للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَمْ يَثْبُتْ) نَسَبُهُ (إلَّا بِبَيِّنَةٍ) ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ حَلَّفَهُ، فَإِنْ حَلَفَ سَقَطَتْ دَعْوَاهُ، وَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُدَّعِي وَثَبَتَ نَسَبُهُ، وَلَوْ سَكَتَ عَنْ التَّصْدِيقِ وَالتَّكْذِيبِ لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ، كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ: إنَّهُ قَضِيَّةُ اعْتِبَارِ التَّصْدِيقِ. وَشَمِلَ السُّكُوتَ قَوْلُ الرَّوْضَةِ: فَإِنْ اسْتَلْحَقَ بَالِغًا فَلَمْ يُصَدِّقْهُ لَمْ يَثْبُتْ النَّسَبُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، (وَإِنْ اسْتَلْحَقَ صَغِيرًا ثَبَتَ) نَسَبُهُ (فَلَوْ بَلَغَ وَكَذَّبَهُ لَمْ يَبْطُلْ) نَسَبُهُ (فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّ النَّسَبَ يُحْتَاطُ لَهُ، فَلَا يَنْدَفِعُ بَعْدَ ثُبُوتِهِ. وَالثَّانِي: يَبْطُلُ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ بِهِ لِكَوْنِهِ غَيْرَ أَهْلٍ لِلْإِنْكَارِ، وَقَدْ صَارَ أَهْلًا لَهُ وَأَنْكَرَ، وَيَجْرِي الْخِلَافُ فِيمَا لَوْ اسْتَلْحَقَ مَجْنُونًا فَأَفَاقَ وَأَنْكَرَ.

(وَيَصِحُّ أَنْ يَسْتَلْحِقَ مَيِّتًا صَغِيرًا وَكَذَا كَبِيرًا فِي الْأَصَحِّ) . وَالثَّانِي لَا لِفَوَاتِ التَّصْدِيقِ. (وَ) عَلَى الْأَوَّلِ (يَرِثُهُ) أَيْ الْمَيِّتَ الْمُسْتَلْحَقَ، وَلَا يُنْظَرُ إلَى التُّهْمَةِ

(وَلَوْ اسْتَلْحَقَ اثْنَانِ بَالِغًا ثَبَتَ) نَسَبُهُ (لِمَنْ صَدَّقَهُ) مِنْهُمَا، فَإِنْ لَمْ يُصَدِّقْ وَاحِدًا مِنْهُمَا عُرِضَ عَلَى الْقَائِفِ كَمَا سَيَأْتِي قَبْلَ كِتَابِ الْعِتْقِ. (وَحُكْمُ الصَّغِيرِ) الَّذِي يَسْتَلْحِقُهُ اثْنَانِ. (يَأْتِي فِي) كِتَابِ (اللَّقِيطِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى) كَمَا سَيَأْتِي فِيهِ حُكْمُ اسْتِلْحَاقِ الْمَرْأَةِ وَالْعَبْدِ.

(وَلَوْ قَالَ لِوَلَدِ أَمَتِهِ: هَذَا وَلَدِي ثَبَتَ نَسَبُهُ) بِشَرْطِهِ، (وَلَا يَثْبُتُ الِاسْتِيلَادُ فِي الْأَظْهَرِ) لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ أَوْلَدَهَا بِنِكَاحٍ ثُمَّ مَلَكَهَا، وَالثَّانِي يَثْبُتُ حَمْلًا عَلَى أَنَّهُ أَوْلَدَهَا بِالْمِلْكِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ النِّكَاحِ. (وَكَذَا لَوْ قَالَ) فِيهِ: هَذَا (وَلَدِي وَلَدْته فِي مِلْكِي) لَا يَثْبُتُ بِهِ الِاسْتِيلَادُ فِي الْأَظْهَرِ، لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ أَحْبَلَهَا بِنِكَاحٍ ثُمَّ مَلَكَهَا، وَالثَّانِي يَحْمِلُهُ عَلَى أَنَّهُ أَحْبَلَهَا بِالْمِلْكِ، (فَإِنْ قَالَ: عَلِقْت بِهِ فِي مِلْكِي ثَبَتَ الِاسْتِيلَادُ) وَانْقَطَعَ الِاحْتِمَالُ، (فَإِنْ كَانَتْ فِرَاشًا لَهُ) بِأَنْ أَقَرَّ بِوَطْئِهَا (لَحِقَهُ) الْوَلَدُ (بِالْفِرَاشِ مِنْ غَيْرِ اسْتِلْحَاقٍ) . قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:

