للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(تَحْوِيطُ الْبُقْعَةِ) بِآجُرٍّ أَوْ لَبِنٍ أَوْ مَحْضِ الطِّينِ، أَوْ أَلْوَاحِ الْخَشَبِ، وَالْقَصَبِ بِحَسَبِ الْعَادَةِ. (وَسَقْفُ بَعْضِهَا) لِتَتَهَيَّأَ لِلسُّكْنَى (وَتَعْلِيقُ الْبَابِ) أَيْ نَصْبُهُ؛ لِأَنَّهُ الْعَادَةُ فِي ذَلِكَ. (وَفِي الْبَابِ) أَيْ تَعْلِيقُهُ (وَجْهٌ) أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ؛ لِأَنَّهُ لِلْحِفْظِ وَالسُّكْنَى لَا تَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ (أَوْ زَرِيبَةُ دَوَابِّ فَتَحْوِيطٌ) وَلَا يَكْفِي نَصْبُ سَعَفٍ أَوْ أَحْجَارٍ مِنْ غَيْرِ بِنَاءٍ. (لَا سَقْفٌ) ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ فِيهَا عَدَمُهُ. (وَفِي الْبَابِ) أَيْ تَعْلِيقُهُ (الْخِلَافُ) فِي الْمَسْكَنِ (أَوْ مَزْرَعَةٌ فَجَمْعُ التُّرَابِ حَوْلَهَا) لِيَنْفَصِلَ الْمَحْيَا عَنْ غَيْرِهِ وَأَعَادَ الضَّمِيرَ عَلَيْهَا بِاعْتِبَارِ الْمَالِ، وَفِي مَعْنَى التُّرَابِ قَصَبٌ وَحَجَرٌ وَشَوْكٌ وَلَا حَاجَةَ إلَى تَحْوِيطٍ. (وَتَسْوِيَةُ الْأَرْضِ) بِطَمِّ الْمُنْخَفِضِ وَكَسْحِ الْمُسْتَعْلِي وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَحِرَاثَتُهَا وَتَلْيِينُ تُرَابِهَا فَإِنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ ذَلِكَ إلَّا بِمَا يُسَاقُ إلَيْهَا، فَلَا بُدَّ مِنْهُ لِتَتَهَيَّأَ لِلزِّرَاعَةِ. (وَتَرْتِيبُ مَاءٍ لَهَا) بِشِقِّ سَاقِيَةٍ مِنْ نَهْرٍ أَوْ حَفْرِ بِئْرٍ أَوْ قَنَاةٍ (إنْ لَمْ يَكْفِهَا الْمَطَرُ الْمُعْتَادُ) فَإِنْ كَفَاهَا فَلَا حَاجَةَ إلَى تَرْتِيبِ مَاءٍ (لِزِرَاعَةٍ فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهَا اسْتِيفَاءُ مَنْفَعَةٍ، وَهُوَ خَارِجٌ عَنْ الْإِحْيَاءِ، وَالثَّانِي لَا بُدَّ مِنْهَا؛ لِأَنَّ الدَّارَ لَا تَصِيرُ مُحْيَاةً، إلَّا إذَا حَصَلَ فِيهَا عَيْنُ مَالِ الْمُحْيِي فَكَذَا الْمَزْرَعَةُ. (أَوْ بُسْتَانًا فَجَمْعُ التُّرَابِ) أَيْ حَوْلَ الْأَرْضِ كَالْمَزْرَعَةِ إنْ لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِالتَّحْوِيطِ. (وَالتَّحْوِيطُ حَيْثُ جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ) أَيْ نَفْسُهُ وَمَا تَحَوَّطَ بِهِ مِنْ بِنَاءٍ، أَوْ قَصَبٍ أَوْ شَوْكٍ هَذَا مَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا فِي جَمْعِ التُّرَابِ وَالتَّحْوِيطِ. (وَتَهْيِئَةُ مَاءٍ) كَمَا سَبَقَ فِي الْمَزْرَعَةِ. (وَيُشْتَرَطُ الْغَرْسُ عَلَى الْمَذْهَبِ) وَقِيلَ: لَا يُشْتَرَطُ كَالزَّرْعِ فِي الْمَزْرَعَةِ، وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ اسْمَ الْمَزْرَعَةِ يَقَعُ عَلَى الْأَرْضِ، قَبْلَ الزَّرْعِ وَاسْمِ الْبُسْتَانِ لَا عَلَيْهَا قَبْلَ الْغَرْسِ، وَمِنْ شَرَطَ الزَّرْعَ فِي الْمَزْرَعَةِ شَرَطَ الْغَرْسَ فِي الْبُسْتَانِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى، كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ، فَهَذِهِ طَرِيقَةٌ ثَانِيَةٌ قَاطَعَهُ بِالِاشْتِرَاطِ، وَرَجَّحَهَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ

(وَمِنْ شَرَعَ فِي عَمَلِ إحْيَاءٍ وَلَمْ يُتِمَّهُ أَوْ أَعْلَمَ عَلَى بُقْعَةٍ بِنَصَبِ أَحْجَارٍ أَوْ غَرْزِ خَشَبٍ فَمُتَحَجِّرٌ) لِذَلِكَ الْمَحَلِّ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ. (وَهُوَ أَحَقُّ بِهِ) مِنْ غَيْرِهِ أَيْ مُسْتَحِقٌّ لَهُ دُونَ غَيْرِهِ، لِمَا عَمِلَهُ فِيهِ (لَكِنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْهُ وَالثَّانِي يَصِحُّ كَأَنَّهُ يَبِيعُ حَقَّ الِاخْتِصَاصِ، كَذَا فِي الرَّوْضَةِ، كَأَصْلِهَا وَفِي الْمُحَرَّرِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَبِيعَ هَذَا الْحَقَّ. (وَ) الْأَصَحُّ أَنَّهُ (لَوْ أَحْيَا آخَرَ مَلَكَهُ) وَإِنْ كَانَ مَمْنُوعًا مِنْ إحْيَائِهِ وَالثَّانِي لَا يَمْلِكُهُ كَيْ لَا يُبْطِلَ حَقَّ الْمُتَحَجِّرِ (وَلَوْ طَالَتْ مُدَّةُ التَّحَجُّرِ) وَلَمْ يُحْيَ وَالرُّجُوعُ فِي طُولِهَا إلَى الْعَادَةِ (قَالَ لَهُ السُّلْطَانُ أَحْيِ أَوْ اُتْرُكْ) أَيْ الْمَحَلَّ

ــ

[حاشية قليوبي]

بِالْحَفْرِ أَوْ بِئْرًا فَكَذَلِكَ إنْ قَصَدَ تَمَلُّكَهَا، لِتَتَمَيَّزَ عَمَّا إذَا كَانَتْ لِلِارْتِفَاقِ الْعَامِ، وَكَذَا كُلُّ مَا هُوَ كَذَلِكَ بِخِلَافِ حَفْرِهَا فِي أَرْضٍ مُسَبَّلَةٍ، فَلَا يَخْتَصُّ بِهَا. قَوْلُهُ: (تَحْوِيطَ الْبُقْعَةِ) أَيْ بِجُدْرَانٍ أَرْبَعَةٍ أَوْ أَكْثَرَ أَخْذًا مِنْ اشْتِرَاطِ السَّقْفِ. نَعَمْ إنْ أَرَادَ مَوْضُوعًا لِنُزْهَةٍ أَوْ نَصْبِ نَحْوِ خَيْمَةٍ لَمْ يَحْتَجْ فِيهَا لِسَقْفٍ وَلَا بِنَاءٍ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ الْعَادَةُ) فَلَوْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِعَدَمِ نَصْبِهِ لَمْ يُشْتَرَطْ نَصْبُهُ.

فَرْعٌ: لَوْ حَوَّطَ بُقْعَةً لِأَجْلِ جَعْلِهَا مَسْجِدًا صَارَتْ مَسْجِدًا وَإِنْ لَمْ يَتَلَفَّظْ بِهِ أَوْ لَمْ يَبْنِ فِيهِ أَوْ لَمْ يَسْقِفْ وَمِثْلُهُ مُصَلَّى الْعِيدِ وَاعْتَبَرَ السُّبْكِيُّ فِي الْمَسْجِدِ السَّقْفَ. قَوْلُهُ: (فَتَحْوِيطٌ) كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (الْخِلَافُ فِي الْمَسْكَنِ) وَالْأَصَحُّ اشْتِرَاطُ نَصْبِهِ أَيْضًا وَذِكْرُ الدَّوَابِّ لَيْسَ قَيْدًا بَلْ الْغِلَالُ وَالثِّمَارُ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (مَزْرَعَةٌ) بِتَثْلِيثِ الرَّاءِ، وَالْفَتْحُ أُفْصِحُ وَيُسَمَّى مَا يُزْرَعُ فِيهَا زَرِيعَةً مُخَفَّفًا وَجَمْعُهُ زَرَائِعُ كَذَرِيعَةٍ، وَذَرَائِعُ لِلْأُمُورِ الَّتِي يُتَوَصَّلُ بِهَا إلَى غَيْرِهَا مَثَلًا. قَوْلُهُ: (فَلَا بُدَّ مِنْهُ) أَيْ إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِ عَلَى الْأَصَحِّ. قَوْلُهُ: (وَتَرْتِيبُ مَاءٍ لَهَا) أَوْ بِمَنْعِهِ عَنْهَا، كَأَرْضِ الْبَطَائِحِ بِالْعِرَاقِ؛ لِأَنَّهَا دَائِمًا مَمْلُوءَةٌ بِالْمَاءِ. قَوْلُهُ: (فِي جَمْعِ التُّرَابِ وَالتَّحْوِيطِ) أَيْ فِي ذِكْرِهِمَا أَمَّا الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا أَوْ الِاقْتِصَارُ عَلَى أَحَدِهِمَا، فَيُرَاعَى فِيهِ الْعَادَةُ وَكَذَا تَهْيِئَةُ الْمَاءِ. قَوْلُهُ: (وَيُشْتَرَطُ الْغَرْسُ) وَلَا بُدَّ مِنْ غَرْسِ قَدْرٍ يُسَمَّى بِهِ بُسْتَانًا عُرْفًا. قَوْلُهُ: (وَرَجَّحَهَا إلَخْ) وَلَمْ يَحْمِلْ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهَا لِبِنَائِهَا عَلَى مَرْجُوحٍ، فَالِاعْتِرَاضُ عَلَى الرَّوْضَةِ فِي تَرْجِيحِهَا.

