للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَتَنْفَسِخُ) الْإِجَارَةُ (بِمَوْتِ الدَّابَّةِ وَالْأَجِيرِ الْمُعَيَّنَيْنِ فِي) الزَّمَانِ (الْمُسْتَقْبَلِ) لِفَوَاتِ مَحَلِّ الْمَنْفَعَةِ فِيهِ (لَا الْمَاضِي) إذَا كَانَ لِمِثْلِهِ أُجْرَةٌ (فِي الْأَظْهَرِ) لِاسْتِقْرَارِهِ بِالْقَبْضِ (فَيَسْتَقِرُّ قِسْطُهُ مِنْ الْمُسَمَّى) أَيْ بِاعْتِبَارِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ فَإِذَا كَانَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ سَنَةً، وَمَضَى نِصْفُهَا، وَأُجْرَةُ مِثْلِهِ مَثَلًا أُجْرَةَ النِّصْفِ الْبَاقِي وَجَبَ مِنْ الْمُسَمَّى ثُلُثَاهُ وَإِنْ كَانَ بِالْعَكْسِ فَثُلُثُهُ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي تَنْفَسِخُ فِي الْمَاضِي مُسَاوَاةً بَيْنَ الزَّمَانَيْنِ، وَيَسْقُطُ الْمُسَمَّى، وَتَجِبُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِمَا مَضَى، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِمِثْلِهِ أُجْرَةٌ تَنْفَسِخُ فِيهِ قَطْعًا، وَاحْتُرِزَ بِالْمُعَيَّنَيْنِ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ، فَإِنَّهُمَا إذَا أُحْضِرَا وَمَاتَا فِي خِلَالِ الْمُدَّةِ وَجَبَ إبْدَالُهُمَا.

(وَلَا تَنْفَسِخُ) الْإِجَارَةُ (بِمَوْتِ الْعَاقِدَيْنِ) أَوْ أَحَدِهِمَا بَلْ تَبْقَى إلَى انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ، وَيُخْلَفُ الْمُسْتَأْجِرُ فِي اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ.

(وَ) لَا تَنْفَسِخُ بِمَوْتِ (مُتَوَلِّي الْوَقْفِ) الَّذِي أَجَّرَهُ إلَّا فِي صُورَةٍ ذَكَرَهَا فِي قَوْلِهِ. (وَلَوْ أَجَّرَ الْبَطْنَ الْأَوَّلَ) أَيْ مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ الْوَقْفُ (مُدَّةً وَمَاتَ قَبْلَ تَمَامِهَا) وَكُلُّ بَطْنٍ لَهُ النَّظَرُ مُدَّةَ اسْتِحْقَاقِهِ. (أَوْ الْوَلِيُّ صَبِيًّا مُدَّةً لَا يَبْلُغُ فِيهَا بِالسِّنِّ فَبَلَغَ) فِيهَا (بِالِاحْتِلَامِ فَالْأَصَحُّ انْفِسَاخُهَا فِي الْوَقْفِ لَا الصَّبِيِّ) ؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ انْتَقَلَ اسْتِحْقَاقُهُ بِمَوْتِ الْمُؤَجِّرِ لِغَيْرِهِ، وَالصَّبِيَّ بَنَى الْوَلِيُّ تَصَرُّفَهُ عَلَى الْمَصْلَحَةِ فَيَلْزَمُ، وَالثَّانِي فِي الْوَقْفِ لَا تَنْفَسِخُ كَالْمِلْكِ وَفِي الصَّبِيِّ تَنْفَسِخُ لِتَبَيُّنِ عَدَمِ الْوِلَايَةِ فِيمَا بَعْدَ الْبُلُوغِ، وَلَوْ كَانَتْ الْمُدَّةُ يَبْلُغُ فِيهَا بِالسِّنِّ، بَطَلَتْ الْإِجَارَةُ فِيمَا بَعْدَ الْبُلُوغِ بِهِ، فِيمَا قَبْلَهُ قَوْلًا تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ، وَاسْتَبْعَدَ الصَّيْدَلَانِيُّ وَالْإِمَامُ وَطَائِفَةٌ تَعْبِيرَ الْجُمْهُورِ فِي الْوَقْفِ بِالِانْفِسَاخِ وَعَدَمِهِ؛ لِأَنَّهُ يُشْعِرُ بِسَبْقِ الِانْعِقَادِ، وَجَعَلُوا الْخِلَافَ فِي أَنَّا هَلْ نَتَبَيَّنُ الْبُطْلَانَ؛ لِأَنَّا تَبَيَّنَّا أَنَّهُ تَصَرُّفٌ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ.

(وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهَا تَنْفَسِخُ بِانْهِدَامِ الدَّارِ) الْمُؤَجَّرَةِ لِزَوَالِ الِاسْمِ بِفَوَاتِ السُّكْنَى. (لَا انْقِطَاعِ مَاءِ أَرْضٍ اُسْتُؤْجِرْت لِزِرَاعَةٍ) لِبَقَاءِ الِاسْمِ وَإِمْكَانِ الزَّرْعِ بِسَوْقِ الْمَاءِ إلَيْهَا. (بَلْ يَثْبُتُ الْخِيَارُ)

ــ

[حاشية قليوبي]

لَوْ تَلِفَتْ الْأَرْضُ قَبْلَ تَلَفِ الزَّرْعِ اسْتَرَدَّ الْمُسَمَّى وَلَوْ لِمَا قَبْلَ تَلَفِهَا فَإِنْ تَلِفَتْ بَعْدَ تَلَفِ الزَّرْعِ وَلَمْ يُمْكِنْ إبْدَالُهُ بَعْدَ التَّلَفِ وَقَبْلَ الِانْفِسَاخِ اسْتَحَقَّ مِنْ الْمُسَمَّى بِقَدْرِ مَا قَبْلَ التَّلَفِ.

فَرْعٌ: لَوْ نَبَتَ نَحْوُ حَشِيشٍ فِي أَرْضٍ عُطِّلَتْ عَنْ الزِّرَاعَةِ، فَهُوَ لِمَالِكِهَا وَلَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ أُجْرَتِهَا.

فَرْعٌ: لَوْ أَجَرَ الشَّرِيكُ حِصَّتَهُ، وَقُلْنَا لَا يُجْبَرُ شَرِيكُهَا عَلَى الْمُهَايَأَةِ قَالَ الْقَفَّالُ فَلِلْمُسْتَأْجِرِ الْفَسْخُ.

قَوْلُهُ: (وَتَنْفَسِخُ بِمَوْتِ الدَّابَّةِ) وَتَقَدَّمَ أَنَّ حُضُورَ زَوْجٍ مِنْ غَيْبَتِهِ كَذَلِكَ إذَا حَضَرَ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ فَتَنْفَسِخُ فِي بَاقِيهَا، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ آجَرَ مُدَبِّرَهُ أَوْ أُمَّ وَلَدٍ أَوْ الْمُعَلَّقَ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ وَمَاتَ أَوْ حَدَثَتْ الصِّفَةُ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ فِيهِمَا وَتَصِحُّ إجَارَةُ الدَّارِ مِنْ الْمُوصَى لَهُ مُدَّةَ حَيَاتِهِ بِالْمَنْفَعَةِ لَا بِأَنْ يَنْتَفِعَ وَتَنْفَسِخُ بِمَوْتِهِ لَا بِمَوْتِ الْمُوصَى لَهُ بِالدَّارِ حَيَاتَهُ؛ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ تَابِعَةٌ. قَوْلُهُ: (الْمُسْتَقْبَلِ) مِنْ وَقْتِ الْمَوْتِ. قَوْلُهُ: (بِاعْتِبَارِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ) أَيْ وَقْتَ الْعَقْدِ لَا مَا بَعْدَهُ، وَلَا عَلَى نِسْبَةِ الْمُدَّتَيْنِ بَلْ بِاعْتِبَارِ أُجْرَةِ مِثْلِ الْمُدَّتَيْنِ فَقَوْلُهُ ثُلُثَاهُ وَثُلُثُهُ مُعْتَمَدٌ. قَوْلُهُ: (وَجَبَ إبْدَالُهُمَا) وَتَقَدَّمَ مَا لَوْ لَمْ يُبْدَلْ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ أَجَرَ الْبَطْنَ الْأَوَّلَ) أَيْ لِأَجْنَبِيٍّ أَوْ لِبَطْنٍ بَعْدَهُ أَوْ لِبَعْضِهِمْ. قَوْلُهُ: (الْوَقْفِ) أَيْ حِصَّتِهِ مِنْهُ. قَوْلُهُ: (النَّظَرُ) أَيْ بِذَاتِهِ أَوْ بِوَصْفٍ كَالْأَرْشَدِيَّةِ فِي حِصَّتِهِ فَقَطْ.

