للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(قِسْمَانِ وَارِدَةٌ عَلَى عَيْنٍ كَإِجَارَةِ الْعَقَارِ وَدَابَّةٍ أَوْ شَخْصٍ مُعَيَّنَيْنِ) وَالتَّثْنِيَةُ بَعْدَ الْعَطْفِ أَوْ، كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا} [النساء: ١٣٥] (وَ) وَارِدَةٌ (عَلَى الذِّمَّةِ كَاسْتِئْجَارِ دَابَّةٍ مَوْصُوفَةٍ، وَبِأَنْ يُلْزِمَ ذِمَّتَهُ خِيَاطَةً أَوْ بِنَاءً) وَاقْتُصِرَ فِي الْعَقَارِ عَلَى إجَارَةِ الْعَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ. (وَلَوْ قَالَ اسْتَأْجَرْتُك لِتَعْمَلَ كَذَا فَإِجَارَةُ عَيْنٍ) لِلْإِضَافَةِ إلَى الْمُخَاطَبِ. (وَقِيلَ) إجَارَةُ (ذِمَّةٍ) ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ حُصُولُ الْعَمَلِ مِنْ جِهَةِ، الْمُخَاطَبِ فَلَهُ تَحْصِيلُهُ بِغَيْرِهِ. (وَيُشْتَرَطُ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ تَسْلِيمُ الْأُجْرَةِ فِي الْمَجْلِسِ) كَرَأْسِ مَالِ السَّلَمِ؛ لِأَنَّهَا سَلَمٌ فِي الْمَنَافِعِ، وَلَا يَجُوزُ فِيهَا تَأْجِيلُ الْأُجْرَةِ. (وَإِجَارَةُ الْعَيْنِ لَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ فِيهَا) كَالثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ (وَيَجُوزُ) فِي الْأُجْرَةِ. (فِيهَا التَّعْجِيلُ وَالتَّأْجِيلُ إنْ كَانَتْ فِي الذِّمَّةِ) بِخِلَافِ الْمُعَيَّنَةِ فَإِنَّهَا مَا تُؤَجَّلُ (وَإِذَا أُطْلِقَتْ تَعَجَّلَتْ وَإِنْ كَانَتْ مُعَيَّنَةً مُلِكَتْ فِي الْحَالِ) أَيْ بِنَفْسِ الْعَقْدِ وَفِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا أَنَّ الْمُطْلَقَةَ تُمْلَكُ بِنَفْسِ الْعَقْدِ أَيْضًا، وَفِي التَّتِمَّةِ تُمْلَكُ الْأُجْرَةُ بِنَفْسِ الْعَقْدِ، سَوَاءٌ كَانَتْ فِي الذِّمَّةِ أَوْ عَيْنَ مَالٍ، وَهُوَ أَعَمُّ مِمَّا قَبْلَهُ

(وَيُشْتَرَطُ كَوْنُ الْأُجْرَةِ مَعْلُومَةً) كَالثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ (فَلَا تَصِحُّ) إجَارَةُ الدَّارِ وَالدَّابَّةِ (بِالْعِمَارَةِ وَالْعَلْفِ)

ــ

[حاشية قليوبي]

لِمُنَافَاةِ وُجُوبِ ذِكْرِ التَّوْقِيتِ لِوُجُوبِ عَدَمِ ذِكْرِهِ وَقَالَ السُّبْكِيُّ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ لِلْمَنْفَعَةِ مَنْفَعَةٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ وَلِأَنَّ ذِكْرَ الْوَقْتِ لِلْإِعْلَامِ بِقَدْرِ الْمَنْفَعَةِ فَهِيَ كَالْكَيْلِ فِي الْمَكِيلِ، وَلَيْسَ تَوْقِيتًا لِلْعَقْدِ بِدَلِيلِ صِحَّةِ التَّحَالُفِ بَعْدَ فَرَاغِ الْوَقْتِ اهـ.

قَوْلُهُ: (عَلَى عَيْنٍ) أَيْ عَلَى مَنْفَعَةٍ مُتَعَلِّقَةٍ بِعَيْنٍ كَمَا ذَكَرَهُ بَعْدَهُ فَمَوْرِدُ الْإِجَارَةِ الْمَنْفَعَةُ مُطْلَقًا وَقِيلَ مَوْرِدُهَا فِي الْمُعَيَّنِ الْعَيْنُ قَالَ الشَّيْخَانِ وَالْخِلَافُ لَفْظِيٌّ؛ لِأَنَّ مَنْ قَالَ بِالْأَوَّلِ لَا يَقْطَعُ النَّظَرَ عَنْ الْعَيْنِ، وَمَنْ قَالَ بِالثَّانِي لَا يَعْنِي بِهِ أَنَّ الْعَيْنَ تُمَلَّكُ وَأَوْرَدَ بَعْضُهُمْ لِذَلِكَ الْخِلَافِ فَوَائِدَ مِنْهَا أَنَّ اسْتِئْجَارَ حُلِيِّ الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ أَوْ الْفِضَّةِ بِالْفِضَّةِ أَوْ الْكَلْبِ لِلصَّيْدِ أَوْ بَيْعَ الدَّارِ الْمُسْتَأْجَرَةِ صَحِيحٌ إنْ قُلْنَا مَوْرِدُهَا الْمَنْفَعَةُ وَلَا يَصِحُّ إنْ قُلْنَا مَوْرِدُهَا الْعَيْنُ وَرَدَّ ذَلِكَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ شُهْبَةَ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَوَارِدَةٌ عَلَى الذِّمَّةِ) أَيْ عَلَى مَنْفَعَةٍ مُتَعَلِّقَةٍ بِالذِّمَّةِ.

