للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَالرِّبْحُ) جَمِيعُهُ (لِلْمَالِكِ) ؛ لِأَنَّهُ نَمَاءُ مِلْكِهِ (وَعَلَيْهِ لِلْعَامِلِ أُجْرَةٌ مِثْلُ عَمَلِهِ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ مَجَّانًا وَقَدْ فَاتَهُ الْمُسَمَّى. (إلَّا إذَا قَالَ قَارَضْتُك، وَجَمِيعُ الرِّبْحِ لِي وَقَبِلَ فَلَا شَيْءَ فِي الْأَصَحِّ) لِرِضَاهُ بِالْعَمَلِ مَجَّانًا وَالثَّانِي لَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ كَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ صُوَرِ الْفَسَادِ.

(وَيَتَصَرَّفُ الْعَامِلُ مُحْتَاطًا) فِي تَصَرُّفِهِ (لَا يَغْبِنُ) فِي بَيْعٍ أَوْ شِرَاءَ (وَلَا نَسِيئَةَ) فِي ذَلِكَ (بِلَا إذْنٍ) أَيْ فِي النَّسِيئَةِ وَالْغَبَنِ وَالْمُرَادُ بِهِ الْفَاحِشُ كَمَا فِي الْوَكِيلِ، وَبِالْإِذْنِ يَجُوزُ ذَلِكَ وَيَأْتِي فِي تَقْدِيرِ الْأَجَلِ وَإِطْلَاقُهُ فِي الْبَيْعِ مَا تَقَدَّمَ فِي الْوَكِيلِ وَيَجِبُ الْإِشْهَادُ فِي الْبَيْعِ نَسِيئَةً فَإِنْ تَرَكَهُ ضَمِنَ وَوَجْهُ مَنْعِ الشِّرَاءِ نَسِيئَةً أَنَّهُ كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ قَدْ يُتْلِفُ رَأْسَ الْمَالِ فَتَبْقَى الْعُهْدَةُ مُتَعَلِّقَةً بِهِ أَيْ فَتَتَعَلَّقُ بِالْمَالِكِ. (وَلَهُ الْبَيْعُ بِعَرْضٍ) ؛ لِأَنَّهُ طَرِيقٌ فِي الِاسْتِرْبَاحِ (وَ) لَهُ (الرَّدُّ بِعَيْبٍ تَقْتَضِيه) أَيْ الرَّدُّ (مَصْلَحَةً) وَإِنْ رَضِيَ الْمَالِكُ بِالْعَيْبِ؛ لِأَنَّ لِلْعَامِلِ حَقَّهُ فِي الْمَالِ، وَجُمْلَةُ تَقْتَضِيه صِفَةٌ الرَّدِّ، وَلَامُهُ لِلْجِنْسِ وَنَظِيرُهُ قَوْله تَعَالَى {وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ} [يس: ٣٧] . (فَإِنْ اقْتَضَتْ الْإِمْسَاكَ فَلَا) يَرُدُّ (فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي لَهُ الرَّدُّ كَالْوَكِيلِ. وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْوَكِيلَ لَيْسَ لَهُ شِرَاءُ الْمَعِيبِ بِخِلَافِ، الْعَامِلِ إذَا رَأَى فِيهِ رِبْحًا، فَلَا يَرُدُّ مَا فِيهِ مُصْلِحَةً بِخِلَافِ الْوَكِيلِ. (وَلِلْمَالِكِ الرَّدُّ) حَيْثُ يَجُوزُ لِلْعَامِلِ (فَإِنْ اخْتَلَفَا) فِيهِ فَأَرَادَهُ أَحَدُهُمَا وَأَبَاهُ الْآخَرُ (عُمِلَ بِالْمَصْلَحَةِ) فِي ذَلِكَ (وَلَا يُعَامِلُ الْمَالِكَ) بِأَنْ يَبِيعَهُ شَيْئًا مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ؛ لِأَنَّ الْمَالَ لَهُ

(وَلَا يَشْتَرِي لِلْقِرَاضِ بِأَكْثَرَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ)