قَوْلُهُ: (مُدَّةَ اسْتِحْقَاقِهِ) أَيْ حَيَاتِهِ وَخَرَجَ بِمَا ذُكِرَ مَا لَوْ كَانَ لَهُ النَّظَرُ مُطْلَقًا، أَوْ عَلَى جَمِيعِ الْوَقْفِ أَوْ لَمْ يُقَيِّدْهُ بِمُدَّةِ حَيَاتِهِ، أَوْ كَانَ النَّاظِرُ غَيْرَهُمْ فَلَا تَنْفَسِخُ سَوَاءٌ كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ بَعْضُهُمْ أَوْ مِنْ بَعْدِهِمْ أَوْ أَجْنَبِيًّا كَذَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا تَبَعًا لِشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِيمَا لَوْ دَفَعَ النَّاظِرُ الْأُجْرَةَ لِأَهْلِ الْوَقْفِ، وَإِذَا انْفَسَخَتْ بِمَوْتِهِ رَجَعَ بِمَا يُقَابِلُ مَا بَقِيَ عَلَى تَرِكَتِهِ؛ لِأَنَّهُ النَّاظِرُ وَالْقَابِضُ لِنَفْسِهِ وَسَوَاءٌ كَانَ آجَرَ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ أَوْ دُونِهَا؛ لِأَنَّ الْحَقَّ كَانَ لَهُ. قَوْلُهُ: (أَوْ آجَرَ الْوَلِيُّ صَبِيًّا) وَمِثْلُهُ مَالُهُ وَكَالصَّبِيِّ الْمَجْنُونُ وَالسَّفِيهُ نَفْسًا وَمَالًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ فِي ذَلِكَ وَإِفَاقَةُ الْمَجْنُونِ وَرَشَدُ السَّفِيهِ كَالْبُلُوغِ بِالِاحْتِلَامِ فَلَا تَنْفَسِخُ. قَوْلُهُ: (بَطَلَتْ فِي الزَّائِدِ) أَيْ عَلَى زَمَنِ السِّنِّ وَهُوَ مَا زَادَ عَلَى خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً وَصَحَّتْ فِيمَا دُونَهُ عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ قَوْلَيْ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ. قَوْلُهُ: (بَطَلَتْ) أَيْ ظَاهِرًا فَلَوْ بَلَغَ سَفِيهًا اسْتَمَرَّتْ وَلَوْ بَلَغَ غَائِبًا وَلَمْ يَعْلَمْ الْوَلِيُّ رُشْدَهُ تَصَرَّفَ الْحَاكِمُ إلَّا الْوَلِيُّ قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ. قَوْلُهُ: (يَتَبَيَّنُ الْبُطْلَانَ) أَيْ فِيمَا بَعْدَ الْمَوْتِ.

