للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَإِذَا حَجَرَ بِحَالٍّ لَمْ يَحِلُّ الْمُؤَجَّلُ فِي الْأَظْهَرِ) وَالثَّانِي يَحِلُّ بِالْحَجْرِ كَالْمَوْتِ بِجَامِعِ تَعَلُّقِ الدَّيْنِ بِالْمَالِ وَفَرَّقَ الْأَوَّلَ بِخَرَابِ الذِّمَّةِ بِالْمَوْتِ دُونَ الْحَجْرِ

(وَلَوْ كَانَتْ الدُّيُونُ بِقَدْرِ الْمَالِ فَإِنْ كَانَ كَسُوبًا يُنْفِقُ مَنْ كَسَبَهُ فَلَا حَجْرَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَسُوبًا وَكَانَتْ نَفَقَتُهُ مِنْ مَالِهِ فَكَذَا) لَا حَجْرَ (فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي يُحْجَرُ عَلَيْهِ كَيْ لَا يُضَيِّعَ مَالَهُ فِي النَّفَقَةِ وَدَفَعَ بِالتَّمَكُّنِ مِنْ مُطَالَبَتِهِ فِي الْحَالِّ

(وَلَا يَحْجُرُ بِغَيْرِ طَلَبٍ) مِنْ الْغُرَمَاءِ (فَلَوْ طَلَبَ بَعْضُهُمْ) الْحَجْرَ (وَدَيْنُهُ قَدْرٌ يُحْجَرُ بِهِ) بِأَنْ زَادَ عَلَى مَالِهِ (حَجَرَ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَزِدْ الدَّيْنُ عَلَى مَالِهِ (فَلَا) حَجْرَ كَمَا تَقَدَّمَ ثُمَّ لَا يَخْتَصُّ أَثَرُ الْحَجْرِ بِالطَّالِبِ بَلْ يَعُمُّهُمْ. نَعَمْ لَوْ كَانَتْ الدُّيُونُ لِمَحْجُورٍ عَلَيْهِمْ بِصِبًا أَوْ جُنُونٍ أَوْ سَفَهٍ حَجَرَ الْقَاضِي عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ طَلَبٍ لِمَصْلَحَتِهِمْ، وَلَا يُحْجَرُ لِدَيْنِ الْغَائِبِينَ لِأَنَّهُ لَا يُسْتَوْفَى مَا لَهُمْ فِي الذِّمَمِ (وَيُحْجَرُ بِطَلَبِ الْمُفْلِسِ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ لَهُ فِيهِ غَرَضًا ظَاهِرًا.

وَالثَّانِي يَقُولُ الْحَقُّ لَهُمْ فِي ذَلِكَ قَالَ الرَّافِعِيُّ: رُوِيَ أَنَّ الْحَجْرَ عَلَى مُعَاذٍ كَانَ بِالْتِمَاسٍ مِنْهُ (فَإِذَا حُجِرَ) عَلَيْهِ بِطَلَبٍ أَوْ دُونَهُ (تَعَلَّقَ حَقُّ الْغُرَمَاءِ بِمَالِهِ) حَتَّى لَا يَنْفُذَ تَصَرُّفُهُ فِيهِ بِمَا يَضُرُّهُمْ، وَلَا تُزَاحِمُهُمْ فِيهِ الدُّيُونُ الْحَادِثَةُ (وَأَشْهَدَ) الْحَاكِمُ اسْتِحْبَابًا (عَلَى حَجْرِهِ) أَيْ الْمُفْلِسِ (لِيَحْذَرَ) أَيْ لِيَحْذَرَ النَّاسُ مُعَامَلَتَهُ

(وَلَوْ بَاعَ أَوْ وَهَبَ أَوْ أَعْتَقَ فَفِي قَوْلٍ يُوقَفُ

ــ

[حاشية قليوبي]