قَوْلُهُ: (فِي الْعَقَارِ) أَيْ الْكَامِلِ أَمَّا نِصْفُهُ فَأَقَلُّ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي الذِّمَّةِ لِثُبُوتِهِ فِيهَا سِلْمًا وَقَرْضًا وَالسَّفِينَةُ كَالْعَقَارِ وَقَالَ الْخَطِيبُ إنَّهَا كَالدَّوَابِّ كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَلَوْ أَذِنَ الْأَجِيرُ الْمُعَيَّنُ لِغَيْرِهِ فِي الْعَمَلِ وَعَمِلَ فَلَا أُجْرَةَ لِلْأَوَّلِ مُطْلَقًا، وَعَلَيْهِ لِلثَّانِي أُجْرَةُ مِثْلِ عَمَلِهِ إنْ جَهِلَ الْفَسَادَ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ أَيْضًا، وَفَارَقَ الْقِرَاضَ وَالْمُسَاقَاةَ. بِأَنَّ الْعَامِلَ فِيهِمَا وُقِّعَ مَعَهُ عَقْدٌ وَبِأَنَّ الْعَقْدَ لِلِاسْتِحْقَاقِ. قَوْلُهُ: (اسْتَأْجَرْتُك) وَمِنْهُ أَلْزَمْتُك عَمَلَ كَذَا عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ وَجْهَيْنِ. قَوْلُهُ: (وَيُشْتَرَطُ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ) وَإِنْ عُقِدَتْ بِغَيْرِ لَفْظِ السَّلَمِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَجُوزُ فِيهَا تَأْجِيلُ الْأُجْرَةِ) وَلَا الِاسْتِبْدَالُ عَنْهَا وَلَا الْحَوَالَةُ بِهَا وَلَا عَلَيْهَا وَلَا الْبَرَاءَةُ مِنْهَا وَإِذَا وَقَعَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ بَطَلَ الْعَقْدُ فِي الْأَوَّلِ وَكَذَا فِيمَا بَعْدَهُ إنْ تَفَرَّقَا قَبْلَ الْقَبْضِ، وَقِيلَ يَبْطُلُ وَإِنْ لَمْ يَتَفَرَّقَا كَمَا فِي عَقْدِ السَّلَمِ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ فِي عَقْدِهِ خِيَارًا وَمَا ذُكِرَ إجَارَةٌ فَهِيَ كَالتَّفَرُّقِ وَلَا كَذَلِكَ هُنَا وَقِيَاسُ عَقْدِ السَّلَمِ أَنَّهُ لَوْ قَبَضَ بَعْضَ الْأُجْرَةِ صَحَّ فِيمَا يُقَابِلُهُ، وَهُوَ مُحْتَمِلٌ فَتَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: (ذَلِكَ) أَيْ التَّسْلِيمُ وَتَجُوزُ الْحَوَالَةُ بِهَا وَعَلَيْهَا وَالْإِبْرَاءُ مِنْهَا إنْ كَانَتْ فِي الذِّمَّةِ، وَلَوْ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ وَلَا يَتَعَيَّنُ مَجْلِسُ الْعَقْدِ لِتَسْلِيمِهَا. قَوْلُهُ: (وَهُوَ أَعَمُّ مِمَّا قَبْلَهُ) أَيْ مِنْ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ وَالرَّوْضَةِ لِشُمُولِهِ مَا فِي الذِّمَّةِ مُطْلَقَةً كَانَتْ أَوْ مُؤَجَّلَةً نَعَمْ لَا تَسْتَحِقُّ إلَّا بِتَسْلِيمِ الْعَيْنِ فَإِنْ تَنَازَعَا فَكَمَا فِي الْمَبِيعِ.

