَنَازَعَ الرَّافِعِيُّ فِي الْإِعْرَاضِ عَنْهَا بِمَا سَيَأْتِي قَرِيبًا (وَلَوْ أَسْلَمَ فِيمَا يَعُمُّ فَانْقَطَعَ فِي مَحِلِّهِ) بِكَسْرِ الْحَاءِ أَيْ وَقْتَ حُلُولِهِ (لَمْ يَنْفَسِخْ فِي الْأَظْهَرِ) وَالثَّانِي يَنْفَسِخُ كَمَا لَوْ تَلِفَ الْمَبِيعُ قَبْلَ الْقَبْضِ وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْمُسْلَمَ فِيهِ يَتَعَلَّقُ بِالذِّمَّةِ (فَيَتَخَيَّرُ الْمُسْلِمُ بَيْنَ فَسْخِهِ وَالصَّبْرِ حَتَّى يُوجَدَ) فَيُطَالِبَ بِهِ وَخِيَارُهُ عَلَى الْفَوْرِ أَوْ التَّرَاخِي وَجْهَانِ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ التَّتِمَّةِ. وَأَشَارَ إلَى تَصْحِيحِ الثَّانِي مِنْ قَوْلِهِ فِيهَا كَأَصْلِهَا فَإِنْ أَجَازَ ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يَفْسَخَ مُكِّنَ مِنْ الْفَسْخِ وَفِيهِمَا لَوْ أَسْقَطَ حَقَّهُ مِنْ الْفَسْخِ لَمْ يَسْقُطْ فِي الْأَصَحِّ (وَلَوْ عَلِمَ قَبْلَ الْمَحِلِّ) بِكَسْرِ الْحَاءِ (انْقِطَاعَهُ عِنْدَهُ فَلَا خِيَارَ قَبْلَهُ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ لَمْ يَجِئْ وَقْتُ وُجُوبِ التَّسْلِيمِ. وَالثَّانِي لَهُ الْخِيَارُ لِتَحَقُّقِ الْعَجْزِ فِي الْحَالِ، وَيَأْتِي مَعَ الْخِيَارِ الْقَوْلُ بِالِانْفِسَاخِ ثُمَّ الِانْقِطَاعُ الْحَقِيقِيُّ لِلْمُسْلَمِ فِيهِ النَّاشِئِ بِتِلْكَ الْبَلْدَةِ أَنْ تُصِيبَهُ جَائِحَةٌ تَسْتَأْصِلُهُ، وَلَوْ وَجَدَ فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْبَلَدِ لَكِنْ يَفْسُدُ بِنَقْلِهِ أَوْ لَمْ يُوجَدْ إلَّا عِنْدَ قَوْمٍ امْتَنَعُوا مِنْ بَيْعِهِ فَهُوَ انْقِطَاعٌ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانُوا يَبِيعُونَهُ بِثَمَنٍ غَالٍ فَيَجِبُ تَحْصِيلُهُ، وَيَجِبُ نَقْلُ الْمُمْكِنِ نَقْلُهُ مِمَّا دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ أَوْ مِنْ مَسَافَةٍ لَوْ خَرَجَ إلَيْهَا بُكْرَةً أَمْكَنَهُ الرُّجُوعُ إلَى أَهْلِهِ لَيْلًا وَجْهَانِ نَقَلَهُمَا صَاحِبُ التَّهْذِيبِ فِي آخَرَيْنِ أَصَحُّهُمَا الْأَوَّلُ.

وَقَالَ الْإِمَامُ: لَا اعْتِبَارَ بِمَسَافَةِ الْقَصْرِ وَلَا يَنْفَسِخُ السَّلَمُ قَطْعًا.

