للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَالْأَظْهَرُ أَنَّ الْعَامِلَ يَمْلِكُ حِصَّتَهُ مِنْ الرِّبْحِ بِالْقِسْمَةِ لَا بِالظُّهُورِ) وَالثَّانِي بِالظُّهُورِ لِلرِّبْحِ كَالْمَالِكِ لَكِنَّهُ مِلْكٌ غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ، لَا يَتَسَلَّطُ عَلَى التَّصَرُّفِ فِيهِ لِاحْتِمَالِ الْخُسْرَانِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَعَلَى الْأَوَّلِ لَهُ فِيهِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ حَقٌّ مُؤَكَّدٌ يُورَثُ عَنْهُ، وَيُقَدَّمُ بِهِ عَلَى الْغُرَمَاءِ لِتَعَلُّقِهِ بِالْعَيْنِ.

(وَثِمَارُ الشَّجَرِ وَالنِّتَاجُ وَكَسْبُ الرَّقِيقِ وَالْمَهْرُ الْحَاصِلَةُ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ يَفُوزُ بِهَا الْمَالِكُ) ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ فَوَائِدِ التِّجَارَةِ. (وَقِيلَ) هِيَ (مَالُ الْقِرَاضِ) ؛ لِأَنَّهَا مِنْ فَوَائِدِهِ وَعَلَى هَذَا هِيَ مِنْ الرِّبْحِ وَقِيلَ هِيَ شَائِعَةٌ فِي الرِّبْحِ وَرَأْسُ الْمَالِ، وَالنِّتَاجُ يَشْمَلُ وَلَدَ الْبَهِيمَةِ وَالْجَارِيَةِ وَالْمَهْرِ، بِوَطْئِهَا بِشُبْهَةٍ، وَلَا يَجُوزُ لِلْمَالِكِ وَطْؤُهَا وَلَا تَزْوِيجُهَا.

(وَالنَّقْصُ الْحَاصِلُ بِالرُّخْصِ مَحْسُوبٌ مِنْ الرِّبْحِ مَا أَمْكَنَ وَمَجْبُورٌ بِهِ) لِاقْتِضَاءِ الْعُرْفِ ذَلِكَ وَأُلْحِقَ بِهِ النَّقْصُ، بِالْمَرَضِ وَالتَّعَيُّبِ الْحَادِثَيْنِ. (وَكَذَا لَوْ تَلِفَ بَعْضُهُ) أَيْ مَالُ الْقِرَاضِ (بِآفَةٍ) سَمَاوِيَّةٍ كَحَرِيقٍ. (أَوْ غَصْبٍ أَوْ سَرِقَةٍ) بِأَنْ تَعَذَّرَ أَخْذُهُ أَوْ أَخْذُ بَدَلِهِ (بَعْدَ تَصَرُّفِ الْعَامِلِ) بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ مَحْسُوبٌ مِنْ الرِّبْحِ (فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي لَا يُحْسَبُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَا تَعَلَّقَ لَهُ بِالتِّجَارَةِ بِخِلَافِ الرُّخْصِ، وَلَيْسَ نَاشِئًا مِنْ نَفْسِ الْمَالِ بِخِلَافِ الْمَرَضِ وَالْعَيْبِ. (وَإِنْ تَلِفَ) بِمَا ذُكِرَ. (قَبْلَ تَصَرُّفِهِ) بَيْعًا وَشِرَاءً. (فَمِنْ رَأْسِ الْمَالِ فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَمْ يَتَأَكَّدْ بِالْعَمَلِ، وَالثَّانِي مِنْ الرِّبْحِ؛ لِأَنَّهُ بِقَبْضِهِ صَارَ مَالَ قِرَاضٍ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ تَلِفَ جَمِيعُهُ ارْتَفَعَ الْقِرَاضُ.

ــ

[حاشية قليوبي]

قَوْلُهُ: (فَالْأُجْرَةُ مِنْ مَالِهِ) أَيْ الْعَامِلِ، فَلَوْ دَفَعَهَا مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ ضَمِنَهَا. قَوْلُهُ: (بِالْقِسْمَةِ) وَمَعَ الْمِلْكِ بِهَا، لَوْ حَصَلَ بَعْدَهَا فِي الْمَالِ خُسْرَانٌ جُبِرَ بِالرِّبْحِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَقِرُّ مِلْكُهُ إلَّا إنْ نَصَّ رَأْسَ الْمَالِ أَوْ فَسَخَ الْعَقْدَ. قَوْلُهُ:

