للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

انْتَفَى فِيهِمَا فَلَا) رُجُوعَ (وَإِنْ أَذِنَ فِي الضَّمَانِ فَقَطْ) أَيْ وَلَمْ يَأْذَنْ فِي الْأَدَاءِ (رَجَعَ فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهُ أَذِنَ فِي سَبَبِ الْغُرْمِ، وَالثَّانِي يَقُولُ: الْغُرْمُ حَصَلَ بِغَيْرِ إذْنٍ (وَلَا عَكْسَ) ، أَيْ لَا رُجُوعَ فِي الْعَكْسِ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ أَذِنَ فِي الْأَدَاءِ فَقَطْ (فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّ الْغُرْمَ بِالضَّمَانِ وَلَمْ يَأْذَنْ فِيهِ، وَالثَّانِي يَقُولُ: أَسْقَطَ الدَّيْنَ عَنْهُ بِإِذْنِهِ (وَلَوْ أَدَّى مُكَسَّرًا عَنْ صِحَاحٍ أَوْ صَالَحَ عَنْ مِائَةِ ثَوْبٍ قِيمَتُهُ خَمْسُونَ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ إلَّا بِمَا غَرِمَ) وَالثَّانِي يَرْجِعُ بِالصِّحَاحِ وَالْمِائَةِ؛ لِأَنَّهُ حَصَّلَ الْبَرَاءَةَ مِنْهُمَا بِمَا فَعَلَ وَالْمُسَامَحَةُ جَرَتْ مَعَهُ.

(وَمَنْ أَدَّى دَيْنَ غَيْرِهِ بِلَا ضَمَانٍ وَلَا إذْنٍ فَلَا رُجُوعَ) لَهُ عَلَيْهِ، (وَإِنْ أَذِنَ) لَهُ فِي الْأَدَاءِ (بِشَرْطِ الرُّجُوعِ رَجَعَ) عَلَيْهِ، (وَكَذَا إنْ أَذِنَ مُطْلَقًا) عَنْ شَرْطِ الرُّجُوعِ يَرْجِعُ (فِي الْأَصَحِّ) لِلْعُرْفِ، وَالثَّانِي قَالَ: لَيْسَ مِنْ ضَرُورَةِ الْأَدَاءِ الرُّجُوعُ، (وَالْأَصَحُّ أَنَّ مُصَالَحَتَهُ) أَيْ الْمَأْذُونِ (عَلَى غَيْرِ جِنْسِ الدَّيْنِ لَا تَمْنَعُ الرُّجُوعَ) ؛ لِأَنَّ مَقْصُودَ الْآذِنِ أَنْ يُبْرِئَ ذِمَّتَهُ وَقَدْ فَعَلَ، وَالثَّانِي تُمْنَعُ فَإِنَّهُ إنَّمَا أَذِنَ فِي الْأَدَاءِ دُونَ الْمُصَالَحَةِ، وَعَلَى الرُّجُوعِ يَرْجِعُ بِمَا غَرِمَ

ــ

[حاشية قليوبي]