ــ

[حاشية قليوبي]

يَنْفُذْ التَّصَرُّفُ أَصْلًا. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ إلَخْ) صَرِيحُهُ عَدَمُ الِاسْتِحْقَاقِ مَعَ عِلْمِ الْفَسَادِ، وَخَالَفَهُ شَيْخُنَا وَاعْتَمَدَ الِاسْتِحْقَاقَ، وَإِنْ عَلِمَ الْفَسَادَ، وَأَنَّهُ لَا أُجْرَةَ لَهُ إنْ لَمْ يَحْصُلْ رِبْحٌ. قَوْلُهُ: (فَلَا شَيْءَ لَهُ فِي الْأَصَحِّ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ عِنْدَ شَيْخِنَا وَإِنْ جَهِلَ الْفَسَادَ وَظَنَّ أَنَّ لَهُ الْأُجْرَةَ خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ فَانْظُرْهُ مَعَ مَا قَبْلَهُ وَقَدْ يُفَرَّقُ.

قَوْلُهُ: (فِي النَّسِيئَةِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ) كَمَا هُوَ صَرِيحُ كَلَامِ الشَّارِحِ نَعَمْ يَحْتَاجُ فِي السَّلَمِ إلَى النَّصِّ عَلَيْهِ بِخُصُوصِهِ وَلَوْ مَنَعَهُ مِنْ الْبَيْعِ حَالًا فَسَدَ الْعَقْدُ. قَوْلُهُ: (وَالْمُرَادُ بِهِ) أَيْ بِالْغَبَنِ بَلْ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ لَا يَجُوزُ الشِّرَاءُ بِثَمَنِ الْمِثْلِ إنْ لَمْ يُرَجَّحْ رِبْحٌ. قَوْلُهُ: (وَيَجِبُ الْإِشْهَادُ) أَيْ عَلَى تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ وَالْإِقْرَارِ بِالْعَقْدِ لَا عَلَى نَفْسِ الْعَقْدِ، وَيَكْفِيه شَاهِدٌ لِيَحْلِفَ مَعَهُ وَلَوْ نَهَاهُ عَنْ الْإِشْهَادِ لَمْ يَمْتَنِعْ وَلَهُ تَرْكُهُ. قَوْلُهُ: (وَلَهُ الْبَيْعُ) وَكَذَا الشِّرَاءُ. قَوْلُهُ: (بِعَرْضٍ) وَبِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ إنْ رَاجَ. قَوْلُهُ: (وَلَهُ الرَّدُّ) بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ.

