للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَطَعَهَا غَاصِبٌ لَهُ، لَزِمَهُ أَكْثَرُ الْأَمْرَيْنِ مِنْ نِصْفِ الْقِيمَةِ وَالْأَرْشِ، وَسَيَأْتِي فِي آخِرِ كِتَابِ الدِّيَاتِ مَسْأَلَةُ الرَّقِيقِ مَعَ زِيَادَةٍ.

(وَ) يَضْمَنُ (سَائِرُ الْحَيَوَانِ) أَيْ بَاقِيَهُ (بِالْقِيمَةِ) تَلِفَ أَوْ أُتْلِفَ، وَيَضْمَنُ مَا تَلِفَ أَوْ أُتْلِفَ مِنْ أَجْزَائِهِ بِمَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ

(وَغَيْرِهِ) أَيْ الْحَيَوَانِ (مِثْلِيٍّ وَمُتَقَوِّمٌ وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْمِثْلِيَّ مَا حَصَرَهُ كَيْلٌ أَوْ وَزْنٌ، وَجَازَ السَّلَمُ فِيهِ كَمَاءٍ وَتُرَابٍ وَنُحَاسٍ) وَحَدِيدٍ (وَتِبْرٍ) وَسَبِيكَةٍ (وَمِسْكٍ) ، وَعَنْبَرٍ (وَكَافُورٍ وَقُطْنٍ وَعِنَبٍ) وَرُطَبٍ وَسَائِرِ الْفَوَاكِهِ الرَّطْبَةِ، (وَدَقِيقٍ) وَحُبُوبٍ وَزَبِيبٍ وَتَمْرٍ (لَا غَالِيَةٍ وَمَعْجُونٍ) هُمَا مِمَّا خَرَجَ بِقَيْدِ جَوَازِ السَّلَمِ، وَخَرَجَ بِقَيْدِ الْكَيْلِ أَوْ الْوَزْنِ. مَا يُعَدُّ كَالْحَيَوَانِ أَوْ يُذْرَعُ كَالثِّيَابِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي سَكَتَ عَنْ التَّقْيِيدِ بِجَوَازِ السَّلَمِ، وَالثَّالِثُ زَادَ عَلَى التَّقْيِيدِ بِهِ التَّقْيِيدُ بِجَوَازِ بَيْعِ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ، فَيَخْرُجُ بِهِ بَعْضُ الْأَمْثِلَةِ مِنْ الْعِنَبِ وَغَيْرِهِ (فَيَضْمَنُ الْمِثْلِيَّ بِمِثْلِهِ تَلِفَ أَوْ أُتْلِفَ، فَإِنْ تَعَذَّرَ) الْمِثْلُ بِأَنْ لَا يُوجَدَ فِي ذَلِكَ الْبَلَدِ وَحَوَالَيْهِ، (فَالْقِيمَةُ وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ أَقْصَى قِيَمِهِ) بِالْهَاءِ (مِنْ وَقْتِ الْغَصْبِ إلَى تَعَذُّرِ الْمِثْلِ) . وَالثَّانِي إلَى

ــ

[حاشية قليوبي]

فِيمَا ذُكِرَ بَعْدَ الِانْدِمَالِ وَلَوْ لَمْ تَنْقُصْ قِيمَتُهُ فَلَا شَيْءَ مِنْ حَيْثُ الْغَصْبُ، وَأَمَّا فِي الْجِنَايَةِ فَيُقَدَّرُ النَّقْصُ قَبِيلَ الِانْدِمَالِ، فَإِنْ لَمْ يَنْقُصْ فَمَا قَبْلَهُ، وَهَكَذَا إلَى وَقْتِ الْجِنَايَةِ، فَإِنْ لَمْ يَنْقُصْ فَرَضَ الْقَاضِي شَيْئًا بِاجْتِهَادِهِ كَمَا سَيَأْتِي ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْجِنَايَاتِ، وَشَمِلَ الرَّقِيقُ الْمُكَاتَبَ وَالْمُسْتَوْلَدَةَ، وَأَمَّا الْمُبَعَّضُ فَيُعْتَبَرُ بِمَا فِيهِ مِنْ الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ، فَفِي يَدِهِ رُبْعُ الدِّيَةِ وَأَكْثَرُ الْأَمْرَيْنِ مِنْ رُبْعِ الْقِيمَةِ وَنِصْفِ الْأَرْضِ.

فَرْعٌ: لَوْ غَصَبَ الرَّاهِنُ عَبْدَهُ الْمَرْهُونَ مِنْ الْمُرْتَهِنِ وَتَلِفَ عِنْدَهُ أَوْ أَتْلَفَهُ، فَالْوَجْهُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ أَقْصَى قِيمَتِهِ وَالدَّيْنِ، وَقَوْلُ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ بِلُزُومِ قِيمَتِهِ يَوْمَ التَّلَفِ فِيهِ نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ.

قَوْلُهُ: (سَائِرَ الْحَيَوَانِ) .