ــ

[حاشية قليوبي]

التَّصَوُّرِ بِنَحْوِ الزَّمَنِ، كَمَا لَوْ تَزَوَّجَ مَشْرِقِيٌّ بِمَغْرِبِيَّةٍ، وَلَمْ يَمْضِ زَمَانُ إمْكَانِ اجْتِمَاعِهِمَا عَادَةً، وَلَا عِبْرَةَ بِإِمْكَانِ إنْفَاذِ مَنِيِّهِ لَهَا وَاسْتِدْخَالِهِ وَلَا بِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ مِمَّنْ تُطْوَى لَهُ الْأَرْضُ أَوْ الزَّمَنُ، وَكَمَا لَوْ عُلِمَ أَنَّهُ مَمْسُوحٌ قَبْلَ اجْتِمَاعِهِمَا. قَوْلُهُ: (مَعْرُوفَ النَّسَبِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِهِ النِّسْبَةُ لِيَدْخُلَ وَلَدُ الزِّنَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ اسْتِلْحَاقُهُ. وَيَدْخُلَ الْمَنْفِيُّ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِغَيْرِ النَّافِي اسْتِلْحَاقُهُ، وَمَحَلُّهُ إنْ نُفِيَ عَنْ فِرَاشِ نِكَاحٍ صَحِيحٍ، فَإِنْ نُفِيَ عَنْ فَاسِدٍ أَوْ عَنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ، فَلِغَيْرِ النَّافِي اسْتِلْحَاقُهُ. قَوْلُهُ: (وَأَنْ يُصَدِّقَهُ إلَخْ) وَلَا يُقْبَلُ رُجُوعُهُ بَعْدَ التَّصْدِيقِ، وَإِنْ اتَّفَقَا عَلَيْهِ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ سَكَتَ عَنْ التَّصْدِيقِ وَالتَّكْذِيبِ لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ) وَفَارَقَ السُّكُوتَ فِي الْأَمْوَالِ بِالِاحْتِيَاطِ فِي النَّسَبِ، نَعَمْ إنْ مَاتَ قَبْلَ إمْكَانِ التَّصْدِيقِ ثَبَتَ النَّسَبُ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا نُقِلَ عَنْ الشَّيْخَيْنِ وَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَكْفِي الْعَرْضُ هُنَا عَلَى الْقَائِفِ لِعَدَمِ التَّنَازُعِ. قَوْلُهُ: (فَلَوْ بَلَغَ وَكَذَّبَهُ لَمْ يَبْطُلْ نَسَبُهُ) وَفَارَقَ مَا لَوْ حُكِمَ بِإِسْلَامِ لَقِيطٍ تَبَعًا لِلدَّارِ ثُمَّ بَلَغَ، وَاخْتَارَ الْكُفْرَ حَيْثُ يُقَرُّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْإِلْحَاقَ بِهَا ضَعِيفٌ. قَوْلُهُ: (فِيمَا لَوْ اسْتَلْحَقَ مَجْنُونًا) وَإِنْ كَانَ قَدْ اسْتَلْحَقَهُ قَبْلَ جُنُونِهِ وَأَنْكَرَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ مِنْ وَجْهَيْنِ، وَلَا عِبْرَةَ بِإِنْكَارِهِ بَعْدَ إفَاقَتِهِ، وَلَيْسَ لَهُ حِينَئِذٍ تَحْلِيفُ الْمُقِرِّ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ رُجُوعُهُ، وَمِثْلُهُ الصَّبِيُّ بَعْدَ بُلُوغِهِ وَقَوْلُ الْمُقِرِّ لِمَجْنُونٍ: هَذَا أَبِي لَا يَلْحَقُهُ إلَّا إذَا صَدَّقَهُ قَالَهُ الرُّويَانِيُّ، وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى طَرِيقَتِهِ مِنْ اعْتِبَارِ التَّصْدِيقِ بَعْدَ الْإِفَاقَةِ فِيمَا لَوْ قَالَ لِلْمَجْنُونِ: هَذَا ابْنِي أَيْضًا، فَذِكْرُ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ لَهَا لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ مَعَ أَنَّ هَذَا عِنْدَهُ مِنْ الْإِلْحَاقِ بِالْغَيْرِ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْهُ، فَلَعَلَّ ذِكْرَهُ لَهَا غَفْلَةٌ عَنْ ذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (وَلَا يُنْظَرُ إلَى التُّهْمَةِ) بِالْإِرْثِ وَلَا بِإِسْقَاطِ الْقِصَاصِ لَوْ وُجِدَ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا كَبِيرًا) هُوَ مَنْصُوبٌ كَمَا وُجِدَ بِخَطِّ الْمُصَنِّفِ، وَقَوْلُ الْجَلَالِ السُّيُوطِيّ إنَّ جَمِيعَ مَا بَعْدِ كَذَا فِي الْمِنْهَاجِ مَرْفُوعٌ إلَّا فِي سِتَّةِ مَوَاضِعَ، وَلَمْ يَعُدَّ هَذَا مِنْهَا لَا يُنَافِي ذَلِكَ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ مَرْفُوعٌ فِي النُّسْخَةِ الَّتِي اطَّلَعَ عَلَيْهَا قَالَ بَعْضُهُمْ: هَذَا إنْ قُلْنَا إنَّ خَطَّ الْمُصَنِّفِ تَعَدَّدَ فَلْيُرَاجَعْ.