قَوْلُهُ: (بِانْهِدَامِ الدَّارِ) أَيْ جَمِيعِهَا وَفِي انْهِدَامِ بَعْضِهَا الْخِيَارُ إنْ لَمْ يُصْلِحْهُ الْمُكْرِي قَبْلَ مُدَّةٍ لَهَا أُجْرَةٌ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (بِسَوْقِ الْمَاءِ إلَيْهَا) فَإِنْ تَعَذَّرَ سَوْقُهُ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ، وَمِثْلُهُ مَاءُ بِئْرِ الرَّحَى، أَوْ الْحَمَّامُ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَنْحَسِرْ الْمَاءُ عَنْ الْأَرْضِ أَوْ بَعْضِهَا انْفَسَخَتْ فِيمَا لَمْ يَنْحَسِرْ عَنْهُ، وَلَهُ الْخِيَارُ فِي الْبَعْضِ الْبَاقِي فَوْرًا. قَوْلُهُ: (بَلْ يَثْبُتُ الْخِيَارُ) قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ عَلَى التَّرَاخِي لِعَدَمِ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ وَإِذَا أَجَازُوا التَّقْدِيرَ بِالْعَمَلِ اسْتَوْفَاهُ بَعْدَ عَوْدِ الْعَيْنِ،

ــ

[حاشية عميرة]

كَانَتْ تَسْتَحِقُّ كُلَّ شَهْرٍ فَلَا يُتَصَوَّرُ؛ لِأَنَّهُ قَبْلَ انْقِضَاءِ الشَّهْرِ لَمْ يَسْتَحِقَّ الْأُجْرَةَ، وَبَعْدَهُ مَضَتْ الْمَنْفَعَةُ أَقُولُ: كَانَ مُرَادُهُمْ الْمَحْجُورَ عَلَيْهِ

قَوْلُهُ: (لِفَوَاتِ مَحَلِّ الْمَنْفَعَةِ فِيهِ) كَتَلَفِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي الْأَظْهَرِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: الرَّاجِحُ هُنَا طَرِيقَةُ الْقَطْعِ، كَمَا لَوْ تَلِفَ أَحَدُ الْعَبْدَيْنِ قَبْلَ الْقَبْضِ.

قَوْلُهُ: (وَأُجْرَةُ مِثْلِهِ إلَخْ) أَيْ فَلْيَسْقُطْ بِاعْتِبَارِ قِيمَةِ الْمُدَّةِ وَهِيَ الْأُجْرَةُ، لَا بِاعْتِبَارِ الْمُدَّةِ نَفْسِهَا؛ لِأَنَّهَا قَدْ تَتَفَاوَتُ.

فَرْعٌ: الِاعْتِبَارُ بِتَقْوِيمِ الْمَنْفَعَةِ حَالَةَ الْعَقْدِ، لَا بِمَا بَعْدَهُ.

قَوْلُهُ: (وَلَا تَنْفَسِخُ بِمَوْتِ الْعَاقِدَيْنِ) خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (مُتَوَلِّي الْوَقْفِ) لَوْ كَانَ الْمُتَوَلِّي مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ انْفَسَخَتْ بِمَوْتِهِ؛ لِأَنَّهُ نَظَرَهُ لِنَفْسِهِ لَيْسَ كَنَظَرِهِ لِكُلِّهِمْ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْجُرْجَانِيُّ وَالْإِمَامُ، أَقُولُ: كَيْفَ يَجْتَمِعُ مَعَ قَوْلِهِمْ: إنَّ الْبَطْنَ الْأَوَّلَ إذَا شُرِطَ لَهُ النَّظَرُ مُطْلَقًا فَأَجَرَ ثُمَّ مَاتَ لَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِمَوْتِهِ، وَالْعَجَبُ أَنَّ الزَّرْكَشِيَّ سَاقَ هَذَا عَقِبَ سَوْقِ الْأَوَّلِ وَلَمْ يُنَبِّه عَلَيْهِ، وَلَكِنَّ النُّسْخَةَ فِيهَا سَقَمٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَالْأَصَحُّ) لَوْ كَانَ إيجَارُهُ بِدُونِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ، فَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ الِانْفِسَاخُ قَطْعًا.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (بَلْ يَثْبُتُ الْخِيَارُ) عَلَى التَّرَاخِي وَقَدْ غَلِطَ فِيهِ جَمَاعَةٌ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ. أَقُولُ: وَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: فِي خِيَارِ الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>