فَرْعٌ: ذَهَبَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إلَى أَنَّهُ لَوْ قَطَعَ ذَنَبَ حِمَارٍ ذِي هَيْئَةٍ أَوْ طَيْلَسَانه لَزِمَهُ دَفْعُهُ إلَيْهِ، وَيَلْزَمُهُ تَمَامُ قِيمَتِهِ.

قَوْلُهُ: (مِثْلِيٌّ وَمُتَقَوِّمٌ) وَذَهَبَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ إلَى أَنَّ جَمِيعَ الْأَشْيَاءِ مُتَقَوِّمَةٌ، وَتُضْمَنُ بِمِثْلِهَا وَلَوْ فِي الرَّقِيقِ. قَوْلُهُ: (حَصَرَهُ) أَيْ ضَبَطَهُ كَيْلٌ وَإِنْ لَمْ يُعْتَدَّ فِيهِ. قَوْلُهُ: (أَوْ وَزْنٌ) أَيْ شَرْعًا وَإِلَّا فَالثِّيَابُ تُوزَنُ.

قَوْلُهُ: (كَمَاءٍ) وَإِنْ أُغْلِيَ خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ، وَسَوَاءٌ الْعَذْبُ وَالْمَالِحُ، وَيَلْزَمُهُ أَرْشُ نَقْصِهِ بِالْمَغْلِيِّ، وَمِثْلُهُ الْخَلُّ وَإِنْ دَخَلَهُ الْمَاءُ، وَكَذَا سَائِرُ الْمَائِعَاتِ فَهِيَ مِثْلِيَّةٌ لَهُ وَإِنْ دَخَلَ فِيهَا الْغَلْيُ هُنَا وَفِي بَابِ الرِّبَا.

قَوْلُهُ: (وَنُحَاسٍ) وَلَوْ مُهَيَّأَ إنَاءٍ فَيَلْزَمُهُ مِثْلُ النُّحَاسِ وَزْنًا وَقِيمَةُ الصَّنْعَةِ إنْ حَلَّتْ، وَكَذَا بَقِيَّةُ الْمُتَطَرِّقَاتِ، وَمِثْلُهُ دَرَاهِمُ أَبْطَلَهَا السُّلْطَانُ وَقَطَعَهَا.

قَوْلُهُ: (وَدَقِيقٍ) وَنُخَالَةٍ وَمِسْكٍ وَقُطْنٍ وَإِنْ لَمْ يَنْزِعْ حَبَّهُ، وَتِبْرٍ وَعَنْبَرٍ، وَكَافُورٍ وَثَلْجٍ، وَجَمْدٍ وَصُوفٍ، وَعِنَبٍ وَرُطَبٍ، وَبِقَوْلٍ وَفَوَاكِهَ، وَحُبُوبٍ وَلَحْمٍ طَرِيٍّ، وَخُلُولٍ وَلَوْ مَعَ مَاءٍ وَتِبْنٍ لِإِدْرِيسَ. قَوْلُهُ: (وَغَيْرِهِ) كَالدَّقِيقِ.

قَوْلُهُ: (بِمِثْلِهِ) أَيْ إنْ بَقِيَ لَهُ قِيمَةٌ، وَلَمْ يَكُنْ لِحَمْلِهِ إلَى مَكَانٍ غَصْبِهِ مُؤْنَةٌ، وَإِلَّا كَمَاءٍ غَصَبَهُ بِمَفَازَةٍ ثُمَّ ظَفِرَ بِهِ فِي مَحَلٍّ لَيْسَ لَهُ فِيهِ قِيمَةٌ وَلَوْ تَافِهَةً فَيُطَالِبُهُ بِقِيمَتِهِ فِي الْمَفَازَةِ لَا بِمِثْلِهِ، وَدَخَلَ فِي الْمِثْلِيَّةِ الْجِنْسُ وَالنَّوْعُ وَالصِّفَةُ وَالْكَيْلُ فِي الْمَكِيلِ، وَالْوَزْنُ فِي الْمَوْزُونِ، فَلَوْ غَصَبَ مَاءً بَارِدًا لَزِمَهُ بَارِدٌ مِثْلُهُ أَوْ سَاخِنٌ مَعَ غُرْمِ تَفَاوُتِ قِيمَتِهِ، وَدَخَلَ أَيْضًا الْبُرُّ الْمُخْتَلِطُ بِشَعِيرٍ، فَيَجِبُ أَنْ يَرُدَّ قَدْرًا مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ لَا يَنْقُصُ عَنْهُ، وَإِنَّمَا امْتَنَعَ السَّلَمُ فِيهِ لِلْهَيْئَةِ الِاجْتِمَاعِيَّةِ الْمَانِعَةِ مِنْ الْعِلْمِ بِالْمُمَاثَلَةِ فَتَأَمَّلْهُ.