يَجُوزُ الْحَجْرُ بِهِ مُسْتَقِلًّا وَلَا يَحْسِبُ مِنْ الدَّيْنِ الْمُقَابِلِ بِالْمَالِ، وَلَا يُطَالِبُ صَاحِبَهُ وَلَا يُشَارِكُ عِنْدَ الْقِسْمَةِ، فَإِنْ حَلَّ قَبْلَهَا شَارَكَ صَاحِبُهُ الْغُرَمَاءَ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ. قَوْلُهُ: (كَالْمَوْتِ) وَمِثْلُهُ الرِّدَّةُ أَيْ الْمُتَّصِلَةُ بِهِ، وَضَرْبُ الرِّقِّ عَلَى الْأَسِيرِ بِخَلَاقِ الْجُنُونِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَتَظْهَرُ فَائِدَتُهُ فِي الرِّدَّةِ فِيمَا لَوْ قَسَّمَ مَالَهُ بَيْنَ رِدَّتِهِ وَمَوْتِهِ، ثُمَّ مَاتَ فَيَتَعَيَّنُ فَسَادُ الْقِسْمَةِ. قَوْلُهُ: (بِخَرَابِ الذِّمَّةِ بِالْمَوْتِ) وَالذِّمَّةُ وَصْفٌ قَائِمٌ بِالْإِنْسَانِ صَالِحٌ لِلْإِلْزَامِ، وَالِالْتِزَامِ وَهُوَ يَزُولُ بِالْمَوْتِ، فَلَا يُمْكِنُ التَّمَلُّكُ بَعْدَهُ وَلِذَلِكَ أَلْحَقَ بِهِ ضَرْبَ الرِّقِّ كَمَا مَرَّ.

قَوْلُهُ: (بِقَدْرِ الْمَالِ) أَفْهَمَ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ مَالٌ، فَلَا حَجْرَ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى، وَلَا نَظَرَ لِمَا عَسَاهُ أَنْ يُوجَدَ بِنَحْوِ كَسْبٍ.

قَوْلُهُ: (وَدَفَعَ إلَخْ) فَيُلْزِمُهُ الْحَاكِمُ بِالْوَفَاءِ فَإِنْ امْتَنَعَ أَكْرَهَهُ أَوْ بَاعَ مِنْ مَالِهِ، مَا يُوَفِّي بِهِ مِمَّا يَرَى فِيهِ الْمَصْلَحَةَ، وَإِنْ عَيَّنَ غَيْرَهُ خِلَافًا لِلسُّبْكِيِّ، وَلَوْ طَلَبَ الْمُسْتَحِقُّ الْحَجْرَ عَلَيْهِ، أَجَابَ الْحَاكِمُ سَوَاءٌ دَيْنُ الْمُعَامَلَةِ، وَالْإِتْلَافِ لِئَلَّا يُضَيِّعَ أَمْوَالَهُ لَكِنَّهُ حَجْرُ غَرِيمٍ لَا حَجْرُ فَلَسٍ فَلَا يُرَدُّ عَلَى الْمُصَنِّفِ.

فَرْعٌ: قَالَ شَيْخُنَا م ر. لِلْحَاكِمِ تَعْزِيرُ الْمُمْتَنِعِ مِنْ أَدَاءِ دَيْنٍ عَلَيْهِ، بَعْدَ طَلَبَ مُسْتَحِقِّهِ بِحَبْسٍ أَوْ ضَرْبٍ، وَإِنْ زَادَ عَلَى التَّعْزِيرِ بَلْ وَإِنْ أَدَّى إلَى مَوْتِهِ لِأَنَّهُ بِحَقٍّ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيهِ.