وَقِيلَ: فِيهِ الْقَوْلَانِ انْتَهَى

(وَ) يُشْتَرَطُ

ــ

[حاشية قليوبي]

لِلتَّنْبِيهِ عَلَيْهَا فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (اُعْتِيدَ نَقْلُهُ) أَيْ إلَى مَحَلِّ التَّسَلُّمِ وَعُلِمَ مِنْ الِاعْتِيَادِ عَدَمُ الصِّحَّةِ فِيمَا لَا يَغْلِبُ نَقْلُهُ لِلْبَيْعِ. قَوْلُهُ: (كَالْهَدِيَّةِ) أَيْ وَلَمْ تَجْرِ عَادَةُ الْمُهْدَى إلَيْهِ بِالْبَيْعِ وَلَمْ يَكُنْ هُوَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ وَإِلَّا فَيَصِحُّ فِيهِمَا قَالَهُ شَيْخُنَا: وَنُوزِعَ فِي الثَّانِيَةِ. قَوْلُهُ: (لَا تُعْتَبَرُ مَسَافَةُ الْقَصْرِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (وَنَازَعَ الرَّافِعِيَّ) الْإِمَامُ نَقْلًا عَنْ الْأَئِمَّةِ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ. قَوْلُهُ: (بِمَا سَيَأْتِي قَرِيبًا) مِنْ أَنَّ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ لَا يُكَلَّفُ تَحْصِيلَ الْمُسْلَمِ فِيهِ مِنْ مَسَافَةِ الْقَصْرِ وَأُجِيبُ بِأَنَّ لَا ضَرَرَ عَلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ هُنَا لِأَنَّ أَرْبَابَ الْبَضَائِعِ يَنْقُلُونَهَا لِلْبَيْعِ إلَى مَحَلِّ التَّسْلِيمِ بِخِلَافِ مَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (فَانْقَطَعَ كُلُّهُ) أَوْ بَعْضُهُ وَمِثْلُهُ تَعَذُّرُ تَحْصِيلِهِ بِغَيْبَةِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ.

قَوْلُهُ: (بَيْنَ فَسْخِهِ) أَيْ الْعَقْدِ فِي جَمِيعِهِ وَلَا يَصِحُّ فِي بَعْضِهِ وَإِنْ قَبَضَ بَعْضَهُ الْآخَرَ حَتَّى لَوْ فُسِخَ فِي بَعْضِهِ انْفَسَخَ فِي جَمِيعِهِ كَذَا قَالُوا هُنَا، وَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ إذَا تَفَرَّقَ بَعْدَ قَبْضِ بَعْضِ رَأْسِ الْمَالِ صَحَّ فِيهِ بِقَدْرِهِ مِنْ مُقَابِلِهِ فَقِيَاسُهُ هُنَا كَذَلِكَ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ فَرَاجِعْهُ.

قَوْلُهُ: (إلَى تَصْحِيحِ الثَّانِي) وَهُوَ كَوْنُ الْخِيَارِ عَلَى التَّرَاخِي وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (وَفِيهِمَا) أَيْ الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى فِيهَا بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الْمُقَابِلِ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَسْقُطْ فِي الْأَصَحِّ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (وَيَأْتِي إلَخْ) مُرَادُهُ حِكَايَةُ قَوْلٍ ثَالِثٍ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ بِثُبُوتِ الْخِيَارِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا قُلْنَا لَا خِيَارَ فَلَا انْفِسَاخَ قَطْعًا، وَإِنْ قُلْنَا بِالْخِيَارِ فَلَا انْفِسَاخَ عَلَى الْأَصَحِّ وَقِيلَ يَنْفَسِخُ فَتَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: (النَّاشِئُ بِتِلْكَ الْبَلْدَةِ) صِفَةٌ لِلِانْقِطَاعِ الَّذِي لَا يَنْشَأُ إلَّا بِالْبَلَدِ الْوَاجِبِ فِيهَا التَّسْلِيمُ. قَوْلُهُ: (يَسْتَأْصِلُهُ) أَيْ فِي جَمِيعِ الْبِلَادِ أَخْذًا مِمَّا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (بِثَمَنٍ غَالٍ) أَيْ وَهُوَ ثَمَنُ مِثْلِهِ وَالْأَلَمُ يَجِبُ تَحْصِيلُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَمِثْلُهُ ارْتِفَاعُ الْأَسْعَارِ. قَوْلُهُ: (أَوْ مِنْ مَسَافَةٍ لَوْ خَرَجَ إلَخْ) وَهِيَ مَسَافَةُ الْعَدْوَى وَهِيَ تَنْقُصُ عَمَّا قَبْلَهَا بِمَا بَيْنَ الْمَسَافَتَيْنِ. قَوْلُهُ: (أَصَحُّهُمَا الْأَوَّلُ) وَهُوَ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ أَيْ مَسَافَةِ الْعَدْوَى وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (وَقَالَ الْإِمَامُ مَرْجُوحٌ) وَالْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ هُنَا.

