للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْعِوَضَيْنِ دَيْنٌ فَيُشْتَرَطُ قَبْضُ الْآخَرِ فِي الْمَجْلِسِ كَرَأْسِ مَالِ السَّلَمِ (أَوْ) كَانَ الْعِوَضُ (دَيْنًا اُشْتُرِطَ تَعْيِينُهُ فِي الْمَجْلِسِ) لِيَخْرُجَ عَنْ بَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ (وَفِي قَبْضِهِ) فِي الْمَجْلِسِ (الْوَجْهَانِ) أَصَحُّهُمَا لَا يُشْتَرَطُ فَإِنْ كَانَا رِبَوِيَّيْنِ اُشْتُرِطَ، وَلَوْ صَالَحَ مِنْ دَيْنٍ عَلَى مَنْفَعَةٍ صَحَّ أَخْذًا مِمَّا تَقَدَّمَ وَتُقْبَضُ بِقَبْضِ مَحَلِّهَا. وَيُشْتَرَطُ قَبْضُهُ فِي الْمَجْلِسِ إنْ اُشْتُرِطَ الْقَبْضُ فِيهِ فِي الْعَيْنِ تَخْرِيجًا عَلَيْهِ (وَإِنْ صَالَحَ مِنْ دَيْنٍ عَلَى بَعْضِهِ) كَنِصْفِهِ (فَهُوَ إبْرَاءٌ عَنْ بَاقِيهِ وَيَصِحُّ بِلَفْظِ الْإِبْرَاءِ وَالْحَطِّ وَنَحْوِهِمَا) كَالْإِسْقَاطِ نَحْوُ: أَبْرَأْتُكَ مِنْ خَمْسِمِائَةٍ مِنْ الْأَلْفِ الَّذِي لِي عَلَيْكَ أَوْ حَطَطْتُهَا عَنْكَ أَوْ أَسْقَطْتهَا عَنْكَ، وَصَالَحْتُكَ عَلَى الْبَاقِي. وَلَا يُشْتَرَطُ فِي ذَلِكَ الْقَبُولُ عَلَى الصَّحِيحِ (وَ) يَصِحُّ (بِلَفْظِ الصُّلْحِ فِي الْأَصَحِّ) نَحْوُ: صَالَحْتُك عَنْ الْأَلْفِ الَّذِي لِي عَلَيْكَ عَلَى خَمْسِمِائَةٍ. وَالْخِلَافُ كَالْخِلَافِ فِي الصُّلْحِ مِنْ الْعَيْنِ عَلَى بَعْضِهَا بِلَفْظِ الصُّلْحِ فَيُؤْخَذُ تَوْجِيهُهُ مِمَّا تَقَدَّمَ. وَيُشْتَرَطُ فِي ذَلِكَ الْقَبُولُ فِي الْأَصَحِّ. وَلَا يَصِحُّ هَذَا الصُّلْحُ بِلَفْظِ الْبَيْعِ كَنَظِيرِهِ فِي الصُّلْحِ عَنْ الْعَيْنِ (وَلَوْ صَالَحَ مِنْ حَالٍّ عَلَى مُؤَجَّلٍ مِثْلِهِ) كَأَلْفٍ (أَوْ عَكْسٍ) أَيْ مِنْ مُؤَجَّلٍ عَلَى حَالٍّ مِثْلِهِ (لَغَا) الصُّلْحُ فَلَا يَلْزَمُ الْأَجَلُ فِي الْأَوَّلِ وَلَا إسْقَاطُهُ فِي الثَّانِي؛ لِأَنَّهُمَا وَعْدٌ مِنْ الدَّائِنِ وَالْمَدِينِ (فَإِنْ عَجَّلَ) الْمَدِينُ (الْمُؤَجَّلَ صَحَّ الْأَدَاءُ) وَسَقَطَ الْأَجَلُ (وَلَوْ صَالَحَ

ــ

[حاشية قليوبي]

لَفْظِ السَّلَمِ نَعَمْ. مُوَافَقَةُ الْمَنْهَجِ عَلَى مَا هُنَا لَا يُوَافِقُ مَا مَرَّ عَنْهُ مِنْ أَنَّ الْمَبِيعَ فِي الذِّمَّةِ لَهُ حُكْمُ السَّلَمِ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (أَصَحُّهُمَا لَا يُشْتَرَطُ) تَقَدَّمَ أَنَّهُ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (فَيُشْتَرَطُ قَبْضُ الْآخَرِ) أَيْ عَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي الَّذِي يُشْبِهُهُ بِالسَّلَمِ، وَرُدَّ التَّشْبِيهُ بِأَنَّ الدَّيْنِيَّةَ هُنَا انْقَطَعَتْ بِالصُّلْحِ، وَلَا كَذَلِكَ فِي السَّلَمِ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ كَانَا رِبَوِيَّيْنِ) أَيْ مُتَّحِدَيْ فِي عِلَّةِ الرِّبَا كَمَا مَرَّ اُشْتُرِطَ الْقَبْضُ أَيْ قَطْعًا فَشُمُولُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، لَا يَصِحُّ مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ، وَلَا مِنْ حَيْثُ الْخِلَافُ وَقِيلَ، إنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ أَفْرَادِ مَا مَرَّ قَبْلَهَا، وَإِنَّمَا ذَكَرَهَا لِتَتْمِيمِ الْأَقْسَامِ؛ لِأَنَّ مَا تَقَدَّمَ فِي عَيْنٍ وَدَيْنٍ وَهَذِهِ فِي دَيْنَيْنِ.

قَوْلُهُ: (وَيُشْتَرَطُ قَبْضُهُ) أَيْ مَحَلُّ الْمَنْفَعَةِ. قَوْلُهُ: (تَخْرِيجًا عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى اشْتِرَاطِ الْقَبْضِ فِي الْعَيْنِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَرْجُوحِ، فِيمَا سَبَقَ وَلَا يَخْفَى أَنَّ ذِكْرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ تَتْمِيمِيٌّ لِأَقْسَامِ الصُّلْحِ عَنْ الدَّيْنِ، وَصِحَّتُهَا بِالْقِيَاسِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي الصُّلْحِ عَنْ الْعَيْنِ عَلَى الْمَنْفَعَةِ، وَالتَّخْرِيجُ الْمَذْكُورُ لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ إذْ لَمْ يَتَقَدَّمْ فِي كَلَامِهِ، وَلَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَتَأَمَّلْ وَافْهَمْ. قَوْلُهُ: (كَالْإِسْقَاطِ) وَمِثْلُهُ التَّرْكُ وَالْإِحْلَالُ وَالتَّحْلِيلُ، وَالْعَفْوُ، وَالْوَضْعُ وَالْمُسَامَحَةُ. قَوْلُهُ: (وَصَالَحْتُكَ إلَخْ) رَاجِعٌ لِجَمِيعِ أَلْفَاظِ الْإِبْرَاءِ وَاحْتِيجَ إلَى لَفْظِ الصُّلْحِ مَعَ الْإِبْرَاءِ لِيَكُونَ مِنْ أَنْوَاعِ عَقْدِ الصُّلْحِ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ سَبْقُ الْخُصُومَةِ، وَلَمْ يَحْتَجْ لِقَبُولٍ نَظَرًا لِلَفْظِ الْإِبْرَاءِ كَمَا ذَكَرَهُ، وَفِيهِ مَا مَرَّ وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي الْعَيْنِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: أَبْرَأْتُكَ مِنْ نِصْفِهِ عَلَى أَنْ تُعْطِيَنِي بَاقِيهِ، فَسَدَ الْعَقْدُ، وَأَنَّهُ لَوْ سَكَتَ عَنْ لَفْظِ الصُّلْحِ وَاقْتَصَرَ عَلَى الْإِبْرَاءِ فَسَدَ كَمَا مَرَّ عَنْ شَيْخِنَا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (عَلَى خَمْسِمِائَةٍ) وَلَوْ مُعَيَّنَةً عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَلَا يُشْتَرَطُ قَبْضُهَا، وَإِنْ كَانَتْ فِي الذِّمَّةِ وَلَا تَعْيِينُهَا فِي الْمَجْلِسِ قَالَهُ شَيْخُنَا كَشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَصِحُّ هَذَا الصُّلْحُ بِلَفْظِ الْبَيْعِ) وَلَا بِلَفْظِ الْهِبَةِ، وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ الصِّحَّةُ؛ لِأَنَّ هِبَةَ الدَّيْنِ إبْرَاءٌ وَسَيَأْتِي مَا يُخَالِفُهُ. قَوْلُهُ: (صَحَّ الْأَدَاءُ) وَوَقَعَ عَنْ الدَّيْنِ وَإِنْ ظَنَّ صِحَّةَ الصُّلْحِ، لَكِنْ لَهُ فِي هَذِهِ الِاسْتِرْدَادُ؛ لِأَنَّهُ أَدَّى عَلَى اعْتِقَادِ أَمْرٍ بَاطِلٍ، فَلَوْ لَمْ يَسْتَرِدَّ وَقَعَ عَنْ الدَّيْنِ خِلَافًا لِمَا نُقِلَ عَنْ بَعْضِهِمْ، وَعَلَى هَذَا يَنْزِلُ قَوْلُ الْمَنْهَجِ بِعَدَمِ صِحَّةِ التَّعْجِيلِ فَتَأَمَّلْهُ.

