للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَاوَرْدِيُّ: وَعَلَى رَأْسِهِ الْحُمُولَةُ الْعَالِيَةُ وَهُوَ ظَاهِرٌ. وَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا يُظْلِمَ الْمَوْضِعَ عِنْدَ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ (وَإِنْ كَانَ مَمَرَّ الْفُرْسَانِ وَالْقَوَافِلِ فَلْيَرْفَعْهُ بِحَيْثُ يَمُرُّ تَحْتَهُ الْمَحْمِلُ) بِفَتْحِ الْمِيمِ الْأُولَى وَكَسْرِ الثَّانِيَةِ (عَلَى الْبَعِيرِ مَعَ أَخْشَابِ الْمِظَلَّةِ) بِكَسْرِ الْمِيمِ فَوْقَ الْمَحْمِلِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَتَّفِقُ ذَلِكَ. أَمَّا الذِّمِّيُّ فَيُمْنَعُ مِنْ إخْرَاجِ الْجَنَاحِ فِي شَارِعِ الْمُسْلِمِينَ؛ لِأَنَّهُ كَإِعْلَاءِ بِنَائِهِ عَلَى بِنَاءِ الْمُسْلِمِ أَوْ أَبْلَغُ ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ.

(وَيَحْرُمُ الصُّلْحُ عَلَى إشْرَاعِ الْجَنَاحِ) بِشَيْءٍ وَإِنْ صَالَحَ عَلَيْهِ الْإِمَامُ وَلَمْ يَضُرَّ الْمَارَّةَ؛ لِأَنَّ الْهَوَاءَ لَا يُفْرَدُ بِالْعَقْدِ، وَإِنَّمَا يَتْبَعُ الْقَرَارَ وَمَا لَا يَضُرُّ فِي الطَّرِيقِ يَسْتَحِقُّ الْإِنْسَانُ فِعْلَهُ مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ كَالْمُرُورِ (وَ) يَحْرُمُ (أَنْ يَبْنِيَ فِي الطَّرِيقِ دَكَّةً) بِفَتْحِ الدَّالِ أَيْ مَسْطَبَةً (أَوْ يَغْرِسَ شَجَرَةً. وَقِيلَ إنْ لَمْ يَضُرَّ) الْمَارَّةَ (جَازَ) كَالْجَنَاحِ، وَفَرْقُ الْأَوَّلِ بِأَنَّ شَغْلَ الْمَكَانِ بِمَا ذُكِرَ مَانِعٌ مِنْ الطُّرُوقِ، وَقَدْ تَزْدَحِمُ الْمَارَّةُ فَيَصْطَكُّونَ بِهِ.

(وَغَيْرُ النَّافِذِ يَحْرُمُ

ــ

[حاشية قليوبي]

لَهُ الْإِمَامُ جَازَ وَإِلَّا فَلَا. قَوْلُهُ: (الْحُمُولَةُ) بِضَمِّ الْحَاءِ وَالْمِيمِ. قَوْلُهُ: (الْغَالِبَةُ) بِمُعْجَمَةٍ وَمُوَحَّدَةٍ بَعْدَ اللَّامِ وَقِيلَ بَدَلُهُمَا مُهْمَلَةٌ وَتَحْتِيَّةٌ، وَهُوَ بَعِيدٌ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى الْجَهْلِ بِقَدْرِهَا. قَوْلُهُ: (أَنْ لَا يُظْلِمَ الْمَوْضِعَ) إظْلَامًا مُخَالِفًا لِلْعَادَةِ. قَوْلُهُ: (الْمَحْمِلُ) أَيْ الْغَالِبُ وَإِنْ نَدَرَ مُرُورُهُ. قَوْلُهُ: (أَمَّا الذِّمِّيُّ فَيُمْنَعُ) وَإِنْ لَمْ يَضُرَّ وَأَذِنَ الْإِمَامُ لَهُ فِي إخْرَاجِ الْجَنَاحِ، وَمِثْلُهُ السَّابَاطُ وَنَحْوُهُ مِمَّا تَقَدَّمَ فِي شَارِعِ الْمُسْلِمِينَ، وَأَمَّا شَارِعُهُمْ الْمُخْتَصُّ بِهِمْ، بِأَنْ لَا يُسَاكِنَهُمْ مُسْلِمٌ فَلَهُمْ ذَلِكَ فِيهِ. قَوْلُهُ: (أَوْ أَبْلَغَ) أَيْ لِكَوْنِهِ عَلَى رُءُوسِ الْمُسْلِمِينَ بِمُرُورِهِمْ تَحْتَهُ أَوْ؛ لِأَنَّ شَأْنَهُ الْإِشْرَافُ عَلَيْهِمْ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ، وَخَرَجَ بِذَلِكَ مُرُورُهُ بِشَارِعِ الْمُسْلِمِينَ فَجَائِزٌ بِمَا يَأْتِي فِي السَّيْرِ.

قَوْلُهُ: (دَكَّةً إلَخْ) الدَّكَّةُ أَصَالَةً مَحَلُّ الْجُلُوسِ وَالْمُرَادُ هُنَا الْأَعَمُّ، وَحَاصِلُ الْمُعْتَمَدِ فِي الدَّكَّةِ، وَالشَّجَرَةِ، وَحَفْرِ الْبِئْرِ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ وَإِلَيْهِ يُومِئُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ، حَيْثُ أَخَّرَ ذَلِكَ عَنْ التَّفْصِيلِ فِي الْجَنَاحِ، إنَّ الدَّكَّةَ يُمْنَعُ مِنْهَا، وَلَوْ بِفِنَاءِ دَارِهِ أَوْ دِعَامَةٍ لِجِدَارِهِ، سَوَاءٌ فِي الْمَسْجِدِ وَالطَّرِيقِ وَإِنْ اتَّسَعَ، وَانْتَفَى الضَّرَرُ وَأَذِنَ الْإِمَامُ، وَكَانَتْ لِعُمُومِ الْمُسْلِمِينَ، وَإِنَّ الشَّجَرَةَ فِي الطَّرِيقِ كَذَلِكَ، وَتَجُوزُ فِي الْمَسْجِدِ إنْ لَمْ تَضُرَّ بِالْمُصَلِّينَ، وَكَانَتْ لِعُمُومِ الْمُسْلِمِينَ كَأَكْلِهِمْ مِنْ ثِمَارِهَا، أَوْ صَرْفِهَا فِي مَصْلَحَتِهِ، وَإِنَّ حَفْرَ الْبِئْرِ جَائِزٌ فِي الْمَسْجِدِ وَالطَّرِيقِ بِالشَّرْطَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ، هَذَا مَا فِي شَرْحِهِ وَمَا نُقِلَ عَنْهُ بِخِلَافِ ذَلِكَ لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ. قَالَ: وَمَا ذُكِرَ مِنْ جَوَازِ إقْطَاعِ الْإِمَامِ لِلشَّوَارِعِ، كَمَا فِي الْجِنَايَاتِ ضَعِيفٌ أَوْ مَحْمُولٌ عَلَى قِطْعَةٍ زَائِدَةٍ عَلَى مَحَلِّ الْمُرُورِ، لَا يُحْتَاجُ إلَيْهَا فِيهِ. وَشَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ قَالَ: بِجَوَازِ الدَّكَّةِ وَالشَّجَرَةِ وَالْحَفْرِ فِي الْمَسْجِدِ وَغَيْرِهِ حَيْثُ انْتَفَى الضَّرَرُ وَأَذِنَ الْإِمَامُ، وَكَانَ لِعُمُومِ الْمُسْلِمِينَ.