قَوْلُهُ: (لِمَا عَلَّمَهُ) بِتَشْدِيدِ اللَّامِ وَفِي نُسْخَةٍ لِمَا عَمِلَهُ، وَهِيَ أَوْلَى لِشُمُولِهَا الْقِسْمَيْنِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْهُ) هُوَ شَامِلٌ لِمَا لَوْ كَانَ مَا عَمِلَهُ لَا يَكْفِي لِغَرَضٍ مِنْ الْأَغْرَاضِ، وَلِمَا كَفَى لِغَرَضٍ غَيْرِ الَّذِي قَصَدَهُ ابْتِدَاءً وَقَصَدَهُ الْآنَ كَأَنْ قَصَدَهُ لِلسُّكْنَى، وَعَمَلِ مَا يَكْفِي لِلزَّرِيبَةِ وَقَصَدَ حِينَئِذٍ جَعْلَهَا زَرِيبَةً وَاَلَّذِي اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ أَنَّهُ إنْ عَمِلَ بَعْدَ تَغَيُّرِ قَصْدِهِ مَا يُنَاسِبُ مَا قَصَدَهُ الْآنَ ابْتِدَاءً أَوْ تَكْمِيلًا مَلَكَهُ، وَإِلَّا فَلَا يَمْلِكُ شَيْئًا مِنْهُ وَلَوْ مَحَلَّ بِنَائِهِ فَلَوْ بَنَى غَيْرُهُ عَلَى بِنَائِهِ مَلَكَ الْبُقْعَةَ، وَالْبِنَاءُ الْأَوَّلُ لِمَالِكِهِ فَلَهُ نَقْضُهُ وَأَخْذُهُ. قَوْلُهُ: (وَفِي الْمُحَرَّرِ إلَخْ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ الصَّوَابَ مَا فِي عِبَارَةِ الْمِنْهَاجِ فَتَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: (وَإِنْ كَانَ مَمْنُوعًا إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّهُ أَثِمَ بِذَلِكَ مَا لَمْ يُعْرِضْ عَنْهُ الْأَوَّلُ، وَلَا يَجُوزُ نَقْلُ آلَتِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ.

فَرْعٌ: لَوْ فَوَّضَ الْإِحْيَاءَ إلَى غَيْرِهِ، صَارَ أَحَقَّ بِهِ كَمَا فِي الْأَنْوَارِ قَوْلُهُ: (قَالَ لَهُ السُّلْطَانُ) وُجُوبًا وَكَذَا الْآحَادُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْأَمْرِ.

ــ

[حاشية عميرة]

الضَّمِيرُ فِيهِ يَرْجِعُ لِلْأَصَحِّ مِنْ قَوْلِهِ: إحْيَاؤُهُمَا فِي الْأَصَحِّ.

قَوْلُهُ: (بِحَسْبِ الْعَادَةِ) حَتَّى فِي الْبَلَدِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (مَزْرَعَةٌ) اسْمُ الْبَذْرِ الَّذِي يُبْذَرُ فِيهَا زَرِيعَةٌ بِتَخْفِيفِ الرَّاءِ وَجَمْعُهُ زَرَائِعُ، كَذَرِيعَةٍ وَذَرَائِعَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَجَمْعُ التُّرَابِ) حَمَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَلَى إصْلَاحِ تُرَابِ الْأَرْضِ وَتَهْيِئَتِهِ لِمَا يُرَادُ لَهُ، لَا جَمْعِهِ حَوْلَهَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيُشْتَرَطُ الْغَرْسُ) أَيْ غَرْسُ مَا يُسَمَّى مَعَهُ بُسْتَانًا كَذَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ، قَالَ: فَلَا يَكْفِي الشَّجَرَةُ وَالشَّجَرَتَانِ فِي الْفَضَاءِ الْوَاسِعِ. قَوْلُهُ: (وَفَرْقُ الْأَوَّلِ إلَخْ) وَأَيْضًا فَالْغِرَاسُ لِلدَّوَامِ، فَالْتَحَقَ بِبِنَاءِ الدَّارِ

. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَمْ يُتِمَّهُ) الضَّمِيرُ فِيهِ يَرْجِعُ لِلْعَمَلِ مِنْ قَوْلِهِ فِي عَمَلِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْهُ) فَكَانَ كَحَقِّ الشُّفْعَةِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَكَذَا الْحَقُّ فِي مَقَاعِدِ الْأَسْوَاقِ وَالْوَظَائِفِ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهِ، وَلَمْ يَمْلِكْ الْمَنْفَعَةَ اهـ. أَقُولُ: لَكِنَّ السُّبْكِيَّ حَاوَلَ إلْحَاقَ الْوَظَائِفِ فَفُرِشْت.

<<  <  ج: ص:  >  >>