قَوْلُهُ: (وَجُمْلَةُ إلَخْ) ذَكَرَهُ لِيُوَافِقَ الْجُمْهُورَ مِنْ مَنْعِ مَجِيءِ الْحَالِ مِنْ الْمُبْتَدَأِ، وَصَحَّ كَوْنُهُ صِفَةً مِنْ الْمُعَرَّفِ بِأَلْ الْجِنْسِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى النَّكِرَةِ وَقَدْ أَجَازَ سِيبَوَيْهِ مَجِيءَ الْحَالِ مِنْ الْمُبْتَدَأِ وَصَحَّ كَوْنُهُ صِفَةً مِنْ الْمُعَرَّفِ بِأَلْ الْجِنْسِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى النَّكِرَةِ وَقَدْ أَجَازَ سِيبَوَيْهِ مَجِيءُ الْحَالِ مِنْ الْمُبْتَدَأِ، وَلَيْسَ بِضَعِيفٍ فَيَصِحُّ وُقُوعُهُ هُنَا. قَوْلُهُ: (فَإِنْ اقْتَضَتْ إلَخْ) بَقِيَ مَا لَوْ انْتَفَتْ الْمَصْلَحَةُ فِي الرَّدِّ وَالْإِمْسَاكِ أَوْ اسْتَوَتْ فِيهِمَا وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا جَوَازَ الرَّدِّ فِيهِمَا وَلَا يَجِبُ أَخْذًا بِمَفْهُومِ الْجُمْلَتَيْنِ. قَوْلُهُ: (وَلِلْمَالِكِ الرَّدُّ) أَيْ عَلَى الْبَائِعِ إنْ كَانَ الشِّرَاءُ بِالْغَبَنِ وَإِلَّا فَعَلَى الْعَامِلِ وَلَهُ الرَّدُّ عَلَى الْبَائِعِ إنْ شَاءَ فَعُلِمَ أَنَّهُ يَقَعُ لِلْعَامِلِ بِرَدِّ الْمَالِكِ، وَهَذَا حَيْثُ جَازَ لِلْعَامِلِ شِرَاءُ الْمَعِيبِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِلَّا فَيَقَعُ لِلْعَامِلِ ابْتِدَاءً وَيَأْتِي فِيمَا لَوْ سَمَّاهُ فِي الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ وَصَدَّقَهُ الْبَائِعُ أَوْ كَذَّبَهُ مَا مَرَّ فِي الْوَكِيلِ قَالَهُ الْعَلَّامَةُ الْبُرُلُّسِيُّ. قَوْلُهُ: (حَيْثُ يَجُوزُ لِلْعَامِلِ) وَهُوَ مَا إذَا كَانَتْ الْمَصْلَحَةُ فِي الرَّدِّ وَحْدَهُ كَمَا هُوَ صَرِيحُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ وَلَيْسَ فِي كَلَامِهِمَا مَا لَوْ اسْتَوَى الرَّدُّ وَالْإِمْسَاكُ فِي الْمَصْلَحَةِ أَوْ عَدَمِهَا كَمَا تَقَدَّمَ، وَالْمُعْتَمَدُ فِيهِمَا هُنَا إجَابَةُ الْعَامِلِ. قَوْلُهُ: (فِيهِ) أَيْ فِي الرَّدِّ مِنْ حَيْثُ الْمَصْلَحَةُ بِأَنْ ادَّعَاهَا أَحَدُهُمَا فِيهِ وَنَفَاهَا الْآخَرُ فِيهِ. قَوْلُهُ: (عُمِلَ بِالْمَصْلَحَةِ) أَيْ عَمِلَ الْحَاكِمُ بِمَا رَأَى فِيهِ الْمَصْلَحَةَ، فَإِنْ اسْتَوَتْ عِنْدَهُ فِيهِمَا رَجَعَ الْعَامِلُ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْمَالَ لَهُ) صَرِيحُهُ امْتِنَاعُ مُعَامَلَةِ وَكِيلِهِ فِي مَالِهِ وَمَأْذُونُهُ بِخِلَافِ مُكَاتَبِهِ، وَلَوْ فَاسِدًا وَكَذَا امْتِنَاعُ مُعَامَلَةِ أَحَدِ الْعَامِلَيْنِ لِلْآخَرِ فِي مَالِهِ، وَإِنْ ثَبَتَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا الِاسْتِقْلَالُ، وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا وَصَرَّحَ بِهِ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ فِي شَرْحِهِ وَخَرَجَ بِمَالِ الْمَالِكِ مَالُ غَيْرِهِ، كَأَنْ كَانَ وَكِيلًا عَنْ غَيْرِهِ فَتَجُوزُ مُعَامَلَتُهُ لَهُ فِيهِ. قَوْلُهُ:

(وَلَا يَشْتَرِي لِلْقِرَاضِ بِأَكْثَرَ إلَخْ) أَيْ وَلَا بِغَيْرِ جِنْسِهِ فَلَوْ رَأَى مَا يُبَاعُ بِالدَّرَاهِمِ وَرَأْسُ الْمَالِ دَنَانِيرُ بَاعَهَا بِالدَّرَاهِمِ، وَاشْتَرَى بِهَا وَمَحَلُّ مَنْعِ الشِّرَاءِ بِالْأَكْثَرِ بِغَيْرِ إذْنٍ وَيُمْكِنُ رُجُوعُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي بِغَيْرِ إذْنِهِ إلَى هَذَا قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ هُنَا أَنَّ الشِّرَاءَ بِالْعَيْنِ، وَهُوَ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ لَا يَقَعُ فِيهِ مَا قَابَلَ الزَّائِدَ لِلْقِرَاضِ بَلْ يَبْطُلُ، أَوْ يَقَعُ لِلْعَامِلِ فَإِنْ جُعِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي الشِّرَاءِ

