للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْمُبْتَاعُ (لَهُمَا فَإِذَا بَاعَا كَانَ الْفَاضِلُ عَنْ الْأَثْمَانِ) الْمُبْتَاعِ بِهَا (بَيْنَهُمَا، وَهَذِهِ الْأَنْوَاعُ) الثَّلَاثَةُ (بَاطِلَةٌ) وَيَخْتَصُّ كُلٌّ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ بِمَا يَكْسِبُهُ بِبَدَنِهِ، أَوْ مَالِهِ أَوْ يَشْتَرِيهِ. (وَشِرْكَةُ الْعِنَانِ صَحِيحَةٌ) وَهِيَ أَنْ يَشْتَرِكَا فِي مَالٍ لَهُمَا لِيَتَّجِرَا فِيهِ عَلَى مَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ، وَالْعِنَانُ بِكَسْرِ الْعَيْنِ مِنْ عَنَّ الشَّيْءُ ظَهَرَ قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ. (وَيُشْتَرَطُ فِيهَا لَفْظٌ يَدُلُّ عَلَى الْإِذْنِ فِي التَّصَرُّفِ) مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ التَّصَرُّفَ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا فِي التِّجَارَةِ وَالتَّصَرُّفِ، (فَلَوْ اقْتَصَرَا عَلَى اشْتِرَاكِنَا لَمْ يَكْفِ) فِي الْإِذْنِ الْمَذْكُورِ (فِي الْأَصَحِّ) لِقُصُورِ اللَّفْظِ عَنْهُ وَالثَّانِي يَقُولُ يُفْهَمُ مِنْهُ عُرْفًا (وَ) يُشْتَرَطُ (فِيهِمَا أَهْلِيَّةُ التَّوْكِيلِ وَالتَّوَكُّلِ) ، فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا وَكِيلٌ فِي مَالِهِ عَنْ الْآخَرِ.

(وَتَصِحُّ) الشِّرْكَةُ (فِي كُلِّ مِثْلِيٍّ)

ــ

[حاشية قليوبي]

عَلَى يَبْتَاعَ لِبَيَانِ مُتَعَلِّقٍ لَهُمَا لِيُفِيدَ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَشْتَرِي لِنَفْسِهِ، وَأَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى أَنَّ ذَلِكَ الْمُشْتَرِيَ، وَبَعْدَ الشِّرَاءِ يَكُونُ لَهُمَا، وَفِي الْمَنْهَجِ أَنَّ لَهُمَا مُتَعَلِّقٌ بِيَشْرِيَانِهِ، وَهُوَ صَحِيحٌ أَيْضًا حَيْثُ لَمْ يَأْذَنْ الْآخَرُ لَهُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَقْسَامِ الْفُضُولِيِّ فَإِنْ أَذِنَ كُلٌّ مِنْهُمَا أَوْ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ أَنْ يَشْتَرِيَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا، وَيَكُونُ ثَمَنُ مَا يَخُصُّهُ قَرْضًا عَلَيْهِ صَحَّتْ، وَكَانَتْ مِنْ شِرْكَةِ الْعِنَانِ. قَوْلُهُ: (بِبَدَنِهِ) رَاجِعٌ لِشِرْكَةِ الْأَبْدَانِ وَالْمُفَاوَضَةِ. قَوْلُهُ: (أَوْ مَالِهِ) رَاجِعٌ لِشِرْكَةِ الْمُفَاوَضَةِ. قَوْلُهُ: (أَوْ يَشْتَرِيهِ) رَاجِعٌ لِشِرْكَةِ الْوُجُوهِ. قَوْلُهُ: (بِكَسْرِ الْعَيْنِ) وَقِيلَ بِفَتْحِهَا وَالْأَصَحُّ فِي فَتْحِهَا أَنَّهُ مِنْ عَنَانِ السَّمَاءِ أَيْ سَحَابِهَا؛ لِأَنَّهَا عَلَتْ كَالسَّمَاءِ بِصِحَّتِهَا وَشُهْرَتِهَا لِلِاتِّفَاقِ عَلَيْهَا.