(وَالنِّتَاجُ) الْحَاصِلُ بَعْدَ الشِّرَاءِ فِي مُدَّةِ التَّرَابُصِ لِلْمَالِكِ دَخَلَ فِيهِ الْحَمْلُ، فَهُوَ لِلْمَالِكِ، وَهَلْ يَمْتَنِعُ بَيْعُهَا حَامِلًا رَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَالْمَهْرُ إلَخْ) نَعَمْ الْمَهْرُ الْحَاصِلُ بِوَطْءِ الْعَامِلِ مَالُ قِرَاضٍ رِبْحًا وَرَأْسَ مَالٍ؛ لِأَنَّهُ حَصَلَ بِفِعْلِهِ وَعَلَيْهِ الْحَدُّ إنْ عَلِمَ وَالْوَلَدُ رَقِيقٌ، وَهُوَ مَالُ قِرَاضٍ أَيْضًا، وَإِلَّا فَلَا حَدَّ وَالْوَلَدُ حُرٌّ نَسِيبٌ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ قَالَ: وَالِدُ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ يَكُونُ مَالَ قِرَاضٍ أَيْضًا وَخَالَفَهُ وَلَدُهُ فِيهَا وَمَالَ شَيْخُنَا لِلْأَوَّلِ: وَهُوَ ظَاهِرٌ. قَوْلُهُ: (وَالْمَهْرُ بِوَطْئِهَا بِشُبْهَةٍ) مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ فَإِنْ أُرِيدَ مِنْهَا فَوَاضِحٌ وَإِلَّا فَلَيْسَتْ الشُّبْهَةُ قَيْدًا كَمَا ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَالصُّوفُ وَالشَّعْرُ وَنَحْوُهُ كَالثَّمَرَةِ يَفُوزُ بِهَا الْمَالِكُ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَجُوزُ لِلْمَالِكِ وَطْؤُهَا) وَيَنْفُذُ اسْتِيلَادُهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ بِالْوَطْءِ إلَّا حِصَّةُ الْعَامِلِ مِنْ الرِّبْحِ مِنْ قِيمَةِ الْوَلَدِ إنْ حَصَلَ اسْتِيلَادٌ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ مِنْهُ حُرٌّ نَسِيبٌ، وَظَاهِرُ مَا ذُكِرَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْمَالِكُ بِوَطْئِهِ مَهْرٌ، وَلَا حِصَّةُ الْعَامِلِ مِنْهُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ مَعْلُومٌ مِمَّا مَرَّ، وَمِنْ الزَّوَائِدِ أَيْضًا أُجْرَةُ الْأَرَاضِي وَالدَّوَابِّ وَنَحْوِهَا، فَهِيَ لِلْمَالِكِ وَإِنْ كَانَ الْمُسْتَعْمِلُ لَهَا هُوَ الْعَامِلُ، وَلَا يَجُوزُ لِلْمَالِكِ اسْتِعْمَالُ نَحْوِ دَوَابِّ الْقِرَاضِ فَإِنْ خَالَفَ فَلَيْسَ عَلَيْهِ سِوَى الْإِثْمِ، وَالْمُرَادُ بِالْحَاصِلَةِ الْحَادِثَةُ بَعْدَ التَّصَرُّفِ، فَلَوْ اشْتَرَى حَامِلًا. فَالْحَمْلُ مَالُ قِرَاضٍ وَنَحْوُ ذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (وَلَا تَزْوِيجُهَا) وَكَذَا لَيْسَ لِلْعَامِلِ أَيْضًا. قَوْلُهُ:

(بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ) خَرَجَ غَيْرُهَا وَسَيَأْتِي فِي إتْلَافِ جَمِيعِهِ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ تَعَذَّرَ إلَخْ) فَإِنْ لَمْ يَتَعَذَّرْ مَا ذَكَرَ، فَالْقِرَاضُ مُسْتَمِرٌّ فِيهِ أَوْ فِي بَدَلِهِ وَالْخَصْمُ فِيهِ الْمَالِكُ إنْ لَمْ يَكُنْ رِبْحٌ وَإِلَّا فَالْعَامِلُ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (بَعْدَ تَصَرُّفِ الْعَامِلِ) شَامِلٌ لِمَا بِالْعَيْنِ فِي الذِّمَّةِ، وَبِالْجَمِيعِ أَوْ الْبَعْضِ وَهُوَ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (بِمَا ذُكِرَ) أَيْ بِالْآفَةِ السَّمَاوِيَّةِ فَإِنْ تَلِفَ بِغَيْرِهَا فَفِيهِ مَا مَرَّ فِي نَحْوِ الْغَصْبِ وَالسَّرِقَةِ. قَوْلُهُ: (وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ تَلِفَ جَمِيعُهُ) أَيْ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ فَإِنْ أَتْلَفَهُ الْمَالِكُ فَكَذَلِكَ أَوْ بِأَجْنَبِيٍّ وَلَمْ يَتَعَذَّرْ بَدَلُهُ بَقِيَ فِيهِ الْقِرَاضُ وَكَذَا إتْلَافُ الْعَامِلِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَإِتْلَافُ بَعْضِهِ كَإِتْلَافِ جَمِيعِهِ. فِيمَا ذُكِرَ وَالْمُرَادُ بِإِتْلَافِ الْعَامِلِ مَا يَشْمَلُ إتْلَافَهُ بِتَفْرِيطِهِ، وَلَوْ ادَّعَى الْمَالِكُ عَلَى وَرَثَةِ الْعَامِلِ بَعْدَ مَوْتِهِ تَفْرِيطَ مُوَرِّثِهِمْ حَلَفُوا عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ أَوْ أَنَّهُمْ فَرَّطُوا حَلَفُوا عَلَى عَدَمِهِ وَلَوْ لَمْ يُوجَدْ فِي تَرِكَتِهِ مَالُ الْقِرَاضِ، وَلَا مَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ بَدَلَهُ، فَلَا ضَمَانَ.

