للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لِحُصُولِ الْمِلْكِ لَهُمَا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ. (وَلَوْ كَانَ لِلْمُشْتَرِي شِرْكٌ) بِكَسْرِ الشِّينِ أَيْ نَصِيبٌ. (فِي الْأَرْضِ) كَأَنْ كَانَتْ بَيْنَ ثَلَاثَةٍ أَثْلَاثًا فَبَاعَ أَحَدُهُمْ نَصِيبَهُ لِأَحَدِ صَاحِبَيْهِ. (فَالْأَصَحُّ أَنَّ الشَّرِيكَ لَا يَأْخُذُ كُلَّ الْمَبِيعِ بَلْ) يَأْخُذُ (حِصَّتَهُ) وَهِيَ فِيمَا ذُكِرَ السُّدُسُ وَالثَّانِي يَأْخُذُ كُلَّ الْمَبِيعِ، وَلَا حَقَّ فِيهِ لِلْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الشُّفْعَةَ تُسْتَحَقُّ عَلَى الْمُشْتَرِي، فَلَا يَسْتَحِقُّهَا عَلَى نَفْسِهِ وَالْأَوَّلُ قَالَ لَا شُفْعَةَ فِي حِصَّةِ الْمُشْتَرِي فَمِلْكُهُ مُسْتَقِرٌّ عَلَيْهِمَا بِالشِّرَاءِ.

(وَلَا يُشْتَرَطُ فِي التَّمَلُّكِ بِالشُّفْعَةِ حُكْمُ حَاكِمٍ وَلَا إحْضَارُ الثَّمَنِ وَلَا حُضُورُ الْمُشْتَرِي) وَلَا رِضَاهُ بَلْ يُوجَدُ التَّمَلُّكُ بِهَا مَعَ كُلٍّ مِمَّا ذُكِرَ وَمَعَ غَيْرِهِ كَمَا سَيَأْتِي. (وَيُشْتَرَطُ لَفْظٌ مِنْ الشَّفِيعِ كَتَمَلَّكْتُ أَوْ أَخَذْت بِالشُّفْعَةِ) وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الثَّمَنَ (وَيُشْتَرَطُ مَعَ ذَلِكَ إمَّا تَسْلِيمُ الْعِوَضِ إلَى الْمُشْتَرِي، فَإِذَا تَسَلَّمَهُ أَوْ أَلْزَمَهُ الْقَاضِي التَّسْلِيمَ) إنْ امْتَنَعَ مِنْهُ أَوْ قَبَضَ الْقَاضِي عَنْهُ كَمَا زَادَهُ فِي الرَّوْضَةِ. (مَلَكَ الشَّفِيعُ الشِّقْصَ وَإِمَّا رِضَا الْمُشْتَرِي بِكَوْنِ الْعِوَضِ فِي ذِمَّتِهِ) أَيْ الشَّفِيعِ. (وَإِمَّا قَضَاءُ الْقَاضِي لَهُ بِالشُّفْعَةِ إذَا حَضَرَ مَجْلِسَهُ وَأَثْبَتَ حَقَّهُ) فِيهَا وَطَلَبَهُ. (فَيَمْلِكُ بِهِ) أَيْ بِالْقَضَاءِ. (فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي لَا يَمْلِكُ بِهِ حَتَّى يَقْبِضَ الْعِوَضَ، أَوْ يَرْضَى الْمُشْتَرِي بِتَأْخِيرِهِ.

(وَلَا يَتَمَلَّكُ شِقْصًا لَمْ يَرَهُ الشَّفِيعُ عَلَى الْمَذْهَبِ) وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي مَنْعُهُ مِنْ الرُّؤْيَةِ، وَفِي قَوْلٍ يَتَمَلَّكُهُ قِيلَ الرُّؤْيَةُ بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ بَيْعِ الْغَائِبِ، وَلَهُ الْخِيَارُ عِنْدَ الرُّؤْيَةِ، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي الْقَطْعُ بِالْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ قَهْرِيٌّ لَا يُنَاسِبُهُ إثْبَاتُ الْخِيَارِ فِيهِ.