ضَمِنَهُ، أَوْ أَقَامَ بِهِ كَفِيلًا لَمْ يَصِحَّ، وَلَوْ دَفَعَ لَهُ الْأَصِيلُ مَالًا لَمْ يَمْلِكْهُ، وَيَلْزَمُهُ رَدُّهُ وَيَضْمَنُهُ إنْ تَلِفَ، فَإِنْ أَمَرَهُ بِقَضَاءِ مَا ضَمِنَهُ عَنْهُ مِنْهُ كَانَ وَكِيلًا، وَالْمَالُ فِي يَدِهِ أَمَانَةٌ. قَوْلُهُ: (وَلِلضَّامِنِ الرُّجُوعُ) أَيْ إنْ لَمْ يَقْصِدْ غَيْرَ جِهَةِ الضَّمَانِ، وَلَمْ يُؤَدِّ مِنْ سَهْمِ الْغَارِمِينَ، وَلَمْ يَكُنْ عَبْدًا عَنْ سَيِّدِهِ، وَإِنْ عَتَقَ بَعْدَهُ أَوْ سَيِّدًا أَدَّى عَنْ عَبْدِهِ، وَلَوْ مُكَاتَبًا قَبْلَ تَعْجِيزِهِ وَلَمْ يَكُنْ مَا أَدَّاهُ خَمْرَ الذِّمِّيِّ عَنْ دَيْنٍ ضَمِنَهُ لَهُ عَنْ مُسْلِمٍ، وَقُلْنَا بِالْمَرْجُوحِ مِنْ سُقُوطٍ لِدَيْنٍ فَلَا رُجُوعَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، كَمَا لَا رُجُوعَ لَهُ لَوْ لَمْ يَغْرَمْ الْمَفْهُومُ مِنْ تَقْيِيدِهِ بِالْغَارِمِ، بِأَنْ أَبْرَأَهُ الْمُحْتَالُ خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ، وَلَوْ نَذَرَ عَدَمَ الرُّجُوعِ لَمْ يَرْجِعْ أَيْضًا، كَذَا قَالُوا وَفِي صِحَّةِ النَّذْرِ نَظَرٌ وَكَذَا لَا رُجُوعَ لَوْ أَنْكَرَ الضَّمَانَ، وَقَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِهِ وَغَرِمَ؛ لِأَنَّهُ مَظْلُومٌ بِزَعْمِهِ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى غَيْرِ ظَالِمِهِ. قَوْلُهُ: (رَجَعَ) أَيْ وَإِنْ نَهَاهُ عَنْ الْأَدَاءِ بَعْدَ الضَّمَانِ. قَوْلُهُ: (وَلَمْ يَأْذَنْ فِيهِ) شَامِلٌ لِمَا لَوْ نَهَاهُ عَنْهُ، أَوْ عَنْ الْأَدَاءِ بَعْدَ الْإِذْنِ فِيهِ، وَقِيلَ فِي النَّهْيِ: لَا يَرْجِعُ قَطْعًا وَلَا عِبْرَةَ بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ إلَّا مَنْ وَلِيٍّ أَدَّى عَنْ مَحْجُورِهِ، وَلَوْ أَذِنَ لَهُ فِي الْأَدَاءِ بَعْدَ الضَّمَانِ بِغَيْرِ إذْنٍ بِشَرْطِ الرُّجُوعِ، رَجَعَ إنْ قَصَدَ الْأَدَاءَ عَنْ الْإِذْنِ كَمَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (أَوْ صَالَحَ) بِخِلَافِ مَا لَوْ بَاعَ فَيَرْجِعُ بِالْأَصْلِ. قَوْلُهُ: (إلَّا بِمَا غَرِمَ) وَفِي عَكْسِ هَذِهِ يَرْجِعُ بِالْأَصْلِ، وَلَوْ أَدَّى مِثْلَ الْمَضْمُونِ رَجَعَ بِهِ، وَلَوْ مُتَقَوِّمًا كَالْقَرْضِ. قَوْلُهُ: (وَالْمُسَامَحَةُ جَرَتْ مَعَهُ) أَيْ عَنْهُ وَعَنْ الْأَصِيلِ. تَنْبِيهٌ حَوَالَةُ الضَّامِنِ لِلْمُسْتَحَقِّ وَحَوَالَةُ الْمُسْتَحَقِّ عَلَى الضَّامِنِ، وَارِثُ الضَّامِنِ لِلْمَضْمُونِ كَالْأَدَاءِ إلَّا فِيمَا مَرَّ.