قَوْلُهُ: (مِنْ عَنَّ الشَّيْءُ ظَهَرَ) ؛ لِأَنَّهَا أَظْهَرُ الْأَنْوَاعِ أَوْ؛ لِأَنَّ مَالَ كُلٍّ ظَهَرَ لِلْآخَرِ. وَقَالَ السُّبْكِيُّ: أَوْ مِنْ عِنَانِ الدَّابَّةِ لِاسْتِوَاءِ الشَّرِيكَيْنِ فِي التَّصَرُّفِ وَالْفَسْخِ وَالرِّبْحِ بِقَدْرِ الْمَالَيْنِ، كَاسْتِوَاءِ طَرَفَيْ الْعِنَانِ أَوْ لِمَنْعِ كُلٍّ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ، الْآخَرَ مِنْ التَّصَرُّفِ كَمَنْعِ الْعِنَانِ لِلدَّابَّةِ أَوْ لِمَنْعِ الشَّرِيكِ نَفْسَهُ مِنْ التَّصَرُّفِ مَعَ أَنَّهُ لَا حَجْرَ عَلَيْهِ، كَمَنْعِ آخِذِ عِنَانِ الدَّابَّةِ يَدَهُ الَّتِي فِيهَا الْعِنَانُ مِنْ التَّصَرُّفِ كَيْفَ شَاءَ دُونَ الْأُخْرَى. قَوْلُهُ: (صَحِيحَةٌ) لِخَبَرِ «السَّائِبِ بْنِ أَبِي السَّائِبِ حَبْسِيِّ بْنِ عَائِدٍ الْمَخْزُومِيِّ أَنَّهُ شَرِيكُ النَّبِيِّ قَبْلَ الْبَعْثَةِ، ثُمَّ جَاءَ إلَيْهِ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ فَقَالَ لَهُ مَرْحَبًا بِأَخِي وَشَرِيكِي» اهـ.

فَفِي ذِكْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلشَّرِكَةِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِهَا؛ لِأَنَّهُ تَقْرِيرٌ لِمَا وَقَعَ قَبْلَهُ وَفِي ذِكْرِهَا أَيْضًا تَعْظِيمٌ لِلسَّائِبِ الْمَذْكُورِ خُصُوصًا مَعَ قَرْنِهَا بِالْأُخُوَّةِ وَالتَّرْحِيبِ، وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ افْتِخَارٌ مِنْهُ

- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالشَّرِيكِ كَمَا تُوُهِّمَ، وَإِنْ كَانَ لَا مَانِعَ مِنْهُ، وَقِيلَ: إنَّ قَائِلَ ذَلِكَ السَّائِبُ افْتِخَارًا بِشَرِكَتِهِ