قَوْلُهُ: (فَإِنْ لَمْ يُصَدِّقْ وَاحِدًا مِنْهُمَا) بِأَنْ كَذَّبَهُمَا أَوْ سَكَتَ أَوْ صَدَّقَهُمَا، أَوْ كَذَّبَ أَحَدَهُمَا وَسَكَتَ عَنْ الْآخَرِ عُرِضَ عَلَى الْقَائِفِ إنْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ، وَإِلْحَاقُ الْقَائِفِ حُكْمٌ لَا اسْتِلْحَاقٌ فَلَا يُنَافِي عَدَمَ اعْتِبَارِهِ فِيمَا مَرَّ عِنْدَ عَدَمِ التَّنَازُعِ. قَوْلُهُ: (يَأْتِي فِي كِتَابِ اللَّقِيطِ) وَهُوَ أَنَّهُ يُقَدِّمُ بَيِّنَةً ثُمَّ يَسْبِقُ اسْتِلْحَاقٌ، ثُمَّ بِقَائِفٍ ثُمَّ بِتَصْدِيقِهِ بَعْدَ الْبُلُوغِ. قَوْلُهُ: (حُكْمُ اسْتِلْحَاقِ الْمَرْأَةِ) أَيْ كَوْنُهَا تَسْتَلْحِقُ غَيْرَهَا، فَهُوَ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَى فَاعِلِهِ، وَسَيَأْتِي أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي اسْتِلْحَاقِهَا مِنْ الْبَيِّنَةِ لِإِمْكَانِهَا بِالْوِلَادَةِ. قَوْلُهُ: (وَالْعَبْدِ) هُوَ عَطْفٌ عَلَى الْمَرْأَةِ، لَكِنَّهُ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَى مَفْعُولِهِ أَيْ كَوْنِهِ يَسْتَلْحِقُهُ غَيْرُهُ، فَإِنْ اسْتَلْحَقَهُ سَيِّدُهُ عَتَقَ مُطْلَقًا وَثَبَتَ نَسَبُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلًا لِلتَّصْدِيقِ، أَوْ صَدَّقَهُ إنْ كَانَ أَهْلًا أَوْ غَيْرَ سَيِّدِهِ لَحِقَهُ إنْ كَانَ أَهْلًا وَصَدَّقَهُ، وَإِلَّا فَلَا. وَلَا يَخْرُجُ بِتَصْدِيقِهِ عَنْ رِقِّ سَيِّدِهِ، إذْ لَا تَلَازُمَ بَيْنَ النَّسَبِ وَالْحُرِّيَّةِ، وَلَوْ اسْتَلْحَقَ عَتِيقٌ غَيْرَهُ فَكَذَلِكَ وَالْوَلَاءُ لِمُعْتِقِهِ، وَفَائِدَةُ ثُبُوتِ النَّسَبِ فِيهِ تَقْدِيمُ عَصَبَتِهِ عَلَى عَصَبَةِ الْوَلَاءِ.