قَوْلُهُ: (فَلَا رُجُوعَ) وَإِنْ نَوَاهُ إلَّا فِي وَلِيٍّ عَنْ مَحْجُورِهِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا إنْ أَذِنَ مُطْلَقًا) فَيَرْجِعُ إنْ لَمْ يَقَعْ مِنْ الْمُؤَدِّي ضَمَانٌ بَعْدَ الْإِذْنِ، وَإِلَّا فَلَا رُجُوعَ، قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: إلَّا إنْ قَصَدَ الْأَدَاءَ عَنْ الْإِذْنِ السَّابِقِ كَمَا مَرَّ. وَمِثْلُ الْإِذْنِ الْمُطْلَقِ فِي الرُّجُوعِ مَا لَوْ قَالَ لَهُ: عَمِّرْ دَارِي أَوْ أَنْفِقْ عَلَى زَوْجَتِي أَوْ عَبْدِي أَوْ اعْلِفْ دَابَّتِي وَكَذَا أَدِّ دَيْنَ فُلَانٍ، عَلَى أَنْ تَرْجِعَ عَلَيَّ بِخِلَافِ أَطْعِمْنِي رَغِيفًا أَوْ اغْسِلْ ثِيَابِي لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِالْمُسَامَحَةِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ وَكَذَا بِعْ لِهَذَا بِأَلْفٍ وَأَنَا أَدْفَعُهُ لَكَ فَلَا يَلْزَمُهُ الْأَلْفُ. قَوْلُهُ: (يَرْجِعُ بِمَا غَرِمَ) إنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ الدَّيْنِ، وَإِلَّا رَجَعَ بِالدَّيْنِ؛ لِأَنَّ الرُّجُوعَ بِالْأَقَلِّ مِنْهُمَا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ. بِقَوْلِهِ: كَالضَّامِنِ وَفِي الْحَوَالَةِ مَا مَرَّ آنِفًا مِنْ أَنَّهَا كَالْأَدَاءِ نَعَمْ لَوْ أَحَالَ الْمُسْتَحِقُّ عَلَى الضَّامِنِ، وَأَبْرَأَهُ الْمُحْتَالُ لَمْ يَرْجِعْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَغْرَمْ شَيْئًا يَرْجِعُ بِهِ وَتَقَدَّمَتْ الْإِشَارَةُ

ــ

[حاشية عميرة]

وَالثَّانِي) أَيْ كَمَا أَنَّ الْمُعِيرَ لِلرَّهْنِ يُطَالَبُ بِتَخْلِيصِهِ، وَفُرِّقَ بِأَنَّ الرَّهْنَ مَحْبُوسٌ بِالدَّيْنِ وَفِيهِ ضَرَرٌ ظَاهِرٌ بِخِلَافِ هَذَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَلَا) يَدُلُّ عَلَيْهِ «صَلَاتُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْمَيِّتِ لِمَا ضَمِنَهُ أَبُو قَتَادَةَ» ، إذْ لَوْ كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ فَالدَّيْنُ بَاقٍ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَقُولُ إلَخْ) وَأَيْضًا فَالضَّامِنُ قَدْ يُؤَدِّي وَقَدْ لَا يُؤَدِّي، فَلَمْ يَقَعْ الْإِذْنُ فِي شَيْءٍ يُوجِبُ الْغُرْمَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَوْ أَدَّى إلَخْ) لَوْ قَالَ: بِعْتُك الثَّوْبَ بِمَا ضَمِنْتُهُ لَك. رَجَعَ بِالدَّيْنِ لَا بِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ عَلَى الْمُخْتَارِ فِي الرَّوْضَةِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَلَا رُجُوعَ) أَيْ كَمَا لَوْ أَنْفَقَ عَلَى دَوَابِّ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (رَجَعَ) لِحَدِيثِ «الْمُؤْمِنُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ» . قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي الْأَصَحِّ) بِخِلَافِ اغْسِلْ ثَوْبِي إذَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ وَنَحْوُ ذَلِكَ، وَالْفَرْقُ الْمُسَامَحَةُ فِي الْمَنَافِعِ أَكْثَرُ مِنْهَا فِي الْأَعْيَانِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْأَصَحُّ أَنَّ مُصَالَحَتَهُ) لَمْ يَجُرَّ هَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>