فَرْعٌ: لَوْ جُنِيَ عَلَى عَبْدِ الْقِرَاضِ قَبْلَ ظُهُورِ رِبْحٍ، فَلِلْمَالِكِ أَنْ يَقْتَصَّ وَأَنْ يَعْفُوَ وَلَوْ مَجَّانًا أَوْ بَعْدَ ظُهُورِهِ فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا الْقِصَاصُ وَالْعَفْوُ، وَيَسْقُطُ بِعَفْوِ أَحَدِهِمَا وَلَوْ مَجَّانًا، وَمَنْ عَفَا مِنْهُمَا بِبَدَلٍ فَهُوَ مَا يَسْتَحِقُّهُ.

ــ

[حاشية عميرة]

قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِالْقِسْمَةِ) اعْلَمْ أَنَّهُ قَبْلَ فَسْخِ الْعَقْدِ لَا يُجْبَرُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا عَلَيْهَا.

قَوْلُهُ: (كَالْمَالِكِ) أَيْ وَقِيَاسًا عَلَى الْمُسَاقَاةِ أَيْضًا.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (يَفُوزُ بِهَا) كَذَلِكَ الدَّوَابُّ وَالْأَرَاضِي. قَالَ السُّبْكِيُّ: وَحِينَئِذٍ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ لِلْعَامِلِ وِلَايَةٌ عَلَى ذَلِكَ فَلَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ.

فَرْعٌ: لَوْ اسْتَعْمَلَ الْعَامِلُ دَوَابَّ الْقِرَاضِ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْأُجْرَةُ لِلْمَالِكِ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ اسْتِعْمَالُهَا إلَّا لِغَرَضِ الْقِرَاضِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَقِيلَ مَالُ قِرَاضٍ) هَذَا يُؤَيِّدُ قَوْلَهُمْ فِي زَكَاةِ التِّجَارَةِ إنَّهَا مَالُ تِجَارَةٍ. قَالَ السُّبْكِيُّ: وَيَحْتَاجُ الرَّافِعِيُّ إلَى الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا، قَالَ: وَكَأَنَّهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ النَّظَرَ فِي الزَّكَاةِ إلَى عَيْنِ النِّصَابِ وَقَدْ تَوَلَّدَ مِنْهُ. قَوْلُهُ: (وَعَلَى هَذَا هِيَ مِنْ الرِّبْحِ) هُوَ مُرَجَّحُ الْغَزَالِيِّ، قَالَ السُّبْكِيُّ. وَكَلَامُ التَّهْذِيبِ يُوَافِقُهُ. قَوْلُهُ: (وَالنِّتَاجُ) يَشْمَلُ وَلَدَ الْبَهِيمَةِ، لَكِنْ لَوْ اشْتَرَاهَا حَامِلًا فَيَظْهَرُ تَخْرِيجُهُ عَلَى نَظِيرِهِ مِنْ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَالْفَلَسِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَجُوزُ لِلْمَالِكِ وَطْؤُهَا إلَخْ) فَلَوْ وَطِئَهَا فَلَا شَيْءَ لِلْعَامِلِ بِسَبَبِ ذَلِكَ.

فَرْعٌ: لَا يَجُوزُ لِلْمَالِكِ اسْتِعْمَالُ دَوَابِّ الْقِرَاضِ إلَّا بِإِذْنِ الْعَامِلِ، فَإِنْ خَالَفَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ سِوَى الْإِثْمِ.

قَوْلُهُ: (أَوْ أَخَذَ بَدَلَهُ) أَيْ وَإِلَّا فَيُؤْخَذُ وَالْقِرَاضُ مُسْتَمِرٌّ كَمَا كَانَ، ثُمَّ إنْ كَانَ فِي الْمَالِ رِبْحٌ كَانَتْ الْمُخَاصَمَةُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا، وَإِلَّا فَلِلْمَالِكِ فَقَطْ. قَوْلُهُ: (وَالشِّرَاءُ) هِيَ بِمَعْنَى أَوْ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي الْأَصَحِّ) الرَّاجِحُ فِي التَّلَفِ بِآفَةٍ طَرِيقَةُ الْقَطْعِ وَكَذَا لَوْ كَانَ الْغَاصِبُ وَالسَّارِقُ مِمَّا لَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ كَالْحَرْبِيِّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>