قَوْلُهُ: (وَحَوَالَيْهِ) أَيْ إلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ. قَوْلُهُ: (إلَى تَعَذُّرِ الْمِثْلِ) هَذَا مَعَ ذِكْرِ الْخِلَافِ بَعْدَهُ صَرِيحٌ فِي أَنَّ ضَمِيرَ قِيمَتِهِ عَائِدٌ إلَى الْمَغْصُوبِ، وَيَلْزَمُهُ اعْتِبَارُ قِيمَتِهِ بَعْدَ تَلَفِهِ مَعَ وُجُودِ مِثْلِهِ، وَهُوَ كَذَلِكَ ضَرُورَةً؛ لِأَنَّ قِيمَةَ مِثْلِهِ مُسَاوِيَةٌ لِقِيمَتِهِ؛ لِأَنَّهُ عَيَّنَهُ لَوْ كَانَ بَاقِيًا، وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ الضَّمِيرَ عَائِدٌ إلَى الْمِثْلِ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ؛ لِأَنَّ رُجُوعَهُ إلَيْهِ مَعَ اعْتِبَارِ الْقِيمَةِ مِنْ وَقْتِ الْغَصْبِ، يَلْزَمُهُ اعْتِبَارُ قِيمَةِ مِثْلِهِ مَعَ عَائِدٍ إلَى الْمِثْلِ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ؛ لِأَنَّ رُجُوعَهُ إلَيْهِ مَعَ اعْتِبَارِ الْقِيمَةِ مِنْ وَقْتِ الْغَصْبِ؛ يَلْزَمُهُ اعْتِبَارُ قِيمَةِ مِثْلِهِ مَعَ بَقَائِهِ وَهُوَ فَاسِدٌ، إذْ لَا يَجُوزُ اعْتِبَارُ قِيمَةِ غَيْرِهِ مَعَ بَقَائِهِ؛ وَلِأَنَّ الْوَجْهَ الثَّانِيَ يَعْتَبِرُ الْقِيمَةَ إلَى التَّلَفِ، وَرُجُوعُ الضَّمِيرِ إلَى الْمِثْلِ يَلْزَمُهُ أَنَّهُ هُوَ التَّالِفُ وَهُوَ فَاسِدٌ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّ الْمِثْلَ هُوَ الْمَوْجُودُ، وَأَنَّ التَّالِفَ هُوَ الْمَغْصُوبُ؛ وَلِأَنَّهُ يُقَالُ فِي عَدَمِ الْمِثْلِ، فَقَدْ مَثَّلَا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ وَالْمُصَنِّفُ، وَلَا يُقَالُ: تَلِفَ فَسَقَطَ بِمَا ذُكِرَ مَا اُعْتُرِضَ بِهِ عَلَيْهِ وَمَا قِيلَ: إنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى مَرْجُوحٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ، كَمَا فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا وَغَيْرِهَا.

ــ

[حاشية عميرة]

قَوْلُهُ: (وَلَوْ قَطَعَهَا غَاصِبٌ) مِثْلُهُ لَوْ قُطِعَتْ عِنْدَ الْغَاصِبِ، فَيَجِبُ ذَلِكَ عَلَى الْغَاصِبِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (كَمَاءٍ وَتُرَابٍ إلَخْ) خَصَّ الشَّيْخُ هَذِهِ الْأَمْثِلَةَ لِخَفَائِهَا وَلِجَرَيَانِ الْخِلَافِ فِي بَعْضِهَا.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِمِثْلِهِ) أَيْ لَا بِالْقِيمَةِ، وَنُظِرَ ذَلِكَ بِعَدَمِ جَوَازِ الْعَمَلِ بِالِاجْتِهَادِ مَعَ وُجُودِ النَّصِّ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (تَلِفَ أَوْ أُتْلِفَ) زَادَ فِي الْمُحَرَّرِ تَحْتَ يَدٍ عَادِيَةٍ، قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: لِإِخْرَاجِ الْمُسْتَعِيرِ؛ لِأَنَّهُ يَضْمَنُ بِالْقِيمَةِ مُطْلَقًا، كَمَا بَيَّنَهُ فِي بَابِهِ. قَالَ: وَقَدْ اعْتَرَضْنَا عَلَى الْمُؤَلِّفِ فِي ذِكْرِ عَادِيَةٍ أَوَّلَ الْفَصْلِ، فَلَوْ حَذَفَهُ هُنَاكَ وَأَتَى بِهِ هُنَا كَانَ أَوْلَى.

قَوْلُهُ: (بِأَنْ لَا يُوجَدَ فِي ذَلِكَ الْبَلَدِ إلَخْ) أَيْ كَانْقِطَاعِ الْمُسَلَّمِ فِيهِ. قَوْلُهُ: (إلَى تَعَذُّرِ الْمِثْلِ) ؛ لِأَنَّ وُجُودَ الْمِثْلِ كَوُجُودِ عَيْنِ الْمَغْصُوبِ.

قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي إلَى التَّلَفِ) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْوَاجِبَ قِيمَةُ الْمَغْصُوبِ، لَا قِيمَةُ الْمِثْلِ. وَوُجِّهَ الثَّالِثُ أَنَّ الْمِثْلَ لَا يَسْقُطُ بِالْإِعْوَازِ، بِدَلِيلِ أَنَّ لَهُ الصَّبْرَ إلَى وُجْدَانِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>