للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نِفَاسٍ أَيْ رَفْعُ حُكْمِ ذَلِكَ (أَوْ اسْتِبَاحَةِ مُفْتَقَرٍ إلَيْهِ) أَيْ إلَى الْغُسْلِ كَأَنْ يَنْوِيَ بِهِ اسْتِبَاحَةَ الصَّلَاةِ أَوْ غَيْرِهَا مِمَّا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْغُسْلِ

(أَوْ أَدَاءِ فَرْضِ الْغُسْلِ) أَوْ فَرْضِ الْغُسْلِ أَوْ أَدَاءِ الْغُسْلِ كَمَا فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ قِيَاسًا عَلَى أَدَاءِ الْوُضُوءِ، وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ.

قَالَ الرُّويَانِيُّ: لَوْ نَوَى الْجُنُبُ الْغُسْلَ لَمْ يُجْزِئْهُ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ عَادَةً وَقَدْ يَكُونُ مَنْدُوبًا (مَقْرُونَةٌ بِأَوَّلِ فَرْضٍ) وَهُوَ أَوَّلُ مَا يُغْسَلُ مِنْ الْبَدَنِ، فَلَوْ نَوَى بَعْدَ غَسْلِ جُزْءٍ وَجَبَ إعَادَةُ غَسْلِهِ، وَمَقْرُونَةٌ بِالرَّفْعِ فِي خَطِّ الْمُصَنِّفِ، وَقِيلَ بِالنَّصْبِ صِفَةُ نِيَّةِ الْمُقَدَّرَةِ الْمَنْصُوبَةِ بِنِيَّةِ الْمَلْفُوظَةِ.

(وَتَعْمِيمِ شَعَرِهِ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ (وَبَشَرِهِ) حَتَّى الْأَظْفَارِ وَمَا يَظْهَرُ مِنْ صِمَاخَيْ الْأُذُنَيْنِ، وَمِنْ فَرْجِ الْمَرْأَةِ عِنْدَ قُعُودِهَا لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ، وَمَا تَحْتَ الشَّعْرِ الْكَثِيفِ، وَيَجِبُ نَقْضُ الضَّفَائِرِ إنْ لَمْ يَصِلْ الْمَاءُ إلَى بَاطِنِهَا إلَّا بِالنَّقْضِ (وَلَا تَجِبُ مَضْمَضَةٌ وَاسْتِنْشَاقٌ) كَمَا فِي الْوُضُوءِ

(وَأَكْمَلُهُ إزَالَةُ الْقَذَرِ) بِالْمُعْجَمَةِ كَالْمَنِيِّ عَلَى الْفَرْجِ (ثُمَّ الْوُضُوءُ)

ــ

[حاشية قليوبي]

مِمَّنْ تَجَرَّدَتْ جَنَابَتُهُ عَنْ الْحَدَثِ.

قَوْلُهُ: (أَوْ حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ) وَيَصِحُّ رَفْعُ الْحَيْضِ بِنِيَّةِ النِّفَاسِ وَعَكْسُهُ وَلَوْ عَمْدًا مَا لَمْ يُرِدْ حَقِيقَتَهُ الشَّرْعِيَّةَ، وَيَصِحُّ كُلٌّ مِنْهُمَا بِنِيَّةِ حِلِّ الْوَطْءِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا حَلِيلٌ. قَوْلُهُ: (رَفْعِ حُكْمِ ذَلِكَ) أَيْ فَالْمَنْوِيُّ الْأَسْبَابُ، وَيَنْصَرِفُ إلَى حُكْمِهَا وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْهُ أَوْ لَمْ يَعْرِفْهُ كَمَا مَرَّ فِي الْحَدِيثِ. قَوْلُهُ: (كَأَنْ يَنْوِيَ اسْتِبَاحَةَ الصَّلَاةِ) أَوْ يَأْتِي بِنَفْسِ تِلْكَ الصِّيغَةِ كَمَا مَرَّ فِي الْوُضُوءِ. قَوْلُهُ (أَوْ غَيْرُهَا) كَمَسِّ مُصْحَفٍ وَسَجْدَةِ تِلَاوَةٍ وَحِلِّ وَطْءٍ كَمَا مَرَّ، وَلَهُ بِذَلِكَ فِعْلُ الصَّلَاةِ الْمَفْرُوضَةِ، وَفِي نِيَّةِ صَاحِبِ الضَّرُورَةِ مَا مَرَّ فِي الْوُضُوءِ.

