للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَيْنَ الْعَدِّ وَالْوَزْنِ اشْتَرَطَهُ الْخُرَاسَانِيُّونَ وَلَمْ يَعْتَبِرْ الْعِرَاقِيُّونَ أَوْ مُعْظَمُهُمْ الْوَزْنَ. وَنَصَّ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ عَلَى أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ فِيهِ، وَلَوْ تَرَكَهُ فَلَا بَأْسَ لَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَذْكُرَ طُولَهُ وَعَرْضَهُ وَثَخَانَتَهُ، وَأَنَّهُ مِنْ طِينٍ مَعْرُوفٍ

(وَلَوْ عَيَّنَ كَيْلًا فَسَدَ) السَّلَمُ (إنْ لَمْ يَكُنْ) ذَلِكَ الْكَيْلُ (مُعْتَادًا) كَالْكُوزِ لِأَنَّهُ قَدْ يَتْلَفُ قَبْلَ الْمَحَلِّ فَفِيهِ غَرَرٌ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: بِعْتُك مِلْءَ هَذَا الْكُوزِ مِنْ هَذِهِ الصُّبْرَةِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ فِي الْأَصَحِّ لِعَدَمِ الْغَرَرِ وَالسَّلَمُ الْحَالُّ كَالْمُؤَجَّلِ أَوْ كَالْبَيْعِ وَجْهَانِ.

وَقَطَعَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ بِأَنَّهُ كَالْمُؤَجَّلِ (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ الْكَيْلُ مُعْتَادًا (فَلَا) يَفْسُدُ السَّلَمُ (فِي الْأَصَحِّ) وَيَلْغُو شَرْطُ ذَلِكَ الْكَيْلِ لِأَنَّهُ لَا غَرَضَ فِيهِ وَيَقُومُ مِثْلُهُ مَقَامَهُ. وَالثَّانِي يَفْسُدُ لِتَعَرُّضِ الْكَيْلِ لِلتَّلَفِ وَالْوَجْهَانِ جَارِيَانِ فِي الْبَيْعِ

(وَلَوْ أَسْلَمَ فِي ثَمَرِ قَرْيَةٍ صَغِيرَةٍ) أَيْ فِي قَدْرٍ مَعْلُومٍ مِنْهُ (لَمْ يَصِحَّ) لِأَنَّهُ قَدْ يَنْقَطِعُ فَلَا يَحْصُلُ مِنْهُ شَيْءٌ (أَوْ عَظِيمَةٍ صَحَّ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ ثَمَرَهَا لَا يَنْقَطِعُ غَالِبًا وَالثَّانِي يَقُولُ: إنْ لَمْ يُفِدْ تَنْوِيعًا فَسَدَ لِخُلُوِّهِ عَنْ الْفَائِدَةِ كَتَعْيِينِ الْمِكْيَالِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَفَادَهُ كَمَعْقِلِيِّ الْبَصْرَةِ فَإِنَّهُ مَعَ مَعْقِلِيِّ بَغْدَادَ صِنْفٌ وَاحِدٌ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا يَمْتَازُ عَنْ الْآخَرِ بِصِفَاتٍ وَخَوَاصِّ

(وَ) يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ السَّلَمِ (مَعْرِفَةُ الْأَوْصَافِ الَّتِي يَخْتَلِفُ بِهَا الْغَرَضُ اخْتِلَافًا ظَاهِرًا) وَيَنْضَبِطُ بِهَا الْمُسْلَمُ فِيهِ (وَذِكْرُهَا فِي الْعَقْدِ عَلَى وَجْهٍ لَا يُؤَدِّي إلَى عِزَّةِ الْوُجُودِ فَلَا يَصِحُّ) السَّلَمُ

ــ

[حاشية قليوبي]

التَّقْرِيبِ) أَيْ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فَإِنْ أُرِيدَ التَّحْدِيدُ اُعْتُبِرَ. قَوْلُهُ: (مُسْتَحَبٌّ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (لَكِنْ يُشْتَرَطُ) أَيْ عَلَى الْقَوْلَيْنِ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ عَيَّنَ كَيْلًا) أَوْ وَزْنًا أَوْ نَحْوَهُ فَسَدَ الْعَقْدُ. قَوْلُهُ: (إنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الْكَيْلُ مُعْتَادًا) بِأَنْ لَمْ يُعْلَمْ مِقْدَارُهُ فَإِنْ عُلِمَ لِلْعَاقِدَيْنِ وَعَدْلَيْنِ صَحَّ وَيَجِبُ تَعْيِينُ الْمِكْيَالِ إنْ تَعَدَّدَتْ الْمَكَايِيلُ وَلَا غَالِبَ وَتَعْيِينُ ذِرَاعِ الْيَدِ مُفْسِدٌ وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ قَدْرُهُ كَمَا مَرَّ لِاحْتِمَالِ الْمَوْتِ. قَوْلُهُ: (وَقَطَعَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ لِعَدَمِ تَعَيُّنِ النَّوْعِ فِيهِ.

قَوْلُهُ: (قَرْيَةٍ صَغِيرَةٍ) أَيْ مِنْ حَيْثُ قِلَّةُ ثَمَرِهَا وَعَكْسُهَا الْكَبِيرَةُ وَاعْتِبَارُ الْقَرْيَةِ لِلْغَالِبِ وَلِأَجْلِهَا ذُكِرَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ هُنَا مَعَ أَنَّهَا مِنْ الْقُدْرَةِ عَلَى التَّسْلِيمِ. قَوْلُهُ: (فِي قَدْرٍ مَعْلُومٍ مِنْهُ) فَيَبْطُلُ فِي كُلِّهِ بِالْأَوْلَى وَإِنْ اُعْتِيدَ نُقِلَ مِثْلُهُ أَوْ أَجْوَدُ مِنْهُ إلَيْهَا صَحَّ وَيَتَعَيَّنُ ثَمَرُهَا وَلَا يَجِبُ قَبُولُ غَيْرِهِ إلَّا أَجْوَدَ مِنْهُ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي) هُوَ مُقَابِلُ الْأَصَحِّ فِي الْمِكْيَالِ الْمُعْتَادِ قَبْلَهُ وَهَذَا مَعْنَى مَا فِي الرَّوْضَةِ أَنَّهُ إنْ أَفَادَ تَنْوِيعًا صَحَّ قَطْعًا وَإِلَّا فَعَلَى الْأَصَحِّ.

قَوْلُهُ: (مَعْرِفَةُ الْأَوْصَافِ) أَيْ لِلْعَاقِدَيْنِ وَعَدْلَيْ شَهَادَةٍ وَلَوْ رَجُلًا وَامْرَأَتَيْنِ بِأَنْ يُوجَدَ فِي دُونِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ، وَقَالَ شَيْخُنَا دُونَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى كَمَا مَرَّ وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا فِي مَحَلِّ التَّسْلِيمِ. قَوْلُهُ: (وَذِكْرُهَا فِي الْعَقْدِ) بِلُغَةٍ يَعْرِفُهَا مِنْ تَقَدُّمٍ فَلَا يَكْفِي ذِكْرُهَا قَبْلَ الْعَقْدِ وَلَا بَعْدَهُ وَلَوْ فِي مَجْلِسِهِ وَلَا نِيَّتُهَا مُطْلَقًا وَمَا قِيلَ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِنِيَّتِهَا فِي الْعَقْدِ كَالْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فِي النِّكَاحِ لَمْ

ــ

[حاشية عميرة]

لَوْ قُلْنَا بِالْأَوَّلِ اشْتَرَطْنَا هَذَا أَيْضًا.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (إنْ لَمْ يَكُنْ مُعْتَادًا) زَادَ الْإِسْنَوِيُّ وَلَمْ يَعْلَمْ قَدْرَ الَّذِي يَحْوِيهِ. قَوْلُهُ: (وَيَلْغُو شَرْطُ ذَلِكَ الْكَيْلِ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: الْمُرَادُ بِالتَّعْيِينِ تَعْيِينُ الْفَرْدِ مِنْ الْمَكَايِيلِ أَمَّا تَعْيِينُ نَوْعِ الْمِكْيَالِ بِالْغَلَبَةِ أَوْ التَّنْصِيصِ فَلَا بُدَّ مِنْهُ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ يَنْقَطِعُ) وَكَذَا لَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِي لَبَنِ غَنَمٍ بِأَغْنَامِهَا أَوْ صُوفِهَا أَوْ وَبَرِّهَا أَوْ سَمْنِهَا أَوْ جُبْنِهَا نَصَّ عَلَيْهِ.

وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ مَا رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّ زَيْدَ بْنَ سَعْنَةَ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: يَا مُحَمَّدُ هَلْ لَك أَنْ تَبِيعَنِي تَمْرًا مَعْلُومًا إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ مِنْ حَائِطِ بَنِي فُلَانٍ؟ فَقَالَ: لَا يَا يَهُودِيُّ لَا أَبِيعُك مِنْ حَائِطٍ مُسَمًّى إلَى أَجَلٍ مُسَمًّى، وَلَكِنْ أَبِيعَك وُسُوقًا مُسَمَّاةً إلَى أَجَلٍ مُسَمًّى» وَزَيْدُ بْنُ سَعْنَةَ أَسْلَمَ وَشَهِدَ الْمَشَاهِدَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالَ: مَا مِنْ عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ شَيْءٌ إلَّا وَقَدْ عَرَفْته فِي وَجْهِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. قَوْلُهُ: (لِخُلُوِّهِ عَنْ الْفَائِدَةِ كَتَعْيِينِ الْمِكْيَالِ) أَيْ فَيَفْسُدُ الْعَقْدُ فِي وَجْهٍ وَيَصِحُّ فِي آخَرَ وَيَلْغُو الشَّرْطُ وَهُوَ الْأَصَحُّ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (مَعْرِفَةُ الْأَوْصَافِ) أَيْ لِلْعَاقِدَيْنِ وَعَدْلَيْنِ كَمَا سَيَجِيءُ ثُمَّ هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى الْمَسْأَلَةِ أَوَّلَ الْفَصْلِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (الَّتِي يَخْتَلِفُ بِهَا الْغَرَضُ) لِأَنَّ الْقِيمَةَ يَخْتَلِفُ بِسَبَبِهَا، وَقَوْلُ الشَّارِحِ وَيَنْضَبِطُ بِهَا الْمُسْلَمُ فِيهِ هُوَ بِمَعْنَى قَوْلِ السُّبْكِيّ مِنْ هَذَا الشَّرْطِ يُؤْخَذُ أَنَّ شَرْطَ الْمُسْلَمِ فِيهِ أَنْ يَكُونَ مِمَّا يَنْضَبِطُ بِالصِّفَاتِ الْمَذْكُورَةِ، وَنَبَّهَ أَيْضًا عَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ أَنْ يُزَادَ فِي الضَّابِطِ مِنْ الْأَوْصَافِ الَّتِي لَا يَدُلُّ الْأَصْلُ عَلَى عَدَمِهَا لِيَخْرُجَ نَحْوُ الْقُوَّةِ وَالْكِتَابَةِ وَالضَّعْفِ وَالْأُمِّيَّةِ فِي الْعَبْدِ، وَأَنَّهُ يَخْرُجُ بِاَلَّتِي يَخْتَلِفُ بِهَا الْغَرَضُ نَحْوُ التَّكَلْثُمِ وَالْكُحْلِ وَالسَّمْنِ فِي الرَّقِيقِ. قَوْلُهُ: (وَيَنْضَبِطُ) صَرَّحَ بِهِ لِأَنَّهُ مُسْتَفَادٌ مِنْ الْمَذْكُورِ قَبْلَهُ وَلِيُلَائِمَ قَوْلَ الْمَتْنِ الْآتِي فَلَا يَصِحُّ إلَخْ الَّذِي هُوَ نَتِيجَةُ الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَذِكْرُهَا) الضَّمِيرُ فِيهِ يَرْجِعُ إلَى قَوْلِهِ وَمَعْرِفَةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>