الْمُشْتَرِي (فَأَعَادَهُ مَالِكُهُ فَلِلْمُشْتَرِي إعَادَةُ الْبِنَاءِ) بِتِلْكَ الْآلَاتِ وَبِمِثْلِهَا. وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَنَّ هَذَا الْعَقْدَ بَيْعٌ يَمْلِكُ بِهِ مَوَاضِعَ رُءُوسِ الْجُذُوعِ. وَالثَّالِثُ أَنَّهُ إجَارَةٌ مُؤَبَّدَةٌ لِلْحَاجَةِ (وَسَوَاءٌ كَانَ الْإِذْنُ) فِي الْبِنَاءِ (بِعِوَضٍ أَوْ بِغَيْرِهِ يُشْتَرَطُ بَيَانُ قَدْرِ الْمَوْضِعِ الْمَبْنِيِّ عَلَيْهِ طُولًا وَعَرْضًا وَسَمْكَ الْجُدْرَانِ) بِفَتْحِ السِّينِ أَيْ ارْتِفَاعَهَا (وَكَيْفِيَّتُهَا) كَكَوْنِهَا مِنْضَدَةً أَوْ خَالِيَةَ الْأَجْوَافِ (وَكَيْفِيَّةَ السَّقْفِ الْمَحْمُولِ عَلَيْهَا) كَكَوْنِهِ خَشَبًا أَوْ أَزَجًا أَيْ عَقْدًا؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ يَخْتَلِفُ بِذَلِكَ (وَلَوْ أَذِنَ فِي الْبِنَاءِ عَلَى أَرْضِهِ كَفَى بَيَانُ قَدْرِ مَحَلِّ الْبِنَاءِ) وَلَمْ يَجِبْ ذِكْرُ سُمْكِهِ وَكَيْفِيَّتِهِ؛ لِأَنَّ الْأَرْضَ تَحْمِلُ كُلَّ شَيْءٍ (وَأَمَّا الْجِدَارُ الْمُشْتَرَكُ) بَيْنَ اثْنَيْنِ مَثَلًا (فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا وَضْعُ جُذُوعِهِ عَلَيْهِ بِغَيْرِ إذْنٍ) مِنْ الْآخَرِ (فِي الْجَدِيدِ) وَالْقَدِيمِ لَهُ ذَلِكَ كَالْقَدِيمِ فِي الْجَارِ لِمَا تَقَدَّمَ وَأَوْلَى (وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتِدَ فِيهِ وَتِدًا) بِكَسْرِ التَّاءِ فِيهِمَا (أَوْ يَفْتَحَ) فِيهِ (كَوَّةً بِلَا إذْنٍ) كَسَائِرِ الْأَمْلَاكِ الْمُشْتَرَكَةِ لَا يَسْتَقِلُّ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ بِالِانْتِفَاعِ (وَلَهُ أَنْ يَسْتَنِدَ إلَيْهِ وَيَسْنُدَ) إلَيْهِ (مَتَاعًا لَا يَضُرُّ) وَهَذَا الْقَيْدُ
ــ
[حاشية قليوبي]
رَاعَى كَلَامَ الْمُصَنِّفِ، وَكَذَا قَبْلَ الْوَضْعِ، وَأَعَادَهُ الْمَالِكُ أَوْ غَيْرُهُ، وَلَا يُجْبَرُ الْمَالِكُ عَلَى إعَادَتِهِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَلَا غُرْمَ عَلَى أَحَدٍ فِي هَذَا الْهَدْمِ، وَلَوْ هَدَمَهُ الْمَالِكُ وَلَوْ مُتَعَدِّيًا؛ وَلِأَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ هَدْمُهُ لَمْ يُجْبَرْ عَلَى إعَادَتِهِ أَيْضًا، لَكِنَّهُ يَغْرَمُ أَرْشَ نَقْصِ الْمَوْضُوعِ لِلْفَيْصُولَةِ وَقِيمَةَ حَقِّ الْبِنَاءِ لِلْحَيْلُولَةِ، فَإِذَا أُعِيدَ الْجِدَارُ وَالْوَاضِعُ أُعِيدَتْ لَهُ، وَلَوْ هَدَمَهُ أَجْنَبِيٌّ لَمْ يُجْبَرْ هُوَ وَلَا الْمَالِكُ عَلَى إعَادَتِهِ لَكِنَّهُ يَغْرَمُ مَا تَقَدَّمَ، وَيَغْرَمُ أَرْشَ نَقْضِ الْجِدَارِ لِلْمَالِكِ، وَإِذَا أُعِيدَ الْجِدَارُ فَعَلَى مَا تَقَدَّمَ وَلَوْ أَرَادَ الْمُسْتَحِقُّ إعَادَةَ الْجِدَارِ مِنْ مَالِهِ، لِيَتَمَكَّنَ مِنْ الْوَضْعِ لَمْ يُمْنَعْ، وَلَا أُجْرَةَ لَهُ مُدَّةَ انْهِدَامِ الْجِدَارِ مُطْلَقًا، كَذَا قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا، وَلَوْ كَانَ الْجِدَارُ أَوْ الْبِنَاءُ مِنْ لَبِنَاتٍ وَتَفَتَّتَ لَزِمَهُ مِثْلُهَا؛ لِأَنَّهَا مِثْلِيَّةٌ. قَوْلُهُ: (فَلِلْمُشْتَرِي قَبْلَ فَرَاغِ الْمُدَّةِ) . وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ الْعَقْدَ لَا يَنْفَسِخُ، وَلَوْ كَانَ إجَارَةً مُؤَقَّتَةً خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ، وَفَارَقَ الْفَسْخُ بِانْهِدَامِ الدَّارِ الْمُؤَجَّرَةِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ وَاقِعٌ عَلَى عَيْنِهَا. قَوْلُهُ: (وَالْوَجْهُ الثَّانِي) هُوَ مُقَابِلُ الْأَصَحِّ وَعَلَيْهِ لَا إعَادَةَ بَعْدَ الْهَدْمِ لِتَلَفِ حَقِّهِ، وَهُوَ الْجُزْءُ الْمُلَاصِقُ لِلْجُذُوعِ وَلَعَلَّ هَذَا حِكْمَةُ تَأْخِيرِهِ عَنْ التَّفْرِيغِ عَلَى الْأُولَى، وَتَأْخِيرُ الثَّالِثِ لِمُنَاسَبَتِهِ لِلثَّانِي وَعَلَيْهِ يَأْتِي مَا تَقَدَّمَ فِي الْإِجَارَةِ، وَأَنَّهُ لَوْ قُدِّرَتْ الْمَنْفَعَةُ بِمُدَّةٍ سَقَطَتْ الْإِعَادَةُ بِهَدْمِ الْجِدَارِ لِانْفِسَاخِهَا. قَوْلُهُ: (بَيَانُ قَدْرِ الْمَوْضِعِ) الصَّوَابُ إسْقَاطُ لَفْظِ قُدِّرَ؛ لِأَنَّ فِي ذِكْرِهِ مُخَالَفَةً لِلْمُرَادِ مِنْ بَيَانِ مَحَلِّ الْبِنَاءِ، وَالْقَدْرُ مَعْلُومٌ مِنْ الطُّولِ وَالْعَرْضِ، كَمَا أَشَارَ إلَى ذَلِكَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ. قَوْلُهُ: (ارْتِفَاعُهَا) فَهُوَ الْأَخْذُ مِنْ أَسْفَلَ إلَى أَعْلَى، وَعَكْسُهُ الْعُمْقُ وَالْعَرْضُ أَقْصَرُ الِامْتِدَادَيْنِ. قَوْلُهُ: (كَفَى) أَيْ الْوُجُوبُ وَيَجِبُ أَيْضًا ذِكْرُ عُمْقِ الْأَسَاسِ إنْ كَانَ يُحْفَرُ. قَوْلُهُ: (بِغَيْرِ إذْنٍ مِنْ الْآخَرِ) فَإِنْ كَانَ بِإِذْنِهِ فَفِيهِ مَا مَرَّ مِنْ كَوْنِهِ عَارِيَّةً أَوْ غَيْرَهَا، وَيَأْتِي فِي هَدْمِهِ مَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (بِكَسْرِ التَّاءِ فِيهِمَا) وَهُوَ اسْمُ عَيْنٍ فِي الثَّانِي وَسُكُونِهَا فِيهِ مَصْدَرٌ مَاضِيهِ وَتَدَ كَضَرَبَ. قَوْلُهُ: (بِلَا إذْنٍ) وَمِثْلُهُ عَلِمَ الرِّضَا وَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ بِالْإِذْنِ لَمْ تَجُزْ إزَالَتُهُ لِقَلْعِ الْوَتِدِ وَسَدِّ الْكَوَّةِ، إلَّا
[حاشية عميرة]
