وَهُوَ عِبَادَةٌ لَا تَجِبُ لَهَا نِيَّةٌ وَذَكَرَ التَّعْلِيمَ، مِنْ حَيْثُ إنَّهُ عِبَادَةٌ مَعَ ذِكْرِهِ السَّابِقِ مِنْ حَيْثُ التَّقْدِيرِ لَا تَكْرَارَ فِيهِ، وَإِنْ اسْتَلْزَمَ ذِكْرُهُ السَّابِقُ صِحَّةَ الِاسْتِئْجَارِ لَهُ
(وَ) تَصِحُّ (لِحَضَانَةٍ وَإِرْضَاعٍ مَعًا وَلِأَحَدِهِمَا فَقَطْ) وَتُقَدَّرُ بِالْمُدَّةِ وَيَجِبُ تَعْيِينُ الرَّضِيعِ لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ بِاخْتِلَافِ حَالِهِ، وَتَعْيِينُ مَوْضِعِ الْإِرْضَاعِ مِنْ بَيْتِ الْمُسْتَأْجِرِ، أَوْ بَيْتِ الْمُرْضِعَةِ لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ فِي ذَلِكَ، فَهُوَ فِي بَيْتِهَا أَسْهَلُ عَلَيْهَا، وَبِبَيْتِهِ أَشَدُّ وُثُوقًا بِهِ. (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَسْتَتْبِعُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ) فِي الْإِجَارَةِ لِإِفْرَادِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِالْعَقْدِ وَالثَّانِي يَسْتَتْبِعُ لِتَلَازُمِهِمَا عَادَةً، وَالثَّالِثُ يَسْتَتْبِعُ الْإِرْضَاعُ الْحَضَانَةَ دُونَ عَكْسِهِ، وَفِي الْمَطْلَبِ حِكَايَةُ عَكْسِهِ. (وَالْحَضَانَةُ حِفْظُ صَبِيٍّ) أَيْ جِنْسِهِ الصَّادِقِ بِالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى. (وَتَعَهُّدُهُ بِغَسْلِ رَأْسِهِ وَبَدَنِهِ وَثِيَابِهِ وَدَهْنِهِ، وَكَحْلِهِ وَرَبْطِهِ فِي الْمَهْدِ، وَتَحْرِيكِهِ لِيَنَامَ وَنَحْوِهَا) مِمَّا يُحْتَاجُ إلَيْهِ، وَالْإِرْضَاعُ أَنْ تُلْقِمَهُ بَعْدَ وَضْعِهِ فِي حِجْرِهَا مَثَلًا الثَّدْيَ وَتَعْصِرَهُ عِنْدَ الْحَاجَةِ، وَيَتْبَعُ هَذِهِ الْمَنْفَعَةَ فِي الِاسْتِحْقَاقِ، بِالْإِجَارَةِ اللَّبَنُ الْمُرْضَعُ بِهِ، وَقِيلَ الْأَصْلُ اللَّبَنُ، وَفِعْلُ الْمُرْضِعَةِ تَابِعٌ. (وَلَوْ اسْتَأْجَرَ لَهُمَا) أَيْ لِلْحَضَانَةِ وَالْإِرْضَاعِ (فَانْقَطَعَ اللَّبَنُ فَالْمَذْهَبُ انْفِسَاخُ الْعَقْدِ فِي الْإِرْضَاعِ دُونَ الْحَضَانَةِ) ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مَقْصُودٌ، وَقِيلَ يَنْفَسِخُ فِيهِمَا؛ لِأَنَّ الْحَضَانَةَ تَابِعَةٌ وَقِيلَ لَا يَنْفَسِخُ فِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلِلْمُسْتَأْجِرِ الْخِيَارُ؛ لِأَنَّ انْقِطَاعَ اللَّبَنِ عَيْبٌ، وَعَلَى الْأَوَّلِ يَسْقُطُ قِسْطُ الْإِرْضَاعِ مِنْ الْأُجْرَةِ، وَبَقَاءُ الْحَضَانَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى الرَّاجِحِ مِنْ خِلَافِ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ، وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا حِكَايَةُ الْخِلَافِ أَوْجُهًا.
(وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَجِبُ حِبْرٌ وَخَيْطٌ وَكُحْلٌ عَلَى وَرَّاقٍ) أَيْ نَاسِخٍ (وَخَيَّاطٍ وَكَحَّالٍ) فِي اسْتِئْجَارِهِمْ لِلنَّسْخِ وَالْخِيَاطَةِ وَالْكَحْلِ، وَالثَّانِي يَجِبُ مَا ذُكِرَ لِحَاجَةِ الْفِعْلِ إلَيْهِ كَاللَّبَنِ
ــ
[حاشية قليوبي]
عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا مَقْصُودَةٌ وَتَصِحُّ فِي الصَّوْمِ عَنْهُ مِنْ قَرِيبِهِ. قَوْلُهُ: (وَدَفْنِهِ) عَطْفٌ خَاصٌّ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَجِبُ وَحْدَهُ كَمَا فِي حَرْبِيٍّ يُؤْذِي رِيحُهُ. قَوْلُهُ: (وَتَعْلِيمِ الْقُرْآنِ) وَإِنْ تَعَيَّنَ عَلَى الْمُعَلِّمِ فَقَوْلُهُ لَمْ يَتَعَيَّنْ أَيْ أَصَالَةً، وَفِي الشَّرْحِ الْجَوَابُ عَنْ تَكْرَارِ تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ هُنَا مَعَ مَا سَبَقَ وَإِذَا عَلَّمَ وَلَوْ جُنُبًا اسْتَحَقَّ الْأُجْرَةَ بِخِلَافِ قِرَاءَةِ الْأَجِيرِ، كَمَا مَرَّ وَلَوْ تَرَكَ الْأَجِيرُ بَعْضَ آيَاتٍ مِمَّا اُسْتُؤْجِرَ لَهُ لَزِمَهُ إعَادَتُهَا لَا الِاسْتِئْنَافُ، وَدَخَلَ فِي الْقُرْآنِ مَنْسُوخُ الْحُكْمِ. قَالَ شَيْخُنَا م ر وَكَذَا مَنْسُوخُ التِّلَاوَةِ أَوْ هُمَا مَعًا وَفِيهِ نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ.
قَوْلُهُ: (وَنُقَدَّرُ بِالْمُدَّةِ) لَا بِالْمَحَلِّ كَمَا مَرَّ قَوْلُهُ: (تَعْيِينُ الرَّضِيعِ) بِالرُّؤْيَةِ وَكَذَا بِالْوَصْفِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَسَوَاءٌ كَانَ آدَمِيًّا أَوْ غَيْرَهُ وَلَوْ كَلْبًا مُحْتَرَمًا وَسَوَاءٌ فِي الْإِرْضَاعِ اللِّبَأُ وَغَيْرُهُ وَسَوَاءٌ فِي الْمُرْضِعَةِ الصَّغِيرَةِ، وَلَوْ دُونَ تِسْعٍ أَوْ الْكَبِيرَةُ وَالْأُنْثَى وَالْخُنْثَى وَالذَّكَرُ كَمَا مَرَّ، وَالْمُسْلِمَةُ وَالْكَافِرَةُ وَالْحُرَّةُ وَالْأَمَةُ وَسَوَاءٌ وَقَعَ الِاسْتِئْجَارُ مِنْهَا أَوْ مِنْ زَوْجِهَا أَوْ سَيِّدِهَا وَلَوْ أَرْضَعَتْهُ لَبَنَ غَيْرِهَا، كَجَارَتِهَا أَوْ أَجْنَبِيَّةٍ فَإِنْ كَانَ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ اسْتَحَقَّتْ الْأُجْرَةَ أَوْ الْعَيْنَ فَلَا وَتُكَلَّفُ تَنَاوَلَ مَا يُزِيدُ اللَّبَنَ أَوْ يُصْلِحُهُ وَتَرْكَ مَا يَضُرُّ، وَلَوْ وَطْىَ حَلِيلِهَا