قَوْلُهُ: (وَيُشْتَرَطُ إلَخْ) هَذَا الشَّرْطُ مَعْلُومٌ مِنْ الْبَيْعِ أَيْضًا لِأَنَّ السَّلَمَ مِنْ الْبَيْعِ فِي الذِّمَّةِ وَذِكْرُهُ تَوْطِئَةٌ لِمَا بَعْدَهُ، وَلَعَلَّ سُكُوتَ الشَّارِحِ عَنْ التَّنْبِيهِ عَلَيْهِ اعْتِمَادًا عَلَى مَا

ــ

[حاشية عميرة]

قَدِمَ الْمَدِينَةَ فَوَجَدَهُمْ يُسْلِفُونَ فِي الثِّمَارِ السَّنَتَيْنِ وَالثَّلَاثَ» ، وَمِنْ الْبَيِّنِ انْقِطَاعُهَا فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ وَذَهَبَ مَالِكٌ إلَى الِاشْتِرَاطِ عِنْدَ الْعَقْدِ، وَالْمَحَلِّ فَقَطْ وَلَوْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ حُصُولُهُ بِمَشَقَّةٍ كَالْقَدْرِ الْكَثِيرِ مِنْ الْبَاكُورَةِ فَهُوَ مَعْجُوزٌ عَنْهُ شَرْعًا. قَوْلُهُ: (بِمَا سَيَأْتِي) يَرْجِعُ إلَى قَوْلِهِ وَنَازَعَ الرَّافِعِيُّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي الْأَظْهَرِ) هَذَا الْخِلَافُ جَارٍ وَلَوْ كَانَ سَبَبُ الِانْقِطَاعِ بِتَقْصِيرِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ فِي الْإِعْطَاءِ وَقْتَ الْمَحَلِّ أَوْ مَوْتِهِ قَبْلَ الْحُلُولِ أَوْ غَيْبَةَ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ وَقْتَ الْحُلُولِ ثُمَّ حَضَرَ فَوَجَدَهُ انْقَطَعَ فِي حَالِ الْغَيْبَةِ بَعْدَ الْمَحَلِّ.

قَوْلُهُ: (يَتَعَلَّقُ بِالذِّمَّةِ) أَيْ وَكَانَ كَإِفْلَاسِ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ. قَوْلُهُ: (وَيَأْتِي إلَخْ) مِنْ ثَمَّ قِيلَ: لَوْ قَالَ الْمُؤَلِّفُ: لَمْ يَتَغَيَّرْ حُكْمُ الِانْقِطَاعِ فِي الْأَصَحِّ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ كَانَ أَوْلَى. قَوْلُهُ: (النَّاشِئِ بِتِلْكَ الْبَلْدَةِ) قَيَّدَ بِهَذَا تَوْطِئَةً لِقَوْلِهِ الْآتِي وَلَوْ وُجِدَ فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْبَلَدِ. قَوْلُهُ: (بِثَمَنٍ غَالٍ) بَحَثَ الْإِسْنَوِيُّ أَنَّ الْمُرَادَ ارْتِفَاعُ الْأَسْعَارِ وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ ثَمَنُ مِثْلِهِ، وَإِلَّا فَلَا يَجِبُ كَمَا لَا يَجِبُ عَلَى الْغَاصِبِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَنْفَسِخُ السَّلَمُ قَطْعًا) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: مُرَادُهُ لَا يَنْفَسِخُ قَطْعًا بَلْ يَثْبُتُ الْخِيَارُ وَإِنْ كَانَ يَمْنَعُ إيرَادَ الْعَقْدِ

<<  <  ج: ص:  >  >>