للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْحَقِّ فَلِصَاحِبِهِ أَنْ يَسْتَوْفِيَهُ بِغَيْرِهِ. وَالثَّانِي مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْحَوَالَةَ اسْتِيفَاءُ حَقٍّ كَأَنَّ الْمُحْتَالَ اسْتَوْفَى مَا كَانَ لَهُ عَلَى الْمُحِيلِ وَأَقْرَضَهُ الْمُحَالُ عَلَيْهِ. وَيَتَعَذَّرُ إقْرَاضُهُ مِنْ غَيْرِ رِضَاهُ (وَلَا تَصِحُّ عَلَى مَنْ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ. وَقِيلَ تَصِحُّ بِرِضَاهُ) بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا اسْتِيفَاءٌ إلَى آخِرِهِ فَقَبُولُهُ ضَمَانٌ لَا يَبْرَأُ بِهِ الْمُحِيلُ وَقِيلَ: يَبْرَأُ (وَتَصِحُّ بِالدَّيْنِ اللَّازِمِ وَعَلَيْهِ) وَإِنْ اخْتَلَفَ الدَّيْنَانِ فِي سَبَبِ الْوُجُوبِ كَالثَّمَنِ وَالْقَرْضِ وَالْأُجْرَةِ وَبَدَلِ الْمُتْلَفِ، وَيُسْتَثْنَى دَيْنُ السَّلَمِ فَإِنَّهُ لَازِمٌ وَلَا تَصِحُّ الْحَوَالَةُ بِهِ

ــ

[حاشية قليوبي]

فِي التَّصْوِيرِ يُعْلَمُ أَنَّ أَرْكَانَهَا سِتَّةٌ مُحِيلٌ وَمُحْتَالٌ، وَمُحَالٌ عَلَيْهِ وَدَيْنَانِ وَصِيغَةٌ، وَلِلْمُحْتَالِ أَنْ يُحِيلَ عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ، وَلِلْمُحَالِ عَلَيْهِ أَنْ يُحِيلَ الْمُحْتَالَ عَلَى غَيْرِهِ وَهَكَذَا، كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ. قَوْلُهُ: (جَوَّزَهَا إلَخْ) وَلِذَلِكَ لَمْ يُعْتَبَرْ فِيهَا قَبْضُ أَحَدِ الدِّينَيْنِ وَإِنْ اتَّحَدَا فِي عِلَّةِ الرِّبَا. قَوْلُهُ: (لَا الْمُحَالُ عَلَيْهِ) وَلِذَلِكَ تَصِحُّ الْحَوَالَةُ عَلَى ذِمَّةِ الْمَيِّتِ وَتَتَعَلَّقُ بِتَرِكَتِهِ إنْ كَانَتْ وَلَا تَصِحُّ الْحَوَالَةُ عَلَى التَّرِكَةِ، فَإِنْ كَانَتْ دُيُونًا. نَعَمْ تَصِحُّ مِنْ الْوَارِثِ عَلَى التَّرِكَةِ إنْ كَانَتْ دَيْنًا، وَتَصِحُّ عَلَيْهِ إنْ تَصَرَّفَ فِي التَّرِكَةِ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ دَيْنًا عَلَيْهِ، وَالدَّعْوَى عَلَى الْمَيِّتِ كَالْحَوَالَةِ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (وَيَتَعَذَّرُ إلَخْ) وَيَرُدُّ بِبُطْلَانِهَا فِي إحَالَةِ الْبَائِعِ مَعَ الرَّدِّ، كَمَا سَيَأْتِي وَلَوْ كَانَتْ قَرْضًا لَمْ تَبْطُلْ. قَوْلُهُ: (لَا تَصِحُّ عَلَى مَنْ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ) أَيْ بِأَنْ عَلِمَ ذَلِكَ، وَإِلَّا صَحَّتْ فَلَوْ أَنْكَرَ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ الدَّيْنَ لَمْ يُقْبَلْ كَمَا سَيَأْتِي، وَلِلْمُحِيلِ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ لِلْمُحْتَالِ، إذَا لَمْ يَتَعَرَّضْ لِنَفْسِهِ، بِأَنْ يَشْهَدَ أَنَّ الْمُحَالَ يَسْتَحِقُّ عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ، كَذَا بِوَجْهٍ شَرْعِيٍّ أَوْ بِحَوَالَةٍ شَرْعِيَّةٍ، وَلَوْ أَقَامَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ بَيِّنَةً بِبَرَاءَتِهِ مِنْ الدَّيْنِ بَطَلَتْ الْحَوَالَةُ وَرَجَعَ الْمُحْتَالُ عَلَى الْمُحِيلِ، وَلَوْ أَنْكَرَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ الدَّيْنَ بَعْدَ مَوْتِ الْمُحِيلِ، فَأَقَامَ الْمُحْتَالُ شَاهِدًا بِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ كَذَا بِطَرِيقِ الْحَوَالَةِ مِنْ فُلَانٍ، وَإِنَّ دَيْنَهُ ثَابِتٌ عَلَيْهِ، وَحَلَفَ مَعَهُ عَلَى ذَلِكَ جَازَ، وَاغْتُفِرَ الْحَلِفُ عَلَى ثُبُوتِ دَيْنِ الْغَيْرِ، وَهُوَ الْمُحِيلُ؛ لِأَنَّهُ وَسِيلَةٌ إلَى ثُبُوتِ حَقِّ نَفْسِهِ، وَلَوْ أَنْكَرَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ الْحَوَالَةَ صُدِّقَ، وَيُرَاجَعُ الْمَدِينُ فَإِنْ صُدِّقَ عَلَى عَدَمِ الْحَوَالَةِ امْتَنَعَ عَلَيْهِ، وَعَلَى الْمُحْتَالِ مُطَالَبَةُ الْمُحَالِ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَنْكَرَ الْمُحْتَالُ الْحَوَالَةَ وَأَقَرَّ بِهَا الْمُحَالُ عَلَيْهِ، فَهُوَ مُقِرٌّ لِلْمُحْتَالِ بِالدَّيْنِ، وَهُوَ يُنْكِرُهُ فَيَأْتِي فِيهِ مَا فِي الْإِقْرَارِ.