وَفِيهِ دَلِيلٌ أَيْضًا لِإِقْرَارِهِ

عَلَى ذِكْرِهَا. قَوْلُهُ: (وَيُشْتَرَطُ فِيهَا لَفْظٌ إلَخْ) الْمُرَادُ بِالشَّرْطِ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ أَوْ الشَّرْطِيَّةُ مُتَوَجِّهَةٌ إلَى دَلَالَةِ اللَّفْظِ، لَا إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ صِيغَةُ الْعَقْدِ وَهِيَ رُكْنٌ كَالْعَاقِدَيْنِ وَالْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فَأَرْكَانُهَا أَرْبَعَةٌ، وَأَمَّا الْعَمَلُ فَأَمْرٌ خَارِجٌ عَنْهَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا بَعْدَ، وُجُودِهَا فَجَعْلُهُ مِنْ الْأَرْكَانِ كَمَا فِي الْمَنْهَجِ فِيهِ نَظَرٌ. قَوْلُهُ: (مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا) أَيْ مَعَ عَدَمِ رَدِّ الْآخَرِ كَأَنْ يَقُولَ كُلٌّ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ: اتَّجِرْ أَوْ بِعْ وَاشْتَرِ أَوْ تَصَرَّفْ بَيْعًا وَشِرَاءً، لَا تَصَرَّفْ فَقَطْ خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ إلَّا إنْ حُمِلَ عَلَى مَا يَأْتِي، فَإِنْ قَالَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ ذَلِكَ تَصَرَّفَ الْقَائِلُ فِي نَصِيبِهِ فَقَطْ وَالْآخَرُ فِي الْجَمِيعِ، قَالَهُ شَيْخُنَا: وَفِيهِ بَحْثٌ؛ لِأَنَّ نَصِيبَهُ غَيْرُ مُمَيَّزٍ، ثُمَّ قَالَ: وَهَذِهِ الصُّورَةُ إبْضَاعٌ لَا شِرْكَةٌ وَلَا قِرَاضٌ، وَهُوَ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ. نَعَمْ إنْ قَالَ أَحَدُهُمَا اشْتَرَكْنَا عَلَى أَنْ يَتَصَرَّفَ كُلٌّ مِنَّا بَيْعًا وَشِرَاءً وَرَضِيَ الْآخَرُ كَفَى، وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ قَوْلُ الْمَنْهَجِ أَوْ أَحَدُهُمَا. قَوْلُهُ: (وَمَعْلُومٌ إلَخْ) أَفَادَ أَنَّ لَفْظَ التَّصَرُّفِ فِي كَلَامِهِ غَيْرُ كَافٍ وَحْدَهُ بَلْ لَا بُدَّ مَعَهُ مِنْ إرَادَةِ التِّجَارَةِ أَوْ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَأَنَّ لَفْظَ التَّصَرُّفِ فِي عِبَارَةِ الرَّوْضَةِ عَطْفٌ مُرَادِفٌ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَكْفِ) أَيْ فَلَا شِرْكَةَ. نَعَمْ إنْ نَوَيَا بِهِ الْإِذْنَ فِي التَّصَرُّفِ كَمَا فِيهَا كَفَى قَالَهُ السُّبْكِيُّ. قَوْلُهُ: (وَيُشْتَرَطُ فِيهِمَا) أَيْ الشَّرِيكَيْنِ وَمِنْهُمَا وَلِيُّ الْمَحْجُورِ حُكْمًا، وَيُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ شَرْطَهُ فِي الْوَصِيِّ، وَالْقَيِّمِ عَجْزُهُمَا عَنْ التَّصَرُّفِ بِخِلَافِ الْأَبِ وَالْجَدِّ، ثُمَّ إنْ كَانَ الْوَلِيُّ هُوَ الْمُتَصَرِّفُ فَوَاضِحٌ أَوْ الْآخَرُ فَشَرْطُهُ صِحَّةُ الْإِيدَاعِ عِنْدَهُ، وَشَمَلَ

ــ

[حاشية عميرة]

أَنْوَاعٌ) أَيْ مُطْلَقُ الشِّرْكَةِ لَا الشِّرْكَةُ الصَّحِيحَةُ. قَوْلُهُ: (بِأَمْوَالِهَا) قَالَ السُّبْكِيُّ: مِنْ غَيْرِ خَلْطِ الْأَمْوَالِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَشِرْكَةُ الْعِنَانِ صَحِيحَةٌ) أَيْ بِالْإِجْمَاعِ. قَوْلُهُ: (مِنْ عَنَّ الشَّيْءُ ظَهَرَ) أَيْ؛ لِأَنَّ جَوَازَهَا ظَاهِرٌ بَارِزٌ، وَقِيلَ مِنْ عَنَانِ السَّمَاءِ وَهُوَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا، وَقِيلَ مِنْ عِنَانِ الدَّابَّةِ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: فَعَلَى الْأَوَّلَيْنِ تَكُونُ الْعَيْنُ مَفْتُوحَةً، وَعَلَى الْأَخِيرِ تَكُونُ مَكْسُورَةً عَلَى الْمَشْهُورِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيُشْتَرَطُ فِيهِمَا إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الْإِسْنَوِيَّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - نَقَلَ عَنْ الشَّيْخَيْنِ أَنَّهُمَا قَالَا: لَا بُدَّ مِنْ لَفْظٍ يَدُلُّ عَلَى التِّجَارَةِ، نَحْوُ اتَّجِرْ فِيمَا شِئْت، وَكَذَا اتَّجِرْ عَلَى الْأَصَحِّ. قَالَ: وَأَمَّا لَفْظُ التَّصَرُّفِ الْمَذْكُورِ فِي الْمِنْهَاجِ كَالْمُحَرَّرِ، فَإِنْ قَالَ تَصَرَّفْ فِيهَا وَفِي أَعْوَاضِهَا فَقَرِيبٌ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ الْأَعْوَاضَ فَهُوَ إذْنٌ فِيهَا فَقَطْ، وَلَيْسَ شِرْكَةً إلَّا أَنْ تَقُومَ قَرِينَةٌ اهـ. فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَمَعْلُومٌ إلَخْ، رَدٌّ

<<  <  ج: ص:  >  >>