وَإِذَا امْتَنَعَتْ أَوْ تَغَيَّرَ لَبَنُهَا أَوْ نَقَصَ ثَبَتَ الْخِيَارُ لِلْمُسْتَأْجِرِ. قَوْلُهُ: (وَالْحَضَانَةُ) مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْحِضْنِ بِكَسْرِ الْحَاءِ لِضَمِّ الْحَاضِنَةِ الطِّفْلَ إلَيْهِ وَهُوَ مَا بَيْنَ الْإِبِطِ وَالْكَشْحِ. قَوْلُهُ: (حِفْظُ إلَخْ) عَبَّرَ فِيهِ بِالْمَصَادِرِ لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ الْأَفْعَالُ، وَأَمَّا الْأَعْيَانُ كَالدُّهْنِ وَالْكُحْلِ بِضَمِّ أَوَّلِهِ فِيهِمَا فَعَلَى الْوَلِيِّ وَإِنْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِخِلَافِهِ، وَقَالَ الْخَطِيبُ تُعْتَبَرُ الْعَادَةُ كَمَا فِي حِبْرِ النَّاسِخِ الْآتِي. قَوْلُهُ: (وَدَهْنِهِ وَكَحْلِهِ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِمَا كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَالْإِرْضَاعُ) وَيُسَمَّى الْحَضَانَةَ الصُّغْرَى. قَوْلُهُ: (وَيَتْبَعُ) فَلَوْ نُفِيَ فِي الْعَقْدِ لَمْ يَصِحَّ.
قَوْلُهُ: (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا م ر وَهَذَا كُلُّهُ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ وَلَا يَجِبُ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ إلَّا تَسْلِيمُ نَفْسِهِ أَوْ الدَّابَّةِ عَارِيَّةً فَقَطْ إلَّا فِي السَّرْجِ فَيَجِبُ مُطْلَقًا كَالْبَرْذعَةِ. قَوْلُهُ: (حِبْرٌ) هُوَ إمَّا مِنْ الْحُبَارِ بِالضَّمِّ، وَهُوَ التَّأْثِيرُ لِتَأْثِيرِهِ فِي الْوَرَقِ أَوْ مِنْ التَّحْبِيرِ، وَهُوَ التَّحْسِينُ؛ لِأَنَّهُ يُحَسَّنُ بِهِ الْكُتُبُ وَالْقَلَمُ وَلِدَوَاةٍ كَالْحِبْرِ وَتَقَدَّمَ مَا يَجِبُ ذِكْرُهُ لِصِحَّةِ الْإِجَارَةِ وَمَا يَلْزَمُهُ إذَا غَلِطَ مَثَلًا. قَوْلُهُ: (وَخَيْطٌ وَكُحْلٌ) ، وَكَذَا صِبْغُ الصَّبَّاغِ وَطَلْعُ الْمُلَقِّحِ وَإِبْرَةُ الْخَيَّاطِ وَمَرْدُودُ الْكَحَّالِ وَذَرُورُهُ، وَمَرْهَمُ الْجَرَائِحِيِّ وَصَابُونُ الْغَسَّالِ.
ــ
[حاشية عميرة]
تَدْرِيسُ الْعِلْمِ، فَإِنْ كَانَ عَامًّا امْتَنَعَ، أَوْ مَسَائِلَ مَخْصُوصَةً لِأَشْخَاصٍ مُعَيَّنِينَ جَازَ لِانْضِبَاطِهِ.
فَرْعٌ: قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: يَجِبُ عَلَى السُّلْطَانِ إخْرَاجُ أَهْلِ الْمَنْطِقِ مِنْ الْمَدَارِسِ.