قَوْلُهُ: (فَرْضِ الْغُسْلِ) وَيَدْخُلُ مَنْدُوبَاتُهُ تَبَعًا كَمَا فِي نِيَّةِ فَرْضِ الصَّلَاةِ وَفِي الْأَغْسَالِ الْمَنْدُوبَةِ يَنْوِي أَسْبَابَهَا وَكَنِيَّةِ فَرْضِ الْغُسْلِ نِيَّةُ الْغُسْلِ الْوَاجِبِ. قَوْلُهُ: (لَمْ يُجْزِئْهُ) مَا لَمْ يُضِفْهُ لِمُفْتَقِرٍ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا مَرَّ كَالْغُسْلِ لِلصَّلَاةِ أَوْ لَمْسِ الْمُصْحَفِ، وَمِثْلُهُ نِيَّةُ الطَّهَارَةِ لِذَلِكَ، وَفِي نِيَّةِ الطَّهَارَةِ الْوَاجِبَةِ مَا مَرَّ فِي الْوُضُوءِ فَتَكْفِي خِلَافًا لِلْخَطِيبِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ عَادَةً وَقَدْ يَكُونُ مَنْدُوبًا) أَيْ فَلَا يَنْصَرِفُ لِلْوَاجِبِ إلَّا بِالنَّصِّ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَمَّا تَرَدَّدَ الْقَصْدُ فِيهِ بَيْنَ أَسْبَابٍ ثَلَاثَةٍ الْعَادَةُ كَالتَّنْظِيفِ وَالنَّدْبُ كَالْعِيدِ وَالْوُجُوبُ كَالْجَنَابَةِ احْتَاجَ إلَى تَعْيِينٍ بِخِلَافِ الْوُضُوءِ لَيْسَ لَهُ إلَّا سَبَبٌ وَاحِدٌ وَهُوَ الْحَدَثُ فَلَمْ يَحْتَجْ إلَى تَعْيِينٍ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ عَادَةً أَصْلًا وَلَا مَنْدُوبًا لِسَبَبٍ، لَيْسَتْ الصَّلَاةُ بِالْوُضُوءِ الْأَوَّلِ لِلْمُجَدِّدِ سَبَبًا لِلتَّجْدِيدِ، وَإِنَّمَا هِيَ مُجَوِّزَةٌ لَهُ فَقَطْ لَا طَالِبَةٌ لَهُ، وَلِذَلِكَ لَا يَصِحُّ إضَافَتُهُ إلَيْهَا فَافْهَمْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ مِمَّا يُكْتَبُ بِالتِّبْرِ فَضْلًا عَنْ الْحِبْرِ، فَرَحِمَ اللَّهُ ثَرَى قَبْرِ هَذَا الشَّارِحِ مَا أَدْرَاهُ بِأَسَالِيبِ الْكَلَامِ، وَمَا أَقْوَى إدْرَاكَهُ بِتَأْدِيَةِ الْمَرَامِ، وَاَللَّهُ وَلِيُّ التَّوْفِيقِ وَالْإِلْهَامِ.

(تَنْبِيهٌ) لَا تَصِحُّ نِيَّةُ نَحْوَ مَسِّ الْمُصْحَفِ مِنْ الصَّبِيِّ إذَا قَصَدَ حَاجَةَ تَعَلُّمِهِ كَالْوُضُوءِ، وَلَوْ شَكَّ الْمُغْتَسِلُ بَعْدَ الْغُسْلِ فِي نِيَّتِهِ وَجَبَتْ إعَادَتُهُ الْوُضُوءَ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ أَوَّلُ مَا يُغْسَلُ مِنْ الْبَدَنِ) وَإِنْ كَانَ عَنْ سُنَّةٍ سَابِقَةٍ عَلَيْهِ كَالْوُضُوءِ فِيهِ، أَوْ لَمْ يَقَعْ غُسْلُهُ عَنْ الْبَدَنِ كَمَا لَوْ غَسَلَ مَحَلًّا مُتَنَجِّسًا بِمُغَلَّظٍ وَنَوَى عِنْدَهُ، فَيُعْتَدُّ بِالنِّيَّةِ، وَلَوْ فِي أَوَّلِ غَسْلَةٍ مِنْهُ، وَإِنْ وَجَبَتْ إعَادَةُ غُسْلِهِ عَنْ الْحَدَثِ كَمَا مَرَّ فِي غَسْلِ الْجُزْءِ مِنْ الْوَجْهِ مَعَ الْمَضْمَضَةِ،.

قَالَهُ شَيْخُنَا وَاعْتَمَدَهُ، وَنَقَلَ بَعْضُهُمْ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ خِلَافَهُ.