تَنْبِيهٌ سَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنْ عَدَمِ صِحَّةِ الْحَوَالَةِ مِمَّنْ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ، قَالَ فِي الْمَنْهَجِ: وَهِيَ تُعْلَمُ مِمَّا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ بِالْأَوْلَى، وَوَجْهُ الْأَوْلَوِيَّةِ أَنَّهُ إذَا شَرَطَ ثُبُوتَ الدَّيْنِ عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ مَعَ صِحَّةِ وَفَائِهِ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ قَضَاءِ دَيْنِ الْغَيْرِ فَشَرْطُهُ عَلَى مَنْ لَا يَصِحُّ مِنْهُ ذَلِكَ أَوْلَى، وَقِيلَ غَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا فِيهِ نَظَرٌ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْإِشَارَةُ إلَى الْجَوَازِ بِذِكْرِ الْخِلَافِ، وَقَوْلُ شَيْخِنَا: وَلَا يَقَعُ مَا ذُكِرَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَكَالَةً اعْتِبَارًا بِاللَّفْظِ، فِيهِ تَأَمُّلٌ، إذْ لَا دَيْنَ عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ لِيَكُونَ الْمُحْتَالُ وَكِيلًا فِي قَبْضِهِ مِنْهُ. تَنْبِيهٌ آخَرُ عُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ مَنْ لَهُ مَعْلُومٌ فِي وَقْفٍ لَا تَصِحُّ إحَالَتُهُ بِهِ عَلَى مَالِ الْوَقْفِ لِمَا مَرَّ فِي التَّرِكَةِ، وَلَا عَلَى النَّاظِرِ لِبَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ، إلَّا أَنْ يَتَعَدَّى بِإِتْلَافِ مَالِ الْوَقْفِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ دَيْنًا عَلَيْهِ، وَإِنَّ تَصْوِيغَ النَّاظِرِ مَنْ لَهُ مَعْلُومٌ فِي الْوَقْفِ عَلَى مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ لِلْوَقْفِ لَيْسَ حَوَالَةً، وَلَهُ مَنْعُهُ مِنْ قَبْضِهِ مَتَى شَاءَ قَالَ شَيْخُنَا م ر. نَعَمْ إنْ تَعَيَّنَ مَالُ الْوَقْفِ فِي جِهَةِ شَخْصٍ مُعَيَّنٍ صَحَّتْ الْحَوَالَةُ عَلَيْهِ، بَلْ لِلْمُسْتَحِقِّينَ الْحَوَالَةُ عَلَيْهِ بِغَيْرِ إذْنِ النَّاظِرِ وَيَعْتَدُّ بِالْقَبْضِ مِنْهُ، وَيَبْرَأُ بِهِ وَنُوزِعَ فِي ذَلِكَ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (بَنَاهُ عَلَى أَنَّهَا إلَخْ) أَيْ إذَا قُلْنَا مَعَ وُجُودِ الدَّيْنَيْنِ: إنَّ الْحَوَالَةَ اسْتِيفَاءٌ إلَخْ. فَمَعَ عَدَمِ دَيْنِ الْمُحْتَالِ تَكُونُ ضَمَانًا فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَالْأُجْرَةُ) أَيْ فِي

