للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَيْ فَلَا يَصِحُّ وَقْفُ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَالسَّفِيهِ وَالْمَكَاتِبِ.

(وَ) شَرْطُ (الْمَوْقُوفِ دَوَامُ الِانْتِفَاعِ بِهِ لَا مَطْعُومٌ) بِالرَّفْعِ فَلَا يَصِحُّ وَقْفُهُ؛ لِأَنَّ مَنْفَعَتَهُ فِي اسْتِهْلَاكِهِ. (وَرَيْحَانٌ) فَلَا يَصِحُّ وَقْفُهُ لِسُرْعَةِ فَسَادِهِ، وَفِي ضِمْنِ دَوَامِ الِانْتِفَاعِ حُصُولُهُ لَكِنْ لَا يُشْتَرَطُ حُصُولُهُ فِي الْحَالِ بَلْ يَجُوزُ وَقْفُ الْعَبْدِ وَالْجَحْشِ الصَّغِيرَيْنِ وَالزَّمِنِ الَّذِي يُرْجَى زَوَالُ زَمَانَتِهِ.

(وَيَصِحُّ وَقْفُ عَقَارٍ) بِالْإِجْمَاعِ (وَمَنْقُولٍ) لِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى وَقْفِ الْحَصْرِ

ــ

[حاشية قليوبي]

يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهِ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ عَلَى مَصْرِفٍ مُبَاحٍ، وَلَا حَاجَةَ لِمَا زَادَهُ بَعْضُهُمْ فِيهِ وَعَدَلَ عَنْهُ الشَّارِحُ إلَى مَا ذَكَرَهُ لِسَلَامَتِهِ مِمَّا اُنْتُقِدَ عَلَيْهِ.

قَوْلُهُ: (شَرْطُ الْوَاقِفِ) الَّذِي هُوَ أَحَدُ أَرْكَانِهِ الْأَرْبَعَةِ وَبَاقِيهَا الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ، وَالْمَوْقُوفُ وَالصِّيغَةُ وَهُوَ يَشْمَلُ الْأَعْمَى، وَالْإِمَامَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ عَلَى مُعَيَّنٍ وَلَوْ عَلَى أَوْلَادِهِ أَوْ جِهَةٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَيَشْمَلُ الْكَافِرَ، وَلَوْ عَلَى مَسْجِدٍ؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ لَيْسَ قُرْبَةً مَحْضَةً، وَبِذَلِكَ فَارَقَ عَدَمَ صِحَّةِ نَذْرِهِ، وَلَوْ وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ إلَّا مَنْ يُسْلِمُ مِنْهُمْ، فَقَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ لَمْ يَصِحَّ الْوَقْفُ وَقَالَ السُّبْكِيُّ يَصِحُّ وَيَلْغُو الشَّرْطَ الْمَذْكُورَ. وَيَشْمَلُ الْمُبَعَّضُ مِمَّا مَلَكَهُ بِبَعْضِهِ الْحُرِّ؛ لِأَنَّهُ أَهْلُ تَبَرُّعٍ فِيهِ وَعَدَمُ صِحَّةِ عِتْقِهِ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ لِنَقْصِهِ عَنْ أَهْلِيَّةِ الْوَلَاءِ. قَوْلُهُ: (فَلَا يَصِحُّ وَقْفُ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَالسَّفِيهِ) وَلَوْ بِمُبَاشَرَةِ أَوْلِيَائِهِمْ وَلَا مَحْجُورِ الْفَلَسِ.

قَوْلُهُ: (وَالْمُكَاتَبِ) وَلَوْ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ.

قَوْلُهُ: (دَوَامُ الِانْتِفَاعِ) أَيْ بِحَبْسِهِ كَمَا يَأْتِي، قَالَ شَيْخُنَا بِحَيْثُ يَبْقَى مُدَّةً يَصِحُّ الِاسْتِئْجَارُ فِيهَا بِإِذْنٍ يُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ وَفِيهِ بَحْثٌ فَرَاجِعْهُ.

قَوْلُهُ: (بِالرَّفْعِ يَعْنِي إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ مَعَ خَبَرِهِ لِلْعِلْمِ بِهِمَا أَيْ مَا يَدُومُ نَفْعُهُ يَصِحُّ وَقْفُهُ لَا مَطْعُومٌ، وَلَا يَصِحُّ رَفْعُهُ عَطْفًا عَلَى " دَوَامِ " وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَلَا جَرُّهُ عَطْفًا عَلَى انْتِفَاعِ لِعَدَمِ صِحَّةِ تَسْلِيطِ الدَّوَامِ عَلَيْهِ، وَلَا عَلَى مَجْرُورٍ مَحْذُوفٍ، أَيْ يَصِحُّ وَقْفُ مَا يَدُومُ لَا مَطْعُومٍ لِلُّزُومِ عَلَى الْجَارِّ مَحْذُوفًا فِي غَيْرِ إنَّ وَأَنْ الْمُشَدَّدَةِ وَالْمَصْدَرِيَّةِ.