(تَنْبِيهٌ) ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ تَفْرِيقَ النِّيَّةِ عَلَى الْأَعْضَاءِ لَا يَأْتِي فِي الْغُسْلِ لِأَنَّ الْبَدَنَ كَالْعُضْوِ الْوَاحِدِ فَرَاجِعْهُ، إذْ لَا مَانِعَ مِنْهُ.

قَوْلُهُ: (وَتَعْمِيمُ شَعْرِهِ) إلَّا مَا نَبَتَ دَاخِلَ الْعَيْنِ أَوْ الْأَنْفِ فَلَا يَجِبُ وَلَا يُسَنُّ، وَإِنْ طَالَ وَخَرَجَ عَنْ حَدِّ الْوَجْهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْعَلَّامَةُ ابْنُ عَبْدِ الْحَقِّ. قَوْلُهُ: (حَتَّى الْأَظْفَارِ) فَالْبَشَرَةُ هُنَا أَعَمُّ مِنْ النَّاقِضِ فِي الْوُضُوءِ، وَمِنْهَا ظَاهِرُ أَنْفٍ أَوْ أُصْبُعٍ أَوْ رِجْلٍ مِنْ نَقْدٍ أَوْ خَشَبٍ كَمَا فِي الْوُضُوءِ. قَوْلُهُ: (وَمَا تَحْتَ الشَّعْرِ الْكَثِيفِ) نَعَمْ يُعْفَى عَمَّا تَحْتَ نَحْوِ طُبُوعٍ عَسُرَ زَوَالُهُ وَإِنْ كَثُرَ، وَيَجِبُ إزَالَتُهُ مَعَ الشَّعْرِ إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مُثْلَةٌ كَلِحْيَةِ الْمَرْأَةِ. قَوْلُهُ: (وَيَجِبُ نَقْضُ الضَّفَائِرِ) إنْ لَمْ يَصِلْ الْمَاءُ إلَى دَاخِلِهَا إلَّا بِهِ، بِخِلَافِ مَا تَعَقَّدَ بِنَفْسِهِ فَلَا يَجِبُ نَقْضُهُ إنْ كَثُرَ، فَإِنْ كَانَ بِفِعْلٍ عُفِيَ عَنْ قَلِيلِهِ وَلَوْ بَقِيَ مِنْ أَطْرَافِ شَعْرٍ مَثَلًا شَيْءٌ وَلَوْ وَاحِدَةً بِلَا غَسْلٍ ثُمَّ

ــ

[حاشية عميرة]

الْمَرْأَةِ حَيْضٌ وَجَنَابَةٌ فَنَوَتْ أَحَدَهُمَا فَقَطْ ارْتَفَعَ الْآخَرُ قَطْعًا، وَاسْتَشْكَلَ الْقَطْعَ مَعَ جَرَيَانِ الْخِلَافِ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْوُضُوءِ.

قَالَ الْإِمَامُ النَّوَوِيُّ: وَالْفَرْقُ صَعْبٌ، انْتَهَى. قُلْت قَدْ يَلُوحُ فَارِقٌ مِنْ جِهَةِ أَنَّ نِيَّتَهُ رَفْعُ الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ مِنْ حَيْثُ اقْتِضَاؤُهَا تَعْمِيمَ جَمِيعِ الْبَدَنِ أَقْوَى مِنْ نِيَّةِ الْوُضُوءِ لِاخْتِصَاصِهَا بِبَعْضِ الْأَعْضَاءِ يَدُلُّك عَلَى قُوَّتِهَا اسْتِتْبَاعُهَا لِلْأَصْغَرِ دُونَ الْعَكْسِ.

قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَقَدْ يَكُونُ مَنْدُوبًا) فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ الْوُضُوءَ قَدْ يَكُونُ مَنْدُوبًا وَيَصِحُّ بِنِيَّةِ الْوُضُوءِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَتَعْمِيمِ شَعْرِهِ) لِمَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ تَرَكَ مَوْضِعَ شَعْرَةٍ مِنْ جَنَابَةٍ فُعِلَ بِهِ كَذَا وَكَذَا مِنْ النَّارِ» قَالَ عَلِيٌّ: فَمِنْ ثَمَّ عَادَيْت شَعْرَ رَأْسِي، وَكَانَ يَجُزْ شَعْرَهُ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (حَتَّى الْأَظْفَارِ) لَيْسَتْ مِنْ الْبَشَرَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا تَجِبُ مَضْمَضَةٌ وَاسْتِنْشَاقٌ) خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>