ــ

[حاشية عميرة]

بِالدَّيْنِ كَالْقَرْضِ لِمَكَانِ الْحَاجَةِ، وَلِهَذَا لَا يُشْتَرَطُ التَّقَابُضُ، وَإِنَّمَا امْتَنَعَتْ الزِّيَادَةُ وَالنُّقْصَانُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مُمَاكَسَةً وَمَعْنَى كَوْنِهَا بَيْعَ دَيْنٍ بِدَيْنٍ، أَنَّ الْمُحِيلَ بَاعَ مَا فِي ذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: بَيْعُ عَيْنٍ بِعَيْنٍ فِرَارًا مِنْ بَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ، أَيْ فَنَزَلَ اسْتِحْقَاقُ الدَّيْنِ مَنْزِلَةَ اسْتِحْقَاقِ مَنْفَعَةٍ تَتَعَلَّقُ بِعَيْنِ الشَّخْصِ. قَوْلُهُ: (فَلِصَاحِبِهِ أَنْ يَسْتَوْفِيَهُ) كَمَا لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ فِي ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (اسْتِيفَاءُ حَقٍّ) اسْتَنَدَ مَنْ جَعَلَهَا اسْتِيفَاءً إلَى عَدَمِ جَوَازِ الْحَوَالَةِ بِالشَّيْءِ عَلَى أَكْثَرَ مِنْهُ أَوْ أَقَلَّ، إذَا لَمْ يَكُنْ رِبَوِيًّا وَعَدَمُ وُجُوبِ التَّقَابُضِ فِي الرِّبَوِيِّ، وَلَوْ كَانَتْ بَيْعًا لَوَجَبَ كُلُّ ذَلِكَ، وَلَيْسَ فِيهَا خِيَارُ الْمَجْلِسِ وَاعْتَرَضَ تَقْدِيرُ الْقَرْضِ، بِأَنَّ الْبَائِعَ إذَا احْتَالَ ثُمَّ رَدَّ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ تَبْطُلُ الْحَوَالَةُ، وَلَوْ كَانَتْ قَرْضًا لَمْ تَبْطُلْ كَمَا لَوْ قَبَضَ الثَّمَنَ وَأَقْرَضَهُ ثُمَّ رَدَّ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ وَاخْتَارَ أَنَّهَا اسْتِيفَاءٌ، وَاسْتَدَلَّ بِقَوْلِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: لَوْ كَانَ لِلْمُكَاتَبِ عَلَى رَجُلٍ مِائَةٌ، وَوَجَبَ عَلَيْهِ لِسَيِّدِهِ مِائَةٌ، فَأَرَادَ أَنْ يَبِيعَهُ الْمِائَةَ الَّتِي عَلَيْهِ بِالْمِائَةِ الَّتِي عَلَى الرَّجُلِ لَمْ يَجُزْ. وَلَكِنْ إذَا أَحَالَهُ عَلَى الرَّجُلِ جَازَ، وَلَيْسَ بَيْعًا وَإِنَّمَا هُوَ حَوَالَةٌ وَالْحَوَالَةُ غَيْرُ بَيْعٍ اهـ. قَالَ فَفِيهِ رَدٌّ عَلَى مَنْ يَقُولُ بِأَنَّهَا بَيْعٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ.

قَوْلُهُ: (فَقَبُولُهُ إلَخْ) قَالَ الرَّافِعِيُّ: فَتَكُونُ حَقِيقَةُ الْحَوَالَةِ هُنَا الضَّمَانَ، وَتَتَأَتَّى تَفَارِيعُهُ، قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: فَعَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>