تَعْلَمُ أَنَّ الْعَقْدَ لَا يَنْفَسِخُ بِالْهَدْمِ الْمَذْكُورِ، لَكِنْ بَحَثَ الْإِسْنَوِيُّ إذَا كَانَ إيجَارًا وَمُؤَقَّتًا بِلَفْظِهِ تَخْرِيجُهُ عَلَى الْخِلَافِ فِي الْفَسْخِ بِانْهِدَامِ الدَّارِ. قَالَ السُّبْكِيُّ فِي الْحَالَةِ الْأُولَى: وَإِنَّمَا لَمْ يَنْفَسِخْ بِالْهَدْمِ، وَإِنْ قُلْنَا إجَارَةً؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ هُنَا ثُبُوتُ حَقِّ الْبِنَاءِ، وَهُوَ بَاقٍ بِخِلَافِ الدَّارِ الْمُنْهَدِمَةِ مَثَلًا، فَإِنَّ اسْمَ الْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةُ قَدْ زَالَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَلِلْمُشْتَرِي إعَادَةُ الْبِنَاءَ) وَكَذَا يَبْنِي لَوْ فُرِضَ الِانْهِدَامُ قَبْلَ الْبِنَاءِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَالْوَجْهُ الثَّانِي) وَالثَّالِثُ صِيغَةُ تَفَرُّعِ مَا سَلَفَ عَلَى الْأَوَّلِ خَاصَّةً، وَصَرَّحَ السُّبْكِيُّ بِخِلَافِهِ أَيْ هَذَا الْعَقْدِ، قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَهُوَ مُشْكِلٌ. قَوْلُهُ: (يَمْلِكُ بِهِ مَوَاضِعَ رُءُوسِ الْجُذُوعِ) بِخِلَافِهِ عَلَى الْأَوَّلِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَوْ أَذِنَ إلَخْ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: عَبَّرَ بِالْإِذْنِ؛ لِأَنَّ الصُّوَرَ السَّابِقَةَ مِنْ الْإِعَارَةِ وَالْإِجَارَةِ وَالْبَيْعِ وَالْأَحْكَامِ الْمُقَدَّمَةِ تَجْرِي هُنَا، فَأَتَى بِعِبَارَةٍ تَشْمَلُ ذَلِكَ.
فَرْعٌ بَاعَ شَخْصٌ عُلْوَ دَارِهِ، فَإِنْ شَرَطَ عَدَمَ الْبِنَاءِ صَحَّ أَوْ الْبِنَاءَ صَحَّ أَوْ أَطْلَقَ صَحَّ، وَبَحَثَ السُّبْكِيُّ عَدَمَ جَوَازِ الْبِنَاءِ هُنَا؛ لِأَنَّ الْهَوَاءَ حَقٌّ لِصَاحِبِ السُّفْلِ وَالْمَسْأَلَةُ فِيهَا وَجْهَانِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (يَتِدُ) يُقَالُ وَتَدَ يَتِدُ وَتَدًا كَوَسَمَ يَسِمُ وَسْمًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِلَا إذْنٍ) أَيْ بِخِلَافِهِ بِالْإِذْنِ لَكِنْ لَا يَجُوزُ أَخْذُ عِوَضٍ عَلَى فَتْحِ الْكَوَّةِ،؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ فِي نَظِيرِ الضَّوْءِ وَالْهَوَاءِ. قَوْلُهُ: (لَا يَسْتَقِلُّ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ بِالِانْتِفَاعِ) وَفَارَقَ وَضْعَ الْجُذُوعِ عَلَى الْقَدِيمِ، بِأَنَّ وَضْعَ أَطْرَافِهَا فِي مِلْكِ صَاحِبِهَا، قَدْ لَا يَتِمُّ إلَّا بِوَضْعِ الطَّرَفِ الْآخَرِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute