للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَلَوْ اشْتَرَى وَاحِدٌ مِنْ اثْنَيْنِ فَلَهُ) أَيْ لِلشَّفِيعِ. (أَخْذُ حِصَّةِ أَحَدِ الْبَائِعَيْنِ فِي الْأَصَحِّ) لِتَعَدُّدِ الصَّفْقَةِ بِتَعَدُّدِ الْبَائِعِ، وَالثَّانِي لَا؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ مَلَكَ الْحِصَّتَيْنِ مَعًا فَلَا يُفَرَّقُ مِلْكُهُ عَلَيْهِ.

(وَالْأَظْهَرُ أَنَّ الشُّفْعَةَ عَلَى الْفَوْرِ) ؛ لِأَنَّهَا حَقٌّ ثَبَتَ لِدَفْعِ الضَّرَرِ فَكَانَ عَلَى الْفَوْرِ كَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَالثَّانِي تَمْتَدُّ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَإِنَّهَا قَدْ تَحْتَاجُ إلَى نَظَرٍ وَتَأَمُّلٍ فَتُقَدَّرُ بِالثَّلَاثَةِ كَخِيَارِ الشَّرْطِ. (فَإِذَا عَلِمَ الشَّفِيعُ بِالْبَيْعِ) عَلَى الْأَوَّلِ (فَلْيُبَادِرْ عَلَى الْعَادَةِ) فِي طَلَبِهَا (فَإِنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ غَائِبًا عَنْ بَلَدِ الْمُشْتَرِي أَوْ خَائِفًا مِنْ عَدُوٍّ فَلْيُوَكِّلْ) فِي طَلَبِهَا. (إنْ قَدَرَ) التَّوْكِيلَ فِيهِ (وَإِلَّا فَلْيُشْهِدْ عَلَى الطَّلَبِ) لَهَا (فَإِنْ تَرَكَ الْمَقْدُورَ عَلَيْهِ مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ التَّوْكِيلِ وَالْإِشْهَادِ (بَطَلَ حَقُّهُ فِي الْأَظْهَرِ) لِتَقْصِيرِهِ وَالثَّانِي لَا يَبْطُلُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَلْحَقُهُ مِنْهُ أَوْ مُؤْنَةٌ فِيمَا ذُكِرَ، وَفِي تَعْبِيرِهِ بِالْأَظْهَرِ تَغْلِيبٌ لِلثَّانِيَةِ عَلَى الْأُولَى، الْمُعَبَّرُ فِيهَا فِي الرَّوْضَةِ، كَأَصْلِهَا بِالْأَصَحِّ. (فَلَوْ كَانَ فِي صَلَاةٍ أَوْ حَمَّامٍ أَوْ طَعَامٍ) أَوْ قَضَاءِ حَاجَةٍ (فَلَهُ الْإِتْمَامُ) وَلَا يُكَلَّفُ قَطْعَهَا وَلَا يَلْزَمُهُ الِاقْتِصَارُ فِي الصَّلَاةِ عَلَى أَقَلَّ مَا يَجْزِي، وَلَوْ دَخَلَ وَقْتُ الصَّلَاةِ أَوْ الْأَكْلِ أَوْ قَضَاءِ الْحَاجَةِ، جَازَ لَهُ تَقْدِيمُهَا عَلَى طَلَبِ الشُّفْعَةِ، (وَلَوْ أَخَّرَ) الطَّلَبَ لَهَا (وَقَالَ لَمْ أُصَدِّقْ الْمُخْبِرَ) بِبَيْعِ الشَّرِيكِ. (لَمْ يُعْذَرْ إنْ أَخْبَرَهُ عَدْلَانِ) ذَكَرَانِ أَوْ ذَكَرٌ وَامْرَأَتَانِ بِذَلِكَ (وَكَذَا ثِقَةٌ فِي الْأَصَحِّ) حُرٌّ أَوْ عَبْدٌ أَوْ امْرَأَةٌ، وَالثَّانِي يُعْذَرُ؛ لِأَنَّ الْحُجَّةَ لَا تَقُومُ بِوَاحِدٍ (وَيُعْذَرَانِ أَخْبَرَهُ مَنْ لَا يُقْبَلُ خَبَرُهُ) كَكَافِرٍ وَفَاسِقٍ وَصَبِيٍّ، وَلَا يُعْذَرُ إنْ أَخْبَرَهُ عَدَدٌ مِنْ الْفُسَّاقِ، لَا يُحْتَمَلُ تَوَاطُؤُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ

(وَلَوْ أُخْبِرَ بِالْبَيْعِ بِأَلْفٍ فَتُرِكَ فَبَانَ بِخَمْسِمِائَةٍ بَقِيَ حَقُّهُ) ؛ لِأَنَّ التَّرْكَ لِخَبَرٍ تَبَيَّنَ كَذِبُهُ.

ــ

[حاشية قليوبي]

بِتَعَدُّدِ الْبَائِعِ) وَلَوْ اشْتَرَى اثْنَانِ مِنْ اثْنَيْنِ فَلِلشَّفِيعِ أَخْذُ رُبْعِ الْمَبِيعِ؛ لِأَنَّهَا أَرْبَعَةُ عُقُودٍ، وَلَوْ اشْتَرَى رُبْعَ شِقْصٍ بِكَذَا وَرُبْعَهُ بِكَذَا، فَلِلشَّفِيعِ أَخْذُ أَحَدِ الرُّبْعَيْنِ، وَلَوْ بَاعَ نِصْفَ كُلٍّ مِنْ دَارَيْنِ فَلِلْمَالِكِ الشَّرِيكِ فِي كُلِّ دَارٍ أَخْذُ مَا بِيعَ مِنْهَا دُونَ الْأُخْرَى، وَإِنْ اتَّحَدَ مَالِكُهُمَا وَلَوْ بَاعَ وَكِيلٌ عَنْ مَالِكَيْنِ حِصَّتَهُمَا مِنْ ذَلِكَ فَلِلشَّفِيعِ أَخْذُ حِصَّةِ أَحَدِ الْمَالِكَيْنِ دُونَ الْآخَرِ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّهَا حَقٌّ) أَشَارَ إلَى الْفَوْرِيَّةِ فِي الْأَخْذِ بِاللَّفْظِ وَأَمَّا التَّمَلُّكُ الْمُتَوَقِّفُ عَلَى دَفْعِ الثَّمَنِ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا مَرَّ فَهُوَ عَلَى التَّرَاخِي عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (فَإِذَا عَلِمَ الشَّفِيعُ) وَلَوْ بِالْإِخْبَارِ كَمَا سَيَأْتِي خَرَجَ بِعِلْمِ مَا لَوْ لَمْ يَعْلَمْ فَلَا يَسْقُطُ حَقُّهُ، وَإِنْ طَالَا لِزَمَنٍ بِشُهُورٍ أَوْ سِنِينَ وَلَوْ ادَّعَى عَدَمَ الْعِلْمِ أَوْ الْجَهْلِ بِأَنَّ لَهُ الشُّفْعَةَ أَوْ أَنَّهَا عَلَى الْفَوْرِ، وَأَمْكَنَ ذَلِكَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَلِلْمُولَى عَلَيْهِ الْأَخْذُ بَعْدَ كَمَالِهِ وَإِنْ عَفَا وَلِيُّهُ. قَوْلُهُ: (فَلْيُبَادِرْ) أَيْ بِنَفْسِهِ وَلَهُ التَّوْكِيلُ مَعَ قُدْرَتِهِ وَيَجِبُ عِنْدَ عُذْرِهِ، كَمَا سَيَأْتِي وَلَهُ الرَّفْعُ إلَى الْحَاكِمِ وَلَوْ مَعَ حُضُورِ الْمُشْتَرِي وَلَا يَلْزَمُهُ الْإِشْهَادُ إذَا لَقِيَ الشُّهُودَ فِي طَرِيقِهِ بِخِلَافِ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ؛ لِأَنَّ مَا هُنَا وَسِيلَةٌ لِلْمَقْصُودِ وَلِأَنَّ تَسَلُّطَ الشَّفِيعِ أَقْوَى بِدَلِيلِ نَقْصِهِ تَصَرُّفَ الْمُشْتَرِي، كَمَا مَرَّ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا فَإِنْ أَشْهَدَ سَقَطَ عَنْهُ الذَّهَابُ كَمَا مَرَّ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (مَرِيضًا) أَيْ مَرَضًا لَا يُحْتَمَلُ عَادَةً لَا بِنَحْوِ صُدَاعٍ يَسِيرٍ. قَوْلُهُ: (أَوْ غَائِبًا) وَإِنْ لَمْ تَكُنْ غَيْبَتُهُ طَوِيلَةً؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ إثْبَاتُ أَنَّهُ طَالِبٌ فَوْرًا وَأَمَّا الْحُكْمُ لَهُ فَيَتَوَقَّفُ عَلَى مَا فِي الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ. قَوْلُهُ: (عَنْ بَلَدِ الْمُشْتَرِي) أَوْ عَكْسِهِ. قَوْلُهُ: (مِنْ عَدُوٍّ) أَوْ مِنْ فَرْطِ بَرْدٍ أَوْ حَرٍّ. قَوْلُهُ: (فَلْيُوَكِّلْ) أَيْ وُجُوبًا وَإِنْ جَهِلَ مِقْدَارَ الثَّمَنِ حَالَةَ التَّوْكِيلِ.

قَوْلُهُ: (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَقْدِرْ بِنَفْسِهِ، وَعَجَزَ عَنْ التَّوْكِيلِ أَيْ وَعَنْ الرَّفْعِ لِلْحَاكِمِ أَيْضًا فَلْيَشْهَدْ وُجُوبًا وَلَا يَكْفِي الْإِشْهَادُ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى وَاحِدٍ مِمَّا ذُكِرَ، وَإِذَا أَشْهَدَ وَلَوْ شَاهِدًا لِيَحْلِفَ مَعَهُ سَقَطَ عَنْهُ الذَّهَابُ، وَإِنْ قَدَرَ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى التَّوْكِيلِ بَعْدَهُ وَلَوْ أَنْكَرَ الشُّهُودُ الشَّهَادَةَ لَمْ يَسْقُطْ حَقَّهُ. قَوْلُهُ: (فِي صَلَاةٍ) وَلَوْ نَفْلًا مُطْلَقًا وَلَهُ الزِّيَادَةُ فِيهِ إلَى حَدٍّ لَا يُعَدُّ فِيهِ مُقَصِّرَ إعَادَةٍ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ دَخَلَ وَقْتُ الصَّلَاةِ) يَقْتَضِي عَدَمَ الشُّرُوعِ فِي النَّفْلِ الْمُطْلَقِ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ مَا لَمْ يُعَدَّ مُقَصِّرًا إعَادَةً كَمَا فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ. قَوْلُهُ: (أَوْ قَضَاءِ الْحَاجَةِ) أَوْ الْحَمَّامِ لِتَنَظُّفٍ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ لَا عَبَثًا كَمَا يُقْتَصَرُ لَوْ كَانَ فِيهِ عَلَى مَا لَيْسَ عَبَثًا أَيْضًا وَلَوْ ادَّعَى الشَّفِيعُ مَرَضًا أَوْ غَيْبَةً، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ صُدِّقَ إنْ عُهِدَ وَإِلَّا صُدِّقَ الْمُشْتَرِي.

تَنْبِيهٌ: لَهُ التَّأْخِيرُ لِخَلَاصِ الْمَبِيعِ مِنْ نَحْوِ غَاصِبٍ، وَلِمَعْرِفَةِ قَدْرِ الثَّمَنِ وَلِإِدْرَاكِ زَرْعٍ وَحَصَادِهِ بِلَا أُجْرَةٍ لَا لِجِذَاذِ ثَمَرٍ كَمَا تَقَدَّمَ وَفِي الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ مَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (عَدْلَانِ) أَيْ عِنْدَ الْحَاكِمِ قَالَ شَيْخُنَا أَوْ عِنْدَ النَّاسِ أَوْ عِنْدَهُ وَلَوْ ادَّعَى الْجَهْلَ بِعَدَالَتِهِمَا عُذِرَ إنْ أَمْكَنَ. قَوْلُهُ: (مَنْ لَا يُقْبَلُ خَبَرُهُ) أَيْ وَلَمْ يُعْتَقَدْ صِدْقُهُ. قَوْلُهُ: (مِنْ الْفُسَّاقِ) الَّذِينَ لَا يُحْتَمَلُ تَوَاطُؤُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ وَلَوْ كُفَّارًا وَمِثْلُهُمْ الصِّبْيَانُ وَالْعَبِيدُ. وَلَا يُعْذَرُ لِإِفَادَةِ الْعِلْمِ بِهِمْ.

قَوْلُهُ: (بِأَلْفٍ إلَخْ) لَوْ أَخْبَرَ بِمُشْتَرٍ مُعَيَّنٍ أَوْ جِنْسٍ أَوْ حُلُولٍ أَوْ قُرْبٍ أَوْ مُشْتَرِيَيْنِ فَبَانَ خِلَافُهُ بَقِيَ حَقُّهُ أَخْذًا مِنْ

ــ

[حاشية عميرة]

قَوْلُ الْمَتْنِ: (عَلَى الْفَوْرِ) أَيْ لِحَدِيثِ الشُّفْعَةِ كَحَلِّ الْعِقَالِ، أَيْ تَفُوتُ بِتَرْكِ الْمُبَادَرَةِ، كَمَا يَفُوتُ الْبَعِيرُ الشَّرُودُ عِنْدَ حَلِّ الْعِقَالِ إذَا لَمْ يُبَادَرْ إلَيْهِ، ثُمَّ الْمُرَادُ فَوْرِيَّةُ الطَّلَبِ لَا التَّمَلُّكِ، نَبَّهَ عَلَيْهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ.

قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي تَمْتَدُّ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) ؛ لِأَنَّ التَّأْبِيدَ يَضُرُّ بِالْمُشْتَرِي، وَالْمُبَادَرَةَ تَضُرُّ بِالشَّفِيعِ لِعَدَمِ تَمَكُّنِهِ مِنْ النَّظَرِ فِي الْأَحَظِّ فَنِيطَ بِالثَّلَاثَةِ، وَأَصْلُهَا وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذُكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ فَعَقَرُوهَا، فَقَالَ: تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (عَلَى الْعَادَةِ) أَيْ فَمَا عُدَّ فِي الْعَادَةِ تَوَانِيًا ضَرَّ وَمَا لَا فَلَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَلْيُوَكِّلْ) أَيْ وَلَوْ جَهِلَ مِقْدَارَ الثَّمَنِ حَالَ التَّوْكِيلِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ قَدْ تَلْحَقُهُ) أَيْ وَالْأَظْهَرُ لَا يَنْظُرُ إلَى الْمِنَّةِ وَلَا إلَى الْمُؤْنَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَكَذَا ثِقَةٌ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ إخْبَارٌ وَإِخْبَارُ الثِّقَةِ مَقْبُولٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>