ــ

[حاشية عميرة]

قِرَاضًا قَالَ: لِأَنَّ حَقِيقَةَ الْعَقْدِ لَمْ تُوجَدْ، فَلَا يَصِحُّ التَّصَرُّفُ مُطْلَقًا، وَلَا يَتَضَمَّنُ ذَلِكَ الْإِذْنَ فِي الشِّرَاءِ فِي الذِّمَّةِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ نَمَاءُ مِلْكِهِ) أَيْ وَإِنَّمَا يَسْتَحِقُّ الْعَامِلُ بَعْضَهُ فِي الْعَقْدِ الصَّحِيحِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَعَلَيْهِ لِلْعَامِلِ أُجْرَةٌ مِثْلُ عَمَلِهِ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَالِ رِبْحٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (إلَّا إذَا قَالَ إلَخْ) وَقُلْنَا إنَّهُ قِرَاضٌ فَاسِدٌ، أَمَّا إذَا قُلْنَا: إنَّهُ إبْضَاعٌ فَلَا يَسْتَحِقُّ الْعَامِلُ شَيْئًا جَزْمًا. أَقُولُ: قَضِيَّةُ هَذَا صِحَّةُ الْإِبْضَاعِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ، وَلَك أَنْ تَقُولَ: هُوَ تَوْكِيلٌ فَكَيْفَ يَصِحُّ مَعَ الْعُمُومِ؟ فَإِنْ قُلْنَا الْإِبْضَاعُ عَقْدٌ مُسْتَقِلٌّ يُفِيدُ ذَلِكَ، احْتَاجَ إلَى دَلِيلٍ مِنْ الشَّرْعِ.

قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي لَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ) أَيْ كَمَا أَنَّ الْمَنْكُوحَةَ عَلَى غَيْرِ مَهْرٍ تَسْتَحِقُّ مَهْرَ الْمِثْلِ، أَيْضًا فَلَا يَلْزَمُ مِنْ رِضَاهُ بِعَدَمِ الْمُسَمَّى أَنْ يَكُونَ طَامِعًا فِي أُجْرَةِ الْمِثْلِ.

قَوْلُهُ: (وَيَجِبُ الْإِشْهَادُ إلَخْ) هَلْ يُشْتَرَطُ حُضُورُ الشُّهُودِ الْعَقْدَ، أَمْ يَكْفِي أَنْ لَا يُسَلَّمَ الْمَبِيعُ حَتَّى يَشْهَدَ شَاهِدَيْنِ عَلَى إقْرَارِهِ؟ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ: الْأَشْبَهُ الثَّانِي؛ لِأَنَّ تَكْلِيفَ ذَلِكَ عِنْدَ الْعَقْدِ عُسْرٌ، وَبَحَثَ الْإِسْنَوِيُّ الِاكْتِفَاءَ بِشَاهِدٍ كَمَا فِي الْوَكَالَةِ بِأَدَاءِ الدَّيْنِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَهُ الرَّدُّ بِعَيْبٍ) بَحَثَ الْإِسْنَوِيُّ الْوُجُوبَ. قَوْلُهُ: (حَيْثُ يَجُوزُ لِلْعَامِلِ) بَلْ الْمَالِكُ أَوْلَى. قَوْلُ الْمَتْنِ: (عُمِلَ بِالْمَصْلَحَةِ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: فَلَوْ اسْتَوَى الْحَالُ فِي الرَّدِّ وَالْإِمْسَاكِ، قُدِّمَ الْعَامِلُ إذَا جَوَّزْنَا لَهُ شِرَاءَ الْمَعِيبِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ مُتَمَكِّنًا مِنْ ذَلِكَ التَّصَرُّفِ، رَجَعْنَا إلَى اخْتِيَارِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>