للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحَدِهِمَا بِحَيْثُ يَعْلَمُ أَنَّهُمَا بَنَيَا مَعًا) كَأَنْ دَخَلَ نِصْفُ لَبِنَاتِ كُلٍّ مِنْهُمَا فِي الْآخَرِ (فَلَهُ الْيَدُ) فَيَحْلِفُ وَيَحْكُمُ لَهُ بِالْجِدَارِ إلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ بِخِلَافِهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتَّصِلْ بِبِنَائِهِ كَمَا ذُكِرَ بِأَنْ اتَّصَلَ بِبِنَائِهِمَا أَوْ انْفَصَلَ عَنْهُمَا (فَلَهُمَا) أَيْ الْيَدُ وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ. وَالرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا فَهُوَ فِي أَيْدِيهِمَا (فَإِنْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً) أَنَّهُ لَهُ (قَضَى لَهُ) بِهِ (وَإِلَّا حَلَفَا) أَيْ حَلَفَ كُلٌّ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ عَلَى النِّصْفِ الَّذِي يُسَلَّمُ لَهُ أَوْ عَلَى الْجَمِيعِ؛ لِأَنَّهُ ادَّعَاهُ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا الْأَوَّلُ (فَإِنْ حَلَفَا أَوْ نَكَلَا) عَنْ الْيَمِينِ (جُعِلَ) الْجِدَارُ (بَيْنَهُمَا) بِظَاهِرِ الْيَدِ (وَإِنْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا قُضِيَ لَهُ) وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَالْمُحَرَّرِ وَإِنْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا وَنَكَلَ الْآخَرُ قُضِيَ لِلْحَالِفِ بِالْجَمِيعِ، وَيَتَّضِحُ ذَلِكَ بِمَا زِيدَ عَلَيْهِ فِي كِتَابِ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَاتِ أَنَّهُ إنْ حَلَفَ الَّذِي بَدَأَ الْقَاضِي بِتَحْلِيفِهِ وَنَكَلَ الْآخَرُ بَعْدَهُ حَلَفَ الْأَوَّلُ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ أَيْ لِيُقْضَى لَهُ بِالْجَمِيعِ، وَإِنْ نَكَلَ الْأَوَّلُ وَرَغِبَ الثَّانِي فِي الْيَمِينِ فَقَدْ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ يَمِينُ النَّفْيِ لِلنِّصْفِ الَّذِي ادَّعَاهُ صَاحِبُهُ، وَيَمِينُ الْإِثْبَاتِ لِلنِّصْفِ الَّذِي ادَّعَاهُ هُوَ فَهَلْ يَكْفِيهِ الْآنَ يَمِينٌ وَاحِدَةٌ يَجْمَعُ فِيهَا النَّفْيَ وَالْإِثْبَاتَ أَمْ لَا بُدَّ مِنْ يَمِينٍ لِلنَّفْيِ، وَأُخْرَى لِلْإِثْبَاتِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا الْأَوَّلُ فَيَحْلِفُ أَنَّ الْجَمِيعَ لَهُ لَا حَقَّ لِصَاحِبِهِ فِيهِ أَوْ يَقُولَ: لَا حَقَّ لَهُ فِي النِّصْفِ الَّذِي يَدَّعِيهِ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ لِي اهـ. (وَلَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا عَلَيْهِ جُذُوعٌ لَمْ يُرَجِّحْ) بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدُلُّ عَلَى الْمِلْكِ فَإِذَا حَلَفَا بَقِيَتْ الْجُذُوعُ بِحَالِهَا لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا وُضِعَتْ بِحَقٍّ (وَالسَّقْفُ بَيْنَ

ــ

[حاشية قليوبي]

بِتَقْصِيرٍ ضَمِنَهَا وَلَوْ كَانَ يَجْرِي مَاءٌ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ، فَادَّعَى الْمَالِكُ أَنَّهُ كَانَ بِعَارِيَّةٍ صُدِّقَ، قَالَهُ الْبَغَوِيّ: وَلَيْسَ لِلْمُسْتَحِقِّ دُخُولُ الْأَرْضِ أَوْ السَّطْحِ إلَّا لِتَنْقِيَةِ الْمَجْرَى وَنَحْوِهِ، وَعَلَيْهِ إخْرَاجُ مَا يُنَقِّيهِ مِنْ أَرْضِهِ أَوْ سَطْحِهِ تَفْرِيغًا لِمِلْكِهِ.