تَنْبِيهٌ عُلِمَ مِنْ هَذَا مَنْعُ وَضْعِ الْخَزَائِنِ فِي الْمَسْجِدِ إلَّا بِقَدْرِ الْحَاجَةِ، أَوْ لِعُمُومِ الْمُسْلِمِينَ وَلَا ضَرَرَ وَتَلْزَمُ الْوَاضِعَ الْأُجْرَةُ، حَيْثُ امْتَنَعَ عَلَيْهِ الْوَضْعُ كَمَا تَقَدَّمَ. تَنْبِيهٌ آخَرُ لَوْ أَخْرَجَ جَنَاحًا تَحْتَ جَنَاحِ جَارِهِ أَوْ فَوْقَهُ أَوْ مُقَابِلَهُ، جَازَ بِشُرُوطِهِ السَّابِقَةِ، وَأَنْ لَا يَضُرَّ جَارَهُ أَوْ يَمْنَعَ نَفْعَهُ، وَلَوْ انْهَدَمَ جَنَاحُهُ، فَأَخْرَجَ جَارُهُ جَنَاحًا مُقَابِلَهُ جَازَ، وَإِنْ مَنَعَ مِنْ عَوْدِ جَنَاحِ الْأَوَّلِ وَإِنْ كَانَ عَلَى عَزْمِ عَوْدِهِ نَعَمْ إنْ كَانَ جَنَاحُ الْأَوَّلِ أُخْرِجَ حَالَ الْإِحْيَاءِ، لَمْ يَكُنْ لِلْآخَرِ مَنْعُهُ، وَلَهُ عَوْدُهُ وَهَدْمُ مَا يَمْنَعُهُ. فَرْعٌ يَحْرُمُ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ أَنْ يُدْخِلَ بَعْضَ الشَّارِعِ فِي دَارِهِ، وَلَا يَجُوزُ لِوَكِيلِ بَيْتِ الْمَالِ بَيْعُ شَيْءٍ مِنْ الشَّوَارِعِ، وَإِنْ اتَّسَعَتْ وَفَضَلَتْ عَنْ الْحَاجَاتِ؛ لِأَنَّا لَا نَعْلَمُ هَلْ أَصْلُهَا، وَقْفٌ أَوْ مَوَاتٌ أُحْيِيَ، وَقَدْ عَمَّتْ الْبَلْوَى بِذَلِكَ وَمَنْ خَالَفَهُ، وَلَوْ بِنَحْوِ جَنَاحٍ قَلَعَهُ الْإِمَامُ، لَا الْآحَادُ عِنْدَ خَوْفِ الْفِتْنَةِ وَإِلَّا فَلَهُمْ الْقَلْعُ.

قَوْلُهُ: (وَغَيْرُ النَّافِذِ) أَيْ الْخَالِي عَنْ نَحْوِ مَسْجِدٍ أَوْ بِئْرٍ مُسَبَّلَةٍ، وَإِلَّا فَهُوَ مِنْ أَوَّلِهِ إلَى مَحَلِّ ذَلِكَ كَالشَّارِعِ فِيمَا مَرَّ. وَقَيَّدَهُ شَيْخُنَا م ر بِمَا إذَا كَانَ ذَلِكَ غَيْرَ حَادِثٍ، وَإِلَّا اُعْتُبِرَ رِضَاهُمْ اسْتِصْحَابًا

ــ

[حاشية عميرة]

مَا بَعْدَهُ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا عِبْرَةَ بِالضَّرَرِ وَعَدَمِهِ بَلْ إنْ نَازَعَهُ شَخْصٌ مُنِعَ، وَإِلَّا فَلَا.

وَقَالَ أَحْمَدُ: لَا يَجُوزُ إلَّا بِإِذْنِ الْإِمَامِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِمَا يَضُرُّ) يُقَالُ: ضَرَّ يَضُرُّ ضُرًّا وَأَضَرَّ يَضُرُّ إضْرَارًا. قَوْلُهُ: (أَمَّا الذِّمِّيُّ فَيُمْنَعُ) أَفْتَى الْغَزَالِيُّ بِأَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ إشْرَاعُهُ لِلْبَحْرِ أَخْذًا مِنْ التَّعْلِيلِ هُنَا.

قَوْلُهُ: (وَإِنَّمَا يَتْبَعُ الْقَرَارَ) كَالْحَمْلِ مَعَ الْأُمِّ. قَوْلُهُ: (وَمَا لَا يَضُرُّ) أَيْ مِنْ جَنَاحٍ أَوْ غَيْرِهِ أَيْ وَأَمَّا الَّذِي يَضُرُّ، فَلَا يَجُوزُ بِعِوَضٍ وَلَا غَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (كَالْمُرُورِ) نَظِيرٌ أَوْ مِثَالٌ. قَوْلُهُ: (وَيَحْرُمُ أَنْ يَبْنِيَ) يُرِيدُ أَنْ يَبْنِيَ عَطْفٌ عَلَى الصُّلْحِ لَا عَلَى مَعْمُولِهِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يُفِيدُ حُرْمَةَ الْبِنَاءِ، وَيَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِعَجْنِ الطِّينِ وَنَحْوِهِ مِمَّا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ، وَلَوْ جَمَعَ الطِّينَ الَّذِي يَتَحَصَّلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>