تَنْبِيهٌ: لَوْ آجَرَ النَّاظِرُ فِي وَقْفِ التَّرْتِيبِ الْعَيْنَ الْمَوْقُوفَةَ مُدَّةً طَوِيلَةً، وَقَبَضَ أُجْرَتَهَا فَلَهُ تَسْلِيمُ جَمِيعِهَا لِلْبَطْنِ الْأَوَّلِ وَإِنْ عَلِمَ مَوْتَهُمْ قَبْلَ مُضِيِّهَا وَإِذَا مَاتُوا لَمْ تَنْفَسِخْ الْإِجَارَةُ وَيَرْجِعُ مَنْ بَعْدَهُمْ عَلَى تَرِكَتِهِمْ وَلَا ضَمَانَ عَلَى النَّاظِرِ وَلَا عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ كَمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ وَالرَّمْلِيُّ كَوَالِدِهِ، خَالَفَهُمْ الْخَطِيبُ فِي الْمُدَّةِ الطَّوِيلَةِ وَهَلْ لِمَنْ انْتَقَلَ إلَيْهِمْ الِاسْتِحْقَاقُ فَسْخُ الْإِجَارَةِ فَرَاجِعْهُ.

تَنْبِيهٌ آخَرُ: سَيَأْتِي أَنَّ مِلْكَ الْأُجْرَةِ بِالْعَقْدِ مِلْكٌ مُرَاعًى بِمَعْنَى أَنَّهُ كُلَّمَا مَضَى زَمَنٌ عَلَى السَّلَامَةِ تَبَيَّنَ أَنَّ الْمُؤَجَّرَ اسْتَقَرَّ مِلْكُهُ عَلَى مَا يُقَابِلُهُ إنْ قَبَضَ الْمُسْتَأْجِرُ الْعَيْنَ أَوْ عُرِضَتْ عَلَيْهِ وَامْتَنَعَ.

قَوْلُهُ: (وَيُشْتَرَطُ كَوْنُ الْأُجْرَةِ مَعْلُومَةً) جِنْسًا وَقَدْرًا وَصِفَةً وَيَكْفِي رُؤْيَتُهَا فِي الْمُعَيَّنَةِ وَالْعِبْرَةُ فِيهَا بِنَقْدِ الْبَلَدِ وَقْتَ الْعَقْدِ وَفِي أُجْرَةِ الْمِثْلِ بِوَقْتِ تَلَفِ الْمَنْفَعَةِ، نَعَمْ يَصِحُّ الِاسْتِئْجَارُ لِلْحَجِّ بِالرِّزْقِ تَوْسِعَةً فِيهِ وَفِي الرَّوْضِ أَنَّهُ لَيْسَ إجَارَةً، وَإِنَّمَا هُوَ نَوْعٌ مِنْ التَّرَاضِي وَجَوَّزَ

ــ

[حاشية عميرة]

أَنْ مَوْرِدَهَا الْمَنْفَعَةُ، بِدَلِيلِ صِحَّةِ إجَارَةِ حُلِيِّ الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (كَإِجَارَةِ الْعَقَارِ) كَمَا أَنَّ الْعَقَارَ لَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ، لَا يَجُوزُ إجَارَتُهُ فِي الذِّمَّةِ. قَوْلُهُ: {إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا} [النساء: ١٣٥] إلَى آخَرِ الْآيَةِ يَعْنِي يَجُوزُ عَوْدُ الضَّمِيرِ مَثْنًى عِنْدَ إرَادَةِ التَّنْوِيعِ، فَلَا يُنَافِي قَوْلَهُمْ عَوْدُ الضَّمِيرِ، وَالْوَصْفُ وَالْإِخْبَارُ عَنْ أَحَدِ الشَّيْئَيْنِ يَكُونُ مُفْرَدًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَجُوزُ فِيهَا) الضَّمِيرُ فِيهِ يَرْجِعُ لِلْإِجَارَةِ مِنْ قَوْلِهِ وَإِجَارَةُ الْعَيْنِ. قَوْلُهُ: (أَيْ بِنَفْسِ الْعَقْدِ) كَمَا لَا يَمْلِكُ الْمُسْتَأْجِرُ الْمَنْفَعَةَ بِنَفْسِ الْعَقْدِ، ثُمَّ مِلْكُهُ الْأُجْرَةَ مِلْكًا مُرَاعًى بِمَعْنَى كُلَّمَا مَضَى جُزْءٌ مِنْ الزَّمَانِ اسْتَقَرَّ مِلْكُهُ عَلَى مَا يُقَابِلُهُ.

فَرْعٌ: وَلَوْ آجَرَ النَّاظِرُ الْوَقْفَ سَنَتَيْنِ مَثَلًا وَتَعَجَّلَ الْأُجْرَةَ. فَلَا يَدْفَعُ لِلْبَطْنِ الْأَوَّلِ إلَّا بِقَدْرِ مَا مَضَى مِنْ الزَّمَانِ، فَإِنْ زَادَ عَلَى ذَلِكَ ضَمِنَ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيُشْتَرَطُ كَوْنُ الْأُجْرَةِ مَعْلُومَةً) وَسَوَادُ الْعِرَاقِ كَانَ ضَرُورَةً. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِالْعِمَارَةِ وَالْعَلَفِ) هُمَا مِثَالَا الذِّمَّةِ، وَالِاثْنَانِ بَعْدَهُمَا مِثَالَا الْعَيْنِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>