قَوْلُهُ: (لِسُرْعَةِ فَسَادِهِ) يُفِيدُ أَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا لَيْسَ مَزْرُوعًا وَإِلَّا فَيَصِحُّ سَوَاءٌ مَا تُؤْخَذُ ثَمَرَتُهُ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى، أَوْ جِزَّتُهُ كَذَلِكَ وَالْمُرَادُ بِهِ كُلُّ ذِي رِيحٍ طَيِّبٍ وَكَذَا يَصِحُّ وَقْفُ مَا يَدُومُ شَمُّهُ نَحْوِ مِسْكٍ وَعَفِيرٍ لَا نَحْوِ عُودٍ.

قَوْلُهُ: (وَفِي ضِمْنِ إلَخْ) أَيْ حُصُولُ الِانْتِفَاعِ لَازِمٌ مِنْ دَوَامِهِ وَلَوْ مَالًا فَخَرَجَ مَا لَا نَفْعَ فِيهِ أَبَدًا كَزَمَنٍ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ وَمَا وَصَّى بِهِ أَوْ بِمَنْفَعَتِهِ أَبَدًا فَلَا يَصِحُّ وَقْفُهُمَا نَعَمْ لَوْ بَرَأَ الزَّمِنُ الْمَذْكُورُ فَالْوَجْهُ تَبَيُّنُ صِحَّةِ وَقْفِهِ فَلْيُرَاجَعْ، وَشَرْطُ كَوْنِ النَّفْعِ مُبَاحًا أَيْ غَيْرَ مُحَرَّمٍ وَلَا مَكْرُوهٍ، فَلَا يَصِحُّ وَقْفُ آلَةِ لَهْوٍ وَلَا دَرَاهِمَ غَيْرِ مُعَرَّاةٍ، وَكَوْنُهُ مَقْصُودًا فَلَا يَصِحُّ وَقْفُ دَرَاهِمَ مُعَرَّاةٍ لِلزِّينَةِ سَوَاءٌ نَقْشُهَا أَوْ مَا يَحْصُلُ مِنْهَا بِنَحْوِ تِجَارَةٍ؛ لِأَنَّ الزِّينَةَ غَيْرُ مَقْصُودَةٍ وَغَيْرَهَا لَا دَوَامَ لَهُ وَفَارَقَ صِحَّةَ إعَارَتِهَا لِلزِّينَةِ لِعَدَمِ اعْتِبَارِ الدَّوَامِ فِيهَا، وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا صِحَّةَ وَقْفِهَا لِتُصَاغَ حُلِيًّا.

قَوْلُهُ: (وَيَصِحُّ وَقْفُ عَقَارٍ) بِالْمَعْنَى الْمُقَابِلِ لِلْمَنْقُولِ فَيَشْمَلُ الْأَرْضَ وَالْبِنَاءَ وَالْغَرْسَ، وَيَشْمَلُ الْمُؤَجَّرَ مُدَّةً وَغَيْرَ الْمُؤَجَّرِ، وَيَشْمَلُ وَقْفَ الْمَسْجِدِ وَغَيْرَهُ وَالْمُوصِي بِمَنْفَعَتِهِ أَوْ بِعَيْنِهِ مُدَّةً، وَإِذَا وَقَفَ الْمُؤَجِّرُ مَسْجِدًا وَانْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ رَجَعَتْ الْمَنْفَعَةُ فِي بَقِيَّتِهَا لِلْوَاقِفِ، فَلَهُ إيجَارُهَا وَفَارَقَ نَظِيرَهُ فِي عِتْقِ عَبْدِهِ مُؤَجِّرٌ حَيْثُ يَمْلِكُ مَنْفَعَةَ نَفْسِهِ، بِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْمِلْكِ أَصَالَةً كَمَا مَرَّ فِي مَحَلِّهِ.