ــ

[حاشية قليوبي]

وَفِي هَذِهِ لِكُلِّ الدَّعْوَى عَلَى الْآخَرِ بِسَبْقِ عَقْدِهِ، فَإِنْ حَلَفَ كُلٌّ فَلَا شُفْعَةَ وَمَنْ نَكَلَ سَقَطَ حَقُّهُ. قَوْلُهُ: (لِحُصُولِ الْمِلْكِ) أَيْ سَبَبِهِ وَهُوَ الْعَقْدُ سَوَاءٌ وُجِدَ خِيَارٌ لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا أَوْ لَا كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (بَلْ يَأْخُذُ حِصَّتَهُ إلَخْ) وَلَوْ قَالَ لَهُ الْمُشْتَرِي خُذْ الْكُلَّ أَوْ اُتْرُكْهُ، لَمْ تَلْزَمْهُ إجَابَتُهُ، وَلَا يَسْقُطُ حَقُّ الْقَائِلِ مِنْ الشُّفْعَةِ.

قَوْلُهُ: (لَا شُفْعَةَ فِي حِصَّةِ الْمُشْتَرِي) بَلْ دَفْعُ الشَّرِيكِ عَنْ أَخْذِ حِصَّتِهِ فَقَطْ.

قَوْلُهُ: (بَلْ يُوجَدُ إلَخْ) أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ التَّمَلُّكَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى حَقِيقَتِهِ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ خُصُوصُ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ، وَلَا خُصُوصُ وَاحِدٍ مِنْهَا بَلْ يَكْفِي وَاحِدٌ مِنْهَا مَعَ انْضِمَامِ مَا سَيَأْتِي مِنْ اللَّفْظِ وَمَا مَعَهُ، وَأَوَّلَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ تَبَعًا لِمَا فِي الْمَنْهَجِ بِاسْتِحْقَاقِ التَّمَلُّكِ عَلَى مَعْنَى أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ خُصُوصُ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ، وَلَا خُصُوصُ وَاحِدٍ مِنْهَا وَلَا غَيْرِهَا، وَأَمَّا التَّمَلُّكُ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ مَا سَيَذْكُرُهُ وَكَلَامُ الشَّارِحِ صَرِيحٌ فِي خِلَافِهِ وَمُوَافَقَةِ الْأَوَّلِ، كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ كَمَا سَيَأْتِي أَيْ فِي الْفَصْلِ بَعْدَهُ، فِيمَا لَوْ أَقَرَّ الْبَائِعُ بِالْبَيْعِ إلَخْ.

قَوْلُهُ: (وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ الثَّمَنُ) أَيْ حَالَةَ التَّمَلُّكِ وَلَوْ بَعْدَ الْأَخْذِ. قَوْلُهُ: (تَسْلِيمُ الْعِوَضِ) أَيْ بِمَا يَحْصُلُ بِهِ قَبْضُ الْمَبِيعِ، وَلَوْ بِالْوَضْعِ بَيْنَ يَدَيْهِ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْهُ وَلَوْ رَفَعَ الْأَمْرَ إلَى الْحَاكِمِ لِيَأْمُرَهُ بِهِ أَوْ يَقْبِضَهُ عَنْهُ، فَلَوْ أَبْرَأهُ مِنْهُ حَصَلَ التَّمَلُّكُ أَيْضًا، وَإِنْ لَمْ تَصِحَّ الْبَرَاءَةُ فَإِنْ اسْتَمْهَلَ أَمْهَلَهُ الْقَاضِي ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَأَقَلَّ، فَإِذَا مَضَتْ وَلَمْ يَفْعَلْ فَسَخَ الْقَاضِي تَمَلُّكَهُ.

قَوْلُهُ: (بِكَوْنِ الْعِوَضِ فِي ذِمَّتِهِ) إنْ لَمْ يَكُنْ رِبًا وَإِلَّا كَدَارٍ فِيهَا صَفَائِحُ نَقْدٍ بِنَقْدٍ فَلَا. قَوْلُهُ: (بِالشُّفْعَةِ) أَيْ بِثُبُوتِهَا وَهُوَ حَقُّ التَّمَلُّكِ كَمَا مَرَّ لَا نَفْسُ التَّمَلُّكِ وَلِأَنَّ الْقَضَاءَ إنَّمَا يَكُونُ حُكْمُهُ بِأَمْرٍ سَابِقٍ.

قَوْلُهُ: (فَيَمْلِكُ بِهِ) وَلَا يَمْلِكُ بِالْإِشْهَادِ وَلَوْ مَعَ فَقْدِ الْحَاكِمِ.