قَوْلُهُ: (وَلَا يَحْجُرُ) أَيْ لَا يَجُوزُ. قَوْلُهُ: (لِمَحْجُورٍ عَلَيْهِمْ) وَمِثْلُهُمْ الْمَسْجِدُ وَالْجِهَةُ الْعَامَّةُ كَالْفُقَرَاءِ. قَوْلُهُ: (أَوْ سَفَهٍ) قَالَ بَعْضُهُمْ أَوْ فَلَسٍ بِغَيْرِ طَلَبٍ مِنْ وَلِيِّهِمْ أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ وَلِيٌّ أَصْلًا. قَوْلُهُ: (لِدَيْنِ الْغَائِبِينَ) إلَّا إنْ كَانَ عَلَى غَيْرِ مَلِيءٍ أَوْ غَيْرِ مَوْثُوقٍ، فَلِلْقَاضِي الْأَمِينِ حِينَئِذٍ الْحَجْرُ؛ لِأَنَّ لَهُ الِاسْتِيفَاءَ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الْعِلَّةِ. قَوْلُهُ: (بِطَلَبِ الْمُفْلِسِ) وَلَوْ بِوَكِيلِهِ لَكِنْ بَعْدَ دَعْوَى الْغُرَمَاءِ بِالدَّيْنِ، وَثُبُوتِهِ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ وَلَا يَكْفِي عِلْمُ الْقَاضِي. قَوْلُهُ: (أَوْ بِدُونِهِ) كَمَا فِي الْمَحْجُورِ السَّابِقِ وَمَا أُلْحِقَ بِهِ. قَوْلُهُ: (قَالَ الرَّافِعِيُّ إلَخْ) قَالَ السُّبْكِيُّ: وَهُوَ أَصْوَبُ مِمَّا تَقَدَّمَ عَنْ النِّهَايَةِ. قَوْلُهُ: (حَقُّ الْغُرَمَاءِ) أَيْ لَا حَقُّ اللَّهِ كَزَكَاةٍ وَنَذْرٍ وَكَفَّارَةٍ، وَقِيلَ: تَتَعَلَّقُ نُجُومُ الْكِتَابَةِ بِمَالِ الْمُكَاتَبِ، إذَا حَجَرَ عَلَيْهِ بِغَيْرِهَا حَرِّرْهُ. قَوْلُهُ: (بِمَالِهِ) عَيْنًا كَانَ أَوْ دَيْنًا أَوْ مَنْفَعَةً حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا وَلَوْ مَرْهُونًا خِلَافًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ، فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِدُونِ ثَمَنِ الْمِثْلِ إذَا رَضِيَ الْمُرْتَهِنُ، وَلَا بِغَيْرِ إذْنِ الْغُرَمَاءِ مَعَ الْمُرْتَهِنِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (تَصَرُّفُهُ) أَيْ الْوَاقِعُ بَعْدَ الْحَجْرِ فَلَوْ وَقَعَ الْحَجْرُ فِي زَمَنِ خِيَارِ بَيْعٍ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ الْغُرَمَاءُ، بَلْ لَهُ الْفَسْخُ أَيْ وَالْإِجَازَةُ. قَوْلُهُ: (اسْتِحْبَابًا) أَيْ يَنْدُبُ لِلْقَاضِي أَنْ يَشْهَدَ وَأَنْ يُنَادِيَ عَلَيْهِ، أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ

ــ

[حاشية عميرة]

بِهِ الْمَحْجُورَ عَلَيْهِ؛ لِأَجْلِ نُقْصَانِ مَالِهِ عَنْ دُيُونِهِ، وَقَوْلُهُ: مَنْ لَا يَفِي خَرَجَ مَنْ لَا مَالَ لَهُ. وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: هَذَا أَعَمُّ مِنْ الْأَوَّلِ.

قَوْلُهُ: (وَإِذَا حَجَرَ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ أَفْلَسَ وَلَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ، فَإِنَّهَا لَا تَحِلُّ بِلَا خِلَافٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَمْ يَحِلُّ الْمُؤَجَّلُ) فِي حُلُولِ الْمُؤَجَّلِ بِالْجُنُونِ قَوْلَانِ: قَالَ النَّوَوِيُّ وَالْمَشْهُورُ الْحُلُولُ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَفِيهِ نَظَرٌ. قَالَ: وَعَلَيْهِ يَمْتَنِعُ الشِّرَاءُ لَهُ بِالْمُؤَجَّلِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِغَيْرِ طَلَبٍ) أَيْ لِأَنَّهُ لِمَصْلَحَةِ الْغُرَمَاءِ وَالْمُفْلِسِ وَهُمْ نَاظِرُونَ لِأَنْفُسِهِمْ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَقُولُ) أَيْ وَأَيْضًا فَالْحُرِّيَّةُ وَالرُّشْدُ

<<  <  ج: ص:  >  >>