فَرْعٌ: يَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَى الِاصْطِيَادِ وَنَحْوِهِ مِنْ الْمُبَاحَاتِ، وَأَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ بِصِحَّةِ اسْتِئْجَارِ رَجُلٍ يُحْبَسُ مَكَانَهُ فِي الْحَبْسِ، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ عُقُوبَةٌ.
قَوْلُهُ: (وَيَجِبُ تَعْيِينُ الرَّضِيعِ) أَيْ فَلَا يَكْفِي فِيهِ الْوَصْفُ. قَوْلُهُ: (دُونَ عَكْسِهِ) أَيْ لِئَلَّا تَصِيرَ الْعَيْنُ مَقْصُودَةً بِالْإِجَارَةِ قَالَ الْمُتَوَلِّي: وَالْخِلَافُ فِي الْحَضَانَةِ الْكُبْرَى، وَأَمَّا الصُّغْرَى فَتَدْخُلُ فِي الرَّضَاعِ قَطْعًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْحَضَانَةُ) أَيْ السَّابِقَةُ فِي كَلَامِهِ وَهِيَ الْكُبْرَى. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَدَهْنُهُ) هُوَ بِالْفَتْحِ، وَأَمَّا بِالضَّمِّ فَفِيهِ وَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ عَلَى الْأَبِ وَالثَّانِي اتِّبَاعُ الْعَادَةِ. قَوْلُهُ: (وَيَتْبَعُ إلَخْ) أَيْ فَالْمَنْفَعَةُ أَصْلٌ، وَاللَّبَنُ تَابِعٌ، وَالْمُرَادُ بِالْمَنْفَعَةِ هِيَ الْإِلْقَامُ لِلثَّدْيِ، وَوَضْعُ الصَّغِيرِ فِي الْحِجْرِ، وَعَصْرُهُ لَهُ عِنْدَ الْحَاجَةِ، وَتُسَمَّى هَذِهِ الْحَضَانَةُ الْحَضَانَةَ الصُّغْرَى. فَلَا يُشْكِلُ هَذَا بِمَا سَلَفَ؛ لِأَنَّ تِلْكَ حَضَانَةٌ كُبْرَى. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَالْمَذْهَبُ إلَخْ) الَّذِي فِي الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ أَنَّا إنْ قُلْنَا: الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ اللَّبَنُ وَالْحَضَانَةُ تَابِعَةٌ انْفَسَخَ الْعَقْدُ بِالْكُلِّيَّةِ أَوْ بِالْعَكْسِ، فَلَا وَيَتَخَيَّرُ أَوْ هُمَا وَهُوَ الْأَصَحُّ. انْفَسَخَ فِي الرَّضَاعِ وَفِي الْحَضَانَةِ قَوْلًا تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ، فَحِينَئِذٍ تَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ بِالْمَذْهَبِ صَحِيحٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْحَضَانَةِ، فَإِنَّ هَذَا مِنْ صُوَرِ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ فِي الدَّوَامِ. وَفِيهِ طَرِيقَانِ: إحْدَاهُمَا: قَوْلًا تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ فِي الِابْتِدَاءِ، وَالثَّانِيَةُ: الْقَطْعُ بِالتَّفْرِيقِ، وَإِذَا تَأَمَّلْت كَلَامَ الشَّارِحِ وَجَدْته أَشَارَ إلَى هَذَا.
فَرْعٌ: لَوْ أَرْضَعَتْهُ جَارِيَتُهَا قَالَ ابْنُ كَجٍّ: إنْ شَرَطَ إرْضَاعَهَا بِنَفْسِهَا لَمْ تَسْتَحِقَّ، وَإِذَا أَطْلَقَ اسْتَحَقَّتْ. قَوْلُهُ: (وَبَقَاءُ الْحَضَانَةِ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ يَسْقُطُ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَا يَجِبُ) أَيْ؛ لِأَنَّهَا أَعْيَانٌ، وَاغْتُفِرَ اللَّبَنُ لِلضَّرُورَةِ وَمِثْلُ هَذَا الصِّبَاغُ.