قَوْلُهُ: (لِوَلَدِ أَمَتِهِ) أَيْ الَّتِي لَيْسَتْ فِرَاشًا. قَوْلُهُ: (هَذَا

ــ

[حاشية عميرة]

وَغَيْرَهُ، وَمِنْ الشُّرُوطِ أَنْ لَا يَكُونَ مَنْفِيًّا بِلِعَانٍ عَنْ فِرَاشِ نِكَاحٍ صَحِيحٍ، وَأَنْ لَا يَبْطُلَ بِهِ حَقُّ الْغَيْرِ إنْ كَانَ صَغِيرًا كَمَا فِي الْعَبْدِ وَالْعَتِيقِ الصَّغِيرَيْنِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (إلَّا بِبَيِّنَةٍ) أَيْ كَسَائِرِ الْحُقُوقِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (ثَبَتَ نَسَبُهُ) قَدْ وَافَقَنَا عَلَيْهِ أَبُو حَنِيفَةَ وَهُوَ حُجَّةٌ عَلَيْهِ فِي مُخَالَفَتِهِ فِي الْمَيِّتِ الصَّغِيرِ، وَقَدْ يُقَالُ فِي الْمَيِّتِ مِيرَاثُ بَيْتِ الْمَالِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي الْأَصَحِّ) أَيْ كَالثَّابِتِ بِالْبَيِّنَةِ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا لَمْ يُشَاهِدْ فِرَاشًا وَإِلَّا فَلَا أَثَرَ لِلْإِنْكَارِ، وَكَذَا لَوْ صَدَّقَهُ الصَّغِيرُ قَبْلَ الْبُلُوغِ.

فَرْعٌ: لَوْ بَلَغَ لَيْسَ لَهُ تَحْلِيفُ الْأَبِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ رَجَعَ لَا يُقْبَلُ. قَوْلُهُ: (مَجْنُونًا) لَوْ قَالَ الْمَجْنُونُ: هَذَا أَبِي لَمْ يَثْبُتْ النَّسَبُ حَتَّى يُفِيقَ وَيُصَدِّقَهُ وَاسْتَشْكَلَ الرُّويَانِيُّ الْفُرْقَةَ.

تَنْبِيهٌ: مَسْأَلَةُ الشَّارِحِ صَوَّرَهَا السُّبْكِيُّ بِمَا لَوْ اتَّصَلَ الْجُنُونُ بِالْبُلُوغِ.

قَوْلُهُ: (لِفَوَاتِ التَّصْدِيقِ) عُلِّلَ أَيْضًا بِأَنَّ تَأْخِيرَ الِاسْتِلْحَاقِ إلَى الْمَوْتِ يُشْعِرُ بِإِنْكَارِهِ لَوْ وَقَعَ فِي حَيَاتِهِ.

قَوْلُهُ: (فَإِنْ لَمْ يُصَدِّقْ إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَذَّبَهُمَا.

قَوْلُهُ: (رَوَاهُ الشَّيْخَانِ) لَفْظُهُ «اخْتَصَمَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>