ــ

[حاشية عميرة]

فِيهِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ مَحَلُّهَا. قَوْلُهُ: (فِيهِ) الضَّمِيرُ فِيهِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ فِي الْمَجْلِسِ. قَوْلُهُ: (فَهُوَ إبْرَاءٌ إلَخْ) نَظَرُكَ إلَى هَذَا مِنْ الَّذِي قَبْلَهُ يُفِيدُ أَنَّ الصُّلْحَ عَنْ الدَّيْنِ يَنْقَسِمُ أَيْضًا إلَى صُلْحِ مُعَاوَضَةٍ وَصُلْحِ حَطِيطَةٍ. قَوْلُهُ: (وَيَصِحُّ بِلَفْظِ الْإِبْرَاءِ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: كَأَنْ يَقُولَ: أَبْرَأْتُكَ مِنْ كَذَا وَأَعْطِ الْبَاقِيَ أَوْ أَبْرَأْتُكَ عَنْ كَذَا وَصَالَحْتُكَ عَلَى الْبَاقِي فَإِذَا قَالَ: ذَلِكَ بَرِئَ مِنْ غَيْرِ قَبُولٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي الْأَصَحِّ) مُدْرَكُ النَّظَرِ إلَى اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى. فَرْعٌ لَوْ عَقَدَهُ هُنَا بِلَفْظِ الْهِبَةِ فَالظَّاهِرُ الصِّحَّةُ وَعَدَمُ التَّوَقُّفِ عَلَى الْقَبُولِ؛ لِأَنَّ هِبَةَ الدَّيْنِ إبْرَاءٌ. قَوْلُهُ: (عَلَى خَمْسِمِائَةٍ) أَيْ فِي الذِّمَّةِ، أَمَّا الْمُعَيَّنَةُ فَكَذَلِكَ عِنْدَ الرَّافِعِيِّ، وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ اسْتِيفَاءٌ، وَخَالَفَ الْإِمَامَ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ مُعَاوَضَةٌ فَيَكُونُ رِبًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَإِنْ عَجَّلَ إلَخْ) هِيَ مَسْأَلَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ، أَعْنِي لَيْسَ التَّعْجِيلُ صَادِرًا عَنْ مُقْتَضَى الصُّلْحِ كَيْ يَعْتَرِضَ، عَمَّا لَوْ دَفَعَ عَلَى ظَنِّ اللُّزُومِ، فَإِنَّهُ لَا

<<  <  ج: ص:  >  >>