قَوْلُهُ: (كَأَنْ دَخَلَ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ دَخَلَ جَمِيعُ أَنْصَافِ لَبِنَاتِ طَرَفِ جِدَارٍ، أَحَدُهُمَا فِي مُحَاذَاةِ جَمِيعِ أَنْصَافِ لَبِنَاتِ طَرَفِ جِدَارِ الْآخَرِ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ كَانَ عَلَى خَشَبَةٍ طَرَفُهَا فِي بِنَاءِ أَحَدِهِمَا أَوْ كَانَ عَلَى تَرْبِيعِ بِنَاءِ أَحَدِهِمَا، طُولًا أَوْ عَرْضًا أَوْ سُمْكًا، لَا يَكْفِي بَعْضُ لَبِنَاتٍ فِي طَرَفٍ أَوْ أَكْثَرَ لِإِمْكَانِ حُدُوثِهِ. قَوْلُهُ: (أَوْ انْفَصَلَ عَنْهُمَا) وَكَذَا لَوْ اتَّصَلَ بِبِنَاءِ أَحَدِهِمَا، لَا بِحَيْثُ يُعْلَمُ أَنَّهُمَا بُنِيَا مَعًا، كَمَا هُوَ مَفْهُومُ مَا قَبْلَهُ، وَكَانَ الْمُنَاسِبُ لِلشَّارِحِ ذِكْرَهُ. قَوْلُهُ: (أَيْ الْيَدُ) دَفَعَ بِهِ تَوَهُّمَ أَنَّهُ مِلْكٌ لَهُمَا، وَذَكَرَ عِبَارَةَ الْمُحَرَّرِ وَالرَّوْضَةِ دَلِيلًا لِمَا قَالَهُ. قَوْلُهُ: (أَصَحُّهُمَا الْأَوَّلُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ فَيَقُولُ وَاَللَّهِ لَا تَسْتَحِقُّ مِنْ النِّصْفِ الَّذِي فِي يَدِي شَيْئًا. قَوْلُهُ: (وَإِنْ نَكَلَ الْأَوَّلُ) وَلَهُ الرُّجُوعُ لِيَحْلِفَ قَبْلَ حَلِفِ الثَّانِي. قَوْلُهُ: (أَصَحُّهُمَا الْأَوَّلُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ قَوْلُهُ: (لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا وُضِعَتْ بِحَقٍّ) كَإِعَارَةٍ أَوْ إجَارَةٍ أَوْ بَيْعٍ أَوْ قَضَاءِ قَاضٍ يَرَاهُ، وَالْمُنَزَّلُ عَلَيْهِ مِنْهَا الْإِعَارَةُ؛ لِأَنَّهَا أَضْعَفُ الْأَسْبَابِ فَلِلْمَالِكِ قَلْعُ الْجُذُوعِ، بِالْأَرْشِ وَالْإِبْقَاءُ بِالْأُجْرَةِ بَعْدَ الرُّجُوعِ وَلَا أُجْرَةَ لَهُ لَمَّا مَضَى هَذَا، وَقَدْ قَالُوا: لَوْ وَجَدْنَا جُذُوعًا عَلَى جِدَارٍ وَلَمْ نَعْلَمْ كَيْفَ وُضِعَتْ فَالظَّاهِرُ أَنَّهَا وُضِعَتْ بِحَقٍّ فَلَا تُنْقَضُ، وَيَقْضِي بِاسْتِحْقَاقِهَا دَائِمًا وَلَا أُجْرَةَ مُطْلَقًا وَتُعَادُ لَوْ هُدِمَ الْجِدَارُ وَأُعِيدَ فَلَمْ يَحْمِلُوهَا عَلَى الْإِعَارَةِ كَمَا تَقَدَّمَ.