قَوْلُهُ: (وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي مَنْعُهُ مِنْ الرُّؤْيَةِ) بَلْ يُجْبِرُهُ الْحَاكِمُ عَلَى تَمَكُّنِهِ مِنْهَا، كَمَا يُجْبِرُهُ عَلَى تَسَلُّمِ الشِّقْصِ مِنْ الْبَائِعِ، لِيَأْخُذَهُ الشَّفِيعُ وَلَا يَكْفِي أَخْذُهُ مِنْ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّهُ يُفَوِّتُ التَّسْلِيمَ فَيُبْطِلُ الْبَيْعَ فَلَا شُفْعَةَ، وَإِذَا تَمَلَّكَهُ بِغَيْرِ دَفْعِ الثَّمَنِ لَمْ يُجْبَرْ الْمُشْتَرِي عَلَى تَسْلِيمِهِ حَتَّى يَأْخُذَ الثَّمَنَ وَفَارَقَ الْبَيْعَ لِئَلَّا يَجْتَمِعَ عَلَى الْمُشْتَرِي قَهْرَانِ.

ــ

[حاشية عميرة]

تَنْبِيهٌ: ثُبُوتُ الْأَخْذِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَارِدٌ عَلَى قَوْلِ الْمَتْنِ لَازِمًا.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (حُكْمُ حَاكِمٍ إلَخْ) الْمُرَادُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهَا بِخُصُوصِهِ لَا يُشْتَرَطُ، فَلَا يُنَافِي اعْتِبَارَ أَحَدِهِمَا أَوْ مَا يَسْتَلْزِمُهُ فِيمَا يَأْتِي، كَذَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَالسُّبْكِيُّ: لَكِنْ قَوَّلَهُ الشَّارِحُ: بَلْ يُوجَدُ إلَخْ يَدُلُّ عَلَى ثُبُوتِ الْمُغَايَرَةِ بَيْنَ مَا هُنَا وَمَا يَأْتِي فَلْيُتَأَمَّلْ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَأَمَّا رِضَا الْمُشْتَرِي إلَخْ) لَوْ أَبْرَأَهُ مِنْ الثَّمَنِ فَهَلْ يَكُونُ ذَلِكَ صَحِيحًا؛ لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ يَقْتَضِي الرِّضَا، فَيَكُونُ بِمَنْزِلَتِهِ؟ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: فِيهِ احْتِمَالَانِ أَقْوَاهُمَا نَعَمْ.

أَقُولُ: فِيهِ بَحْثٌ؛ لِأَنَّ الرِّضَا مِنْ غَيْرِ لَفْظٍ لَا يُفِيدُ، وَالدَّالُّ عَلَيْهِ هُنَا لَفْظُ الْإِبْرَاءِ، وَبِهِ يَحْصُلُ الْمِلْكُ وَالْإِبْرَاءُ مَعًا مَعَ أَنَّ صِحَّةَ الْإِبْرَاءِ تَتَوَقَّفُ عَلَى سَبْقِ الْمِلْكِ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ الْبَرَاءَةَ تَقُومُ مَقَامَ الرِّضَا لَا أَنَّهَا صَحِيحَةٌ فِي نَفْسِهَا.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِالشُّفْعَةِ) أَيْ بِثُبُوتِ حَقِّ الشُّفْعَةِ لَا بِالْمِلْكِ، قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالْإِمَامُ الْغَزَالِيُّ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الرَّافِعِيِّ، وَالنَّوَوِيِّ، وَأَقُولُ: وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ إيضَاحٌ لِكَلَامِ الْأَصْحَابِ وَإِفْصَاحٌ عَنْ مُرَادِهِمْ؛ لِأَنَّ مُسَمَّى الشُّفْعَةِ حَقُّ التَّمَلُّكِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّارِحُ وَغَيْرُهُ، فَيَصِيرُ مَعْنَى قَوْلِ الْأَصْحَابِ أَوْ الْقَضَاءِ بِالشُّفْعَةِ الْقَضَاءَ بِحَقِّ التَّمَلُّكِ، وَوَجْهُهُ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى مَا قَالَهُ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةُ، إنَّ الْقَضَاءَ إنَّمَا يَكُونُ بِشَيْءٍ سَابِقٍ، وَالسَّابِقُ حَقُّ التَّمَلُّكِ لَا التَّمَلُّكُ، فَإِنَّهُ لَا يَحْصُلُ بِمُجَرَّدِ اللَّفْظِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>