قَوْلُهُ: (وَمَنْقُولٍ) أَيْ غَيْرِ مَسْجِدٍ فَإِنْ ثَبَّتَهُ بِنَحْوِ تَسْمِيرٍ صَحَّ إنْ كَانَ مَحَلُّهُ الِانْتِفَاعَ بِهِ، وَقَالَ شَيْخُنَا يَخْتَصُّ بِمَنْفَعَتِهِ بِنَحْوِ إحْيَائِهِ أَوْ وَصِيَّتِهِ لَا نَحْوِ مَسْجِدٍ أَوْ شَارِعٍ، فَلَا يَصِحُّ وَفِيهِ نَظَرٌ وَلَا يَضُرُّ نَقْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَحِينَئِذٍ يَصِحُّ الِاعْتِكَافُ عَلَيْهِ وَلَوْ فِي هَوَائِهِ لَا تَحْتَهُ وَكَذَا يَحْرُمُ الْمُكْثُ مِنْ الْجُنُبِ فَوْقَهُ لَا تَحْتَهُ، وَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ حَمْلُهُ. كَذَا قَالَ بَعْضَ مَشَايِخِنَا فَرَاجِعْهُ؛ لِأَنَّ فِيهِ نَظَرًا؛ لِأَنَّهُ مَعَ هَوَاءِ الْمَسْجِدِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ وَالْوَجْهُ الْحُرْمَةُ فِيهِمَا وَالْأَقْرَبُ صِحَّةُ الِاعْتِكَافِ تَحْتَهُ وَلَوْ لِحَامِلِهِ حَيْثُ كَانَ دَاخِلًا فِي هَوَائِهِ وَلَا يَضُرُّ تَجَدُّدُ هَوَاءٍ وَزَوَالُهُ كَمَا مَرَّ فِي بَلَاطِ مَسْجِدٍ أُخِذَ مِنْهُ، وَشَمَلَ مَا ذُكِرَ الْمُوصَى بِهِ مُدَّةً وَغَيْرَ الْمُوصِي كَمَا مَرَّ. وَالْمُؤَجَّرَ كَذَلِكَ وَالْمَغْصُوبَ وَإِنْ عَجَزَ عَنْ تَخْلِيصِهِ، وَالْمُدَبَّرَ وَمُعَلَّقَ الْعِتْقِ بِصِفَةٍ، إنْ عَتَقَا بَطَلَ الْوَقْفُ. كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا تَبَعًا لِشَرْحِ شَيْخِنَا وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ الْوَقْفُ كَالْبَيْعِ وَهُوَ لَا يَبْطُلُ بِوُجُودِ الصِّفَةِ، أَوْ الْمَوْتِ بَعْدَهُ فَإِنْ جُعِلَ عِتْقُهُمَا عَلَى فَرْضِ وُجُودِهِ عَلَى مَعْنَى إذَا قُلْنَا بِعِتْقِهِمَا إلَخْ وَعِبَارَةُ شَرْحِ شَيْخِنَا تُشْعِرُ، وَتُصَرِّحُ بِهِ لِمَنْ تَأَمَّلَهَا وَهُوَ مَرْجُوحٌ أَوْ عَلَى مُعَيَّنٍ تَبَيَّنَ عِتْقُهُمَا قَبْلَ الْوَقْفِ بِوُجُودِ الصِّفَةِ، أَوْ الْمَوْتِ قَبْلَهُ وَهُوَ وَاضِحٌ فَرَاجِعْهُ وَيَدُلُّ هَذَا تَعْبِيرُهُ بِعَتَقَا دُونَ أَنْ يَقُولَ إذَا وُجِدَتْ الصِّفَةُ أَوْ الْمَوْتُ مَثَلًا.

قَوْلُهُ: (وَالزُّلَالِيِّ) نَوْعٌ مِنْ الْبُسُطِ.

قَوْلُهُ: (وَمِنْ الْمَنْقُولِ إلَخْ) خَصَّ ذَلِكَ بِالذِّكْرِ؛ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ ذَكَرَهُ، فِيمَا بَعْدُ وَيُشِيرُ إلَيْهِ الشَّارِحُ.

ــ

[حاشية عميرة]

قَوْلُ الْمَتْنِ: (دَوَامُ الِانْتِفَاعِ) يَرِدُ عَلَيْهِ الْمُدَبَّرُ وَالْمُعَلَّقُ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ، فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَقْفُهُ وَيَبْطُلُ عِنْدَ وُجُودِ الصِّفَةِ، ثُمَّ قَضِيَّةُ عِبَارَتِهِ صِحَّةُ وَقْفِ غَيْرِ الْمَرْئِيِّ، وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الرَّوْضَةِ. وَقَضِيَّتُهُ صِحَّةُ وَقْفِ الْأَعْمَى وَلَمْ يَذْكُرُوهُ، ثُمَّ إذَا وَقَفَ غَيْرُ الْمَرْئِيِّ فَلَا خِيَارَ لَهُ عِنْدَ الرُّؤْيَةِ

. قَوْلُهُ: (لِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ) اُسْتُدِلَّ أَيْضًا بِحَدِيثِ، وَأَمَّا خَالِدٌ فَقَدْ احْتَبَسَ أَدْرَاعَهُ وَأَعْتَادَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى، وَالْأَعْتَادُ مَا يُعِدُّهُ الرَّجُلُ مِنْ مَرْكُوبٍ وَسِلَاحٍ، وَرُوِيَ وَاعْتَدَّهُ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي الذِّمَّةِ) أَيْ سَوَاءً ذِمَّةُ نَفْسِهِ وَذِمَّةُ غَيْرِهِ كَعَبْدِهِ مُسَلَّمٍ فِيهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>