وَحَاوَلَ شَيْخُنَا م ر الْفَرْقَ بِأَنَّ الشُّرَكَاءَ يَتَسَامَحُونَ فِي الْعَادَةِ فَيُحْمَلُ حَقُّهُمْ عَلَى الْأَقَلِّ، وَلَا كَذَلِكَ الْأَجَانِبُ فَيُحْمَلُ اسْتِحْقَاقُهُمْ عَلَى الْأَقْوَى كَالْبَيْعِ، وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا ز ي أَنَّ الشُّرَكَاءَ كَالْأَجَانِبِ، فَيُحْمَلُ عَلَى الْأَقْوَى فِيهِمَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَيَظْهَرُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الْحَمْلَ عَلَى الْأَقْوَى مَا لَمْ يَدَّعِ الْمَالِكُ إلَّا ضَعْفٌ؛ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ فِي دَعْوَاهُ كَمَا مَرَّ عَنْ الْبَغَوِيّ وَغَيْرِهِ، وَبِذَلِكَ يُجْمَعُ التَّنَاقُضُ فَتَأَمَّلْهُ، وَحَيْثُ لَمْ يُرَجَّحْ بِالْجُذُوعِ فَلَا يُرَجَّحُ بِالدَّوَاخِلِ كَالْمَحَارِيبِ فِي الطَّاقَاتِ، وَلَا: بِالْخَوَارِجِ كَالتَّجْصِيصِ وَالتَّزْوِيقِ وَلَا بِمَعَاقِدِ الْقِمْطِ، أَيْ تَكُونُ عُقَدُهَا مِنْ دَاخِلٍ أَوْ خَارِجٍ، وَهُوَ بِكَسْرِ الْقَافِ وَسُكُونِ الْمِيمِ وَبِالطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ حِبَالٌ صِغَارٌ يُشَدُّ بِهَا، نَحْوُ الْجَرِيدِ بَعْضِهِ لِبَعْضٍ كَالشَّبَابِيكِ وَتُقْطَعُ. فَلِصَاحِبِ السُّفْلِ وَلَوْ تَنَازَعَا فِي الْمَرْقَى صُدِّقَ صَاحِبُ الْعُلْوِ أَنَّهُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ الْمُحْتَاجُ إلَى وَضْعِهِ.

ــ

[حاشية عميرة]

فَرْعٌ: قَالَ صَالَحْتُكَ عَنْ إجْرَاءِ مَاءِ الْمَطَرِ عَلَى سَطْحِ دَارِك كُلَّ سَنَةٍ بِكَذَا. قَالَ الْمُتَوَلِّي: يَصِحُّ وَيُغْتَفَرُ الْغَرَرُ فِي الْأُجْرَةِ كَمَا اُغْتُفِرَ فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، وَيَصِيرُ كَالْخَرَاجِ الْمَضْرُوبِ. قَوْلُهُ: (كَأَنْ دَخَلَ إلَخْ) لَا يَكْفِي فِي هَذَا وُجُودُهُ فِي مَوَاضِعَ مَعْدُودَةٍ مِنْ طَرَفِ الْجِدَارِ لِإِمْكَانِ حُدُوثِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (عَلَى النِّصْفِ إلَخْ) أَيْ فَيَقُولُ: وَاَللَّهِ لَا تَسْتَحِقُّ مِنْ النِّصْفِ الَّذِي فِي يَدِي شَيْئًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَمْ يُرَجَّحْ) وَجْهُهُ أَنَّهَا قَدْ تَكُونُ بِإِعَارَةٍ أَوْ إجَارَةٍ أَوْ قَضَاءِ قَاضٍ يَرَى الْإِجْبَارَ عَلَى وَضْعِهَا. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَيَنْزِلُ ذَلِكَ عَلَى الْإِعَارَةِ؛ لِأَنَّهَا أَضْعَفُ الْأَسْبَابِ، فَلَهُ قَلْعُهُ وَغَرَامَةُ أَرْشِ النَّقْصِ، وَلَكَ أَنْ تَقُولَ: هَلَّا حُمِلَ عَلَى قَضَاءِ قَاضٍ أَوْ شِرَائِهَا مِنْ الْجَارِ فَلَا يُقْلَعُ، وَلَا يَلْزَمُ أُجْرَةُ فَقْدٍ صَرَّحَ السُّبْكِيُّ بِأَنَّ الْعَالِيَ يَبْقَى عَلَى السَّافِلِ مِنْ غَيْرِ أُجْرَةٍ لِاحْتِمَالِ، أَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْ صَاحِبِ السُّفْلِ، ثُمَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>